تعليقات على سنن النسائي ـ الدرس ( 66 )
بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ / الحديث (482) الجزء الثاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ / الحديث ( 483)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
482 – أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ ( بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ رضى الله عنه نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ( فَقَالَ« إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُصَلِّى هَذِهِ الصَّلاَةَ غَيْرُكُمْ » . وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ يُصَلِّى غَيْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
صحيح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن عمر رضي الله عنه نادى النبي عليه الصلاة والسلام وقد يقول قائل هذا يعارض قوله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)))
فيجاب عن هذا :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذه المناداة لا تحمل معها عدم إجلال وتعظيم للنبي عليه الصلاة والسلام وإنما هي من سائر المناداة المعتادة يا نبي الله يا رسول الله كما يقول بعض الصحابة في زمنه عليه الصلاة والسلام يا نبي الله يا رسول الله وما شابه ذلك ، ولا يكون في ذلك رفع صوت من عمر ينافي مقامه عليه الصلاة والسلام
بل إن هذه الآية تلتقي مع قوله تعالى : ( ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ) ) بمعنى أنه لا يكون دعاء أحدكم للنبي عليه الصلاة والسلام كدعاء بعضكم بعضا كما ينادي بعضكم بعضا فيقول :
يا محمد يا زيد يا خالد تعالى واذهب
لا ، لا ينادى باسمه محمد ، لا ، بل يقال يا نبي الله يا رسول الله
ولو سلمنا أن فيها رفعا فإن هذا قبل النهي الوارد في الآية
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله : ” أعتم “ يعني دخل في العتمة كما يقال : أحرم فلان يعني دخل في الإحرام أو دخل في الحرم ، وكما يقال أنجد فلان يعني دخل فلان نجدا
لكن من ظاهر آخر الحديث :
يدل على أن ” أعتم “ هنا أنه بالغ في العتمة لأنه أخر صلاة العشاء ، ولو كان أول الأمر لما كانت هناك مناداة من عمر للنبي عليه الصلاة والسلام
يمكن أن نقول هنا :
أن ما قاله أهل اللغة من أن أحرم يعني دخل في الإحرام أو أنجد دخل في نجد نقول ليس على إطلاقه ، وإنما هو الأصل لكن ربما يأتي في سياق النص ما يخالف ما ذكرتموه فلا يقصد أول الشيء وإنما يقصد آخره
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله ” أعتم “ كما قلنا بالغ في العتمة فوصفت العشاء بأنها عتمة ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : (( ” لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنها في كتاب الله العشاء ويسمونها العتمة لأنهم يعتمون بحلاب إبلهم ” ))
فكأنه عليه الصلاة والسلام كره هذا الاسم من أن تسمى العشاء بالعتمة
فكيف يذكر الصحابي ويصف العشاء بأنها عتمة
فيجاب عن هذا :
بأن الوصف هنا ليس واقعا على الصلاة وإنما هو واقع على الوقت وعلى الزمن لا على الصلاة
فيقال سلمنا بهذا
لكن تلك الرواية وهي قوله عليه الصلاة والسلام : ” أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر “
وفي رواية : ” صلاة العتمة والفجر “ فسمى صلاة العشاء عتمة بنص لفظه عليه الصلاة والسلام
فما هو الجواب ؟
الجواب كما قال ابن القيم :
قال :” إن التسمية الشرعية المطردة أو الغالبة صلاة العشاء لكن لا مانع أن تسمى أحيانا بالعتمة لكن المنهي عنه هنا في الحديث ( لا تغلبنكم الأعراب ) المنهي عنه أن يلغى الاسم الشرعي ويعتاض عنه بهذا اللفظ فإذا قيل أحيانا فلا بأس
ونظير هذا العقيقة :
قال عليه الصلاة والسلام : ( إني لا أحب العقوق ) يقصد العقيقة فكره اسم العقيقة لم ؟
لأن النص الشرعي الغالب أن يقال [ نسيكة ] ولذلك قال : (( فمن أحب أن ينسك فلينسك عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة ))
إذاً :
الاسم الشرعي المناسب للعقيقة أن يقال نسيكة ولا بأس أن يقال أحيانا عقيقة
إذاً :
ما يتوارده الناس على ألسنته من قول تميمة أو تمائم غلط ، إذا كان لفظ العقيقة مكروها في الشرع أن يقال على وجه الاستمرار فما ظنكم بالتميمية أو بالتمائم التي ما وردت في الشرع إلا على سبيل الذم (( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ))
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن فضل تأخير صلاة العشاء يشمل جميع الأحوال سواء كان مسافرا أو كان مقيما
ولذا :
لو أن الإنسان في طريق فالأفضل في حقه وهو يسير ودخل عليه وقت صلاة العشاء الأفضل في حقه أن يؤخرها إلى الثلث من الليل حتى يدرك هذا الفضل
فهذا شامل للمقيم وللمسافر
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه عليه الصلاة والسلام رحيم بأمته (( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ)) يعني يشق عليه عنتكم ((عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)))
فهو يحب أن يؤخر صلاة العشاء إلى ثلث الليل ومع ذلك هو عليه الصلاة والسلام ترك هذا الشيء الفاضل من أجل أصحابه
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن العمل الفاضل قد يعتاض عنه بالعمل المفضول لمصلحة شرعية كما هنا
ما هو العلم الفاضل ؟
أن تؤخر صلاة العشاء إلى الثلث من الليل لكن كان هو عليه الصلاة والسلام يقدم ذلك لمصلحة شرعية مع أن التقديم لصلاة العشاء في أولها عمل مفضول وليس بفاضل على الثلث من الليل
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تحفيز النفوس وتشجيعها على الخير مقصود شرعي
ولذلك لما أصابهم ما أصابهم من التعب والانتظار حفزهم عليه الصلاة والسلام فماذا قال : (( إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُصَلِّى هَذِهِ الصَّلاَةَ غَيْرُكُمْ ))
وهذا يدل على أن ترغيب الناس على فعل الخيرو تشجيع الناس على فعل الخير مطلب شرعي
ولذلك :
انظروا إلى قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) ))
النبي عليه الصلاة والسلام في ساحة الجهاد يقول : (( من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه )) مع أنه جهاد
السلب هو ما يكون على المقاتل من لباس من أسلحة هذه إذا قتله ، وهناك شاهد شهد له من أن فلانا قتل ذلك الكافر فإن ما على الكافر من لباس وأسلحة وما شابه ذلك تكون حقا له ولا تدخل ضمن الغنيمة من باب التشجيع على فعل الخير
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جواز الحديث بعد صلاة العشاء لمصلحة
أنه وضح لهم عليه الصلاة والسلام أنه ليس هناك أحد يصلي هذه الصلاة غيرهم
فدل هذا على أنه إن كانت هناك مصلحة شرعية في الحديث بعد صلاة العشاء فلا إشكال في ذلك فما يكون من حديث أنس : (( كان عليه الصلاة والسلام يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها ))
محمول على عدم وجود مصلحة شرعية فإذا وجدت المصلحة الشرعية فلا بأس بذلك
الأصل في الشرع :
أن الوقت الذي يكون بين الأذان والإقامة الأصل في ذلك أن يرد إلى الشرع فما فعله النبي عليه الصلاة والسلام وسار عليه أصحابه أن يفعل
ليس على سبيل الأهواء والأمزجة ، كلا ، وإنما على سبيل ما جاء به الفضل في الشرع
فصلاة المغرب في الشرع تختلف في حالها عن صلاة العشاء
وكذلك صلاة العصر تختل عن صلاة الظهر وهكذا
فيكون الأمر موكولا إلى الإمام
ولذلك :
قال عليه الصلاة والسلام كما في السنن : (( الإمام ضامن ))
ولذلك :
في الحديث وإن كان ضعيفا لكن من حيث الأصول ومن حيث الأدلة الأخرى أن الإمام هو أملك بالإقامة من المؤذن يعني هو الذي يتصرف
ولذلك كان يتأخر عليه الصلاة والسلام وما كانوا يقيمون الصلاة حتى يخرج النبي عليه الصلاة والسلام
لكن وضعت هذه التنظيمات في هذا العصر لأن أشغال الناس كثرت وتنوعت والناس كثروا والإقبال على الطاعة قل فتيسير سبل تحبيب الناس في العبادة مطلب شرعي
ثم إن بعض التصرفات التي قد تحدث من بعض الأئمة أو من بعض المأمومين تحدث من بعضهم إنما تحدث من أجل مصلحته هو فإن رأى نفسه في ذلك اليوم أنه سعيد بقراءة القرآن قال : لماذا يقيم مبكرا ؟
وإذا كان عجلا عنده مشوار قال : لماذا لا يقيمون الصلاة ؟
وهكذا
فمن أجل أن تضبط الأمور جعلت هذه الأوقات المحددة بين الأذان والإقامة لكل صلاة وهي صادرة بناء على فتوى
س : حكم تأخير صلاة العشاء إلى الثلث من الليل ؟
تأخير صلاة العشاء إلى الثلث من الليل هذا عام ويشرع مشروعية عامة إلا إذا تعارض مع القيام بواجب فإذا تعارض مع القيام بواجب كصلاة الجماعة فإن تقديم الواجب أولى من فعل السنة لكن إن فات هذا الواجب كصلاة الجماعة فإن السنة في حقي أن أوخر صلاة العشاء
لكن لو وجدت جماعة بعد الجماعة الولى فأصلي معها حتى أنال فضل الجماعة لكن إن لم أجد أحدا وفاتتني الصلاة فالسنة في حقك أن تؤخرها إلى الثلث من الليل
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن التنصيص هنا على أهل المدينة يقيد ما جاء في النصوص المطلقة (( ” إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد غيركم “ )) ولا يكون عاما لمن في الأرض وإنما هو لمن في المدينة لم ؟
لأن هناك صلوات تقام في المدينة لكن المقصود هنا ” من في المدينة “ مسجده عليه الصلاة والسلام وإلا فهناك صلوات تقام في المدينة
فيكون من حضر تلك الصلاة في مسجده عليه الصلاة والسلام هو الذي نال هذا الفضل
وأن هناك جماعات صلت قبله عليه الصلاة والسلام
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن انتظار الصلاة له فضل عظيم
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم :
(( ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة ))
ولذلك هم نالوا هذا الفضل انتظروا الصلاة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ
483 – أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ قَالَ صَلَّى بِنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِجَمْعٍ الْمَغْرِبَ ثَلاَثاً بِإِقَامَةٍ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَعَلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (فَعَلَ ذَلِكَ .
صحيح
(بلفظ ثم أقام فصلى العشاء وهو المحفوظ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث مر معنا في صلاة المغرب في السفر هو بعينه لكن أورده هنا لوجود صلاة العشاء مقرونة بصلاة المغرب وبالتالي فإن صلاة العشاء هنا المذكورة في هذا الحديث حديث ابن عمر لم تؤخر الصلاة إلى الثلث وإنما عجل بها
ويجاب عن هذا :
من أن حال السفر كحال الإقامة اللهم إلا ما جاءت به السنة ، وذلك إذا كان الإنسان حاجا وكان واقفا بمزدلفة فإن السنة في حقه أن يجمع المغرب مع العشاء جمع تقديم وليس جمع تأخير كل ذلك من أجل الرفق والتيسير على الحاج لأن الحاج يومه كله قضاه في الذكر والدعاء في عرفة
وهو بحاجة إلى أن يأخذ وقتا من الليل طويلا لكي يريح أعصابه وأعضاءه فيها لأنه سيستقبل أعمالا جليلة في يوم النحر الذي هو أعظم الأيام عند الله
ولذلك لم يحي النبي عليه الصلاة والسلام تلك الليلة بصلاة
فلا يأت آت ويقول : إن صلاة العشاء يجوز أو يسن أن تعجل في السفر
لم ؟
لأن الصلاة الواقعة هنا في السفر في الحج بمزدلفة
ولأن صلاة العشاء هنا في السفر لم تكن وحدها وإنما هي مجموعة مع صلاة المغرب
والمسافر الأحسن في حقه جمع التقديم أو جمع التأخير ؟
الأحسن في حقه ما يناسب حاله لأن الجمع شرع من أجل التخفيف على الناس
إذاً إن كان جمع التقديم أحسن له وإن كان التأخير فليفعل