تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الخامس والثلاثون من حديث ( 430 ) حتى ( 431 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الخامس والثلاثون من حديث ( 430 ) حتى ( 431 )

مشاهدات: 449

تعليقات على سنن ( النسائي  )  ـ الدرس الخامس والثلاثون

من حديث ( 430 ) حتى ( 431 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

[ باب ترك الوضوء بعد الغسل ]

حديث رقم – 430-

( صحيح ) أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال حدثنا أبي قال حدثنا حسن عن أبي إسحاق ح وأنبأنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت :   كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل )

( من الفوائد )

أن من اغتسل كغسله عليه الصلاة والسلام لا يسن له أن يتوضأ ، ولذا نص الفقهاء رحمهم الله على

[ كراهية الوضوء بعد الغسل ]

والمقصود من هذا الغسل هو ” الغسل الكامل ” بينما لو اغتسل غسلا مجزئا فإن الوضوء في حقه لا يكره .

( ومن الفوائد )

أن هذا الفعل منه عليه الصلاة والسلام مستمر ، لأن ( كان ) تدل على الاستمرار ، ولا تخرج عن هذا إلا بدليل ، وإلا في الأصل أنها تفيد الاستمرار .

( ومن الفوائد )

فضل أمهات المؤمنين إذ نقلن للأمة ما خفي عليها ، ولهذا برزت عائشة رضي الله عنها في نشر علم كثير ، حتى قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء ” إنها أفقه نساء الأمة ” وكان الصحابة رضي الله عنهم يتعجبون من فصاحتها ، فكانوا إذا أشكل عليهم أمر أتوها فوجدوا عندها علما ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعمرها ثماني عشرة عاما ، فدل على أن العلم يمكن أن يحصل من الصغر ، لمن وفقه الله عز وجل .

_________

 [ باب الطواف على النساء في غسل واحد ]

حديث رقم – 431-

( صحيح ) أخبرنا حميد بن مسعدة عن بشر وهو بن المفضل قال حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد عن أبيه قال قالت عائشة :   كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضخ طيبا  )

( من الفوائد )

أن ( كان ) هنا لا تدل على الاستمرار ، لأن هذا الفعل صدر منها رضي الله عنها مرة واحدة .

( ومن الفوائد )

أن الطيب محبوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذا قال :

( حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة )

 

 

( ومن الفوائد )

أن التطيب للمحرم قبل أن يدخل في الإحرام من السنة .

( ومن الفوائد )

أن عناية المرأة بزوجها فيما يصلحه ويُجمله من السنة .

( ومن الفوائد )

أن فيه ردا على فقهاء الحنابلة القائلين ” بأن المرأة لا تُلزم بخدمة زوجها  “

فيقال : إن الصحابيات رضي الله عنهن قمن بهذا الأمر ، وهذا من المعاشرة بالمعروف .

 

( ومن الفوائد )

أن بعض العلماء : استحب للرجل أن يتطيب قبل أن يجامع زوجته ، لفعله عليه الصلاة والسلام .

بينما بعض العلماء يرون أن هذا التطيب للإحرام .

ولكن التطيب من الزوج قبل معاشرته لزوجته من المعاشرة بالمعروف .

( ومن الفوائد )

أن كلمة ( ينضخ ) بالخاء وبالحاء ( ينضخ وينضح )

قال بعض العلماء : إنهما في المعنى سواء .

وقال آخرون: إن المعنى يختلف ، وهذا هو الصحيح ، لأن القاعدة الأصولية اللغوية تقول

[ إذا دار اللفظ بين التأسيس والتوكيد ، فحمله على التأسيس أولى لأن فيه زيادة معنى إلا إذا دل دليل على التوكيد ]

إذاً إذا حملناه على اختلاف المعنى فما الفرق بينهما ؟

قال بعض العلماء : إن ضبطه بالخاء تكون رائحته أكثر ، وإذا ضبط بالحاء كانت الرائحة أقل .

وقال بعض العلماء : بعكس ذلك ، فالحاء أقوى من الخاء .

وقال بعض العلماء :  إن التفريق بينهما يرجع إلى ذات الطيب ، فبالخاء ” ما غلظ من الطيب ” وبالحاء ” ما رق من الطيب “

( ومن الفوائد )

أن من دلالة اللزوم إذا كان ينضح طيبا صلوات ربي وسلامه عليه من دلالة اللزوم أنه لما طاف على نسائه لم يغتسل إلا غسلا واحدا ، لأنه لو اغتسل بعد جماع كل امرأة ما بقي شيء من الطيب فضلا عن أن ينضح طيبا ، فهذا يدل على أن الجماع لو تكرر يغتسل منه الرجل مرة واحدة ، ولكن لو اغتسل بعد جماع كل امرأة فقد قال عليه الصلاة والسلام لما سئل بعدما طاف على نسائه واغتسل كل واحدة قال ( هذا أزكى وأطيب ) ولكنه ليس بلازم .

( ومن الفوائد )

أن أسباب الحدث لو تعددت وكثرت يكفي في رفعه غسل واحد ، وكذلك الوضوء ،فلو تعددت أسباب الحدث من تغوط وبول وريح وما شابه ذلك فيكفي فيه وضوء واحد .

سؤال : ما العلة من جماع المرأة قبل الدخول في النسك ؟

الجواب / إما لحاجة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر في تلك اللحظة .

أو اكفاف النفس من هذا الأمر ، لأنه سيدخل في عبادة وسيستمر ، وهو ممنوع فيها من النساء ، ولذلك لو فعله الإنسان لهذه الحيثية فشيء حسن ، وفي سنن أبي داود قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من غسَّل واغتسل ) قال العلماء ( من غسَّل ) يعني أنه جامع زوجته .

( واغتسل ) يعني اغتسل هو ، فاستحب بعض العلماء قبل أن يخرج إلى صلاة الجمعة أن يجامع زوجته حتى لا تنظر عينه إلى غيرها ، فيأتي إلى العبادة وهو منشرح القلب .