تعليقات على سنن ( ابن ماجه )
الحديث رقم ( 581) الجزء الثاني
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( 98 ) بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَنَامُ كَهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً
581 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُجْنِبُ ثُمَّ يَنَامُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً حَتَّى يَقُومَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَغْتَسِلَ»
صحيح
هذا الحديث أعله بعض العلماء بالتدليس تدليس من ؟ أعله بعض العلماء بتدليس أبي إسحاق
وذكرنا أن هذه العلة ردت لأن أبا إسحاق قد صرح بالتحديث وأوضحنا تعريف التدليس وأنواعه ويكتفى بما ذكر
لكن ربما يسأل سائل لأن طالب العلم يمكن أن يظفرعلى معلومات علوم الآلة أثناء ما يشرح له من دروس فشرح الأحاديث بجميع ما فيها وبما تضمنه من فروع وكذلك تفسير القرآن هذا لا شك أنه إذا أثري الإثراء المطلوب فإنه يفيد طالب العلم بحيث لا يأخذ معلومة الآلة مجردة من المثال أو مجردة من تنزيلها على النص الشرعي
فقد يأخذ طالب العلم مصطلح الحديث :
لكن هو يأخذه من حيث الوقوف على مصطلحات أهل العلم في هذا الباب لكن ربما أنه إذا أخذ هذا المصطلح ولم يفعله ولم يثره ما استفاد مجرد معلومة فقط وصلت إليه
شأنه كشأن أصول الفقه إذا لم تطبق القواعد الفقهية والأصولية ما أفادت طالب العلم
وكذلك الألفية في النحو
على كل حال علوم الآلة نفعها يظهر في التطبيق
ولذلك :
أصول الفقه درسناه في كلية الشرعية ودرسنا مقدمة عنه في المعهد العلمي ولكن في الشريعة آنذاك ليس في هذا الوقت تلك الأصول ليست كأصول هذا الزمن فرق عظيم
ففي الفصل الواحد نأخذ ما يقرب من ألف صفحة وما فيها من خلاف أخذت تلك المعلومات ولكنها معلومات في نزاع العلماء في تلك القواعد الأصولية ، ولم يتعرض لكثير من الأمثلة ، وللأسف ولذلك أصبحت مادة أصول الفقه عند كثير من الناس جوفاء لم يستفيدوا منها ، وفي الحقيقة ما وجدت عالما أفاد في هذا الباب ما رأيت مثل محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان فإن من قرأ هذا الكتاب ولديه علم مسبق في الأصول يعرف الفرق
رجل غريب في ذكره وتنزيله للأصول والقواعد على ما يكون من نصوص شرعية
ولا أدل من تلخيصه لروضة الناظر لابن قدامة فإنه لخصها تلخيصا طيبا
وبفضل من الله لخصت هذا التلخيص الذي ذكره رحمه الله على روضة الناظر لخصته في قواعد وأصول موجودة على موقعي ما يقرب من أكثر من أربعمائة قاعدة وفائدة في معظمها الكثير من مذكرة الشنقيطي
فالشاهد من هذا :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مر معنا التدليس لكن قد يمر بك كطالب علم ما يسمى بالإرسال الخفي
فالتدليس في الحقيقة هو إرسال خفي لم ؟
لأن الراوي يروي الحديث عن شيخ له قد سمع له أحاديث أخرى سوى هذا الحديث ولكن بصيغة توهم أنه سمعه منه مع أنه لم يسمعه منه لكنه هو سمع من هذا الشيخ أحاديث أخرى لكنه لم يسمع هذا الحديث فيقول عن فلان إن شيخه فلان الذي سمع منه أحاديث أخرى لكنه لم يسمع من هذا الحديث
أو قال فلان أو فعل فلان هذا لاشك أنه إرسال خفي
إذاً :
ما الفرق بين التدليس بما إنه إرسال وبين الإرسال الخفي ؟
الفرق بينهما :
يظهر في أن التدليس أن يدلس الراوي فيذكر أن الحديث سمعه من شيخ بصيغة تحتمل السماع وهذا الشيخ قد سمع منه أحاديث أخرى لكن الإرسال الخفي هو أن يرسل الراوي الحديث إلى من أرسله إليه ولم يسمع منه أي شيء
وإنما الذي اختص به أن لقي هذا الشيخ أو عاصره التقى به فقط ولم يسمع منه شيئا أو عاصره فيقول قال فلان عن فلان
فإذاً :
نخلص من هذا إلى أن الراوي إذا قال : ” قال فلان أو عن فلان ” ننظر إذا كان هذا الرجل الذي هو فلان هذا الشيخ قد سمع منه الراوي أحاديث غير هذا الحديث فنقول هذا تدليس ، وإن لم يسمع منه شيئا وإنما عاصره أو لقيه فيكون إرسالا خفيا
من فوائد هذا الحديث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان فضل زوجات النبي عليه الصلاة والسلام إذ نقلن للأمة ما يخفى عليهم في حال وجوده في بيته عليه الصلاة والسلام وهذا شرف لزوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن المعمول قد يحذف استهجانا من ذكره لأنها رضي الله عنها كانت تغتسل مع النبي عليه الصلاة والسلام فمثال ذلك ، وهذه الراوية ضعيفة لكن أتى بها البلاغيون لأنهم لا يعنون بصحة الحديث من ضعفه ، وإنما يريدون بذلك المثال ، ولذلك في حال كثير منهم فيما يخص الأحاديث هم حطاب ليل
فلاستهجان ذكره يحذف
هذه هي الفائدة
تقول : ” ما رأيت منه ولا رأى مني ” يعني : الفرج فحذفت كلمة الفرج استهجانا واستحياء من ذكره
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أن بعض العلماء قال إن هذا الحديث في كونه عليه الصلاة والسلام لم يمس ماء لأنه عام لم يمس ماء لا للغسل ولا للوضوء قالوا لأنه كان فاقدا للماء ، ولكن الصواب أنه لم يكن فاقدا للماء بل كان واجدا له ، وإنما أراد أن يبين أن هذا جائز ولا يلزم الجنب على الصحيح الذي قررناه لا يلزم أن يتوضأ قبل نومه
والدليل : هذا الحديث
لكن لو قيل إنه معلول فأنى لنا بحديث آخر ؟
أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل أينام الجنب ؟ قال : (( نعم إذا توضأ إن شاء ))
فكلمة إن شاء أفادت أنه مخير
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــ
أن هذه المسألة مختلف فيها :
فبعض العلماء يقول إنه لا يسن أن يتوضأ ولو كان جنبا لو أراد أن ينام لم ؟
لأن هذا الحديث نفى لم يمس ماء ، لا للوضو ء ولا للغسل فيكون من السنية أحيانا الترك
القول الثاني :
أنهم قالوا بالوجوب وهم الظاهرية يقولون بوجوب الوضوء للجنب قبل أن ينام لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرخص للجنب إذا أراد أن ينام أن يتوضأ والرخصة لا تكون إلا من عزيمة فدل على أنه واجب
والصحيح كما أسلفنا : أنه سنة
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو قال قائل بناء على ما قررتم من أن الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام لما قررتم أنه سنة
ما الحكمة وما الفائدة ؟
الحكمة والفائدة هي أمره عليه الصلاة والسلام فهو محل الاقتداء والتأسي
ومن الحكم أن المسلم قد ينام وهو على جنابة فتقبض روحه ، وقد جاء حديث أن الملائكة كما في السنن أن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر ولا المتمخض بالزعفران ولا الجنب
ولكن هذا الحديث فيه ما فيه من المقال ولو صح هذا الحديث فإنه ليس المقصود الجنب المذكور هنا
وإنما المذكور هو الجنب الذي يتهاون بالغسل إلى أن يأتي عليه وقت الصلاة الأخرى فيخرج الصلاة عن وقتها
ومن الحكم : أن الوضوء يخفف الجنابة
ولذلك قول شداد رضي الله عنه قال : ” إن الوضوء نصف الغسل “
فدل هذا على أن الجنب إذا توضأ فإن نصف الجنابة تسقط عليه من حيث ماذا ؟
من حيث الوصف لا من حيث الأحكام الشرعية
فلو قال قائل :
بما أن نصفي طاهر أعمل شيئا من العبادات ؟
فيقال : لا ، لأن الحدث معنى يقوم بالبدن فلابد أن يزول هذا الحدث كله عن البدن
ولذلك مر معنا في الحدث الأصغر في الفقه ما ذكره الفقهاء من أن الإنسان لو توضأ ولم يبق لإكمال وضوئه إلا أن يغسل قدميه فقال سأمس المصحف بيدي لم ؟
قال : لأن اليد غسلتها وطهرت فلم يبق لي إلا أن أغسل قدمي وأنا في الطريق لغسلها
فيقال : لا يجوز حتى يرتفع الحدث كله عن البدن