تفسير سورة البقرة الدرس ( 100 ) [ ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا .. ] الآيات ( 87 88 ) الجزء الأول

تفسير سورة البقرة الدرس ( 100 ) [ ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا .. ] الآيات ( 87 88 ) الجزء الأول

مشاهدات: 404

تفسير سورة البقرة ــ الدرس ( 100 )

ــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

 { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88) }

سورة البقرة ( 87 ـ 88 )  / الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88) }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

بيان أن الله عز وجل أعطى موسى الكتاب ما هو هذا الكتاب  ؟ التورا ة

التوراة أنزلت على موسى عليه السلام والإنجيل أنزل على عيسى بن مريم عليه السلام

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن الله عز وجل أكد إتيان موسى للكتاب أكده بثلاثة مؤكدات { وَلَقَدْ } اللام موطئة للقسم ، عندنا القسم ، وعندنا اللام ، وعندنا قد

وهذا خبر والخبر إما أن يكون خبرا ابتدائيا أو طلبيا أو إنكاريا

فإن كان الخبر ابتدائيا فلا يؤكد

وإن كان طلبيا فيستحسن تأكيده

وإن كان إنكاريا فيجب تأكيده

وكلما قوي إنكار المخاطب زيد في التأكيدات

وهنا :

أكد إعطاء موسى عليه السلام للتوراة بثلاثة مؤكدات  ، لماذا ؟

لأن بين إسرائيل حالهم مع الأنبياء إما التكذيب وإما القتل

فهو تأكيد على أن موسى نبي ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : ( رحم الله أخي موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر )

وأذيته معلومة من قبل اليهود ، ولذلك قال عز وجل في أواخر سورة الأحزاب :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) }

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أنه قال هنا : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } ما الذي بعدها ؟  { وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ } هنا بين جل وعلا أن أول نبي لبني إسرائيل هو موسى وأن آخر نبي لبني إسرائيل هو عيسى عليه السلام

وبين موسى وعيسى عليهما السلام أنبياء كثر أتوا لبني إسرائيل

ولذلك موسى عليه السلام هو أفضل أنبياء بني إسرائيل بل هو في الدرجة الثالثة في الفضيلة من الأنبياء

أفضل الأنبياء أول العزم من الرسل وهم خمسة مذكورون في قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ }

أفضل هؤلاء الخمسة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، في الدرجة الثانية إبراهيم  ، في الدرجة الثالثة موسى ، لم ؟ لأنه أول رسل بني إسرائيل

في الدرجة الرابعة أهو عيسى أم نوح ؟ خلاف بين أهل العلم

لكن لو قال قائل أنتم الآن فضلتم والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيح : (( لا تفضلوا بين الأنبياء  ))

فهذا الحديث محمول على أن التفضيل بين الأنبياء إذا كان على وجه الحمية والتعصب فمذموم  ، أو كان على وجه تنقص المفضول لا  يجوز لكن إن كان لبيان الفضيلة فلا إشكال في ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قال : (( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ))

بين عليه الصلاة والسلام ومع ذلك لما بين فضيلته قال : (( ولا  فخر ))

فخلاصة القول :

أن بين موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام أنبياء  ، أول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى

 

داود عليه السلام أسبق من موسى عليه السلام أم بعده ؟

داود بعد موسى عليهما السلام :

والدليل قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى } وفي آخر الآيات قال : { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ }

إذًا داود بعد موسى

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن الرسل لبني إسرائيل تتابعوا بعد موسى لقوله { وَقَفَّيْنَا مِنْ } والقفا هو ما يكون في الخلف يعني خلف موسى أنبياء آخرون ولذلك قال : { وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ }

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن عيسى والنبي  محمد عليهما الصلاة والسلام بينهما نبي ؟

ليس بينهما نبي ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : (( أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الأولى وفي الآخرة ذلك لأنه ليس بيني وبينه نبي  ))

كم المدة التي كانت بينهما  ؟

خلاف بين أهل العلم وأقرب ذلك ستمائة سنة كما قال سلمان الفرسي وذكر ذلك البخاري في صحيحه

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن الله أعطى عيسى البينات ، ما هي هذه البينات ؟

مذكورة في مواطن أخرى :

{ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ }

وكما ذكر سبحانه وتعالى عنه في أواخر سورة المائدة

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن عيسى عليه السلام نسب إلى من ؟

إلى أمه ، عيسى بن مريم

وليعلم : أنه لم يصرح في كتاب الله باسم امرأة سوى مريم :

{ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ } { وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ }

{ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ } لم يذكر اسمها وذلك لأن القرآن يحب الستر حتى على الأسماء  ففيه توجيه للنساء أن يحرصن على الستر

وليس معنى ذلك أن الاسم للمرأة لا يذكر ، يذكر إذا وجدت المصلحة كما ذكر الصحابة أسماء زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

لكن لماذا صرح باسمها فقط ؟

من باب تأكيد أن عيسى ليس ابنا لله كما زعموا وإنما هو ابن لمريم

 

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن الخلق ينحصرون في أربعة أقسام :

ــ قسم خلق من أم دون أب : عيسى

ــ قسم خلق من أب دون أم : حواء

ــ قسم ليس من أم ولا من أب :  آدم

ــ قسم من أم وأب : سائر الخلق

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن عيسى عليه السلام نسب إلى أمه فدل هذا على أن من لا أب له شرعا ينسب إلى أمه ، ولذلك نسأل الله السلامة والعافية  ، طبعا مريم ليست زانية برأها الله

ولكن لو أن امرأة زنت فنتج من هذا الزنا ولد هنا ينسب إلى أمه ولا ينسب إلى أبيه لأنه ليس أبا لهم من حيث الشرع

وصور كون الابن ينسب إلى أمه لا يحصر بالزنا ، لا ، حتى في قضية الملاعنة :

يعني تصوروا لو أن إنسانا رأى أن زوجته يزني بها رجل إن اتهمها سيطالب بالشهود الأربعة وإن لم يأت بالشهود جلد حد القذف هنا لا يمكن أن يرضى ولا يمكن أن يقام عليه الحد لأنه يرى أن زوجته زنت زنا صريحا

هنا يأتي ما يسمى بالملاعنة  كما ذكر تعالى في أول سورة النور  :

{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ }

كما يشهد هو  ؟ خمس ، ويؤكد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان كاذبا  هي حتى يدفع عنها العذاب يعني لو قالت لن أحلف أقيم عليها حد الزنا لكن لو قالت لم أزن إذًا تلزم بخمس شهادات أنه كاذب وهي صادقة وفي الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين

هنا إذا أتى هذا الولد من هذا الزنا ينسب إلى أمه

هذا له فائدة :

تصور : هذا الولد نسب إلى أمه من زنا أو من لعان فنبت هذا الولد نباتا حسنا ورزقه الله بمال وفير وأصبح ذا غنى ثم بعد حين توفي

من يرثه ؟ أيمكن أن يكون له ؟

ليس له أب ولا عم

إذًا ليس هنا إلا الأم وأقرباء الأم

 

تصور لو أنه مات وترك أمه وخاله أخو الأم هذه الأم على القول الصحيح هي ترثه بالفرض لا إشكال تأخذ الثلث لكن هي عصبة له والعصبة هو  يأخذ ما بقي من المال بعد توزيع الفروض

هي الآن ستأخذ الثلث لأنها أمه وليس هناك فرع وارث

المتبقي أيكون للخال أم يكون لها ؟ يكون لها

فإذًا هي عصبة ولدها إن لم توجد ، أقرباؤها هم عصبته

تصور لو أنه مات عن خاله وأمه ليست موجودة من يرث ؟

يرث الخال

هذه هي فائدة كون أن لا يكون للإنسان أب من حيث الشرع أنه ينسب إلى أمه

الفائدة في مثل حالة الإرث أنها تكون عاصبة له في حالة ما إذا كان أبوه الذي هو أبوه قدرا وليس أبا له شرعا لو مات الزاني لا يرثه

لو أن لهذا الزاني بنات لسن أخوات له لك أيجوز أن يتجوز بهن  ؟

الصحيح لا يجوز لأنه من حيث الشرع قلنا بهذا لكن نحن نعلم من حيث القدر أن هذا الماء هو ماء هذا الزاني وهذا الماء الذي هو ماء الزاني خلقت منه تلك البنت فتصبح أختا له وبالتالي لا يجوز أن يتجوز بأخته من الزنا