تعليقات على سنن ابن ماجه ( 77 ) حديث ( 584 ــ 585)

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 77 ) حديث ( 584 ــ 585)

مشاهدات: 496

تعليقات على سنن (  ابن ماجه )

الحديث رقم (  584 ــ 585)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( 99 ) بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

 

584 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»

صحيح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن هذا الحديث الذي ذكرته عائشة أخرجه البخاري بزيادة وهو أنه عليه الصلاة والسلام قبل أن يتوضأ يغسل فرجه فدل على أن من السنة للجنب إذا أراد أن ينام ولم يغتسل أنه يتوضأ ويسبغ الوضوء بغسل فرجه

 

ولو قال قائل :

 

جاءت نصوص أخرى فيها أمر منه عليه الصلاة والسلام للجنب بأن يتوضأ ويغسل ذكره فيقال إن الواو لاتقتضي ترتيبا وإنما هي لمطلق الجمع وقد جاءت روية أخرى بالترتيب

ويكفي في الترتيب ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام وكذلك ما ورد من فعله هنا

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن الجملة الحالية كما قررناه كثيرا وكذا الحال يستفاد منه التقييد

فالحال والجملة الحالية يستفاد منهما التقييد والتقييد ضد الإطلاق

قالت هنا ” وهو جنب ” فقيدت حاله عليه الصلاة والسلام من أن هذا الفعل منه ليس بمطلق وإنما في حالة كونه جنبا

وهذه الفائدة استفدنا منها كثيرا في السنن وفي بلوغ المرام والتفسير

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن قولها رضي الله عنها ” توضأ وضوءه للصلاة ” ينفي قول من يقول بأن المقصود من الوضوء الذي جاء في بعض الأحاديث :” أينام الجنب قال نعم إذا توضأ  “

فقال بعض العلماء إن الوضوء هو الوضوء اللغوي الذي يقصد منه غسل الفرج

فنقول هذه الرواية المصرح بها هو وضوء مضاف إلى الضلاة ، والصلاة لا ينفع معها الوضوء اللغوي فدل على أن المقصود هو الوضوء الشرعي

ثم لو لم ترد هذه  الرواية المصرح بها فإن الحقائق تحمل على قول صاحبها

فهذه حقيقة وردت على لسان الشارع فيكون المقصود الوضوء الشرعي

فلو وردت كلمة الوضوء على لسان العرب أو لسان بعضهم في سياق ما فإنه يحمل على الوضوء اللغوي إلا إذا دل دليل يدل على خلاف هذا

 

فنحن معنا الأصل أن كلمة الوضوء وردت على لسان الشرع وأيضا معنا هذا التصريح

ثم معنا رواية البخاري  : ” أنه غسل فرجه عليه الصلاة والسلام وتوضأ وضوءه للصلاة “

 

ومن الفوائد  :

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

بيان فضل عائشة رضي الله عنها وبيان فضل زوجاته عليه الصلاة والسلام إذ نقلن للأمة ما يخفى عليه من حاله عليه الصلاة والسلام في بيته بل في أدق الأمور

 

ولذلك :

 

ومر هذا من الأسباب التي كثر تعدده عليه الصلاة والسلام للنساء أنه أراد أن ينقل كثير من نسائه من أحكام الشرع ما يفعله في بيته للأمة

ولذا استفادت الأمة ولاشك استفادت من عائشة العلم الكثير

فإذا قدح في عائشة من الرافضة فقد قدح في كثير من الشرع

لأنها نقلت شيئا عظيما كثيرا

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن الوضوء هنا ينفي ما عداه والذي هو ما عداه ويحل محله هو التيمم

فلو تيمم مثلا الجنب لم يغتسل وأراد أن ينام ولم يرد أن يتوضأ ومر معنا في الحديث السابق حديث الأسود عن عائشة من أنه لم يمس ماء

وهذا فيه خلاف بين أهل العلم

فدل هذا على أنه ليس بلازم

 

لو قال أريد أن أطبق السنة لكن من غير الوضوء وإنما بالتيمم  ؟ مر معنا عند البيهقي بإسناد حسن : (( أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا كان جنبا وأراد أن ينام توضأ أو تيمم ))

بعضهم حمل التيمم هنا على أنه كان فاقدا للماء والصواب عدم التقييد لعدم الدليل فلماذا نقيد على الناس ؟

 

ولذا :

 

إذا أعجزتك نفسك فلم تستطع أن تغتسل ولم تستطع أن تتوضأ وأنت جنب فلا أقل من أن تتيمم وتضرب الجدار الذي بجوارك أو على فراشك على قول

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

لماذا أمر الجنب بأن يتوضأ قبل أن ينام ؟

لأمور :

منها : ومر معنا ما هو ؟

منها : تخفيف الجنابة

ولذلك :

في حديث شداد بن أوس موقوفا عليه بإسناد قال عنه ابن حجر في الفتح رجاله ثقات قال ” إن الوضوء للجنب هو نصف غسل الجنابة “

فيكون بذلك مخففا هذا الوضوء لنصف الجنابة

 

ومن فوائد الوضوء قبل النوم:

أنه ربما تفيض روحه فيكون على طهارة ولو كانت تلك الطهارة طهارة ليست تامة

 

ومن فوائد الوضوء للجنب :

أنه إذا ذهب فتوضأ فباشر الماء لعل نفسه تدعوه إلى أن يغتسل فبدل ما يرفع نصف الجنابة يرفع الجنابة كلها فيكون هذا الوضوء داعيا له فيكون واصلت الماء وباشرت الماء ولم يبق إلا القليل فلأغتسلن فيكون في هذا داعيا له إلى الغسل

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

حث الشرع المسلم على أن يكون على أحسن حال من التنظف ، ولذلك ما أمر فقط من أراد النوم وهو جنب بالوضوء، وإنما كل نائم أمر

ولذلك في الصحيحين في حيدث البراء : (( إذا أتيت إلى مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ))

فيكون الإسلام حاثا المسلم بأن يكون على أحسن حال حال النوم من التطهر ولتنظف

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن فعله عليه الصلاة والسلام للوضوء وهو جنب

أن هذا الفعل منه عليه الصلاة والسلام يرد ذلك الحديث وقد أورد هذا البخاري في باب كينونة الجنب في بيته

كون الجنب يكون في بيته ماكثا يرد به حديث علي الذي مر معنا في السنن من أن الملائكة  لا تحضر جنازة هؤلاء بخير ” ثلاثة لا تحضر الملائكة جنائزهم بخير ذكر منهم الجنب “

وهذا الحديث  فيه ما فيه من المقال ولذلك من يرى ثبوته يقول إن المقصود من هذا الجنب هو الذي لم يرفع حدثه حتى دخل وقت الصلاة الأخرى فيكون مفرطا في  واجب وهو أنه فرط في الصلاة السابقة لكونه غير طاهر وقد أشار إلى هذا الخطابي

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن بقاء الإنسان وهو جنب لا مثلبة عليه ولا حرج ولو زاد الوقت ما لم يفرط في واجب

والدليل فعله عليه الصلاة والسلام

 

لو قال قائل :

إن الوقت يسير فيقال : ما جاز في الوقت اليسير يجوز في الوقت الطويل

 

ومر معنا حديث أبي هريرة :

(( لما التقى بالنبي عليه الصلاة والسلام ثم اختنس منه فقال إني كنت جنبا فكرهت أن أجالسك فقال : سبحان الله إن المؤمن لا ينجس ))

هذا يدل على انه ليس بلازم

 

ولو قال قائل :هو وضوء ثم نوم فلا حجة لكم

 

فنقول حديث أبي هريرة يكفينا في هذا

ثم إن النائم قد يستيقظ لأمر ما فلا فرق بين من هو جنب حال النوم وحال اليقظة

بعضهم يرد يقول هذا فقط للنائم

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن هذا الوضوء اختلف فيه ومر معنا على ثلاثة أقوال :

منهم من يقول بالوجوب وهم الظاهرية والدليل ليس هنا لأن هنا هو فعل مجرد لكن حديث سيأتي معنا حديث ابن عمر

فإنه لما سئل عليه الصلاة والسلام : (( أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ ))

 

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

585 – حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ»

 

صحيح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن السائل هنا من  ؟ عمر رضي الله عنه

ولكن ورد أن ابن عمر هو من جرى له هذا الأمر

فيكون عمر سأل بناء على ما سأل عنه ابنه عبد الله

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن هذا الوضوء من خلال هذا الحديث يدل على الوجوب ولذلك أوجب بعض العلماء كالظاهرية أوجبوا الوضوء للجنب قبل النوم

وقال بعضهم بعدم الاستحباب

 ما دليلهم  ؟

حديث عائشة  “ولا يمس ماء “

وبعضهم قال بالاستحباب وهو الصحيح لهذه الأحاديث من أمره وفعله عليه الصلاة والسلام

 

والأدلة على أنه للاستحباب وليس للوجوب ما يلي :

 

منها :

حديث عائشة حديث الأسود ” ولم يمس ماء ” ولكن طعن فيه بأنه لم يمس ماء بالغسل وطعنوا فيه بالعنعنة وتدليس أبي إسحاق ومر معناهذا

 

ومن الأدلة :

 

أنه ورد في رواية زيادة ” نعم يتوضأ إن شاء” فعزا الأمر إلى مشيئته فدل هذا على أنه ليس للوجوب

 

أيضا من الأدلة كما في السنن :

 

أن النبي عليه الصلاة والسلام قال  :” إنما أمرت بالوضوء عند الصلاة ” فدل على أن ما عدا هذه  وما يلزم فيها من الوضوء أنه ليس على سبيل الوجوب

 

ومن فوائد هذا الحديث :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن من يقول بأن الوضوء هنا لغوي أنه كان ابن عمر يتوضأ وهو جنب ولكن هل يغسل قدميه

فهذا ابن عمر والمسئول عنه هنا والجواب له ومع ذلك ما أكمل الوضوء فدل على أن الوضوء لغوي وليس بشرعي لأن الشرعي لابد أن يغسل أعضاءء الوضوء الأربعة

 

والجواب عن هذا ؟

أن فعل ابن عمر إنما هو لعذر فلربما صار له ما صار في قدميه قد يكون  بها آلام أو ما شابه ذذلك

والمعول عليه هو ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام وما فعله عليه الصلاة والسلام

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال هنا  : ” نعم إذا توضأ ” في بعض الروايات ” ينام يتوضأ “

يعني الوضوء بعد النوم

لكن كما أسلفنا من جواب الواو لا تقتضي الترتيب وإنما لمطلق الجمع

والروايات الأخرى تبين ثم في الحقيقة  لا يحصل تحقيق السنة من حيث  الحس والواقع إلا إذا توضأ قبل النوم

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن كلملة ” نعم “ أداة جواب وهذه الأداة وما من أداة في اللغة إلا ولها فائدة لكن من يحسن الاستفادة من تلك الأداة   من ؟

أنتم أهل اللغة ، أداة جواب يستفاد منها الاختصار فبدل أن يقول نعم للجنب أن ينام إذا توضأ هنا اختصر فهذه فائدة  كلمة ”  نعم “ أنها أداة جواب يراد منها الاختصار

هذا من حيث المعنى لكن من حيث اللفظ  نعم تفيد النفي في السؤال المسبوق بالنفي وهنا إثبات فقال  : نعم

ولو كان هناك سؤال ممزوج بنفي يعني أتى بعده نفي فإن الإثبات في الجواب يقال بلى لأن الجواب بنعم يدل على النفي

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما قرأ (( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) )) قال  : بلى لأن أداة الاستفهام هنا الهمزة أتى بعدها ليس التي تدل على النفي

 

انظروا إلى فائدة اللغة العربية

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 ( أيرقد أحدنا  ) الاستفهام عموما منه ما يفيد التصور ومنه ما يفيد التصديق

هل تفيد التصديق مطلقا

والهمزة تفيد التصديق والتصور

التصديق يكون الجواب فيه بالاثبات بنعم

إذاً هنا للتصديق

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن النوم يقال عنه رقاد في اللغة العربية فالرقاد لفظ عربي والأدلة على هذا كثيرة من بينها ما ذكر هنا

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن النبي عليه الصلاة والسلام أجاز للجنب أن ينام لكن هذا الجواب  ليس  مطلقا وإنما هو مقيد بالشرط ” إذا توضأ ” والشرط إذا وجد وهي الفائدة التي تليها لابد له من جواب

” إذا توضأ ” أين الجواب ؟

ليس مذكورا محذوف دل عليه ما قبله

ولذلك قد يحذف الجواب ويدل عليه ما قبله أو أن نقول الجواب تقدم قبل الشرط ومر معنا هذا في التفسير (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94))