شرح سنن الترمذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث ( 413) الجزء الرابع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
305 – بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلَاةُ
413 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ،
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ “
وَفِي البَابِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ،: «حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِ الحَسَنِ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ، غَيْرَ هَذَا الحَدِيثِ وَالمَشْهُورُ هُوَ قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ»
وَرُوِي عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ هَذَا
قال أبو عييسى :
حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه
صحيح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ـــــــــــــــ
على المسلم أن يحرص على الصحبة الصالحة :
بل عليه أن يدعو الله أن يرزقه صحبة صالحة وهذا هو شأن قبيصة فإنه سأل الله أن يرزقه صحبة صالحة
والصحبة الصالحة :
لايعدم الإنسان منها خير فإن ذكرت أعانوك وإن نسيت ذكروك
والصحبة الصالحة :
لا يبنى في اختيارها على المظهر فقط ، لا ، لاشك أن المظهر مطلب مظاهر الصلاح مطلب لكن أيضا أمارات ما في الباطن يحرص عليها ولاسيما في الزمان المتأخرة فإن الإنسان قد يصحب أناسا عليهم سمات الخير ولكنهم لا ينفعون قلبه بل يصرفون قلبه عن الخير ليس الكل ، ولكن هناك من هؤلاء من إذا جلسوا في المجالس وإن كانت عليهم سما الخير ويقال هم أهل صلاح إذا جلسوا في المجالس إنما كلامهم القيل والقال .
ليس في آحاد الناس فحسب بل يطعنون في أهل العلم وأهل الخير
وبالتالي :
فإن من جالس هؤلاء فإنهم يخرج ولم يغذي عقله ولم يزد إيمانه بالجلوس مع هؤلاء وتجد أنه يخرج وقلبه مليء بالضغن والحقد على إخوانه .
فقضية اختيار الصحبة لاشك أن المظهر هو أساس لكن لا يكتفى به
وخذها قاعدة :
في أي مجلس من المجالس الذي تجلس فيه أي مجلس من المجالس انظر إلى إيمانك وعقلك إن وجدت قلبك وعقلك قد ازداد وانشرح الصدر وزاد الإيمان وغذي العقل فهذا مجلس خير فاحرص عليه .
إن رأيت قلبك بعد خروجك من هذا المجلس إنما هو مليء بالحقد والضغن ولم يزدد إيمانك ولم يتغذ قلبك ولم يستقم ويصلح لسانك في الحديث لأن من اعتاد على القيل والقال لأنه يذكر لي أن هناك مجالسا لبعض من هم في المصالح مجالسهم إنما هي الخوض في الآخرين وهذا لا خير في صحبته
المقياس :
بعدما تخرج من هذا المجلس : الإيمان والعقل كيف حاله بعد هذه الجلسة إن كان إلى خير وازدياد فاحرص على هؤلاء إن لم يكن فابتعد
ولذلك : ماذا قال قبيصة ؟
لما قابل أبا هريرة ” إني دعوت الله أن يرزقني جليسا صالحا “ وهذا يدل على أن انتقاء الجليس الصالح عسير يحتاج فيه إلى تضرع إلى الله ولاسيما إذا كنت أتيت إلى مكان غريب لا تعرفه تحتاج إلى أن يوفقك الله فتدعو الله أن يرزقك الجليس الصالح ثم إذا وجدته عض بنواجذك عليه عض على صحبتك له بالطرق التي تستميله بها إليك
ولذلك : ماذا قال قبيصة ؟
يبين لأبي هريرة أنه دعا الله أن يرزقه جليسا صالحا وأنت الجليس الصالح وإلا هذا الدعاء بين العبد وبين ربه لكن هو أراد أن يستميل قلب أبي هريرة إلى أن يسمح له بالجلوس معه
ثم ما الذي بعدها ؟
قال : ( حدثني بحديث سمعته من النبي عليه الصلاة والسلام لعل الله أن ينفعني به )
حديث ينفعني
أي مجلس تكون به أحاديث لا تنفع فالبعد البعد ولو كان في ظاهر هؤلاء الصلاح
ولذلك قال عمر : ” عليكم بذكر الله فإنه دواء واجتنبوا ذكر الناس فإنه داء ” مرض ما يفيد
س :
أبو هريرة هو أكثر الصحابة رواية للحديث فلماذا اختار أبو هريرة هذا الحديث لما قال
(فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم لعل الله أن ينفعني به) ذكر له هذا الحديث الذي معنا
لم هذا الحديث بالذات ؟
قال الترمذي : وروي عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة
حديث أنس بن حكيم عند أبي داود إذاً هو يختلف عن قبيصة
ومع ذلك انظر إلى الاتفاق والافتراق
عند أبي داود من حديث أنس بن حكيم قدم من العراق لما خاف من زياد بن أبيه فلما أتى أنس كما جاء عند أبي داود ، أبو هريرة هو الذي ابتدأ الحديث قال أعلمك حديثا سمعته من النبي عليه الصلاة والسلام لعل الله أن ينفعك به
هنا من الذي يسأل قبيصة
أبو هريرة هو الذي يدلي بالعلم
ولذلك قال كما في الرواية الأخرى : (( ” إذا ذهبت إلى أهلك فقل لهم سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اول ما يسأل عنه العبد الصلاة ” ))
سبحان الله !
يقول لأنس بن حكيم
هذا يدل على أنه لما سئل أبا هريرة من قبيصة أتى بهذا الحديث
لما التقى بأنس بن حكيم قال له هذا الحديث
ثم أوصاه أن يبلغ هذا الحديث إلى أهله وإلى من هم في دياره
يدل هذا على أن الصلاة من أهم ما يكون لأنه إذا أقام الصلاة يقوم دينه
( (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ))
ليس معناها كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ليس ذكر الله أكبر من الصلاة ، لا ، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) يقول ذكر الله وتعظيم الله في الصلاة أكبر وأعظم من نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر
يعني : الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر أكبر مما تفعله الصلاة من النهي عن الفحشاء والمنكر أنها سبيل إلى تعظيم الله
إذاً :
من يحافظ عليها يعظم قلبه وإيمانه هذا في الدرجة الأولى
في الدرجة الثانية تنهى عن الفحشاء والمنكر
فاختارهذا الحديث لهذا الغرض
وبما أننا ذكرنا حديث أنس بن حكيم الضبي وما بينهما من الافتراق والاختلاف
هنا ابتدئ أبو هريرة بالسؤال وهناك عند أبي داود من حديث أنس بن حكيم ابتدأ بالجواب من غير سؤال لأن أنس بن حكيم خاف من لما قدم خاف من زياد بن أبيه وهو بالعراق فوفق الله أنس بن حكيم فالتقى بأبي هريرة فيمكن أن أبا هريرة رأى عليه علامات السفر ، ولذلك هنا ما ذكر شيء ماذا قال قبيصة هنا ؟
فقلت : اللهم يسر لي ” في حديث أنس بن حكيم قال فنسبني أبو هريرة فانتسبت يعني قال من أين أتيت
قال : ” فنسبني فانتسبت من أين جئت فشعرأبو هريرة وهذا يدل على أن العالم لابد أن تكون له فطنة ربما رأى شخصا غريبا هو بحاجة إلى تعليم ورعاية فليحرص عليه أكثر من غيره ويعطيه ما يفيده ويناسبه
لكن من باب الفائدة بما أننا ذكرنا أنس بن حيكم :
هو أتى من العراق خوفا من زياد بن أبيه
من هو زياد بن أبيه ؟
ذكر العيني في شرحه لسنن أبي داود :
” هذا الرجل هو زياد بن أبيه ويقال زياد بن أمه ويقال زياد بن سمية ويقال زياد بن عبيد ويقال زياد بن أبي سفيان “
زياد هذا كيف يقال زياد بن أبيه بن أمه بن سمية بن عبيد بن أبي سفيان
هذا يفهم من خلال هذه القصة :
أبو سفيان بن حرب :
أتى في الجاهلية إلى الطائف وقدم على رجل يبيع الخمر يقال له أبو مريم فشرب عنده الخمر في الجاهلية فقال : إني اشتهيت النساء فقال : هل لك بسمية ، سمية هذه جارية عند الحارث بن كلدة وزوجها لعبد له رومي اسمه عبيد قال إني اشتهيت النساء فقال : ائتي بها ـ هم لا يتورعون عن الزنا وعن شرب الخمر في الجاهلية ـ فأتى بها فواقعها ، فالولد ولد على فراش عبيد الرومي
فولدت أو علق ذلك الجماع في رحم هذه المرأة وأمه سمية وأبوه عبيد
فالشاهد من هذا:
أنه ولد في أول الهجرة في السنة الأولى من الهجرة
فلما كان في خلافة عمر ، وكان هناك رأي فتحدث زياد لما كبر قال عمرو بن العاص قال : ” لو أن هذا الرجل من قريش لساد العرب بعصاه “
وكان فصيحا زياد هذا فقال أبو سفيان : والله إني لأعلم من هو أبوه
فقال علي بن أبي طالب لما أعلمه أبو سفيان قال : ألا تنسبه إليك
قال : إني أخاف من هذا الأصلع أن يقطع أيري يعني يقطع ذكري ( الأصلع هو عمر بن الخطاب ) يعني يقول أخشى منه
فظل الحال على ما هو عليه
لما مات أبو سفيان شهد من شهد عند معاوية بأن هذا هو أخ له فنسبه معاوية إلى أبي سفيان فيصح أن يقال زياد بن أبيه للجهل أو ابن أمه أو ابن سمية أو ابن عبيد أو ابن أبي سفيان
فولاه معاوية على الكوفة والبصرة :
وكان رجلا قويا فأرسل إلى معاوية وقال إني قبضت العراقين لك بشمالي ويميني فارغة يريد الحجاز
فعلم أهل مكة فأتوا إلى عبد الله بن عمر وخشوا أن يعسفهم كما عسف أهل العراق فاستقبل ابن عمر القبلة ودعا عليه فأصابه سهم في يده فتوجع منها حتى أراد أن يقطعها وأتى بالنار لكي يكوي يده لأنه قال وكان يتألم قال من شجاعته : ” أأنام والطاعون في فراش واحد “
فاستشار شريح فقال له شريح القاضي قال : ” إني لا أرى أن تقطع يدك لأن الله إن لم يبق لك حياة فإنك ستلقى الله وقد قطعت يدك فرارا من قدر الله
فلما خرج شريح عاب عليه الناس قالوا لم ؟ حتى نستريح منه قال : إن المستشار مؤتمن وقد استشارني
فتوجه من الكوفة إلى الحجاز لكي يتولاها لكنه مات بالكوفة
فلما علم ابن عمر قال : يا ابن سمية لا الدنيا أدركت ولا الآخرة حصلت
وابنه من ابنه ؟
الذي قتله ابن الأشتر وذهب برأسه إلى المختار بن عبيد ،
ابنه (” عبيد الله بن زياد ” ) الذي قتل الحسين
ولذلك زياد بن أبيه لا تعرف له صحبة ولا رواية