بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المؤلف رحمه الله :
باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد
حديث رقم – 339-
( صحيح ) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة أنه : ” رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة مشتملا في ثوب واحد ” )
قال : وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وسلمة بن الأكوع وأنس وعمرو بن أبي أسيد وأبي سعيد وكيسان وبن عباس وعائشة وأم هانئ وعمار بن ياسر وطلق بن علي وصامت الأنصاري قال أبو عيسى حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم قالوا لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد وقد قال بعض أهل العلم يصلي الرجل في ثوبين
من الفوائد :
أن الصلاة في الثوب الواحد قد وقع فيه خلاف قديم ، ولذا ورد عند ابن أبي شيبة أن ابن مسعود رضي الله عنه قال ( لا تصلي في الثوب الواحد ولو كان أوسع مما بين السماء والأرض )
ولكن وقع الاتفاق فيما بعد على جواز الصلاة في الثوب الواحد .
ومن الفوائد :
أن في رواية الصحيحين في تتمة هذا الحديث ( وضع طرفيه على عاتقيه )
والمقصود من الاشتمال هاهنا أن يضع طرف ما وضعه على عاتقه الأيمن تحت يده اليسرى ، وما وضعه على عاتقه الأيسر يضع طرفه تحت يده اليمنى ، فيستتر بهما فلا يخرج صدره ، وفائدة هذه الصفة حتى لا يقع في السدل المنهي عنه ، وحتى لا يبصر عورته إذا ركع في صلاته ، وهذا يدل على أن الثياب في ذلك العصر ليست متساوية في الصفة ، فبعضها يكون ثوبا منشرحا مثل الرداء والإزار.
سؤال : ما هو السدل ؟
الجواب : السدل : أن يلتحف بثوب ويدخل يديه في داخل هذا الثوب ، وسيأتي إن شاء الله تعالى له حديث لأن له معاني كثيرة .
ومن الفوائد :
أن هذا الثوب يدل على أنه كان واسعا ، فما الحكم إذا كان ضيقا ؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به )
ومن الفوائد :
أن هذا الحديث دل على معناه أحاديث أخرى ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ( سئل عن الصلاة في الثوب الواحد ؟ فقال أوكلكم يجد ثوبين ؟! ) والله المستعان .
ومن الفوائد :
وجوب ستر العورة ، فمتى سترت العورة بأي ثوب فإن الصلاة تكون صحيحة .
لو قال قائل : لو أنه اتزر بثوب سيظهر عاتقاه ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين ( لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه ) وفي رواية ( ليس على عاتقيه منه شيء ) فإذا صلى وقد كشف عن عاتقيه أو عن أحدهما هل تصح صلاته أم لا ؟
بعض العلماء : يرى أن هذا الأمر واجب ، وهو أن يضعه على أحد عاتقيه .
وبعض العلماء : يرى ستر العاتقين ، للرواية الأخرى .
وبعض العلماء : يرى أن ستر العاتقين أو ستر أحدهما سنة وليس بواجب ، هو أفضل ولكن ليس بواجب ، ولذلك من يعتمر أو يحج يتنبه لهذا الأمر ، فلا يكشف عن عاتقيه تطبيقا للسنة .
والدليل على ما ذكروا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن كان ضيقا فاتزر به ) فدل هذا على أن ستر العاتقين من السنة المؤكدة وليس بواجب ، وهذا هو الصحيح .
ويرد على من قال بوجوب ستر أحد العاتقين ، نقول إن الرواية الأخرى بينت أنه لابد من ستر العاتقين ، فإن قالوا إن الحديث جاء بهذا وجاء بهذا ، فلماذا نضيق على الناس ؟
نقول إن العاتق أضيف إلى معرفة وهو الضمير فيعم ، ومعلوم أنه إذا عممنا فليس عند الإنسان إلا عاتقان .
والعاتق : هو المنكب ، كما ورد بذلك الرواية الأخرى ، فالروايات الأخرى بينت أن العاتق هو المنكب .