تفسير البسملة [ 10 ]
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفظ الجلالة : الله
مأخوذ من حيث اللغة من التأله
والتأله : هو التعبد
فمن اتخذ إلها فإن من ضروريات هذا الاتخاذ أنه يحبه
ولذا:
الكفار لما اتخذوا أندادا من دون الله
ماذا قال عنهم ؟
قال : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا }
ما العاقبة ؟
{ يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }
فكلمة : التأله :
يندرج تحتها و من ضرورياتها المحبة
والمحبة:
من حيث هي عشرة أقسام بقطع النظر عن محبة الله للعبد أو محبة العبد لله أو محبة الرجل لأخيه أو محبة الرجل لزوجته أو محبة الرجل لذنب أو معصية أو ما شابه ذلك
فالمحبة درجات عشر كالتالي :
أولا : العلاقة
أولى درجات المحبة
ثانيا : الإرادة
ثالثا : الصبابة
رابعا : الغرام وهو لزوم المحبة للقلب
خامسا : المودة
سادسا : الشغف { قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا }
سابعا : العشق
ثامنا : التيم
تاسعا : التعبد
العاشرة : الخلة
انظروا إلى درجات وأقسام المحبة نجد أن من بينها كلمة التعبد
إذًا :
لابد من التعبد أن صحبه التعبد
ولذا جاء في درجات المحبة الخلة :
وهي التخلل المحبة في قلب حبيبه فلم تدع شيئا في قلبه
ولذا النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( إني أبرأ من كل خليل وخلته فإن الله عز وجل قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ))
فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يتخذ خليلا من أهل الأرض
اتخذ حبيبا ؟
نعم
يأتي عمرو بن العاص إلى النبي عليه الصلاة والسلام – كما جاء في الصحيحين :
وقال : يا رسول من أحب الناس إليك ؟
عمرو بن العاص رضي الله عنه ولاه النبي عليه الصلاة والسلام على غزوة ذات السلاسل فظن
أن تولية النبي عليه الصلاة والسلام له تعد مكانة عالية ارتفع بها على غيره من الصحابة
فجاء يسأل النبي عليه الصلاة والسلام لعله أن ينال شرف محبته فقال :
يا رسول الله من أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة قال : فمن الرجال ؟
قال : أبوها قال : ثم من ؟ قال : عمر قال : ثم عد رجالا فسكت حتى : لا أكون آخرهم ))
وأما ما يظنه البعض :
من أن النبي عليه الصلاة والسلام حبيب الرحمن وإبراهيم خليل الرحمن
فهذا خطأ
فكما أن إبراهيم خليل الرحمن فكذلك محمد عليه الصلاة والسلام
وأما ما جاء عند الترمذي :
أن النبي عليه الصلاة والسلام فيما يروى عنه أنه قال :
(( إبراهيم خليل الله وأنا حبيب الرحمن ))
فحديث ضعيف لا يصح
فالشاهد من ذلك :
أن التأله يلزم منه المحبة
ولذا :
ما تعريف لفظ الجلالة الله من حيث الشرع :
هو المعبود المألوه مع المحبة والتعظيم
العلماء يقولون : مع المحبة و التعظيم
فلا يغني المحبة عن التعظيم ولا التعظيم عن المحبة
فالمحبة لابد منها
ما هو هذا التعظيم ؟
التعظيم يشمل شيئين :
الخوف و الرجاء
فإنك إذا عظمت شيئا فإنك تخافه من سخطه تخاف من غضبه
وكذلك في المقابل ترجو ما لديه وتؤمل ما عنده
ومن ثم :
فإن أركان العبادة التي يجب على الخلق ان يتعبدوا بها الله : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات56
يجب في العبادة أن تستحضر أركانها :
للعبادة أركان وهي ثلاثة :
المحبة
والخوف
والرجاء
يجب أن تحب الله وتخافه وترجوه
إذا خلت العبادة من شيء من هذه الأشياء فإن عبادتك مدخولة وليست بصحيحة
ولذا يقول شيخ الإسلام :
(( إن المحبة ” محبة الله ” إن المحبة تلقي بالعبد في طريق الله ))
إذا أحببت الله سلكت هذا الطريق الذي ارتضاه { وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }
إذا ألقتك هذه المحبة في طريق الله ما أثر الخوف ؟ ما أثر الرجاء ؟
يقول رحمه الله :
” المحبة تلقي بالعبد في طريق الله والرجاء يقوده والخوف يمنعه عن أن يخرج من هذا الطريق “
طريق الإسلام :
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ }
وقال عن السبل بلفظ الجمع :
{ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }
ولذا:
النبي عليه الصلاة والسلام : خطَّ خطا مستقيما وخط خطوط عن يمين وعن يسار هذا الخط فقال عليه الصلاة والسلام : هذا صراط الله ، وهذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ :
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }
يأتي ابن القيم رحمة الله عليه بكلام جميل حول هذه الأركان الثلاثة
يقول سماحة الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه واصفا هذين الرجلين
وهما شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام ابن القيم يقول ابن عثيمين رحمه الله :
” إن شيخ الإسلام بمثابة من يقيم العظم “
عظم البيوت
” وابن القيم هو الذي يحطب “
ولذا تجد أن شيخ الإسلام قال هذا الكلام بينما ابن القيم ماذا قال ؟
قال :
” إن المحبة والرجاء والخوف يكونان كالطائر ، إن المحبة بمثابة الرأس للطائر والخوف والرجاء بمثابة الجناحين للطائر ، فإذا جز واقتلع رأس الطائر هلك فإذا انعدمت المحبة من قلب العبد لله هلك ، وإن أصيب أو كسر الجناحان فهو عرضة لكل صائد أو كاسر “
فالطائر إذا بقي رأسه لكن تأثر جناحاه ما عاقبة أمره ؟
إما أن يوطأ وسكر أو يصاب
فدل على أن المحبة هي أعظم أركان العبادة وأنه لابد من الخوف والرجاء
ولذا يقول السلف :
” من عبد الله بالمحبة فقط فهو زنديق ، ومن عبد الله بالخوف فهو حروري ــ يعني: من الخوارج لأنهم لا يرون إلا آيات الوعيد
ولذا يكفرون مرتكب الكبيرة ــ ومن عبد الله بالرجاء فهو مرجئي : الذين يقولون أنه لا يضر مع الإيمان ذنب ، لو أذنبت ذنبا عظيما كبيرا فإن إيمانك هو هو
فعلى قاعدتهم الخبيثة : إن إيمان من هو فاسق لكن إيمانه قليل إيمانه كإيمان أبي بكر رضي الله عنه لأنهم يقولون : لا يضر مع الإيمان ذنب فالإيمان سواء
فإذًا :
من عبد الله بالمحبة فهو زنديق
ولذا من يعبد الله بالمحبة هم الصوفية غلاة الصوفية
ولذا عندهم :
أن الواحد إذا وصل عندهم إلى مرتبة معينة وصل على ما يسمى بمرتبة اليقين فتسقط عنه الواجبات وتستباح له المحرمات
يستدلون بقول الله تعالى :
{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }الحجر99
إذا أتاك اليقين في ظنهم فقد ارتفعت عنك العبادة
وهذا يدل على غباوة عقولهم لأن الييقين هنا الموت
بدليل أن الله وبخ أهل النار :
{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) }
يفترض أن يكون هذا اليقين لو كان على قاعدتهم أن يكون منجيا لهؤلاء من النار
فدل على أنهم ضالون
ولذا يستبيحون المحرمات :
الزنى
اللواط
الخمور
يتركون الصلوات
ولذا عند بعضهم لأنهم طوائف متعددة
عندهم في لفظ الجلالة شيء ما هو ؟؟
يقولون : لفظ الجلالة الله هذا ذكر الخاصة
بمعنى أنهم يقولون :
إذا أردت ان تكون من الخواص أن تذكر الله
كيف تذكر الله ؟
يقولون :
الله الله الله الله الله هكذا
يقول شيخ الإسلام في كتابه العبودية :
” إن كلمة الله الله لا يترتب عليها إسلام ولا إيمان ولا أثر لها في القلب أثرا كبيرا “
ولذا يقولون : إن عوامهم لهم ذكر
فعندهم الذكر على ثلاثة أنواع :
ذكر العامة
ذكر الخاصة
ذكر خاصة الخاصة الذين هم في الطبقة السفلى في الحقيقة في الشرع
ما ذكر العامة ؟
يقولون ” لا إله إلا الله “
لا يقول هذه الكلمة إلا عوام الناس ؟
سبحان الله!
(( لما سأل موسى ربه وقال : يارب علمني دعاء أدعوك وأذكرك به ، فقال الله : يا موسى قل : لا إله إلا الله ، قال :يا رب كل عبادك يقولون هذا ، قال عز وجل : لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ، ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن : لا إله إلا الله ))
وهي عندهم : من عوام
إذًا ماذا نقول في موسى من خواص البشر أم من عوامهم ؟
من خواص البشر
ولذا أرشده الله ان يقول : لا إله إلا الله
قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي :
(( أفضل الذكر :لا إله إلا الله ))
وأما ذكر الخاصة عند الصوفية :
الله الله الله
وأما ذكر خواص الخواص :
يقولون إذا أردنا أن نذكر الله نقول :
هو هو هو هُو هُو او هُوَ هكذا
سبحان الله!
هكذا من أزاغ الله قلبه وأعمى بصيرته
فشاهدنا من هذه اللفظة العظيمة:
وهي ” الله ” أنه لابد فيها من العبادة
من العبادة التي تتضمن محبة الله
ولذا ماذا قال ابن القيم ؟
قال : (( إن هذا الاسم الله ما دعا به مكروب إلا فرج كربه ولا مهموم إلا فرج همه ولا مريض إلا شفي مرمه به تستنزل الحاجات وبه تتحصل الحاجات ))
لكن ما هو كلمة : الله الله
يا الله ارزقني
اللهم ارحمني
هكذا
ليس على قاعدة هؤلاء
وهذا التعريف له مزيد حديث في الدرس القادم إن شاء الله