تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الثاني والثلاثون من حديث ( 420 ) حتى ( 422 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الثاني والثلاثون من حديث ( 420 ) حتى ( 422 )

مشاهدات: 446

تعليقات على سنن ( النسائي  ) ـ الدرس الثاني والثلاثون

من حديث ( 420 ) حتى ( 422 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

 [ باب الابتداء بالوضوء في غسل الجنابة]

حديث رقم – 420-

( صحيح ) أخبرنا سويد بن نصر قال أنبأنا عبد الله عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت :   كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده )

( من الفوائد )

أن ( من ) في قولها ( من الجنابة ) سببية ، أي بسبب الجنابة .

( ون الفوائد )

أن غسل الكفين في قولها ( غسل يديه )

أي كفيه ، وسبق وأن قلنا

[ إن اليدين إذا أطلقتا في النصوص الشرعية يراد منها الكفان ]

أن غسلهما سنة ، ويكون غسل الكفين أسبق من غيرهما .

( ون الفوائد )

بيان فضل عائشة رضي الله عنها ، وفضل زوجاته صلوات ربي وسلامه عليه إذ نقلن هذا الأمر الخفي الذي لا يمكن أن يطلع عليه سواهن .

(ومن الفوائد )

أن غسل الكفين يعقبه الوضوء ، وهو الوضوء الكامل مع غسل القدمين ، لأن الوضوء للصلاة يكون كاملا مع غسل القدمين ، فيفيد هذا أن المغتسل من الجنابة له صفات منها كما سبق في حديث ميمونة أنه يتوضأ ويدع غسل قدميه ثم يغتسل ويغسل قدميه فيما بعد

ومنها أنه يتوضأ وضوءه للصلاة كاملا ثم يغسل بدنه ثم يغسل قدميه مرة أخرى .

بينما هنا صفة ثالثة / وهي الوضوء ثم غسل البدن، وليس فيه غسل القدمين في آخر الأمر ، فمن فعل أي صفة من هذه الثلاث المذكورة فقد أصاب ، وإن نوَّع مرة بهذه ومرة بهذه ومرة بالأخرى كان أفضل وأحسن تطبيقا للسنة ، مع أن العلماء اختلفوا في الصفة الثانية وهي أنه يتوضأ وضوءا كاملا ثم يغسل بدنه ثم يغسل قدميه ، فهل يغسل قدميه مع أنه غسلهما مع الوضوء ؟

قيل بهذا ، وقيل بعدمه – كما مر معنا – والأمر في هذا واسع .

 

 

( ومن الفوائد )

أن قولها ( ثم يخلل بيده شعره ) أن ( ثم ) هنا لا تفيد الترتيب الزمني ، وإنما تفيد الترتيب في الذكر ، ولذلك قال عز وجل {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ }الأنعام154 ، فهل موسى أتى بعد نبينا عليه الصلاة والسلام ؟ لا ، وإنما المقصود من هذا الترتيب الذكري ، فيكون أول ما صنع في اغتساله أنه خلل رأسه بيده .

( ومن الفوائد  )

أن الواجب على المغتسل غسل الجنابة أن يخلل شعر رأسه حتى يتيقن أو يغلب على ظنه أنه أروى بشرته .

( ومن الفوائد  )

أن بعض العلماء يرى : أن المرأة مأمورة بنقض شعر رأسها في الجنابة ليصل الماء إلى أصول شعرها ، لم ؟  لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصل الماء إلى أصول شعره ، ولا فرق بين الرجال والنساء ، ولهم أدلة أيضا سبق وأن ذكرت في السنن الأخرى ، ورجحنا أن الماء إذا وصل إلى أصول شعر المرأة من غير نقض فلا تلزم بالنقض ، فإذا أفرغت الماء على رأسها ثلاثا ووصل الماء إلى أصول الشعر فلا تنقض شعرها .

ورأى بعض العلماء : أن المرأة عليها أن تصب الماء على رأسها وصل الماء أو لم يصل .

ولكن قول النبي صلى الله عليه وسلم

( اغمزي قرونك )

يدل على أن وصول الماء إلى البشرة أمر محتم .

وقال بعض العلماء : إن الرجل يختلف عن حال المرأة ، فالمرأة مستثناة من هذا الأمر ، إنما تفرغ الماء على رأسها ثلاثا ، بينما الرجل يلزمه أن يوصل الماء إلى أصول رأسه .

والأقرب /

أنهما يستويان في وجوب إيصال الماء إلى شعر الرأس ، فإذا وصل الماء إلى شعر الرأس فلا نقض للشعر .

 

 

( ومن الفوائد  )

أن إيصال الماء إلى البشرة لاسيما مع غزارة الشعر ، أمر يصعب تيقنه ، ولذا عبرت رضي الله عنها بالظن قالت

( حتى إذا ظن أنه أروى بشرته )

فمتى ما غلب على ظنه أن الماء وصل إلى أصول الشعر كفى ، ولا يلزم باليقين دفعا للحرج  .

( ومن الفوائد  )

أن الإفاضة ثلاث مرات على الشعر ، فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم الوسط ، ولا يعني أنه غسل رأسه ثلاث مرات ، إنما أخذ حفنة فغسل شقه الأيمن ثم شق رأسه الأيسر ثم الوسط .

وقد رأى بعض العلماء : ” أن التثليث في الغسل سنة ” بناء على ما ذكر هنا .

`والصواب / أن التثليث ليس سنة في الغُسل ، إنما يغسل البدن مرة واحدة .

وقد قاس بعض العلماء الغسل على الوضوء ، قالوا إذا قيل إن التثليث في الوضوء مستحب ففي الغسل من باب أولى .

ونحن نقول يُطرح القياس إذا جاء الفعل منه عليه الصلاة والسلام موضحا التفريق بين الوضوء وبين الغسل .

( ومن الفوائد  )

أن قولها ( ثم غسل سائر جسده ) يدل على أنه عليه الصلاة والسلام غسل جسده مرة واحدة ،

[ النص المطلق لا يفيد التكرار إلا بدليل آخر ]

ولم يأت دليل هنا ، فلما أطلق غسل البدن في هذه الجملة دل على أنه ما غسل إلا مرة واحدة ، ولو غسل أكثر من ذلك لبين كما بين هذا الأمر في الوضوء مرارا

( ومن الفوائد  )

أن غسل سائر البدن لا يلزم منه الدلك ، إذاً ما اشترطه بعض العلماء من الدلك في الغسل لا دليل عليه ، لا شك أنه مستحب ، لكن أن يكون الغسل متوقفا في الصحة على الدلك ، لا دليل على هذا .

( ومن الفوائد  )

أن كلمة ( سائر ) قال بعض العلماء لم ترد في اللغة إلا على أنها ” البقية ” ومن ثم لما غسل عليه الصلاة والسلام سائر جسده هل غسل أعضاء الوضوء

[ الوجه واليدان والقدمان ]

مرة أخرى أم أنه اكتفى بغسل هذه الأعضاء لما توضأ في أول الغسل ؟

هذه الرواية تدل على أنه اكتفى بغسل أعضاء الوضوء لما توضأ ، لأن كلمة ( سائر ) تدل على ( الباقي )

بينما أتت رواية عند البخاري ( ثم غسل جسده كله ) فهذه الراوية تدل على أنه غسل أعضاء الوضوء مرة أخرى .

ويمكن أن تحمل رواية ( غسل جسده كله ) أي في الغالب ، أي غسل غالب بدنه وترك منه القليل وهو أعضاء الوضوء .

`والأحوط / أن يغسل المُغتَسِل بدنه كله ومن ضمنه أعضاء الوضوء لرواية البخاري التي سبق ذكرها .

( ومن الفوائد  )

أن عائشة رضي الله عنها لم تذكر في هذا الحديث الصفة كاملة ، هل بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم الوسط ؟ وهل غسل شق بدنه الأيمن لما أفاض الماء على بدنه ثم الأيسر ؟

ستأتي أدلة إن شاء الله تعالى تدل على هذا

( ومن الفوائد  )

أن قولها ( سائر جسده ) أن على المغتسل عليه أن يتعاهد غضاريف أذنيه – وهذه ذكرها الفقهاء – ويغسل داخل سرته وإبطيه ، لأن قولها ( سائر بدنه ) أو الرواية الأخرى ( بدنه كله ) يشمل هذه الأشياء  .

 

 [ باب التَّيَمُّن في الطُّهُور ]

حديث رقم – 421-

( صحيح )  أخبرنا سويد بن نصر قال أنبأنا عبد الله عن شعبة عن الأشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة قالت :  كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في طهوره وتنعله وترجله – وقال بواسط – في شأنه كله  )

( من الفوائد  )

أن الإعجاب نوعان :

النوع الأول : “ إعجاب استحسان “

النوع الثاني : إعجاب إنكار “

والمراد هنا “

إعجاب الاستحسان ” أي يستحسن هذا الفعل .

وأما دليل  ” إعجاب الإنكار ” قوله تعالى {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ }الصافات12

(ومن الفوائد  )

أن من هذا الحديث أخذ العلماء قاعدة وهي :

[ أن ما كان من حقه التكريم يكون باليمين ، وما سوى ذلك فباليسار ]

ولا شك أن هذه الأشياء المذكورة فضائل ، فكان الأحق بها أيمن الإنسان .

(ومن الفوائد  )

أن اليمين محبب له صلوات ربي وسلامه عليه ، حسب استطاعته ، فقولها ( ما استطاع ) يدل على حبه المتأكد لتقديم اليمين ، ولذلك عممت رضي الله عنها في آخر الحديث فقالت ( في شأنه كله ) .

 

 

 

(ومن الفوائد  )

أن الأفضل إذا لبس الإنسان نعليه أو يبدأ باليمين ، وكذلك إذا رجَّل رأسه ، فإذا سرَّح شعره فيبدأ باليمين ثم الشق الأيسر .

& هل يلحق بذلك اللحية ؟

الشيخ ابن باز رحمه الله قرأتُ له ” أنه يرى أن الترجَّل خاص بالشعر ” وقد بحثت في اللغة فما وجدت أن الترجل خاص بالشعر ، بل إنه عام ، ومن ثم فإن الأقرب إذا سرَّح الإنسان شعر لحيته أن يبدأ بالأيمن ثم الأيسر .

(ون الفوائد  )

أن التيمن في التطهر مستحب ، فإذا كان التطهر عن حدث أصغر فيبدأ باليد اليمنى ثم اليسرى ، ويبدأ بالقدم اليمنى قبل اليسرى ، وإذا كان التطهر عن حدث أكبر وهو غسل الجنابة فيبدأ في غسل جسده بشقه الأيمن ثم الأيسر .

وليس هذا واجبا إنما هو مستحب .

(ومن الفوائد  )

أن قولها رضي الله عنها ( وفي شأنه كله ) لا يدل على العموم المطبق ، لأن من شأنه صلوات ربي وسلامه عليه أن يقدم اليسرى في بعض شأنه ، فأرادت رضي الله عنها ( وفي شأنه كله ) أي ” فيما من شأنه أن يقدم فيه اليمين” وليس في كل شيء .

(ومن الفوائد  )

أن قولها رضي الله عنها ( وفي شأنه كله ) أن [ اللفظ العام قد يطلق ويراد به البعض ولا يراد به أفراد العموم ]

قال تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ آل عمران173 ، ولم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شخص واحد في هذه الآية ، ومع ذلك أطلق عليه لفظ ( الناس ) .

 [ باب ترك مسح الرأس في الوضوء من الجنابة ]

حديث رقم – 422-

( صحيح الإسناد ) أخبرنا عمران بن يزيد بن خالد قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله هو بن سماعه قال أنبأنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة وعن عمرو بن سعد عن نافع عن بن عمر :   أن عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغسل من الجنابة ؟

واتسقت الأحاديث على هذا يبدأ – فيفرغ على يده اليمنى مرتين أو ثلاثا ثم يدخل يده اليمنى في الإناء فيصب بها على فرجه ويده اليسرى على فرجه فيغسل ما هنالك حتى ينقيه ثم يضع يده اليسرى على التراب إن شاء ثم يصب على يده اليسرى حتى ينقيها ثم يغسل يديه ثلاثا ويستنشق ويمضمض ويغسل وجهه وذراعيه ثلاثا ثلاثا حتى إذا بلغ رأسه لم يمسح وأفرغ عليه الماء فهكذا كان غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر )

(ومن الفوائد  )

أن الصحابة رضي الله عنهم جزء كبير من العلم تلقوه عن طريق السؤال ، وهذا يدل على عظم السؤال لنيل العلم ” فالسؤال يمكن أن يكون نصف العلم ” ولذلك ابن عباس رضي الله عنهما  لما سئل عن هذا العلم الغزير الذي ظفر به ؟ قال ( بلسان سؤول وقلب عقول ) ولذلك حثَّ الله عز وجل الناس على سؤال أهل العلم { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }النحل .

 

(ومن الفوائد  )

أن عمر رضي الله عنه من المُحْدَثِين أي من الملهمين ، ومع ذلك فالإلهام لا يستغنى به عن الشرع ، ولذلك سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غسل الجنابة .

(ومن الفوائد  )

أن الابن لو ذكر اسم أبيه مجردا ما كان هناك عيب ولا تنقص ، فابن عمر رضي الله عنهما ذكر أباه باسمه ، ولم يقل أبي عمر ، وهذا كثير ، فمن تتبع وجد شيئا كثيرا في كتب الحديث ، والمراد هنا في الإخبار ، وأما في المناداة فقد بين عز وجل أحسن الأساليب التي انتهجها إبراهيم عليه السلام مع أبيه {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ }مريم42

(ومن الفوائد  )

أن قوله ( اتسقت الأحاديث على هذا ) يعني حديث عائشة وحديث ابن عمر رضي الله عنهم ، وهذه الجملة يأتي بها بعض المحدثين ، كما يقولون في بعض الأحيان ( دخل حديث بعضهم في بعض ) وأحيانا يذكر المحدثون التحويل في الإسناد ، فيذكرون حرف ( ح ) يعني أن الإسناد تحول ، وقد يكون التحويل في المتن ، ولذلك يقولون أحيانا ( نحوه ) أو ( مثله )

(ومن الفوائد  )

أن هذا الحديث فيه أشياء مفصلة في الغسل ، مر معنا أنه يغسل يديه ، لكن البداءة هنا تكون بالكف اليمنى  ( فيفرغ عليها مرتين – أو ثلاثا ) فيكون المستحب في غسل الكفين أن يبدأ بالكف الأيمن ، وهذا يدخل في ضمن قول عائشة رضي الله عنها ( كان يعجبه التيمن ما استطاع في تنعله وفي ترجله وفي طهوره )

( من الفوائد  )

أن اليد اليمنى لما غسلها فزال ما علق بها من وسخ أدخل يده في الإناء ، وهذا أبلغ في التنظف وفي التطهر ، فلربما يكون هناك شيء عالق باليد .

( ومن الفوائد )

أن السنة أن يصب الماء على فرجه بيده اليمنى وتكون المنظفة لما هناك من أذى تكون اليسرى.

( ومن الفوائد )

أن غسل الفرج يشمل القُبل والدبر ، لأن كليهما يطلق عليه ( فرج )

ولذلك قالت ( فرجه )  و  :

[ المفرد إذا أضيف إلى معرفة يفيد العموم ] فيصدق على أنه غسل كل ما يسمى فرجا .

( ومن الفوائد )

مر معنا أنه عليه الصلاة والسلام إذا غسل فرجه بيده اليسرى ضربها في التراب تطهيرا لها ، وأحيانا كما هنا في هذا الحديث لا يفعل ليبين أن ضرب اليد اليسرى بالتراب بعد تنظفها للفرج ليس بواجب ، وقد سبق أنه يغني عن التراب المنظفات المعاصرة .

 

( ومن الفوائد )

أنه إذا ضرب بيده اليسرى التراب أو لم يضرب ، ينظفها بصب الماء عليها .

( ومن الفوائد )

أن ( الواو ) في قوله ( ويستنشق ويمضمض ) لمطلق الجمع ،  فإن المعهود منه عليه الصلاة والسلام أنه يبدأ بالمضمضة ثم الاستنشاق ، ولو بدأ الإنسان بالاستنشاق قبل المضمضة في الوضوء لا بأس .

( ومن الفوائد )

أن المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة واجبتان ، بينما يرى بعض العلماء أنها ليست واجبتين ، لم  ؟ لأنها خاصة بالوضوء ، ومن ثم ترد علينا مسألة مبنية على هذه المسألة ، وهي:

لو أنه اغتسل من الجنابة الغسل المجزئ ، يعني أنه عمم بدنه بالماء فقط ، هل يلزم بالمضمضة والاستنشاق ؟

الجواب / قولان .

والصواب / أنه يلزم ، لأنهما من ضمن البدن ، وقد قال تعالى { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ }المائدة6 ، فيشمل البدن كله .

 

( ومن الفوائد )

أن فيها دليلا لمن قال من العلماء إنه إذا أفرغ على رأسه الماء يغسل بقية بدنه ولا يلزمه أن يغسل أعضاء الوضوء مرة أخرى ، ما وجه الدلالة ؟

وجه الدلالة : أنه صلى الله عليه وسلم ما تمضمض واستنشق لما غسل بدنه ، فدل على أن أعضاء الوضوء يسقط غسلها بعد تعميم البدن بعد غسل الرأس .

 

 

( ومن الفوائد )

أنه لم يذكر هنا كم عدد المضمضة والاستنشاق ، ولكن جاءت الروايات الأخرى ( أنه فعل ذلك ثلاثا )

( ومن الفوائد )

استحباب غسل الوجه واليدين في وضوء غسل الجنابة ثلاثا .

( ومن الفوائد )

أن قوله ( حتى إذا بلغ رأسه لم يمسح ) يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمسح رأسه في الوضوء هنا ، ومر معنا ( أنه توضأ وضوءه للصلاة ) ومعلوم أن وضوء الصلاة يكون فيه مسح الرأس ، فكيف نوفق بين الروايتين ؟

الجواب /

`يمكن أن يقال إن قولها ( توضأ وضوءه للصلاة ) من غير مسح الرأس ، فاكتفي بالغسل عن المسح .

`ويمكن أن يقال إنه فعل ذلك أحيانا ، مرة يتوضأ وضوءا كاملا من ضمنه مسح الرأس ، ومرة يدع مسح الرأس استغناء بصب الماء عليه

لو قال قائل : لو أن شخصا توضأ للحدث الأصغر فتمضمض واستنشق وغسل وجه ويديه ثم غسل رأسه ولم يمسحه ، بناء على أن الغسل أكثر من المسح، أيصح هذا الوضوء ؟

الجواب /

خلاف بين أهل العلم ، منهم من يره صحته ، ولعله هذه الرواية تسعفهم .

ومنهم من رأى : صحة وضوئه شريطة أن يمر بيديه على رأسه أثناء غسل الرأس حتى يصدق عليه أنه مسح رأسه .

ومنهم من لا يرى : صحة الوضوء مطلقا ، إذا اكتفى بالغسل عن المسح – وهو الأقرب – بينهما هذه الرواية التي معنا نقول هي فيما لو توضأ في ثنايا الغسل ، لاسيما وأن الأحاديث الأخرى التي أتت بذكر وضوئه للصلاة أصح من هذا الحديث ، ولذلك أراد الألباني رحمه الله أن يبرئ ذمته فقال ( صحيح الإسناد ) فلا يلزم من صحة السند أو من توثيق رجاله أن يكون المتن مقبولا ، يمكن أن يكون مقبولا ويمكن أن يكون غير مقبول ، فلو اعتددنا بهذه الرواية فإنها في الغُسل .

ولو أثبتنا هذه الجملة لكان فيها رد على الرافضة ، فإن الرافضة يرون مسح القدمين في الوضوء ولا يرون غسلها ، كيف ذلك ؟

نقول : إذا غسل القدمين دخل المسح من باب أولى ، وأما إذا مسح القدمين لم يدخل الغسل، فإن الغسل أقوى وأبلغ .

( ومن الفوائد )

أن كلمة ( كان ) تدل على الاستمرار ، هذا من حيث الأصل ، وقد تخرج عن هذا ، وخروجها في مثل هذا الحديث واضح ، لم ؟ لأن هذا الفعل وهو ترك مسح الرأس ليس مستمرا من فعله صلوات ربي وسلامه عليه .