تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الرابع والعشرون حديث ( 390 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الرابع والعشرون حديث ( 390 )

مشاهدات: 439

تعليقات على سنن ( النسائي  ) ـ الدرس الرابع والعشرون

حديث ( 390 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

[ باب شهود الحُيَّض العيدين ودعوة المسلمين ]

حديث رقم – 390-

( صحيح )  أخبرنا عمرو بن زرارة قال أنبأنا إسماعيل عن أيوب عن حفصة قالت كانت أم عطية لا تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قالت بأبا فقلت أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا ؟

قالت نعم بأبا قال :   ” لتخرج العواتق وذوات الخدور والحيض فيشهدن الخير ودعوة المسلمين وتعتزل الحيض المصلى ”  )

( من الفوائد )

أن مما يرد في اللغة [ أن يبدل حرف محل حرف ] فإن قولها رضي الله عنها ( بَأبَا ) أصلها ( بأبي ) فأبدلت الياء ألفا ، يعني هو مفدىً بأبي ، وتقصد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا كثير في اللغة .

( ومن الفوائد )

فضل  الصحابيات رضي الله عنهن إذ تلقين العلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل إن الصحابيات رضي الله عنهن كما جاء عند البخاري ( طلبن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخصص لهن يوماً يعظهن فيه ) .

( ومن الفوائد )

أن ( العواتق )

قال بعض العلماء : هي الكريمة على أهلها .

وقال آخرون : هي من قاربت البلوغ .

وقال آخرون : هي من استحقت التزويج ، يعني قد بلغت .

و( ذوات الخدور ) هو جمع ” خِدر “

والخدر ” موضع يكون في البيت تمكث فيه المرأة حتى تخرج إلى بيت زوجها “

بمعنى أنها لا تبرح البيت ، وهذا يدل على أن الأصل في النساء أن يبقين في البيوت ، كما قال تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }الأحزاب33 ، ولاسيما غير المتزوجة ، فإن بقاءها أستر لها وأحفظ لشرفها ، وقد تغير الحال في هذا الزمن نتيجة البعد عن أحكام الإسلام وعن تشريعات السمحة ، فلو قيل بهذا لقالوا إن في هذا امتهانا للمرأة وتحطيما لكرامتها ، بل إنهم يعدون الستر الواجب من العباءة ومن غطاء الوجه يعدونه انتهاكا لحقوق المرأة ، وقد جرى وللأسف خلفهم بعض الكُتَّاب الذين زلَّت أقدامهم وأقلامهم في هذا المستنقع إما عن هوى وإما عن إمِّعة ، بمعنى أن القوم جروا فنجري خلفهم

( ومن الفوائد )

أن كلمة ( الحِيَّض )

معطوفة على المرفوع الذي قبلها، فيكون

( وذواتُ الخدور والحيَّضُ )

ويحتمل أن تضبط بفتح الحاء وإسكان الياء ، فتكون مجرورة عطفا على ما قبلها :

( وذات الخدور والحَيْضِ ) أي وذات الحيض .

( ومن الفوائد )

أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أمر بخروج النساء إلى مصلى العيد ( قالت إحداهن يارسول الله ” إحدانا ليس لها جلباب ، فقال صلى الله عليه وسلم لتلبسها أختها من جلبابها ) وهذا يدل على ضيق ذات اليد عند كثير من الصحابة رضي الله عنهم ، ومع ضيق ذات اليد كانوا لله أتقى وأبر ، بينما لما كثرت النعم وكثر الخير قلَّت الطاعة ، وهذا لا يكون شكرا للنعمة  {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ }إبراهيم7 .

( ومن الفوائد )

أن صلاة العيد اختلف في وجوبها من عدم ذلك .

فمنهم من قال : ” إنها سنة مؤكدة ” بمعنى لو تركها الجميع لا إثم عليهم .

ومنهم من قال ” إنها فرض كفاية ” إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين ، لأن [ فرض الكفاية يقصد منه الفعل بقطع النظر عن الفاعلين ]

ومنهم من قال إنها ” فرض عين ” كصلاة الجمعة ، وقرض العين [ يقصد منه عين الفاعل ] فلابد أن يحضرها كل مسلم إلا من كان له عذر ، وهذا هو رأي شيخ الإسلام رحمه الله استدلالا بهذا الحديث ، فقد قال رحمه الله ” إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها النساء ، إذاً الرجال من باب أولى “

ولو قال قائل : أيجب على النساء أن يحضرن صلاة العيد ؟

قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” يتوجه ذلك ” يعني من قال بأن النساء واجب عليهن أن يخرجن لصلاة العيد فإن قوله وجيه .

والأقرب في حق النساء أنه ” سنة ”  لأنها صلاة جماعة وصلاة الجماعة إنما شرعت من حيث الأصل على الرجال ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم  أمر بإخراج من لم تبلغ  وهن ( العواتق ) وأمر أن تخرج الحيَّض مع أن الصلاة ليست واجبة عليهن .

ولاشك أنها واجبة وجوبا عينيا على الرجال ، هذا هو الراجح من أقوال العلماء .

( ومن الفوائد )

أن صلاة العيد فيها خير للجميع ، ما هو هذا الخير ؟

( الخطبة ) فإن في الخطبة من التنبيه والتذكير والدعاء ما فيه خير لمن حضر .

( ومن الفوائد )

أن الحيَّض قد أُمرن في صلاة العيد أن يعتزلن المصلى ، فهل مصلى العيد يعد مسجدا كما ذهب إلى ذلك طائفة من فقهاء الحنابلة ، قالوا ” ومصلى العيد مسجدٌ ” لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ( أمر الحيَّض أن يعتزلن المصلى ) فلو لم يكن مسجدا لما أمرهن بالاعتزال .

ومن ثم فإن هناك رأيا يختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ” من أن المسلم إذا أتى لمصلى العيد يتأكد في حقه أن يصلي ركعتي تحية تحية المسجد .

بينما كثير من العلماء : لا يرى ذلك ، لأنهم لا يعدون مصلى العيد مسجدا ، فما هو الراجح ؟

الراجح : أنه لا يصلى ، لما يلي :

أولا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم في غالب تعبيره إذا أراد أن يذكر المسجد ذكره باسمه ، فلو كان مصلى العيد مسجدا لقال بأنه مسجد .

ثانيا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم ( أمر الحيَّض باعتزال المصلى لا لكونه مسجدا وإنما لأمر آخر ، ما هو هذا الأمر ؟

يمكن أن يقال : عدم تلويث المسجد ، لأن تحفظهن في ذلك العصر إنما هو بالثياب كما في حديث الاستحاضة ( لتستثفر بثوب ) ، ولذلك قالت ( يا رسول الله إحدانا لا تجد جلبابا ، قال لتلبسها أختها من جلبابها )

ويمكن أن يقال : إن بقاء الحيَّض في المصلى مع عدم الصلاة يجعلهن في محل ريبة إذ إن طائفة منهن يصلين وأخريات لا يصلين ، فربما يساء بمن لم يصلي من النساء يساء بهن الظن ، والإنسان مأمور بأن يبعد نفسه عن مواطن التُهم والريبة ، فإذا اعتزلن المصلي عُرف أنهن لسن من أهل الصلاة .

( ومن الفوائد )

أن على المسلم أن يبحث عن مواطن الذكر ، لأن الذكر فيه خير ، فهو حياة القلوب ، ولذلك أمر الحيَّض ومن لم تبلغ بالحضور حتى تظفر بسماع الخطبة