تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس السادس والثلاثون حديث ( 432 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس السادس والثلاثون حديث ( 432 )

مشاهدات: 414

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس السادس والثلاثون

حديث ( 432 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

[ باب التيمم بالصعيد ]

حديث رقم – 432-

( صحيح ) ( أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن سليمان قال حدثنا هشيم قال أنبأنا سيار عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأينما أدرك الرجل من أمتي الصلاة يصلي وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبي قبلي يبعثت إلى الناس كافة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة  )

( من الفوائد )

أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي خمس خصائص ، وهذه الخمس ليست مذكورة في هذا الحديث لأنها هنا أربعة، والخامسة ( وأحلت لي الغنائم )

( ومن الفوائد )

قال ابن حجر رحم الله إن  خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأوصلها بعض العلماء إلى ستين .

وأوصلها بعضهم إلى ألف .

لأنه رحمه الله جعلها قسمين ، ما اختص به عن الأنبياء ، وما اختص به عن أمته .

فيكون ذكر العدد هنا غير معتبر ، فلا تعارض، ولذلك جاء عند مسلم

( فضلت على الأنبياء بست )

فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن خمس خصائص ثم أخبر بعد ذلك ، وهذا يدل على توالي نعم الله عز وجل على نبيه .

( ومن الفوائد )

أن هذا الخبر أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك ، فيكون في آخر حياته

( ومن الفوائد )

أن النبي صلى الله عليه وسلم نصر بالرعب مسيرة شهر ) وفي رواية

( يقذف الرعب في قلوب أعدائه )

لو قال قائل : إن بعض الجبابرة يمكن أن يصل رعبه إلى عدوه قبل هذه المسافة أو أكثر ؟

ويؤكده أن بلقيس خافت من سليمان وهو في الشام وهي باليمن ، فكيف التوفيق ؟

نقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم يقذف الرعب في قلوب أعدائه بغير أسلحة أو أساليب مادية .

لو قال قائل :

هل هذه الخصيصة باقية في أمته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ؟

الجواب /

احتمله ابن حجر رحمه الله .

وقال بعض العلماء :

إنه باقي متى ما تمسكت أمته بمنهجه عليه الصلاة والسلام .

 

( ومن الفوائد )

التيمم بالصعيد ، فجملة

( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا )

استدل بها من قال : بأن الأرض كلها يصح بها التيمم ، سواء كانت رملا أو جبالا أو حجارة ، فكل ما تصعَّد على وجه الأرض يسمى صعيدا ، وهذا ما جاء به الحديث وجاءت به الآية { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }المائدة6 .

وبعض العلماء : يرى أن التيمم لا يكون إلا بالتراب الذي له غبار ، ويقول إن هذا الحديث في الصحيحين وجاءت فيه رواية عند مسلم ( وجعلت تربتها لنا طهورا ) فخصص التربة ، فيكون المتيمم به هو التراب لا غير .

وأجاب عن هذه الرواية من قال بأن كل ما تصعد على وجه الأرض يصح به التيمم ،قال : إن هذا الامتنان من الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم إنه واقع حينما أخبر به لأهل الحجاز ، ومعلوم أن معظم بلدان الحجاز من حجارة وجبال ، فكيف يخصصون من هذا ؟! فيكون أقل ما في بلداهم يصح التيمم بها !

وأيضا يؤيد هذا أنه عليه الصلاة والسلام قال ( فأينما أدرك الرجل من أمتي الصلاة فليصل ) وفي رواية ( فعنده مسجده وطهوره ) ولم يميز ، فهذا شامل ، سواء أدركتك الصلاة في أرض بها حجارة أو بها تراب .

وأما الجواب عن هذه الرواية وهي

( وجعلت تربتها لنا طهورا ) :

فقد قالوا : إن هذا من باب الأفضلية لأن

[ النص العام إذا جاء نص يذكر فردا من أفراده بنفس الحكم دل على أهمية هذا الفرد من أفراد العموم ]

كما لو قلت : ” أكرم الطلاب ” ثم قلت ” أكرم زيدا ” فهنا التكريم للجميع ، لكنه أفرد زيدا باعتبار الاهتمام لا إخراج ما سواه ، فيكون التنصيص هنا على التراب من باب الأفضلية .

ومن يرى التراب : يستدل بأنه جاء في ختام الآية ذكر كلمة { منه } { فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ } فهذا يدل على أن المتيمم به شيء خاص من هذا الصعيد وهو التراب الذي له غبار .

فيجاب عن هذه الآية : بما ذكرنا ، من أن التنويه على ذكر التراب من باب الاهتمام والاعتناء لا إخراج ما سواه .

ومما يؤكد هذا : أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( ضرب بيديه التراب ثم نفخهما ) فلو كان الغبار له مزية لما نفخه .

ويؤكد هذا أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( تيمم على الحائط )

فيكون الصواب / أن كل ما تصعد على وجه الأرض مما يتصل بها أنه يصح التيمم به .

( ومن الفوائد )

أن الأفضل في حق المسلم أن يصلي متى ما أدركته الصلاة أول الوقت ، ومن ثم ترد علينا مسألة وهي : ” لو أنه عدم الماء وغلب على ظنه أن يحصل على الماء في آخر الوقت ” فما الواجب عليه هنا ؟

قال بعض العلماء : يسن له أن يؤخر الصلاة ، لكي تكون الصلاة بطهارة الماء ولو كان في آخر الوقت، وليس بواجب ، وإنما هو على سبيل الاستحباب ، ولكن الحديث هنا ( فأينما أدرك الرجل من أمتي الصلاة فليصل )

_ولذا أخذ بعض العلماء أن المستحب له أنه من حين ما تحضر الصلاة يصلي إن وجد الماء فبطهارة الماء ، وإن لم يجد الماء يتيمم بالتراب ويصلي ، ويدل له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل الذي صلى في الوقت بالتيمم ولم يعد الصلاة بعدما وجد الماء قال ( أصبت السنة ) فدل على أن السنة أن يصلي متى ما أدركته الصلاة .

والأحوط أن يقال بالاستحباب .