تفسير سورة البقرة الدرس ( 123 ) [ قل من كان عدوا لجبريل … ] الآيتان ( 97 98 ) الجزء الرابع

تفسير سورة البقرة الدرس ( 123 ) [ قل من كان عدوا لجبريل … ] الآيتان ( 97 98 ) الجزء الرابع

مشاهدات: 437

تفسير سورة البقرة ــ الدرس { 123 }

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى : { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {97} مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ {98} }

تفسير سورة البقرة { 97 ـ 98 } / الجزء الرابع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فمازلنا في ذكر الفوائد المتعلقة بقول الله تعالى :

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {97} مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ {98} }

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

إثبات العداوة من الله جل وعلا  فكما أنه جل وعلا يوالي بعض عباده أيضا يعادي بعض عباده ، فالعداوة منه جل وعلا من الصفات الفعلية التي يفعلها متى شاء

والصفات ثلاثة أقسام وبعضهم يجعلها قسمين :

صفات لله جل وعلا خبرية : أتى بها الخبر مثل اليد لله مثل القدم لله مثل العين لله

هذه صفات خبرية أتى بها الخبر لا نقول إنها أجزاء وأبعاض ، لا ، هي أجزاء وأبعاض لنا ، لكن بالنسبة لله عز وجل لا

وإنما نقول هي خبرية يعني أتى الخبر بها

وبعض العلماء يجعلها في الصنف الثاني الذي هو الصفات الذاتية الملازمة له جل وعلا

الصفات الذاتية  : هي التي اتصف بها جل وعلا أزلا ولا يزال يتصف بها مثل العلم الحياة

القسم الثالث من صفاته جل وعلا الصفات الفعلية التي يفعلها متى ما شاء

مثل ما ذكر هنا العداوة يعادي بعض عباده

وقد يبغض الله عبدا باعتبار ويحبه باعتبار ، الفاسق يحبه الله من جهة أنه مسلم ، لكن يبغضه من أجل أنه ارتكب تلك المعصية

ومن الصفات صفات ذاتية فعلية مثل الكلام 

الكلام صفة ذاتية لم يزل ولا يزال متصفا بها جل وعلا ويفعلها متى ما يشاء فكلم موسى عليه السلام في وقت غير الوقت الذي كلم فيه آدم وغير الوقت الذي كلم فيه النبي عليه الصلاة والسلام لما عرج به إلى السماء

الكلام صفة ذاتية فعلية

هنا المعاداة منه جل وعلا صفة فعلية

بعض من لم يوفق وأزاغ الله قلبه عن الهدى حرف في صفات الله قال لا نثبت مثل هذه الصفات لا يد ولا عين ولا عداوة ولا محبة تصدر من الله ولا مشيئة ولا قدرة  ، نفوا عن الله الصفات وهم المعتزلة ، زادت الجهمية الطين بلة فنفوا الأسماء أيضا مع الصفات

الأشاعرة يثبتون الأسماء وسبع صفات فقط مجموعة في قول الناظم :

حي عليم قدير والكلام له   إرادة كذاك السمع والبصر

وينفون كل الصفات ما عدا سبع

الشاهد من هذا :

هؤلاء لماذا نفوا هذه الصفات ومن أثبتها حرفها ؟ قالوا لأننا لو أثبتناها لشبهنا الله بخلقه

سبحان الله ! الله عز وجل نفى أن يكون له مثل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ثم يثبت {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} أأنتم أعلم من الله بنفسه ؟ الذي أثبت له السمع والبصر مع أنه نفى أن يكون له مثيل

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ {4} }  { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا }

فإذًا نحن نقول ليست هناك مشابهة لأن للمخلوق له ما يليق به ، والخالق له ما يليق به

وبالتالي فإنهم قالوا في العداوة هنا إن الله لا يعادي إذًا ماذا عساكم أن تقولوا في قوله {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ } قالوا العداوة هنا منه إنما هي عقوبته جل وعلا بهم

سبحان الله !  العقوبة ليست هي العداوة ، العقوبة أثر من آثار العداوة

ولذلك خذها قاعدة  معتقد أهل السنة والجماعة أنه متى ما ذكر الله أو ذكر رسوله عليه الصلاة والسلام عن ربه أي اسم أو أي صفة عليك فعليك أن تثبتها ، أثبتها ولا تخف بشرط أنك لا تكيفها وبشرط أنك لا تقل إنها مثل صفة المخلوق

والدليل :

ابن عباس رضي الله عنهما ذكرت عنده صفة من صفات الله فارتعد رجل هذه الرعدة التي أصابته كأنه يستعظم أن يوصف الله بهذه الصفة لأنها في المخلوق في ظنه أنها هي أوضح بينما الله لا ، هذا في ظنه

فقال ابن عباس :” ما فرق هؤلاء  ؟ ـ  يعني ما خوف هؤلاء ؟ ـ  يؤمنون بمحكمه ويهلكون عند متشابهه “

لمَ تخف  ؟ لماذا تخاف  ؟

إذا أتتك أي صفة مثبوتة في القرآن وفي السنة أثبتها ولا تخف

( فإن الله لا يمل حتى تملوا ) إثبات صفة الملل لله على ما يليق بجلاله وعظمته

( وما ترددت عن شيء ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن ) إثبات صفة التردد لله بما يليق بجلاله وعظمته

انتبه :

تثبت بالشروط السابقة أنك لا تكيف ولا تقل إنها مثل صفة المخلوق

ولكن لتعلموا أن بعض الصفات تطلق على الله من غير تقييد

وبعضها بتقييد

أمثلة :

ـــــــــــــ

المحبة لله جل وعلا نقول إن الله يحب مطلقة  ، إن الله يبغض

هناك بعض الصفات لا تطلق إلا عن طريق تقييد

يعني  مثلا :

صفة الكيد أو صفة المكر لا تقل إن من صفات الله المكر وتسكت ، قل يمكر الله بمن يمكر بشرعه أو بعباده

الاستهزاء هو يستهزئ بمن يستهزئ بشرعه

ولذلك :

بعض الناس ربما يصف الله جل وعلا بما لا يليق به من حيث لا يشعر بعض الناس يقول : الله يخون من خانك  ، خطأ

لأنها صفة ذم مطلقة ما فيها مدح أبدا لكن المكر بمن يمكر بك دليل على القوة ولذلك قال تعالى : {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

ولم يقل خانهم

على كل حال :

قاعدة أهل السنة والجماعة  :

أتتك صفة في الكتاب وفي السنة أثبتها ولا تتردد حتى تكون مؤمنا بتوحيد الأسماء والصفات لكن من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أنه قال جل وعلا هنا وهو في سياق اليهود قال : {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ}

القسم الثاني { وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ }  القسم الثالث : { وَرُسُلِهِ }

لو تنظر إلى ما ذكره جل وعلا تجد أن اليهود عادوا الله بالأوصاف التي  أطلقوها على الله  ، تجد أنهم عادوا بعض الملائكة كحالهم مع جبريل

تجد أنهم عادوا الرسل إما بالتكذيب وإما بالقتل { فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

وهي فائدة لغوية بلاغية ، قال تعالى هنا : {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ }

هنا إظهار في مقام الإضمار يعني لو كان في غير القرآن {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } ” فإن الله عدو لهم ” هنا صرح قال {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} الإظهار هنا في مقام الإضمار أو التصريح في مقام الإخفاء أو الكناية فيه فوائد :

لماذا لم يقل ” فإن الله عدو لهم ” وإنما قال { فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ }

ــ من أجل أن يبين أن من عادى هؤلاء فإن حكمه الكفر

ــ من أجل أن يبين أن سبب ما وقعوا فيه من هذا الحكم هو الكفر

ــ من أجل أن يبين أن كل كافر سواء من كان على طريقة هؤلاء اليهود أو على أي طريقة أخرى هو عدو لله أو فإن الله عدو له