تعليقات على سنن النسائي ــ الدرس ( 63 ) حديث ( 479 ـ 480 ) وحديث ( 481 ) جزء ( 1 )

تعليقات على سنن النسائي ــ الدرس ( 63 ) حديث ( 479 ـ 480 ) وحديث ( 481 ) جزء ( 1 )

مشاهدات: 533

تعليقات على سنن النسائي ــ الدرس ( 63 )

بَابُ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي السَّفَرِ

وحديث ( 479 ــ 480)

باب صلاة المغرب وحديث ( 481) الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

479 – أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَقُولُ« مِنَ الصَّلاَةِ صَلاَةٌ مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ » . قَالَ ابْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَقُولُ « هِىَ صَلاَةُ الْعَصْرِ » .

حديث صحيح

 

480 – أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمِّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ صَلاَةٌ مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( « هِىَ صَلاَةُ الْعَصْرِ »

حديث صحيح

 

من فوائد هذا الحديث :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هذا الحديث مر معنا وبينا ما يتعلق به من فوائد في الحديث الذي قبله

 

وخلاصة معنى هذا الحديث :

 

أن صلاة العصر لها فضل وأن من فاتته صلاة العصر حتى خرج وقتها الذي هو اصفرار الشمس إذا خرج وقتها الذي هو الاختياري فإنه أصيب بمصيبة تلك المصيبة أنه بتركه لصلاة العصر حتى خرج وقتها اجتمع عليه غمان كما يجتمع غمان على من سلب منه أهله وماله

 

من سلبت منه أمواله وسلب منه أهله فإنه في مثل هذه الحال عليه غمان غم أنه يسترد أهله وماله والغم الثاني أنه ينتقم ممن سلب منه ماله وأهله

كل من فاتته صلاة العصر يجتمع عليه غمان غم فوات الأجر المترتب على صلاة العصر وغم ماذا ؟ غم الإثم الذي يبؤ به

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فائدة لغوية  :

تشويق لما يرده المتحدث من فائدة فإنه عليه الصلاة والسلام أعطي الأسلوب الحسن الذي يوصل المعلومة بأسهل ما يكون مع باستقطاب أذهان السامعين

لما قال ( من  الصلاة صلاة ) فيه تشويق للسامع

ولذا على المعلم أوعلى الشيخ الذي يلقي عليه أن يستخدم مثل هذا الأسلوب في تنويع كلامه من حيث الاستفهام والنداء والتمني بحيث يقرب أذهان المستمعين إلى كلامه ليصل كلامه إليهم بسهولة ويستقر في نفوسهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه نكر عليه الصلاة والسلام صلاة ” من الصلاة صلاة “ والتنكير هنا للتعظيم

نكرها هنا لتعظيمها لتعظيم هذه الصلاة ولعلو شأنها كما قال تعالى عن القرآن : ((هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) )) هدى نكرة من باب تعظيم شأن القرآن وأنه بلغ في هداية القلوب أعظم ما يكون

 

وكما في نفس سياق الآيات  : (( أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ )) يعني هؤلاء اهتدوا هداية عظيمة من الله

وهذه هي فائدة التنكير في البلاغة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثم إن من مزايا سنن النسائي  :

 

أن النسائي رحمه الله وسننه أصح السنن من مزايا سننه أنه يذكرعلى الحكم الواحد أكثر من حديث ، وهذا الحديث يكون متعددا من حيث الجملة لكنه في سياق واحد مثل ما ذكر هنا ثلاثة أحاديث تتعلق بمن فاتته صلاة العصر وهذا يستفاد منه فوائد ، فوائد من حيث السند فإن في رجال السند ما يكون في ذلك السند ما يوضح السند الآخر .

 

أيضا أن كثرة الأدلة على حكم تقوي المدلول الذي هو الحكم

كونك تأتي بحديث على حكم ليس في القوة كقوة عشرة أحاديث تأتي بها على حكم واحد

هنا يختلف

 

ولذلك :

هذا من حسن ما يذكره النسائي في سننه

بعض الشراح قال إن ذكره رحمه الله لهذه الأحاديث لا تعلق لها بالسفر

فليس فيها شيء ظاهر في كونه يبوب هذا الباب ويضع هذه الأحاديث

لم ؟

لأن الحكم ليس خاصا بالسفر وإنما هو للجميع

فمن فاتته صلاة العصر سواء  كان في سفر أو حضر فإن هذا العقاب يشمله ويمكن لم نعثرعلى كلام ولكن حسب رأيي أنه ربما بوب فيما يخص السفر اتصالا واتفاقا مع حديث أبي بردة الذي مرة معنا أنه قال : ((  كنا في يوم غيم قال بكروا بالصلاة  ))

وذكر ما يخص صلاة العصر ، وكانوا في سفر فيكون السفر مظنة تأخير الصلاة لأن المسافر ربما يقول وهذا شيء يلحظ نؤخر الصلاة إلى أن نصل إلى تلك المحطة إلى ذلك المكان وإذا به من حيث لا يشعر قد خرج وقت الصلاة بينما الحضر الصلاة حاضرة في الجماعة فيصليها والعلم عند الله

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب صلاة المغرب

481 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ بِجَمْعٍ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى- يَعْنِى – الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَنَعَ بِهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ فِى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ فِى ذَلِكَ الْمَكَانِ )

صحيح

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

من فوائد هذا الحديث :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بيان حال صلاة المغرب مع صلاة العشاء في السفر وذلك لأن هذا الفعل إنما وقع في مزدلفة بجمع

ومن حسن كلام العالم :

أنه متى ما ذكر شيئا من الأحكام أن يذكر الدليل ولاسيما إذا كان هذا الحكم مستغربا عند بعض الناس ، ولذلك أسند ابن عمر هذا الفعل إلى النبي عليه الصلاة والسلام يعني لم آت به من قبل  نفسي ، وكذلك الراوي عن ابن عمر أسنده إلى ابن عمر

 

مما يدل على أن العناية بالأحاديث وأن الاستدلال بها من الضرورة بمكان ولذا لا يرفع للعالم شأن ولا مكانة إلا إذا كان مستدلا بالأدلة

 

ولو ثبرنا حال العلماء السابقين لوجدنا أن من اشتهر منهم وبقي علمه بعد وفاته هو من كان يحرص على الدليل :

 

شيخ الإسلام : بيننا وبينه أكثر من سبعمائة سنة ، ابن القيم تلميذه ، ذهب الشيخان ابن باز وابن عثيمين وكانا يحرصان على الدليل وبقي علمهما وأثر علمهما على الناس

 

إذاً نصيحة لنفسي ولكم :

أن المسلم يحرص على أن يذكر من ضمن ما يذكر من أحكام أن يذكر الأدلة وألا يكتفي بقول حرام أو حلال أو جائز أو مستحب هكذا

 

لأن جمال ما تقوله ليس فيما تقولاه مما تؤلفه من كلام ، لا ، جمال ما تقوله من كلام هو بقدر ما يكون فيه من النصوص الشرعية لأن النصوص الشرعية هي البركة

 

ولذلك  :

كان يحسب للشيخ ابن باز ومعروف عنه أنه كان كثيرا ما يستطرد بذكر الأدلة من القرآن لأننا نحسبه والله حسيبه أنه من أهل القرآن يقرأ القرآن في كل وقت متى ما سنحت له فرصة

 

ولذلك :

حسب له في إحدى المحاضرات ما يقرب من ثمانين آية

جمال ما تقوله ليس فيما تؤلفه من حديث إنما بقدر ما تذكره من أدلة

 

ولذا :

في هذا العصر بعض الناس ممن ينتسب إلى العلم الشرعي يقول أنا أحبب الناس إلى الخير

كيف تحبب الناس إلى الخير ؟

قال :

لا أثقل أسماعهم بذكر الأدلة من القرآن أو من السنة أحاول أن أصيغ العلم الشرعي بأسلوب حضاري مجمل مرقق مصفصف حتى يقبل

وهذا خطأ ، لأن الجمال ليس فيما تقوله ، الذي يعلق في الذهن هو الدليل ، أنا تحدثت معكم الآن وقتا طويلا وما أكثرحديثي لكن الذي يبقى هو الدليل فما ذكرته من دليل حينما تذكر الدليل تذكر ما عليه من فوائد

 

لكن إذا لم تذكر الأدلة ، تصور لو أني جلست معكم ساعتين أتحدث دون أن أذكر دليلا سيذهب كل شيء ولن يبقى يمكن أن يستحضر في الحال لكن لن يبقى بعد يوم أو يومين

لكن لو ذكرت الأدلة فبمجرد ذكرك للأدلة وتذكرت هذه الأدلة  تذكر ما معها من فوائد ومن أحكام

 

لكن أن نربي هذا الجيل يعني حتى في المدارس يقولون لا نحب أن نحفظ النصوص لا نحب أن نحفظ الأدلة وآخريقول : كل الكلام قال الله وقال النبي عليه الصلاة والسلام إذاً ماذا نقول قال سقراط ولا أرسطو ولا فلان ولا علان ، لا

 

ولذلك ماذا قال عليه الصلاة والسلام  ؟

 

 في السنن :

(( نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم اداها كما حفظها  ))

نضر :  يعني يعطي الله عز وجل صاحب الدليل نضرة في وجهه ونضرة في كلامه نضرة حتى في قلبه في حياته

 

من يريد النضرة والخير والنور إنما هو في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم  وكم أدركنا أشخاصا في زمن الشيخ ابن باز وابن عثيمين والأعداد الهائلة تحضر لهم ولهم من المؤلفات ما الله به عليم

ومع ذلك ما الذي بقي ؟

بقي علم هؤلاء

الشيخ ابن باز كان في المدينة كان رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة وكان هناك أحد المشايخ عنده وعظ لا أريد أن أذكر اسمه الشاهد من عنده أن عنده جمعا غفيرا من الحاضرين ترقيق ووعظ وتذكير

وكان الشيخ ابن باز لا يحضر عنده إلا سبعة

قالوا : ياشيخ أنت الآن أدلة وعلم وفلان يحضر عنده قال : (( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ))

مرت السنين أين هذا وأين هذا

فرق

 

خلاصة القول :

أن عزتك وكرامتك وقدرك ليست عزة دنيا بحيث ترفع وإنما العزة الحقيقية والرفعة أن تكون في الآخرة أن تحرص على الأدلة

إذا رأيت أي عالم أو أي خطيب في خطبته أو في درسه ليس فيه أدلة فإنه لا خير في هذا الدرس صراحة  ، فيه خير من حيثية معينة لكن الخيرية حقيقة هي فيما يذكره من أدلة سواء كان خطيبا أو عالما أو واعظا