تعليقات على سنن الترمذي ( 75 ) حديث ( 400 )

تعليقات على سنن الترمذي ( 75 ) حديث ( 400 )

مشاهدات: 497

تعليقات على سنن الترمذي

الدرس الخامس والسبعون

حديث ( 400 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

أما بعد فقد قال الترمذي رحمه الله :

(باب ما جاء في الصلاة في النِّعَال )

حديث رقم – 400 –

( صحيح ) حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن سعيد بن يزيد أبي مسلمة قال قلت لأنس بن مالك :  

أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه قال نعم  )

قال : وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن أبي حبيبة وعبد الله بن عمرو وعمرو بن حريث وشداد بن أوس وأوس الثقفي وأبي هريرة وعطاء رجل من بني شيبة قال أبو عيسى حديث أنس حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم .

 قال الترمذي : حسن صحيح

 ( من الفوائد )

أنه ذكر ما يتعلق بالنعال في الصلاة ، وليعلم أن الاستكثار من النعال مستحب شرعا ، قال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم

( استكثروا من النِّعال فإن أحدكم لا يزال راكباً ما انتعل )

فالاستكثار من النعال مما جاءت به السنة .

لو قال قائل : هل له أن يمشي حافياً ؟

من السنة كما جاء في السنن أن يمشي بعض الأحيان وهو حافي ، جاء في السنن :

( كان صلى الله عليه وسلم يحتفي أحياناً )

يعني يمشي على قدميه من غير نعل .

( ومن الفوائد )

هل الصلاة بالنعال مستحبة أم لا ؟

قال بعض العلماء : هي جائزة وليست مستحبة ، لم ؟

قالوا : لأن النعال عرضة إلى أن يلتصق بها الأذى ، وإذا التصق بها الأذى ربما يكون هذا الأذى نجاسة ” فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح “

وبالتالي فإنه يجوز له ولا يستحب .

وقال بعض العلماء  : إنها سنة ، وهو الصحيح .

لكن هو سنة من أجل ما جاء في حديث شداد بن أوس رضي الله عنه عند أبي داود ، قال صلى الله عليه وسلم :

( صلوا في نعالكم خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم )

فتكون الصلاة بالنعل سنة من أجل مخالفة اليهود .

لو قال قائل : ألا يمكن أن تكون الصلاة بالنعال من الزينة ؟

حتى يكون مستحبا على مستحب ؟

نقول: يمكن ، قال عز وجل :

{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }الأعراف31

لكن المشكل هنا أن الصلاة بالنعال زينة ، لكن ما يلصق بهذا النعل يجعله غير زينة ، وقد جاء حديث عند ابن عدي :

( أن الصلاة بالنعال من الزينة المأمور بها في الآية )

لكنه حديث ضعيف جدا ، كما أفاد ذلك ابن حجر رحمه الله فخلاصة القول : أن الصلاة بالنعال سنة ، لكن هل هي سنة مطلقة أم من أجل أمر معين ؟

من أجل أمر معين وهو مخالفة اليهود .

لكن لو أراد الإنسان أن يصلي وأتى إليه شخص بنعل جديدة فهنا نقول إنه من الزينة .

( ومن الفوائد )

أن أنساً رضي الله عنه سئل فأجاب ، قال في جوابه ( نعم )

يستفاد من هذا : أن الجواب من المفتي على أسئلة المستفتي أن له أن يختصر الجواب بكلمة واحدة ، وله أن يزيد حسب ما يقتضيه الحال ، ولذلك قال أنس رضي الله عنه ( نعم )

وكما جاء في حديث المرأة الخثعمية في الصحيحين :

( إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال نعم )

بينما لما سئل صلى الله عليه وسلم كما في المسند والسنن  لما سئل صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر ماذا قال ؟

( هو الطهور ماؤه ) هذا هو الجواب على سؤالهم ، لكنه زاد :

( الحل ميتته ) .

 ( ومن الفوائد )

أن  ( نعم ) حرف جواب وفائدته في اللغة العربية ” الاختصار ” إذا إن الجواب بـ ( نعم ) يدل على جملة الجواب المحذوف ، فبدل أن يقول ” نعم كان يصلي في نعليه ” قال ( نعم )

( ومن الفوائد )

أن الإطلاق هنا في النعلين يدل على أنه يصلي بالنعال سواء كانت هذه النعال جديدة أم قديمة ، سواء كانت هذه النعال في المسجد أو خارج المسجد ، لأنه أطلق .

لكن لو قال قائل : في مثل هذا الزمن المساجد قد فرشت ولو دخل بنعليه لتلوثت فُرُش المساجد ، فهل يدخل بها ؟

الجواب : لا ، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه في المسجد لأنه كان حصباء وليس مفروشا .

( ومن الفوائد )

” أن بعض العلماء قاس المقابر على المساجد “

قال : إذا كانت النعال يجوز الدخول بها في المساجد للصلاة بها ، إذاً المشي بها بين القبور جائز .

وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل أكثر ، فالصحيح :

أن السنة عدم المشي بالنعال بين القبور إلا إذا اقتضت الحاجة ، وليس محرما ، وإنما من باب الاستحباب ، لكن إن وجدت حاجة من شدة حر في المقبرة أو شوك فإن الكراهة تنتفي ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري لما أخبر عن المشيعين لما يفرغوا من دفن الميت ، قال :

( فإنه يسمع قرع نعالهم )

وأما قوله صلى الله عليه وسلم لذلكم الرجل :

( يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك )

فإنه أمر لعلة في هذه النعال ، وسيأتي إيضاح هذه المسألة إن شاء الله في بابها .

( ومن الفوائد )

أن الترمذي رحمه الله قال عن هذا الحديث :

( حسن صحيح )

وهذا الحديث في الصحيحين .