تفسير سورة البقرة (التفسير الوجيز) من الآية(84)حتى الآية( 105) الدرس(4)

تفسير سورة البقرة (التفسير الوجيز) من الآية(84)حتى الآية( 105) الدرس(4)

مشاهدات: 602

التفسير الوجيز ـ تفسير سورة البقرة

الدرس( 4)

من الآية ( 84 ) حتى الآية ( 105 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ:  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)}

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} هذا عهد أخذه الله على اليهود {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ} أي لا تريقون {دِمَاءَكُمْ} أي لا يقتل بعضكم بعضا {وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} أي لا يخرج بعضكم بعضا {ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ} يعني اعترفتم {ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} أي تشهدون على هذا الاعتراف  وهذا الإقرار.

{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86)}

{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} أي يا هؤلاء {تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ} يعني يعاونون عليهم {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} الإثم هو ما يتعلق بذات الإنسان إذا أوقع ذنبا يتعلق بنفسه، والعدوان يكون على غيره {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} يعني أنكم تعطون الفداء والمال من أجل تخليصهم من الأسر {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} ومجمل هذه الآية أن الله عز وجل أخذ على اليهود من أن بعضهم لا يقتل بعضا، ولا يخرج بعضهم بعضا من دياره، وأيضا لا يعاون أحدا عليه، وأنه إذا وقع في الأسر فإنه يخلصه من هذا الأسر بدفع المال، وقبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان بين الأوس والخزرج كان بينهم قتال، فكان طائفة من اليهود يحالفون الأوس، وطائفة يحالفون الخزرج، فإذا اقتتل بعضهم مع بعض عاون اليهود أحلافهم من الخزرج، وأولئك مع أولئك فحصل ماذا؟ أن بعضهم قتل بعضا من اليهود، وأنه أخرج بعضهم بعضا، فإذا وقع في الأسر فإنهم بعد المعركة يخلصونه بدفع المال، فقال الله عز وجل {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يعني ذل وهوان وقد وقع بهم لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أجلى بعضهم، وقاتل بعضهم، وضرب الجزية على بعضهم {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} يعني أعظم العذاب {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} نفى الغفلة عنه؛ لكمال علمه وإحاطته عز وجل.

{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ} يعني من صنع هذا الصنيع من هؤلاء اليهود فإنهم ماذا؟ فإنهم أخذوا الدنيا، ودفعوا الثمن الذي هو الآخرة {فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} يعني يوم القيامة {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي لا ينصر بعضهم بعضا، ولا يجدون أحدا ينصرهم.

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87)}

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} وهو التوراة أعطاه الله لموسى، وهو أول أنبياء بني إسرائيل عليه السلام، {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ} يعني أتبعنا بعد موسى من؟ الرسل، ولذلك قال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا}

{وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} وأخر ذكر عيسى؛ لأنه آخر أنبياء بني إسرائيل {وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} وهي الدلائل الواضحة على صدقه من تلك المعجزات، من إبراء الأكمه، وإحياء الموتى، كل ذلك بأمر الله عز وجل {وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ} يعني قويناه {بِرُوحِ الْقُدُسِ} وهو جبريل عليه السلام {أَفَكُلَّمَا} وهو استفهام إنكاري ينكر الله فيه على اليهود {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ} أي أنكم أصحاب كبر، ولذلك قال شيخ الإسلام: “أعظم صفة في اليهود هي الكبر” {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ} من هؤلاء الرسل {وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} ولذلك قتل هؤلاء اليهود بعض الرسل.

{وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)}

 {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} يعني مثل الغلاف مغلفة لا تعي ولا تفهم ما تقول {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} بين عز وجل من أن قلوبهم بما فيها من الفطرة هي تقبل الهدى، لكن ما الذي جرى لهم؟ {لَعَنَهُمُ اللَّهُ} فطردهم من رحمته، فلم يوفقهم للهداية {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} بسبب ماذا؟ بسبب كفرهم {بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} يعني أن إيمانهم قليل، وهذا الإيمان الذي يؤمنون به ولو قل فإنه سرعان ما يزول، ولا يبقى، ولا ينتفع به.

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)}

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وهو القرآن {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} يعني هذا القرآن يصدق ما معهم من التوراة {مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ} يعني قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يقول من في المدينة من اليهود يقولون للأوس والخزرج: سيبعث نبي وسنقاتلكم معه، فقال الله عز وجل {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ}  قبل بعثثة النبي صلى الله عليه وسلم {يَسْتَفْتِحُونَ} يعني يستنصرون بهذا النبي إذا بعث {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} عرفوه من أنه حق {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.

{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)}

{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} هذا ذم لهم إذ إنهم باعوا أنفسهم، فقدموا الشيء الذي قبلوه، ما هو؟ الكفر {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} ماذا؟ {أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} وهو القرآن، ما سبب الكفر؟ {بَغْيًا} وهو الحسد {بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا} يعني رجعوا {بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} غضب سابق لما كفروا بعيسى وبالأنبياء السابقين، وبغضب لاحق لما كفروا بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} مهينهم ومذلهم.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)}

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} وهو القرآن {قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} يعني يكفي أننا نؤمن بالذي أنزل علينا، وهو التوراة، فالتوراة كتاب كافٍ {قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} يعني بما سواه {وَهُوَ الْحَقُّ} يعني القرآن {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ}  في كتبهم {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ} قل يا محمد لهؤلاء من باب الإنكار عليهم من أنهم لم يؤمنوا بالتوراة {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فهل التوراة تأمر بقتل الأنبياء؟  الجواب لا، فأنتم لستم أصلا بمؤمنين بالتوراة.

{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92)}

{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ} وهنا خطاب لليهود الذين في عصر النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن المنة على أسلافهم منة عليهم، لكن هؤلاء لما لم ينكروا ما كان عليه أسلافهم ذموا {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ} {بِالْبَيِّنَاتِ} مثل العصى واليد التي كان يخرجها عليه السلام يخرج يده بيضاء، وليس المقصود هنا التوراة؛ لأن التوراة ما أنزلت على موسى عليه السلام إلا بعد ما أغرق الله فرعون، ونجى الله موسى ومن معه {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ}  ولذا ماذا قال بعدها؟ {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ} يعني إلها، وهم اتخذوا العجل لما ذهب موسى عليه السلام من أجل أن يأخذ التوراة، فدل على أن البينات ليس المقصود منها التوراة {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} يعني من بعد ذهاب موسى عليه السلام {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} أي حالة كونكم ظلمة بهذا الصنيع؛ لأن أعظم الظلم هو الشرك بالله عز وجل {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)}

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} أخذنا الميثاق عليكم بأن تؤمنوا بالتوراة وأن تعملوا بها، {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} يعني الجبل؛ لأنهم لم يقبلوا التوراة، فقال الله عز وجل {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا} يعني قلنا خذوا {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} يعني بعزم وبجد {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا}  سماع ماذا؟ قبول وإذعان وطاعة {قَالُوا سَمِعْنَا} قولك {وَعَصَيْنَا} أمرك {قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} يعني أشربوا في قلوبهم حب العجل، فتشرب  مثل الشراب الذي يتشرب في البدن ويتفرق فيه {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} بسبب ماذا؟ {بِكُفْرِهِمْ} {قُلْ بِئْسَمَا}  قل يا محمد لهؤلاء {بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} هل الإيمان الحقيقي يأمركم بهذا الكفر؟ الجواب: لا، فدل على أنه ليس بإيمان صحيح، وليس بإيمان مقبول.

{قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95)}

{قُلْ إِنْ كَانَتْ} قل لهم قل يا محمد لهؤلاء {إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً} يعني خاصة من دون الناس؛ لأنهم يقولون إن الجنة لنا، ويقولون لنا المنزلة العليا {قُلْ} يا محمد لهؤلاء {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} لأن من أيقن اليقين التام من أنه من أهل الجنة، فإنه يتمنى أن يأتيه الموت، فقال الله عز وجل  {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فيما زعمتم {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} بسبب ماذا؟ {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من الأعمال الآثمة من الشرك وغيره {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)}

{وَلَتَجِدَنَّهُمْ} لأنهم لن يتمنوا الموت لحبهم للدنيا {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} يعني وأحرص على الحياة من الذين أشركوا {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ} يتمنى أحدهم {لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} يعني لو عمر، فإن هذا التعمير لن يفيده شيئا، بمعنى أنه لن ينجيه من عذاب الله، عذاب الله لو طال بقاؤه في هذه الدنيا فقال الله عز وجل {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}.

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)}

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} اليهود يبغضون جبريل يقولون هو الذي يأتي بالعذاب فقال الله عز وجل {قُلْ} يا محمد لهؤلاء {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ} ولذلك يقولون: لن نؤمن بهذا القرآن الذي أنزله عليك جبريل؛ لأننا نبغض جبريل، فقال الله عز وجل {قُلْ} يا محمد {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ} يعني القرآن {عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} ليس من أمر جبريل، وإنما هو بإذن الله {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتب السابقة {وَهُدًى} يعني هذا القرآن هدى {وَبُشْرَى}  فيه بشرى لمن آمن وأطاع الله {وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.

{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} مع أن جبريل وميكال من ضمن الملائكة، لكنه أفردهما؛ لعظيم مكانتهما، ولأن اليهود قالوا لو كان الذي ينزل عليك القرآن ميكائيل لآمنا، لكن هو جبريل، لن نؤمن، فنص الله على ذكرهما {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} لم يقل فإنه عدو لهم، بل هو عدو لكل كافر، هؤلاء وما سواهم من الكفرة.

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)}

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام، لا تعبأ بهؤلاء {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} واضحات وهو القرآن {وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} كحال هؤلاء اليهود {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} حال هؤلاء اليهود إذا عاهدوا فإنهم يخلفونه {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ} يعني طرحه {فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} ولم يؤمن إلا القلة كعبد الله بن سلام رضي الله عنه.

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ} يعني لما جاء هؤلاء اليهود {رَسُولٌ} وهو النبي محمد عليه الصلاة والسلام {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} في كتبهم {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ} نبذوا وطرحوا ماذا؟ كتاب الله، سواء قيل القرآن أو التوراة، فإنهم ولاشك لم يؤمنوا بالتوراة، ولم يؤمنوا بالقرآن فنبذوه {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} مع أنهم أصحاب علم، لكن ما الذي منعهم؟ هو الطغيان.

{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103)}

{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} سبحان الله! سنة الله جرت أن من اشتغل عن الحق اشتغل بالباطل، لما أعرضوا عن القرآن هنا اشتغلوا بالسحر {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو} {مَا تَتْلُو} يعني ما تتبع وتقرأ، أيضا يدخل في ذلك القراءة {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} لأن الشياطين كانوا يقولون إن سليمان إنما حكم الجن وحكم الناس إنما حكمهم بماذا؟ بالسحر، {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} يعني على زمن سليمان {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ}  لأن اليهود لما سمعوا أن النبي عليه الصلاة والسلام يذكر سليمان قالوا كيف يذكر سليمان الكافر، فقال الله عز وجل {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ} أي ويعلمون ما أنزل {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ} بابل مكان في العراق {بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} هاروت وماروت هما الملكان، وقد أنزلهما الله؛ لتعليم الناس السحر ابتلاء وامتحانا {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ} هذان الملكان يقولان لأي شخص يريد أن يتعلم {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} يعني اختبار يعني نحن اختبار، فلا تكفر؛ لأن السحر كفر {فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} يعني وزوجته، وهذا ما يسمى بالصرف، بمعنى أن الزوجين يبغض أحدهما الآخر {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} لا السحرة ولا الشياطين لن يستطيعوا أن يضروا أحدا إلا بإذنه عز وجل إذا قدر ذلك {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} {مَا يَضُرُّهُمْ} وهو السحر {وَلَا يَنْفَعُهُمْ} ليس في السحر أي منفعة {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} يعني السحر {مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} أي من نصيب؛ لأنه كفر بالله {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا} ذم هنا {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} أي باعوا أنفسهم {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} خطورة السحر ما أقدموا على ذلك.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا} هذا هو الطريق الذي كان يجب عليهم أن يتبعوه {وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ} يعني لأثيبوا {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ما تركوا تقوى الله والإيمان، وما اتبعوا وتعلموا السحر.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا}  كان الصحابة رضوان الله عليهم يقولون للنبي عليه الصلاة والسلام {رَاعِنَا} من المراعاة والحفظ والانتظار والإمهال، لكن هذه الكلمة عند اليهود هي مسبة، ولذلك كانوا يأتون إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ويقولون: يا أبا القاسم راعنا لا يقصدون من ذلك ما يقصده الصحابة، إنما يقصدون مسبته {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} نهاهم الله عز وجل نهى المؤمنين أن يقولوا للنبي عليه الصلاة والسلام راعنا {وَقُولُوا انْظُرْنَا} هذا هو البديل {وَاسْمَعُوا} سماع قبول وطاعة {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي مؤلم.

{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي ما يحب {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ} هذا شامل لليهود والنصارى ولأي مشرك مهما كان نوع هذا المشرك {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}  كهذا القرآن {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} من عباده {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ذو الفضل والإنعام العظيم الواسع.