حديث 396-397
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
( باب ماء جاء في الرجل يصلي فيشك في الزيادة والنقصان )
حديث رقم – 396-
( صحيح ) حدثنا حدثنا أحمد بن منيع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عياض يعني بن هلال قال قلت لأبي سعيد أحدنا يصلي فلا يدري كيف صلى فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا صلى أحدكم فلم يدر كيف صلى فليسجد سجدتين وهو جالس )
قال وفي الباب عن عثمان وبن مسعود وعائشة وأبي هريرة قال أبو عيسى حديث أبي سعيد حديث حسن وقد روي هذا الحديث عن أبي سعيد من غير هذا الوجه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا شك أحدكم في الواحدة والثنتين فليجعلهما واحدة وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلهما ثنتين ويسجد في ذلك سجدتين قبل أن يسلم والعمل على هذا عند أصحابنا وقال بعض أهل العلم إذا شك في صلاته فلم يدركم صلى فليعد
( من الفوائد )
أنه ذكر سبب من أسباب سجود السهو ، وأسباب سجود السهو ثلاثة :
[ زيادة – نقصان – شك ]
والمذكور هنا ” شك “
والشك : كما ذهب بعض العلماء هو شك واحد في درجة واحدة من حيث الحكم ، فمتى ما شكَّ شخص في صلاته فلم يدر صلى ثلاثة أم أربعا فإنه يبني على ما استيقن لحديث أبي سعيد :
( إذا صلى أحدكم فلم يدر كم صلى فليبن على ما استيقن )
ما هو اليقين ؟
القليل ، ما الدليل ؟
رواية الترمذي : ( إذا شك في الواحدة والثنتين فليجعلهما واحدة ، وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلهما اثنتين )
لكن هذه الرواية ضعيفة .
ولكن من حيث القاعدة : فإن اليقين هو الأقل .
وذهب بعض أهل العلم :
إلى أنه إذا شك فكان هذا الشك متساوي الأطراف بمعنى أنه لا يدري هل هي الثالثة أم الرابعة ، فإنه يأخذ بحديث أبي سعيد فيبني على الأقل، فليجعلها ثلاثة وليأت بالرابعة ثم ليسجد للسهو قبل أن يسلم .
وقالوا : إن كان الشك ليس متساوي الأطراف وإنما ترجح أحد طرفي الشك على الطرف الآخر فليبن على ما ترجح عنده ، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين :
( إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب وليتم عليه )
قال : ( فليتحر الصواب ) وفي حديث أبي سعيد ( فليبن على ما استيقن )
لكن أصحاب القول الأول : الذين يقولون إن ” الشك واحد ” أجابوا عن حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قوله :
( فليتحر الصواب )
قالوا : هو اليقين ، لأن التحري هو القصد ، ولا يمكن أن تكون متحريا للشيء قاصدا له إلا إذا أيقنته ، ولذا قال عز وجل : { فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً }الجن14 ، يعني قصدوا .
إذا ً في المسألة قولان ، والصواب /
أن الأحاديث يؤخذ بها كلها ، فإذا شك الإنسان وكان الشك متساوي الأطراف فلم يدر صلى ثلاثا أم أربعا ، فليجعلها ثلاثا وليأت بالرابعة وليسجد للسهو قبل السلام .
وإن شك هل هي الثلاثة أم الرابعة ، لكن غلب على ظنه أنها هي الثالثة فيقال له هي الثالثة وصل الرابعة واسجد للسهو بعد السلام .
فإن قال : غلبة ظني أنها الرابعة .
نقول : اجعلها الرابعة واسجد للسهو بعد السلام لحديث ابن مسعود رضي الله عنه ، وبهذا تجتمع الأحاديث .
الخلاصة :
أسباب سجود السهو ثلاثة :
[ زيادة – نقصان – شك ]
فإذا تيقن أنه زاد فالواجب عليه أن يجلس ولا يكمل ويسجد للسهو بعد السلام .
وإن تيقن أنه نقص فالواجب عليه أن يتم صلاته وليسجد للسهو قبل السلام .
وإن شكَّ ، فإن كان هذا الشك متساوي الأطراف فليبن على اليقين وهو الأقل وليأت بما نقص منه وليسجد للسهو قبل السلام .
وإن شك وغلب على ظنه فليغلِّب ظنه وليسجد للسهو بعد السلام .
قال رحمه الله :
حديث رقم – 397-
( صحيح ) حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن بن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيلبس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس )
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
( من الفوائد )
أن ابن آدم لن يسلم من شر الشيطان فإنه آتيه ولا محالة في كل شأن من شؤونه ، ولذلك جاء عند مسلم قوله صلى الله عليه وسلم :
( إن الشيطان يحضر ابن آدم في كل شيء )
فلا نجاة منه إلا بالالتجاء إلى الله عز وجل ، وأعظم ما يأتي الشيطان للإنسان يأتيه في صلاته ، لأن الصلاة أعظم ما يكون ، ولذلك لم يسلم صلى الله عليه وسلم منه :
( أتى الشيطان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بشهاب من نار فأراد أن يحرق وجهه صلى الله عليه وسلم )
ولذا قال ابن القيم رحمه الله :
” إن الشيطان يضع عقبات في طريق ابن آدم يبدأ بالأعظم ثم الذي يليه ، أول عقبة يضعها الشيطان أمام ابن آدم ” عقبة الشرك ” إن فلت منه وضعه في ” عقبة البدعة ” فإن فلت منه وضعه في ” عقبة الكبائر ” فإن فلت منه وضعه في ” عقبة الإصرار على المعصية ” فإن فلت منه وضعه في ” عقبة تقديم العمل المفضول على الفاضل ” فيزين له عمل المفضول على العمل الفاضل ، لأن الأعمال تتفاضل ، فإن فلت منه وضعه في ” عقبة الإسراف في المباحات ” فإن فلت العبد من الشيطان في هذه العقبات الست فإنه يوقعه في عقبة لا يسلم منها حتى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهي ” الخواطر ” فهذه الخواطر إن دفعها سلم منها ، وإن استقبلها خشي عليه منها .
فانظروا إلى حال الشيطان مع ابن آدم .
( ومن الفوائد )
أن سجود السهو لا يصلح إلا من جلوس “
فلو أنه سجد وهو قائم أو على أي حالة من الأحوال ، فإن هذا السجود لا يصح .
( ومن الفوائد )
أن هذا الحديث اختصر بعض الأحكام ، وقد ذكرناها مفصلة فيما مضى ، فما يفوت طالب العلم من فائدة في حديث فليعلم أنها وردت في أحاديث أخرى .
( ومن الفوائد )
أن التلبيس : هو التخليط .
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين مما يدل على خطر الشيطان :
( إذا أذَّن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط )
حتى لا يسمع التأذين ، وفي رواية مسلم ( له حصاص )
الحصاص : هو سرعة العدو ، فهو يسرع .
وعند مسلم : ( حتى يكون بمكان يقال له الروحاء )
والروحاء : مكان يبعد عن المدينة ستة وثلاثين ميلا .
فانظروا إلى القدرة العظيمة التي أعطاها الله عز وجل للشيطان حتى لا يسمع الأذان ( فإذا قضي التأذين رجع ، فإذا ثوِّب ) يعني الإقامة ( أدبر وله ضراط ، فإذا قضي التثويب أتى الشيطان إلى الإنسان في صلاته فيقول اذكر كذا اذكر كذا مما لم يكن يذكره من قبل حتى لا يدري كم صلى )