تعليقات على سنن ( ابن ماجه )
من الحديث ( 576 ــ 579)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــ
( 95 ) بَابٌ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ
576 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ جَمِيعًا، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ: «ثَلَاثًا» فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنْ شَعْرِي كَثِيرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ أَكْثَرَ شَعْرًا مِنْكَ، وَأَطْيَبَ»
صحيح بما بعده
577 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا فِي أَرْضٍ بَارِدَةٍ، فَكَيْفَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَنَا، فَأَحْثُو عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا»
صحيح
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــ
استحباب التقليل من ماء الغسل فالنبي عليه الصلاة والسلام كان أتقى الناس لله وكان أكثرهم شعرا ، ومع ذلك كان يكفيه القليل من الماء كما دلت على ذلك الأدلة من أنه عليه الصلاة والسلام كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد كما في الصحيحين
وكان يغتسل مع عائشة من إناء يقال له الفرق وهو يسع ثلاثة أصواع كما جاء مبينا عند مسلم
فخلاصة القول :
في الماء الذي يغتسل به السنة فيه التقليل ما ضابط هذا التقليل ؟
ضابط هذا التقليل ألا يقلل الماء بحيث لا يسبغ أعضاءه وألا يزيد منه حتى لا يكون مسرفا فما بين هذين لك ما تشاء
ولذلك تحمل عليه الأدلة الأخرى
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــــ
أن كلمة ” أما “ كما مر معنا تفيد أن هناك جملة أخرى ” أما أنا فأفعل كذا وأما أنتم فتفعلون كذا ”
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلجام المخالف ولو لم يقصد المخالفة الشرعية إلجامه بالدليل الشرعي
ولذلك السلف لما يأتي الدليل الشرعي ، وهو يخالف رأيهم يأخذون به ويضربون بآرائهم عرض الحائط
وهذا يدل على سلامة القلوب من الأهواء ، ومن حب الانتصارللذات لأنك عبد لله فيجب عليك أن تخضع لشرع الله
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــ
بيان أن المناقشة العلمية جميلة إذا تحلت بآدابها فإنها تخرج علما يستفيد منه الحاضرون
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــ
أن الحثي والإفاضة لا يلزم منها الدلك ، وهذا هو رأي الجمهور من أن الدلك في الغسل سنة ، وليس بشرط خلافا للمالكية الذين يشترطون الدلك
فالإفاضة تدل على إمرار الماء على العضو
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن السنة في الغسل أن يكون مرة واحدة وهذا هو الصحيح ولا يكرر في الشرع تثليث ولا تخميس في الغسل
وما وردت من أحاديث تقول بالتثليث فإنما يقيسونها على فعله عليه الصلاة والسلام في شعره من أنه أفاض الماء على شعره ثلاثا ، ولكن هذه الثلاث مفسرة من أنه أخذ كفا من ماء فغسل شق رأسه الأيمن ثم كفا آخر فغسل شق رأسه الأيسر ثم الثالثة وضعها على وسط رأسه فلا يشرع التثليث وإنما السنة مرة واحدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
578 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بِنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَأَلَهُ رَجُلٌ: كَمْ أُفِيضُ عَلَى رَأْسِي، وَأَنَا جُنُبٌ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ» قَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ شَعْرِي طَوِيلٌ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ شَعْرًا مِنْكَ، وَأَطْيَبَ»
حسن صحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث يضاف إليه من الفوائد وتصلح فيما مضى من أن الاستحسانات العقلية لا يلتفت إليها فظن هذا السائل أن طول الشعر مبرر في زيادة الماء وأن هذا الماء الذي هو بمقدار الصاع ، لا يكفي أو أن هذا الحثي وهو ثلاث مرار أنه لا يكفي فوضح له أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفعل هذا وكان شعره طويلا فلا مجال للاستحسانات ولا للأفكار في شرع الله عز وجل .
ولذلك قال بعض العلماء : بعض الناس وأظنه ابن رجب ـ قال بعض الناس ربما يتوضأ بمد ويعمم أعضاءه ويكتمل وضوؤه وبعض الناس قد يتوضأ بأصواع ولا يكتمل وضوؤه
فالقضية مبناها على التعميم والإسباغ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 96 ) بَابٌ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ
ــ 579 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ»
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن السنة وصرح الفقهاء بالكراهية أنه يكره أن يتوضأ بعد الغسل
لم ؟
لأن الغسل الذي كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام كان مشتملا على الوضوء ، ولذلك نفت عائشة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام بعد الغسل
وبالتالي فإنه لا يسن أن يتوضأ المغتسل إذا اغتسل على نفس طريقة النبي عليه الصلاة والسلام لا يسن له أن يتوضأ
لكن لو أنه عمم بدنه بالماء أصابته الجنابة واقتصر في الغسل على الغسل المجزئ تعميم البدن بالماء ويتمضمض ويستنشق كما مر معنا هنا نقول له لو توضأت فوضوؤك حسن لم ؟
لأن نفي عائشة رضي الله عنها للوضوء بعد الغسل بناء على ما رأته من النبي عليه الصلاة والسلام في غسله أنه كان يتوضأ فيغسله فلا حاجة إلى الإعادة
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان فضل نساء النبي عليه الصلاة والسلام إذ نقلن للأمة ما يخفى عليهم في غيبتهم مما لا يطلع على هذا الأمر إلا نساؤه عليه الصلاة والسلام
ولذلك قال ابن حجر رحمه الله كما في الفتح قال: ” إن من أسباب تعدد النبي عليه الصلاة والسلام للنساء أنه اكثر منهن من أجل أن يكثر نقلهن لما يرينه من حاله عليه الصلاة والسلام في بيته “
وهناك أسباب أخرى لكن من بين هذه الأسباب هذا السبب
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن السنة كما تؤخذ بالقول تؤخذ بالفعل
ولذلك فالسنة وهي الطريقة للنبي عليه الصلاة والسلام إما سنة قولية أو سنة فعلية كما هنا أو سنة إقرارية