تعليقات على سنن الترمذي ( 63 ) حديث ( 384 )

تعليقات على سنن الترمذي ( 63 ) حديث ( 384 )

مشاهدات: 423

تعليقات على سنن (  الترمذي  )

الدرس الثالث والستون

حديث 384

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب ما جاء في كراهية كف الشعر في الصلاة

حديث رقم – 384-

( صحيح ) حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج عن عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي رافع :   أنه مر بالحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص ضفرته في قفاه فحلها فالتفت إليه الحسن مغضبا فقال أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” ذلك كفل الشيطان ”

قال وفي الباب عن أم سلمة وعبد الله بن عباس قال أبو عيسى حديث أبي رافع حديث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يصلي الرجل وهو معقوص شعره قال أبو عيسى وعمران بن موسى هو القرشي المكي وهو أخو أيوب بن موسى .

من الفوائد :

ما أحسن أن تكون بيئة البيت بيئة علم يتلقى الصغير من الكبير ، فكيف إذا تلقى الابن من أبيه ؟

فهنا في السند ” عن سعيد عن أبي سعيد المَقْبُري ” فسعيد هذا من الثقات وأبوه أبو سعيد المقبري ، وهذا الابن ثقة لكن تغير في حفظه قبل وفاته بأربع سنين ، أما بالنسبة إلى أبيه ” أبو سعيد ” فهو من الثقات الأثبات واسمه ” كيسان ” فيكون هذا الراوي الذي تغير حفظه يكون ” سعيد بن كيسان ” فهذا هو شأن السلف رحمهم الله كان الصغير يتلقى من الكبير ، والابن يتلقى من الأب ، ولذا لو نظرنا إلى بيئة شيخ الإسلام رحمه الله لوجدنا أن أباه وجده وجدته وهي تيمية هؤلاء علماء ، حتى نُسِب إلى جدته فكانت حسنة في الوعظ والتذكير ، وهذا إن دل يدل على أن البيئات السابقة لما خلت من الصوارف التي انشغل بها الناس في هذا العصر لما لم ينشغلوا بها كانوا على خير ، لكن في هذا العصر تجد أن الهمم والفكر إنما هو متبلور في أشياء ليست بتلك – وللأسف – يعني هناك أجهزة في ذهاب وفي إياب – ليس هناك هدف – حتى إن الكبار انجروا خلف هؤلاء الصغار ، والمشكل ليس في هذا ، وإنما المشكل في طلاب العلم الذين تغير أسلوبهم في قضية طرح شرع الله عز وجل ، نجد أن هناك أناساً لما سئلوا قالوا إن المجتمع تغير فلابد أن يتغير أسلوبنا ، لا إشكال إن يتغير أسلوبك ، لكن لا تنفصل ولا تنعزل عن قال الله وعن قال الرسول صلى الله عليه وسلم ، فليس هناك إشكال أن تغير أسلوبك من باب أن يقبل قولك ، هذا لا إشكال فيه ، لكن أن تذكر فائدة نص عليها حكم شرعي وتأتي بها على أنها فكر أو رأي أو استحسان – هذا ليس بجيد وليس بحسن – كأن الدليل إن أُتي به يؤتى به على استحياء ، ولهذا ليس بصحيح ، لأن العصمة بعد الله عز وجل في هذين الأصلين ، العصمة للمجتمع بأسره لا تكون إلا في هذين الأصلين ، ولذا نرى أن الناس حتى في أسلوبهم الشرعي – وكان ينادي بهذا بعض الدعاة المشاهير كانوا ينادون به قبل عشر سنوات ، يقول لابد أن يتغير الخطاب الديني ، كيف يتغير الخطاب الديني ؟! الدين هو الدين ، فلماذا يتغير المنهج ؟ يعني يصبح كلامنا وفوائدنا التي نطرحها في الإنترنيت وما شابه ذلك تصبح جوفاء خالية من الدليل ، هذا ليس بصحيح ، أن ننصهر ونذوب فيما يرغبه الشباب ونضع الهدف الأسمى خلف ظهورنا وأن نغيبه من عقولنا ؟ هذا من الخطأ ، وهؤلاء الشباب لو رُبُّوا – وللأسف أن من يُسيِّر ما يكون في النت أناس لهم من الجهد الطيب والنافع ولكن ليسوا بذاك المستوى الذي يواجه هؤلاء الأعداد ، لأنه وللأسف وقع الخطأ من الطرفين ، من جهة المتمكنين الذين عزفوا عن الخروج ، ولا من جهة هؤلاء الذين استعجلوا في الخروج وأصبح لهم نهج آخر ، وهذا لا يمكن أن يستمر ، هذه سنة الله عز وجل ، لا يمكن أن يستمر إلا ما كان مرتبطا بالدليل الشرعي .

أنا أخشى من أمر وهو أن نقع فيما حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله كره لكم قيل وقال ) نجد أن هذه الوسائل أكثر ما فيها ” قيل وقال ” ” ماذا قال فلان ؟ ” ذهب الوقت ، لماذا لا أقول ماذا قال الله عز وجل ؟ ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ثم يأتون إلى خبر معين وتجد أن تحته آلاف التعليقات ويبدأ الإنسان يقرأ ، ثم يذهب إلى صفحة أخرى ونفس التعليقات ، ضاع الزمن ، أين نصيب القرآن من أوقاتنا ؟ في النهاية لو تسأل هذا هل زاد إيمانك ؟ حتما لا ، إن لم ينقص وإلا فهو لم يزد ، ولذلك المجتمع في السابق حتى في العصر القريب كانوا على خير ، الشيخ ابن باز رحمه الله من تولاه في العلم بعد الله عز وجل ؟ أمه ، كان أخواله يتاجرون ونصحوه بأن يدخل معهم في التجارة ، لكن الشيخ رحمة الله عليه برعاية من والدته ، كيف طلب العلم وقد كُفَّ بصره وهو بحاجة إلى المال ؟ لكن الله عز وجل يسخر لهذا الدين أقواما توفيقا منه عز وجل لهم أولا ثم للأمة ، فنحن في زمن يشعر من أدرك الجيلين الماضي والحاضر يقول الوضع تغير تغيرا عظيما ، بعض الناس يقول ليس هناك تغير – لا – نحن أدركنا أجيالا ومن هم في أسناننا وأدركنا هذا الجيل فوجدنا التغير العظيم ، لكن خلاصة القول أنه لا يمكن للإنسان أن يكون له قدر أو قيمة عند رب العالمين – لأن القدر عند الخلق ليس بشيء – إذا رفع الله عز وجل قدرك رفع قدرك عند الآخرين ويوضع لك القبول في الأرض ، لكن لا يكون للإنسان قدر ومكانة ولا عصمة ولا نور في كلامه إلا إذا تمسك بالدليل ، ويستوي في هذا من يخطب خطبة أو من يلقي محاضرة أو من يكتب في صفحة ، يستوون في هذا ، بعض الخطباء يسرد الخطبة ولا تجد إلا آية أو حديثا في خطبة ، وبعضهم ما تسمع آية ولا حديثا في هذه الخطبة ، ما الفائدة من هذه الخطبة ؟ لسنا بحاجة إلى كلمات رنانة نصفصفها ، هذه لا تفيد ولو أثرت في مسامع الناس أثرت فيهم تأثيرا جزئيا ، لكن التأثير العظيم الذي يقع في النفوس ويبقى بقاءً فيها حتى الممات هو ما بني على الدليل ، ونحن في عصر فتن ومقبلون على فتن ، وأماراتها ظاهرة ، قال صلى الله عليه وسلم ( من أشراط الساعة يقل العلم ) وفي رواية ( يرفع العلم ويظهر الجهل وتكثر الفتن ويكثر الهرج ) انظروا ( الهرج ) القتل ، يعني لما يختفي العلم يظهر الجهل ، واختفاء العلم ليس لكون المجتمع خلا من العلماء – لا – يقول ابن حجر رحمه الله هناك علماء ربانيون ، لكن عزف الناس عنهم فارتفع شأن من لا علم عنده ولو كان خَيِّرا في الصورة ولو كان عنده بعض العلم ، لكن من هو متمكن لم يلق به بال ، وبالتالي يظهر الجهل ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا ينزع العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الناس ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) ومن ثم فإنه لما يظهر الجهل ويختفي العلم تكثر الفتن ، كلٌ يصدر من رأسه ، ما يصدر عن الدليل الشرعي ، مثل المظاهرات التي قامت في الدول العربية نجحت إلى حدٍّ ما ، تصوروا في ظل الواقع الحالي على ما هم عليه لا يتم لهم استقرار إلا أن يشاء رب العالمين ، لم ؟ لأنه لا انضمام واجتماع على ” ماذا قال الشرع فيما نحن فيه ؟ ” فلو أخذ الشرع وطُبِّق في كل شأن من شؤون حياة الناس صلحت أحوالهم ، وهذه الخاطرة إنما أردت بها أن أحرصكم وأحثكم على التمسك بالعلم المبني على الدليل ، فالإنسان كلما تمسك بالدليل الشرعي كلما علت منزلته ، فنسأل الله عز وجل للجميع الهداية والتوفيق .

ومن الفوائد :

أن العلماء نهوا المسلم أن يلف شعره بحيث يجعل أطرافه في أصوله قالوا هذا من الكف ، ولذا في الحديث ( ذلك كفل الشيطان ) يعني مقعد الشيطان منك في صلاتك ، لم ؟

لأنه أفرح الشيطان إذ منع جزءا من بدنه أن يركع وأن يسجد معه ، وهذا يدل على ماذا ؟ يدل على أن تربية الشعر فيما مضى كانت سنة مستقرة عندهم ، لكن هل هو سنة في هذا العصر أم لا ؟ القول الفصل أنه ليس بسنة وإنما هو مما جرت به العادة ، فإن جرت عادة البلد بتربية الشعر يربى  ، وإن لم تجر فلا ، فكيف إذا ربي الشعر وعمل فيه ما يعمل من القزع المنهي عنه من التشبه بالكفار ، هذا يكون التحريم أشد وأشد .

ومن الفوائد :

أن بعض العلماء أخرج المرأة من ذلك ، قالوا لأن إسدال شعرها يترتب عليه أن يخرج شيء منه وهي مأمورة بالستر ومن بين ما تستره شعرها ، وكذلك قالوا إن في إرخائه ثم في رفعه هذا فيه مشقة عليها ، ولذلك الشرع سهَّل لها ألا تنقض شعرها في غسل الجنابة من باب التخفيف عليها .

ومن الفوائد :

أن من أنواع إنكار ما يخالف السنة ” الفعل ” كما فعل أبو رافع رضي الله عنه ، وأبو رافع قيل إن اسمه إبراهيم ، وقيل غير ذلك .

ماذا فعل في عقيصته ؟ ( حلَّها ) وهذا من باب الفعل ، ولذا الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينظر إلى درجات إنكار المنكر ما هو الأصلح والأنفع اليد أم اللسان أم القلب ؟ لا شك  أن الإنكار باليد في الدرجة الأولى ، لكن قد يكون الإنكار باليد قد يكون تحصل معه مفاسد ، ومما يدل على أنه قد تحصل معه مفاسد أن الحسن غضب من هذا الفعل ، وهذا يدل على أن ابن آدم تستدعيه الكلمة الطيبة أكثر من الفعل ، لكن الحسن رضي الله عنه يعلم أن أبا  رافع لم يفعل هذا إلا لأمر ، فلما التفت إليه غضبا قال ” أقبل على صلاتك ” وأخبره بالخبر فاستجاب ، لأنهم كانوا يستجيبون للدليل الشرعي

وصلى الله وسلم على نبينا محمد .