تعليقات على سنن النسائي ـ الدرس ( 74 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ الْحَالِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ غَيْرِ الْقِبْلَةِ
وشرح حديث ( 490 ) الجزء الأول
ــــــــــــــــــــــــــ (1)
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
490 – أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ – وَاللَّفْظُ لَهُ – عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَتَوَجَّهُ وَيُوتِرُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّى عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ )
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن كلمة التسبيح تطلق إما على الذكر المعروف سبحان الله وهو الأصل هذا إن أطلقت على القول إن أطلقت على الفعل فإن المقصود من ذلك النافلة وقد وردت لفظة التسبيح ويقصد بها النافلة منها هذا الحديث
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الحديث دليل لتلك القاعدة الأصولية التي تقول ما ثبت في النفل ثبت في الفرض وما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل كيف ؟
لو أن حديثا أتى بسنية في الفرض فإن تلك السنية تكون أيضا في النفل والعكس إلا بدليل
أين موطن الشاهد ؟
قوله : (( غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّى عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ ))
وكذلك الرواية الأخرى : (( إذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل ))
وكذلك ما جاء عند أبي داود :
أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى النساء أن يصلين الفريضة على الراحلة مع أن النساء بحاجة إلى أن يبقين على الراحلة فإن بقاءهن على الراحلة أحفظ لهن واستر لهن ومع ذلك في الفريضة فالحال يختلف
فكون الصحابة يستثون الفريضة هنا دل على أن هناك فهما سابقا عالقا في أذهانهم أن النافلة مثل الفرض وإلا لما استثنوا الفريضة دل على أن الأصل المتقرر عندهم أن النافلة كالفريضة أن ما ثبت في النافلة يثبت في الفريضة
وما ثبت في الفريضة يثبت في النافلة الا بدليل
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه يستحب للمسافر أن يتنتفل على راحلته كل ذلك من باب تشجيعه على أداء النوافل ليعظم أجره ولأنه لو نزل كلما أراد أن يتنفل فإن المشقة تعظم عليه مع مشقة السفر ؛ لأن السفر مشقة ولو كان في طائرة ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : (( السفر قطعة من العذاب )) فمهما كان ولو تطورت وسائل النقل فالسفر مشقة ولو لم تكن هناك مشقة ظاهرية بدينة إلا أن هناك مشقة نفسية قلبية
ولذلك في تتمة الحديث : (( السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وحاجته )) ففي هذا تشجيع للمسلم على أداء النوافل
لو قال قائل :
لو كان المسافر مسافرا على غير مركوب مسافرعلى قدميه وهذا قد وقع فيمنا مضى وقد يقع أو ربما تكون هناك حالة فردية تقع للإنسان ممكن يكون في مكان بعيد وإذا بمن معه يذهبون أو تتعطل سيارته ويعرف القرية التي يصل إليها ويريد أن يتنفل
فهل له ذلك أم لا ؟
إذاً هو يسير يمشي هل يصلي أو لا يصلي ؟
قولان لأهل العلم بعض العلماء يقول : لا يصلي ولو صلى فعليه أن يأتي بالركوع على صورته والسجود على صورته
وبعضهم يقول : لايصلي لأن هناك حركة تصدر منه والحركة تنافي الصلاة
وبعضهم قال : يصلي ويومئ كما يفعل راكب الراحلة
وهذا هو الصحيح لأننا لو نظرنا إلى المقصود الشرعي من التنفل على الراحلة المقصود منه تشجيع المسافر على كثرة النوافل فيجوز له بل يستحب له ذلك
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن الراحلة المذكورة هنا تختلف عن الراحلة في عصرنا أو في العصور الآتية لا ندري
أراكب السيارة الآن وهو مسافر له أن يتنفل ؟
هو راكب للسيارة سيسافر إلى مكة وهو من الرياض وهو بالسيارة سواء كان سائقا أو راكبا إن كان راكبا فلا إشكال فيومئ إلى الركوع والسجود يكون أخفض كما جاء في حديث جابر عند الترمذي وأحمد وغيرهما
فيكون السجود أخفض من الركوع فيفعل ولو كان سائقا فليفعل ولا إشكال في هذا لأنه ممكن أن يقود السيارة ويكبر الله أكبر ويقرأ الفاتحة ويقرأ ما تيسر ثم يومئ برأسه قليلا إلى الركوع ووجهه أمام
لا يقل شخص أنه ربما يصدم أو يحصل له حادث ، لا ، هو يرى من أمامه ولكن إذا بالرأس ينخفض قليلا للركوع والسجود أخفض وإذا به يصلي ولا إشكال في هذا
س :
كيف يصلي وقلبه سيكون مشغول بالطريق ؟
قائد السيارة قلبه مشغول ليصل ولو لم يحضر من قلبه إلا الشيء اليسير كونه يصلي أحسن ممن لا يصلي ولو بقاء بعض الخشوع
ثم ليس بلازم لم ؟
لأن من على الراحلة أنا أقول إن إشغال الذهن منه أكثر من قائد السيارة لم ؟
لأن الطرق فيما مضى طرق وعرة يمكن يصطدم جمله بشجرة يقع في حفرة فيبئر فهو عرضة
لكن بالنسبة إلى قائد السيارة ، لا ، اللهم الا إذا كان قائد السيارة يسير بسرعة جنونية
هذا شيء آخر
لكن لو سار السير المعتاد ومن قال سر سيرا عظيما يمكن أن تجمع بين الأمرين تمشي 180 بدل 120 وتصلي تجمع بين الأمرين حتى لو صلى وهو يسير ب 120 ليست هناك مشقة أو إشغال
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن استثناء الفريضة هنا من غير النافلة يدل على أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة
فهي شرط من شروط صحة الصلاة أن تستقبل القبلة في الفريضة وفي النافلة إذا كنت نازلا
يعني لست سائرا
الحديث للمسافر السائر على الراحلة وألحقنا به السائر على قدميه
إذاً : أين قبلته قد يكون متوجها إلى غير القبلة ؟
قبلته جهة سيره
ولذلك :
لو أنه انصرف عمدا إلى غير جهة سيره بطلت صلاته إلا إن وجه دابته إلى القبلة فتصح الصلاة لأنه أدى إلى الأصل
إذاً من يسير على الراحلة أو السيارة قبلته إما القبلة الشرعية إن استطاع وتكون القبلة تجاه سيره أو القبلة التي تجاه سيره إن انحرف بها متعمدا من غير عذر فإن صلاته لا تصح لأنه من شروط صحة الصلاة في النفل أو في الفرض استقبال القبلة
إذاً :
لو كان نازلا في خيام أو تحت شجرة وقال أريد أن أتركع فنقول يجب أن تستقبل القبلة وتركع الركوع المعتاد وأن تسجد السجود المعتاد
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إذا أراد أن يبتدئ صلاة النفل على راحلته أو على مركوبه هل السنة في حقه أول ما يبدأ أن يبدأ بتكبيرة الإحرام متجها إلى القبلة ثم ينصرف إلى جهة سيره أم له أن ينصرف إلى جهة سيره مباشرة من غير أن يبدأ تكبيرة الإحرام باستقبال القبلة ؟
السنة في حقه للحديث الحسن كما في المسند وسنن أبي داود أن يفعل كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام أنه إذا أراد أن يتنفل في سفره على راحلته استقبل أول ما يستقبل في أول صلاته القبلة ثم يتجه تجاه سيره
هذا على سبيل الأفضلية ولو شاء أن يبتدئ من أول ما يبتدئ في الصلاة إلى جهة سيره فلا إشكال في ذلك
ولم نقل بالوجوب لأن هذا فعل منه عليه الصلاة والسلام والفعل المجرد منه عليه الصلاة والسلام لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب