الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
[ باب ترك الوضوء بعد الغسل ]
حديث رقم – 430-
( صحيح ) أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال حدثنا أبي قال حدثنا حسن عن أبي إسحاق ح وأنبأنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل )
( من الفوائد )
أن من اغتسل كغسله عليه الصلاة والسلام لا يسن له أن يتوضأ ، ولذا نص الفقهاء رحمهم الله على
[ كراهية الوضوء بعد الغسل ]
والمقصود من هذا الغسل هو ” الغسل الكامل ” بينما لو اغتسل غسلا مجزئا فإن الوضوء في حقه لا يكره .
( ومن الفوائد )
أن هذا الفعل منه عليه الصلاة والسلام مستمر ، لأن ( كان ) تدل على الاستمرار ، ولا تخرج عن هذا إلا بدليل ، وإلا في الأصل أنها تفيد الاستمرار .
( ومن الفوائد )
فضل أمهات المؤمنين إذ نقلن للأمة ما خفي عليها ، ولهذا برزت عائشة رضي الله عنها في نشر علم كثير ، حتى قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء ” إنها أفقه نساء الأمة ” وكان الصحابة رضي الله عنهم يتعجبون من فصاحتها ، فكانوا إذا أشكل عليهم أمر أتوها فوجدوا عندها علما ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعمرها ثماني عشرة عاما ، فدل على أن العلم يمكن أن يحصل من الصغر ، لمن وفقه الله عز وجل .
_________
[ باب الطواف على النساء في غسل واحد ]
حديث رقم – 431-
( صحيح ) أخبرنا حميد بن مسعدة عن بشر وهو بن المفضل قال حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد عن أبيه قال قالت عائشة : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضخ طيبا )
( من الفوائد )
أن ( كان ) هنا لا تدل على الاستمرار ، لأن هذا الفعل صدر منها رضي الله عنها مرة واحدة .
( ومن الفوائد )
أن الطيب محبوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذا قال :
( حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة )
( ومن الفوائد )
أن التطيب للمحرم قبل أن يدخل في الإحرام من السنة .
( ومن الفوائد )
أن عناية المرأة بزوجها فيما يصلحه ويُجمله من السنة .
( ومن الفوائد )
أن فيه ردا على فقهاء الحنابلة القائلين ” بأن المرأة لا تُلزم بخدمة زوجها “
فيقال : إن الصحابيات رضي الله عنهن قمن بهذا الأمر ، وهذا من المعاشرة بالمعروف .
( ومن الفوائد )
أن بعض العلماء : استحب للرجل أن يتطيب قبل أن يجامع زوجته ، لفعله عليه الصلاة والسلام .
بينما بعض العلماء يرون أن هذا التطيب للإحرام .
ولكن التطيب من الزوج قبل معاشرته لزوجته من المعاشرة بالمعروف .
( ومن الفوائد )
أن كلمة ( ينضخ ) بالخاء وبالحاء ( ينضخ وينضح )
قال بعض العلماء : إنهما في المعنى سواء .
وقال آخرون: إن المعنى يختلف ، وهذا هو الصحيح ، لأن القاعدة الأصولية اللغوية تقول
[ إذا دار اللفظ بين التأسيس والتوكيد ، فحمله على التأسيس أولى لأن فيه زيادة معنى إلا إذا دل دليل على التوكيد ]
إذاً إذا حملناه على اختلاف المعنى فما الفرق بينهما ؟
قال بعض العلماء : إن ضبطه بالخاء تكون رائحته أكثر ، وإذا ضبط بالحاء كانت الرائحة أقل .
وقال بعض العلماء : بعكس ذلك ، فالحاء أقوى من الخاء .
وقال بعض العلماء : إن التفريق بينهما يرجع إلى ذات الطيب ، فبالخاء ” ما غلظ من الطيب ” وبالحاء ” ما رق من الطيب “
( ومن الفوائد )
أن من دلالة اللزوم إذا كان ينضح طيبا صلوات ربي وسلامه عليه من دلالة اللزوم أنه لما طاف على نسائه لم يغتسل إلا غسلا واحدا ، لأنه لو اغتسل بعد جماع كل امرأة ما بقي شيء من الطيب فضلا عن أن ينضح طيبا ، فهذا يدل على أن الجماع لو تكرر يغتسل منه الرجل مرة واحدة ، ولكن لو اغتسل بعد جماع كل امرأة فقد قال عليه الصلاة والسلام لما سئل بعدما طاف على نسائه واغتسل كل واحدة قال ( هذا أزكى وأطيب ) ولكنه ليس بلازم .
( ومن الفوائد )
أن أسباب الحدث لو تعددت وكثرت يكفي في رفعه غسل واحد ، وكذلك الوضوء ،فلو تعددت أسباب الحدث من تغوط وبول وريح وما شابه ذلك فيكفي فيه وضوء واحد .
سؤال : ما العلة من جماع المرأة قبل الدخول في النسك ؟
الجواب / إما لحاجة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر في تلك اللحظة .
أو اكفاف النفس من هذا الأمر ، لأنه سيدخل في عبادة وسيستمر ، وهو ممنوع فيها من النساء ، ولذلك لو فعله الإنسان لهذه الحيثية فشيء حسن ، وفي سنن أبي داود قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من غسَّل واغتسل ) قال العلماء ( من غسَّل ) يعني أنه جامع زوجته .
( واغتسل ) يعني اغتسل هو ، فاستحب بعض العلماء قبل أن يخرج إلى صلاة الجمعة أن يجامع زوجته حتى لا تنظر عينه إلى غيرها ، فيأتي إلى العبادة وهو منشرح القلب .