تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الثاني والعشرون من حديث ( 370 ) حتى ( 374 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الثاني والعشرون من حديث ( 370 ) حتى ( 374 )

مشاهدات: 467

تعليقات على سنن ( النسائي  ) ـ الدرس الثاني والعشرون

من حديث ( 370 ) حتى ( 374 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

( ذكر ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضها مع علمه بنهي الله – تعالى – )

حديث رقم – 370 –

( صحيح )  أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا يحيى عن شعبة قال حدثني الحكم عن عبد الحميد عن مقسم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم :  في الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار  )

من الفوائد :

والصواب : أن هذا الحديث صحيح ، لأن ( الاضطراب ) وإن كان علة في الحديث إلا أنه لا يكون إلا إذا تساوت الوجوه ، أما إذا ترجحت إحدى الروايات على الأخريات فإنه يؤخذ بالرواية الراجحة ، والرواية الراجحة هنا هي ما ذكره المصنف رحمه الله ( فليتصدق بدينار أو بنصف دينار )

ومن الفوائد :

أن إتيان المرأة ووصفها المصنف رحمه الله بـ ( الحليلة ) لأنه يحل له جماعها في غير هذا الزمن ، ولذلك قال عز وجل المحرمات من النساء {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } إلى أن قال { وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ }النساء23، يعني زوجات أبنائكم ، فإتيان المرأة في زمن الحيض محرم ، قال عز وجل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ }البقرة222 .

فإذا حصل مثل هذا فإنه آثم ، لكن هل عليه كفارة ؟

من يرى ضعف الحديث يقول ” لا كفارة عليه ” بل عليه أن يستغفر الله ويكفيه .

وأما من قال بصحة الحديث فإنه يلزمه بهذه الكفارة ، وهي ( دينار أو نصف دينار ) .

ومقدار الدينار : ( أربعة جرامات من الذهب وربع ) فإذا أراد الإنسان أن يعرف مقدار الدينار فيسأل أهل الذهب أربعة جرامات وربع من الذهب كم تساوي وقت حصول هذا الفعل ، فيمكن أن يكون الذهب باهظا في الثمن ويمكن أن يكون قليلا في الثمن وقتها .

ولو قال قائل :

أيختار الدينار أو نصف الدينار ؟

الجواب :

قال بعض العلماء :

يكون عليه الدينار إذا وقع عليها وقت جريان الدم ، أما إذا وقع عليها بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال فعليه نصف دينار .

 

وقال بعض العلماء :

إن الدينار محمول على من كان به سعة من المال ، بينما نصف الدينار على من كان معسرا ، وقد وردت أحاديث في هذا لكنها من حيث السند ضعيفة ، فيكون الصواب أنه يختار ، إن شاء تصدق بدينار وإن شاء تصدق بنصف دينار .

لو قال قائل :

لو كانا متواطئين على هذا الفعل ، فهل تلزم المرأة كما يلزم الرجل بالكفارة ؟

الجواب :

نعم ، يلزمان ، لأن [ المتسبب كالمباشر ] وهي لا تخلو من حالتين ، إما أن تكون مباشرة أو متسببة .

ومن الفوائد :

أن وطء المرأة في دبرها حرام ، لأن الشرع نهى عن أن يطأ الرجل زوجته حال الحيض لأنه أذى مؤقت ، فكيف بالدبر الذي به الأذى مستمر ؟! ولذلك يمكن أن يستدل بالآية على تحريم الوطء في الدبر {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى } فإذاه مؤقت حال نزول الدم فمن باب أولى أن يكون الدبر محرما ، لأن الأذى به مستمر .

لو قال قائل :

هل تأخذ النفساء هذا الحكم ؟

الجواب :

نعم ، لأن النفاس حيض والحيض نفاس ، لأن النبي  صلى الله عليه وسلم وصف الحيض بأنه نفاس لما حاضت عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين قال ( أنفست ) ؟ ولذا نصَّ الفقهاء على أن [ النفاس كالحيض فيما يحل وفيما يحرم وفيما يجب ]

ومن الفوائد :

ما جاءت به أحاديث أخرى من أن ( الصدقة تطفئ غضب الرب ) فمثل هذا يغضب الله عز وجل ،فأمر من فعل هذا بالتصدق .

! ! ! ! ! ! !

[ مضاجعة الحائض في ثياب حيضتها ]

حديث رقم – 371-

( صحيح )  أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا معاذ بن هشام ح وأنبأنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي ح وأنبأنا إسماعيل بن مسعود قال حدثنا خالد وهو بن الحارث قال حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة أن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم سلمة حدثتها قالت :   بينما أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفست ؟ قلت نعم ، فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة )

واللفظ لعبيد الله بن سعيد  .

من الفوائد :

أن ما يستحيى من ذكره يذكر إذا كان ذكره يحقق مصلحة ، كما هو الشأن في هذا الحديث في الأحاديث الأخرى الواردة عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

ومن الفوائد :

حسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه وأنه كان يضطجع معهن ، فإن هذا من المعاشرة ، لأن هناك أناساً لا يضطجعون مع زوجاتهم ولا يبيتون معهم في غرفة واحدة .

ومن الفوائد :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف الحيض بأنه نفاس ، قال ( أنفست ؟ )  .

ومن الفوائد :

أن في فعله صلى الله عليه وسلم رداً على ما تصنعه اليهود من أنهم كانوا ( لا يجامعون الحائض في البيوت ولا يؤاكلوهن ولا يشاربوهن ) .

ومن الفوائد :

أن بدن الحائض طاهر .

ومن الفوائد :

أنه مما ينبغي على المرأة أن تظهر بالمظهر اللائق أمام زوجها وألا يظهر شيء مما يعيبه عليها ، ولذلك انسلت أم سلمة رضي الله عنها على وجه الخفاء حتى لا يرى النبي صلى الله عليه وسلم منها الدم .

 

ومن الفوائد :

أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تخصص لها ثياباً للحيض كفعل أم سلمة رضي الله عنها، فإنها ذهبت لتلبس الثياب التي اعتادت أن تلبسها حال الحيض ، بينما كما مر معنا في السنن الأخرى أن عائشة رضي الله عنها بينت أنه لا يوجد إلا ثوب ٌ واحد لديها ، فإذا كان هناك سعة عند المرأة فتخصص ثيابا للحيض، وهذا فيما مضى ، بينما في هذا العصر فقد وسَّع الله عز وجل على الناس .

! ! ! ! ! ! !

 [ باب ” نوم الرجل مع حليلته في الشِّعار الواحد وهي حائض ” ]

حديث رقم – 372-

( صحيح ) أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى عن جابر بن صبح قال سمعت خلاسا يحدث عن عائشة قالت كنت :   أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث حائض فإن أصابه مني شيء غسل مكانه لم يعده ثم صلى فيه ثم يعود فإن أصابه مني شيء فعل مثل ذلك غسل مكانه لم يعده وصلى فيه  )

 

من الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي أصابه دم الحيض بعد أن يغسله ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتجاوز موضع الدم من باب الاحتياط كما قد يفعله البعض من الناس ، ولذلك قالت ( غسل مكانه لم يعْدُهُ ) يعني لم يتجاوز موضع الدم في الغسل ، وإنما يغسل فقط الموضع الذي أصابه الدم .

ومن الفوائد :

أن من أسماء الحيض ( الطمث ) قالت ( وأنا طامث حائض ) من باب التأكيد ، فهما اسمان للحيض ، وله أسماء أخرى مثل ( الضحك ) قال تعالى {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ }هود71 ،

قال بعض المفسرين:

يعني  ( حاضت ) .

ومن الفوائد :

أن هذا الأمر يتكرر عليه صلى الله عليه وسلم وما كان يأنف من المبيت مع عائشة رضي الله عنها في اللحاف الواحد .

ومن الفوائد :

أن على الزوج أن يكون غاضَّاً للطرف لما يبدر من زوجته ، مما يصدر منها عن طريق العمد أو عن طريق الخطأ ، فلا يدقق لأن المرأة ناقصة ، فلا يمكن أن تكون على وجه الاستمرار في حالة جمال وتزين لزوجها ، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم ضرب أروع الأمثلة في التعامل مع الأزواج ، ولو كان واحداً منا لما استساغ مثل هذا ، لكنه عليه الصلاة والسلام كان يغض الطرف ولا يدقق .

! ! ! ! ! ! !

 

[ مباشرة الحائض ]

حديث رقم – 373-

( صحيح )  أخبرنا قتيبة قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل عن عائشة قالت :   كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تشد إزارها ثم يباشرها  )

من الفوائد :

أن بعض العلماء أخذ منه أن للرجل أن يباشر زوجته فيما أعلى السُّرة ودون الركبة ، لأن هذا هو موضع الإزار ، فلو جامعها بين فخذيها فإنهم يكرهون له هذا الفعل .

والصواب / عدم الكراهة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا وفعل هذا ،  ويقويه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) يعني إلا الجماع ، فأباح للزوج حال حيضة زوجته أن يباشرها ، ولكنه يتقي الفرج والدُّبر ، ولا شك أن ما ذكره هؤلاء العلماء من باب الاحتياط ، لأنه ربما يسوقه الجماع بين الفخذين إلى أن يواقعها فيما حرَّم الله عز وجل .

ومن الفوائد :

أن عائشة رضي الله عنها لم تقل ( وأنا حائضة ) فلم يفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء ، لم ؟ لأن الحيض لا يكون إلا من النساء ، فلا حاجة إلى أن يؤتى بالتاء .

 

 

حديث رقم – 374-

( صحيح )  أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت :   كانت إحدانا إذا حاضت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزر ثم يباشرها )