شرح سنن الترمذي
الحديث ( 410 ) الجزء الثالث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
302- باب [ ما جاء ] في التسبيح في أدبار الصلاة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
410 – (( حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الأَغْنِيَاءَ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ أَمْوَالٌ يُعْتِقُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، قَالَ: ” فَإِذَا صَلَّيْتُمْ، فَقُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَالحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَا يَسْبِقُكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ “)
حديث ضعيف الإسناد
قال : وَفِي البَابِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ” خَصْلَتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ: يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُهُ عَشْرًا، وَيُسَبِّحُ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَحْمَدُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُكَبِّرُهُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ ” ))
ضعيف الإسناد والتهليل عشرا فيه منكر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث كما أسلفنا حديث صحيح وفي الصحيحين لكن الضعف هنا بزيادة التهليلات العشر
ومما تبقى من فوائد :
ـــــــــــــــــ
أن هذه الأعداد التي ذكرت أيجوز للإنسان أن يزيد فيها ؟
تصور لو أنه جعل التكبيرات أربعين والتسبيحات كذلك أو زاد منها أو نقص دون الأربعين أو جعل التحميد خمسين أيجوز له ذلك ؟
فالجواب عن هذا :
أن بعض العلماء وهو أحد شيوخ ابن حجر قال بالجواز ولا مانع من ذلك
لم ؟
لأن الجنس واحد ، جنس ماذا؟
جنس تحميد وجنس تكبير وجنس تسبيح فلماذا يمنع ؟
وقال بعض العلماء : إن زاد فهو بدعة
قال ابن حجر : ( وقد بالغ من قال إنها بدعة وقال لو أنه ذكر العدد المعتبر شرعا كما جاءت بذلك النصوص الشرعية ثم زاد على ذلك على أنها زيادة أخرى ولا يقصد الزيادة على ذلك العدد الشرعي فلا بأس بذلك بشرط أن ينوي لما يصل إلى هذا العدد المعتبر شرعا أن تلك الزيادة لا يقولها بناء على ما ورد في الشرع ، وإنما بناء على زيادة فعل الخير )
وإن كان هذا القول الذي قاله رحمه الله يقبل في ظاهره لكن الصواب أنه لا يقبل
لم ؟
أولا : لأنه خلاف ما كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة رضي الله عنهم ما أثر عنهم مثل هذا والشرع لا ينبني على الاستحسانات
الأمر الثاني : أنه لو قيل بالجواز لجاز أن يستمر الإنسان على ذلك ولو استمر فهي عبادة بعدد معين لم يأت بها الشرع في زمن مخصوص فتصل بذلك إلى البدعة
الأمر الثالث : وأعتبره هو الفيصل في هذا وهو : مر معنا في سنن النسائي أنه قال : ” محمد أمركم أن تسبحوا الله ثلاثا وثلاثين وأن تحمدوا الله ثلاثا وثلاثين وأن تكبروا الله أربعا وثلاثين قال نعم قال اجعلوا معها التهليل واجعلوا الجميع خمسا وعشرين “
إذاً لو كان الأمر يزاد فيه لما قال أنقصوا من التكبيرات والتحميدات والتهليلات
فدل على أن هذه الأعداد يجب أن تراعى وأنه لا يزاد عليها
ومن الفوائد:
ــــــــــــــــ
أن الوارد هنا تقديم التسبيح ثم التحميد ثم التكبير
وهذا هو أكثر ما جاء في الروايات :
أن يبدأ المسلم سبحان الله والحمد لله والله أكبر
وورد تقديم التكبيرعلى التحميد : سبحان الله والله أكبر والحمد لله
وورد تقديم التكبير على التسبيح والتحميد : الله أكبر سبحان الله والحمد لله
ولعل هذا الاختلاف بل هو يجعل في الحقيقة الترتيب غير شرط
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام عن الباقيات الصالحات قال : ” لا يضرك بأيهن بدأت “ سبحان الله والحمد لله والله أكبر
ولكن أكثر الروايات أن تبدأ بالتسبيح ثم التحميد ثم التكبير
وهذا له مغزى في الحقيقة :
لأن التسبيح تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به فإذا نزهت الله عن المعائب والنقائص كان جديرا بأن يؤتى له بالمحامد فيأتى التحميد فإذا نزهته جل وعلا عن النقائص والمعائب وأثبت له الصفات الكاملة والحميدة إذاً هو من يستحق التكبير الذي هو التعظيم فجاءت كلمة الله أكبر ، من يستحق التعظيم هو الذي يعبد هو الذي يوحد ولذلك أتت الكلمة الأخيرة التهليلة
فانظروا إلى مغزى ترتيب هذه الجمل :
فكونه يرتبها بناء على هذا المعنى وبناء على أن أكثر الروايات جاءت بهذا الترتيب لكان أحسن في حقه لكن لو قدم التسبيح على التحميد أو التحميد على التكبير فلا إشكال في هذا
ومن الفوائد :
ـــــــــــــ
أن هذا الذكر يشرع رفع الصوت به
بعض الناس يظن أن رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة مقصود به الاستغفار ” اللهم أنت السلام ومنك السلام ” والتهليلة ويسكت في التسبيح والتحميد والتكبير
الصواب الذي عليه الجمهور :
أنه يرفع الصوت بالذكر خلافا للشافعية فهم يقولون لا يسن أن يرفع المأمومين بعد انقضاء الصلاة لا يسن لهم أن يرفعوا أصواتهم لم ؟
مع أنه ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه كما في الصحيحين من حديث ابن عباس قال : ” ما كنا نعرف انقضاء الصلاة إلا بالذكر و في رواية إلا بالتكبير “
قالوا : هو فعل والصحابة فعلوا في أول الأمر من باب التعليم فلما علم انتهى
ولأن في رفع الصوت تشويشا على من يقضي صلاته من هو مسبوق
والصواب :
أنه يرفع صوته
لكن التشويش هنا منتفلا
بعض الناس يظن أن رفع الصوت بالذكر أن الإنسان يجهد نفسه ، لا
المقصود من ذلك أني لما أقول : أستغفر الله أستغفر الله بصوتي المعتاد لكن مرتفع يعني : أسمع غيري فينضم مع صوتي صوتك وصوت الثالث والرابع والخامس هنا يتولد من المجموع صوت ظاهر لكنه غير مؤذي فيسمعه من في الخلف
فقضية أنه يشوش على المأمومين فليس بصحيح
ثم لو قيل بالتشويش يعني النبي عليه الصلاة والسلام أمر سليك الغطفاني أن يصلي السنة سنة تحية المسجد وهو يخطب والخطبة معلوم أنه كان إذا خطب عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم رفع صوته واحمر وجهه
فالصواب :
أنه يرفع صوته بالذكر وبالتكبير
ولذلك قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى قال : يرفع صوته
سبحان الله و الحمد لله والله أكبر
فلا يظن ظان أن رفع الصوت مخصوص به هو الاستغفار وقول اللهم أنت السلام ومنك السلام
ومن الفوائد:
ـــــــــــــ
أن هذا الذكر يقال متى ؟ دبر الصلوات أي صلوات ؟ المكتوبة كما مر معنا بتقييد ذلك بالمكتوبة كما في حديث كعب بن عجرة عند مسلم
تصور :
لو أن الإنسان أراد أن يذكر هذه الأذكارالتي بعد الصلاة ويمشي عنده شغل أراد أن يقولها ألا يتحصل على الأجر ؟
الجواب :
نعم لأنها قاله دبر الصلاة
صورة أخرى :
تصوروا لو أنه انشغل بعد الصلاة بشيء ذلكم الشيء إن كان يسيرا بحيث لا يجعل الزمن طويلا بين الفراغ من الصلاة وبين قول الأذكار فلا إشكال في ذلك
لكن إن كان طويلا فهذه سنة فات محلها
ولذلك :
بعض الناس هداهم الله يأتون إلى بعض طلاب العلم والمشايخ بعد الصلاة مباشرة بعد قول : ” اللهم أنت السلام ومنك السلام ” يأتي إليه بعد الصلاة مباشرة ويقول عندي سؤال
انتظر اذكر الله بعدما تفرغ من الذكر وتعطي للإمام فرصة أن يذكر الله عز وجل هنا : تعالى فاسأل
لكن بعض الناس يأتي من العجلة ( خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ) وإذا به يشغله
على حسب السؤال :
إن كان السؤال طويلا فإنه طال الفاصل وإن كان يسيرا فإن له أن يقول الأذكار
صورة ثالثة :
بعض الناس يأتي كداعية ويتكلم بعد الصلاة ، اذكر الله استمر في الذكر
ولذلك الذكر حياة كما قال شيخ الإسلام يقول كما في الوابل الصيب ذكر عنه تلميذه ابن القيم قال :” إن الذكر للقلب مثل الماء للسمك به حياة القلوب “
ولذلك ذكر بعض طلابه أنه كان يجلس بعد الفجر ويذكر الله حتى تطلع الشمس وكان لا يكلم أحدا إلا عند الضرورة لأنه يرى أن هذا الوقت غدوته التي يستعين بها على مستقبل ساعاته في يومه
تأتينا صورة أخرى :
وهي لو أنه تشاغل عن هذه الأذكار بالسنة الراتبة يقول : أنا مستعجل وسأصلي السنة لأني لو لم أصليها الآن لن أتمكن من أن أصليها لأن سيري سيستمر إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى يقول سأصلي السنة لما فرغ من صلاة الفرض
وقال : أستغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام
قام فأتى بالسنة
أيحق له أن يذكر الأذكار أم أن الفاصل طويل أم الذي يكون كذلك هذه تحصل لنا نحن نجمع في السفر بين المغرب والعشاء وأحيانا للمطرهناك عشر تهليلات بعد المغرب فإذا صلينا العشاء بالنسبة إلى الأذكار التي بعد العشاء هي هي التي بعد المغرب لكن هنا أذكار منها قول التهليلة عشر مرات أنقولها بعد العشاء
منها قول : رب أجرني من النار سبع مرات إذاً ماذا عسانا ان نقول ؟
قال ابن حجر قال هذا محل نظر محتمل هذا ومحتمل هذا