تفسير سورة البقرة الدرس ( 139 ) [ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ..] الآية ( 105 ) الجزء الأول

تفسير سورة البقرة الدرس ( 139 ) [ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ..] الآية ( 105 ) الجزء الأول

مشاهدات: 513

تفسير سورة البقرة  ــ الدرس ( 139 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

{ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) }

سورة البقرة ( 105 ) ــ الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معنا في هذه الليلة قول الله عز وجل :

{ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــ

أنه جل وعلا لما بين خبث اليهود فيما يتلبثون به من قول  { رَاعِنَا } وتفطن لها النبي عليه الصلاة والسلام فأمرهم الله جل وعلا أن يقولوا

{ انْظُرْنَا } بدل { رَاعِنَا } هذا القول الذي كان يقوله اليهود فيه خبث وفيه دسائس ، دسائس ماذا ؟ دسائس الشر للمسلمين ، بعدها ناسب أن يذكر هنا  ما هو السبب الذي دعا هؤلاء اليهود إلى أن يقولوا هذا القول

ما هو السبب ؟ السبب مذكور في هذه الآية وهو الحسد

إذن ما حمل هؤلاء اليهود على ذلكم القول ولا على إنكار النبي عليه الصلاة والسلام وإنكار رسالته  ، ما حملهم على ذلك إلا الحسد ولذلك قال : { مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــ

أن قوله { مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا }

{ مَا } : نافية ، بينما الآية التي بعدها : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا }{ مَا } : شرطية ، وكل نوع من أنواع ” ما ” له فائدته ، هنا فائدته النفي يعني نفى الله أن يكون في قلب هؤلاء اليهود حب في تنزيل الخير على هذه الأمة ، بل إن العجب من عظم خبث هؤلاء  اليهود ، وكذلك خبث المشركين  كما هو موضح في الآية أنهم يحبون ليست محبة طبيعية ، بل محبة في أعظم درجاتها وهو الود ، الود هو خالص المحبة يعني من أعماق قلوبهم لا يريدون الخير لهذه الأمة

لم يقل ” ما يحبوا ” { مَا يَوَدُّ }

ولذلك الآيات التي ستأتي معنا :

{ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ }

{ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــ

إذا كان هؤلاء اليهود وهؤلاء الكفار إذا كانوا يحسدون هذه الأمة فإنه من الطبيعي أنه لا يؤمن شرهم ، فيكون هنا تحذير لهذه الأمة من شر هؤلاء  اليهود ثم هو أيضا من باب تحذير لمن بيده زمام أمور الأمة أن لا يولي أحدا من هؤلاء اليهود أو هؤلاء المشركين على مصالح المسلمين لأنهم لو اجتهدوا في الظاهر فإنهم خبثاء لهم ما يريدون ولهم ما يخططون ، ثم هم لا يستعجلون الثمرة يعني ولو بعد خمسين أو مائة سنة

ثم إن احتيج إليهم في أمر من الأمور كحال النبي عليه الصلاة والسلام مع ابن أريقط في دلالته لطريق الهجرة لا إشكال في ذلك ، لكن أن يكون ثقة مأمونا هذا شرط

الشرط الثاني : ألا تكون الرئاسة بيده وإنما يكون تابعا للمسلم

وإلا فكما أسلفت لكم هؤلاء وإن أظهروا الحب والوئام والود إلا أنهم في حقيقة أمرهم يبطنون الشر ولا يتسعجلون الثمرة

أنا أقول : إن اليهود والنصارى في هذا العصر حققوا نجاحا عظيما لا يخطر على بال مما لم يحققوا عشره فيما مضى ،  كيف ؟

وسائل التواصل :

تويتير فيس بوك واتساب قل ما تشاء  ، أعظم ما تدمر به الأمم والدول أن تعرف مكمن ضعفها ومكمن قوتها  ثم هم يحسبون حسابا دقيقا

لا تظن حينما ترسل رسالة أو تغريدة في تويتر أو تدخل على مقطع أو على يوتيوب لا تظن أنه غير محسوب ، محسوب بدقة لكل شخص

عندهم كأنها شاشة واضحة فإذا عرفوا مثلا وهم الآن لن يفعلوا هم الآن يشخصون حال المسلمين وتوجه كل شعب ، مثلا الشعب السعودي عندهم من خلال حصر ما يبث وينشر في هذه الوسائل ما هي توجهاته ؟ وما هي رغباته ؟ ما هي شهواته ؟ ثم في المستقبل يفعلون فعتلهم

الشعب المصري مثلا الأردني قل ما تشاء

هم يعرفون ماذا يريدون لكن نحن في غفلة لا ندرك ولا نشعر من أن هؤلاء ما قدموا هذه الوسائل حبا في سواد عينيك ، لا

لو علموا أن الأمة الإسلامية استفادت منها في نشر الإسلام وفي إيصال الإسلام إليهم وغزوناهم بأسلحتهم لما استمروا على هذا لكنهم يعرفون وهم حققوا نجاحات عالية

وأقول هذا ليس تعظيما لشأنه وإنما من باب تحذير هذه الأمة مما يدار بهم لأنه ربما أنت الآن هناك شباب وهناك أطفال سيخرجون وإذا بهذه الوسائل أمامهم ولا يدرون ماذا يراد منهم  ؟

فليتنبه لخطر هؤلاء

 

ولذلك فيما مضى :

كانوا قد اجتمعوا وقالوا لا عزة لنا قديما قبل مئات السنين قاولوا لا عزة لنا إلا إذا مزق هذا المصحف في اجتماع لهم فقام شخص فمزق المصحف

فقال : يا أحمق لا أريد تمزيق أوراق إنما أردت أن يمزق هذا المصحف من قلوب المسلمين

إذن ما الحل ؟

لا مدافع ولا دبابات  قالوا : كأس وأغنية تفعلان بالأمة المحمدية أكثر ما يفعل ألف مدفع

الآن : ألم ــ إن صح التعبير ـ ألم يمزقوا القرآن من قلوب المسلمين ؟

أين هو ؟ لنكن صرحاء

حلقات التحفيظ قبل مجيء وسائل التواصل من حيث العدد ومن حيث الهمم ومن حيث الرغبة أهي الآن حتى عند الكبار الذي يأتون للحلقات بعد المغرب وبعد العشاء إلا ما ندر أين تلك الهمة وتلك الأعداد ؟ قلت إذن : هذه الوسائل أشغلت

 

بل إن من الحجة من الله علينا أن هذا الجوال لا يقع من أيدينا في غالب ساعات يومنا ونبحث فيه عما قال فلان وكتب فلان وفعل فلان والمصحف فيه ولا نقرأ ماذا قال الله ؟ ماذا أمر الله ؟

المصحف بين يديك وتقلب كلام البشر ليل نهار بينما كلام الله لا يقرأ أبدا وإن قرئ قرئ في رمضان أو في الشهر مرة أو من أجل دراسة

أليس هذا من الخسران  ؟

هذا تحقيق لهدف لهؤلاء اليهود لهؤلاء الكفار ونحن في غفلة

وإذا لم يقرأ القرآن كيف يزداد إيمانك ؟ كيف تكون قريبا من الله ؟

فألهت هذه الوسائل قلوب الناس حتى قلوب الأخيار

ولذلك يمكن أن يرى بعض الأشخاص بعد مجيء هذه الوسائل يتأخر في المجيء إلى الصلاة ؟ بعضهم لا يحضر إلا عند الإقامة  ، بعضهم قد يحضر وقد فاتته ركعة أو ركعتان  ، كلها في سبيل تتبع كلام البشر وفي القيل والقال الذي لا طائل من ورائه ولم يقدم لنا خير بل قدمت لنا شرور

 

أنا قرأت تقرير لهؤلاء يقولون : إن في هذه الهواتف الذكية يقولون بها من قوة إدمان ما يفوق الإدمان عن المخدرات  ، صحيح أن تأثير المخدرات الإنسان يذهب عقله لكن أيضا هذه تدمر قالوا  : كيف ؟

قالوا : يدل على هذا أننا نرى الشباب والفتيات من حين ما يستقيظ أحدهم من النوم إذا به يأخذ هذا الجوال فينظر فيه

لما سألت بعض الشباب قلت ثم ماذا ؟ قال أريد أن أعرف ماذا قيل ؟

بينما تمر عليه السنة والسنوات ولا يقرأ القرآن وإذا قرئ القرآن قرئ في المدارس من أجل الدراسة هذا خسران مبين لنا نحن المسلمين ونجاح عظيم لهؤلاء اليهود ولهؤلاء الكفار

فلنتنبه لمثل هذا الأمر

 

كما أسلفت :

لا تنظر إلى الوقت الحالي انظر إلى ما بعد عشرات السنين كيف يكون حال الناس ؟

الآن حال الناس حال ضعيف ، ألا تعلمون أن نسبة كبيرة من طلاب المدارس وزادت كانت موجودة فيما مضى الآن زادت نسبة كبيرة يواصلون الليل بالنهار يأتي إلى المدرسة وهم لا يخرجون في الشوارع قلت حركاتهم وقل وقع القدم في الطرقات أين هم ؟ في البيوت على الأسرة واللاب توبات والهواتف ، فانفتحت الأبواب

يواصل ليله بنهاره فإذا خرج وأنا تحدثت لما دخلت على بعض الفصول  في المرحلة الثانوية وبالفعل أقروا ، يعني يخرج من المدرسة بعد الظهر ثم ينام ذهبت صلاة العصر ذهبت صلاة المغرب ذهبت صلاة العشاء ثم يستيقظ ويبدأ يومه من جديد

كيف يدافع هذا عن مقدرات الأمة ؟ كيف يرفع للأمة شأنا إذا كان بهذه الصورة  ؟

بل إن نسبة منهم يصلون صلاة الظهر بعد البحث والاستبيان يصلون صلاة الظهر في المساجد من غير وضوء

أفتشغلنا هذه الأجهزة عن القرآن وعن الصلاة وعن الخير

فالقضية قضية هامة كأن هذه الآية لم نقرؤها من قل فنحن نقرؤها الآن :

{ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ }

ولذلك هذه سنوات الهرج يعني تنقلب عند الناس المفاهيم والأمور

أنا أجزم أن من في سني أو أكبر مني أو أقل مني بقليل أنه في (عناء )

لم ؟

لأنه تربى وسار على طريقة  طيلة حياته طريقة الآباء والأجداد افعل يفعل

لا تفعل ما يفعل

ثم إذا بك بعد أربعين سنة تقول لأبنائك افعل ولا يفعل لا تفعل ويفعل

هذه فيها خطورة حتى على صحة الإنسان لأن هذا الجيل يريد أن يغير مسار البيت ومسار فكر والديه مع أنهم اعتاودوا على أمر

فقضية تعديل الوضع وبقاء الناس على ما هم عليه هذا فيه خطورة

الآن عندنا أطفال ماذا يكون حالهم بعد عشرين سنة  ؟

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام بين أن سنوات الهرج الانصراف فيها إلى العبادة من أعظم ما يكون

عند مسلم : ( عبادة في الهرج كهجرة إلي ) يعني كأنك في مقام ثواب من يهاجر كما هاجر الأولون في الثواب ، لأن الأمر خطير فالآن أنت في غربة  قال ( طوبى للغرباء  ) من هم ؟ ( الذين يصلحون إذا فسد الناس )

 

والحديث في الحقيقة هو يوجه إلى من عنده تقصير لكن المشكل أن يكون التقصير واقعا ممن عليه سيما الخير

تدخل بيتك وتعرف أن في البيت أخطاء شنيعة أنت لا ترضى أن يخلو ابنك بجهاز لا تدري ماذا يصنع فيه  ؟ لا تدري ماذا يكون ؟

الآن هناك أصدقاء للبنات والأولاد خارج المملكة لا يعرفونهم بل إن بعضهم ينتحل شخصية امرأة على أنها صديقة لابنتك ، ربما أنه يرسل صور لامرأة على أنها صور لها

الآن فيه تواصل ليس داخل المملكة بل خارج المملكة فالأمر خطير

الآن فيه برنامج اسمه برنامج التانجو هذا :

مرئي لما تفتحته تنظر فيه يقول أتريد أن تعرف أقرب صديق إليك

الان هذا هو زمن المخلص المراقب لله عز وجل

وإلا فالفتن عظيمة ومدمرة ولا يسلم منها أحد إلا من سلمه الله

تريد أن تسلم ؟ عليك بهذه الصلاة

احرص أنه من حين ما يؤذن تلغي كل ما لديك لا جهاز ولا غيره

عود نفسك من حين ما يؤذن المؤذن دع ما لديك وتوضأ واذهب إلى المسجد وصل السنن واقرأ القرآن وادخل في الصلاة ثم انظر كيف يكون خشوعك

وبعد الصلاة اجلس واذكر الأذكار وانظر كيف يكون حالك يتبدل الحال

{ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }

يقول شيخ الإسلام : ذكرك لله وتعظيمك لله في هذه الصلاة أكبر من فعل الصلاة في نهيها عن الفحشاء والمنكر

لكن يأتي إنسان وتفوته الصلاة ركعة ركعتان

الآن الجمعة انظر إلى حال الناس في صلاة الجمعة  ، بعض الخطباء يقول أدخل صف إن زاد صفين
أعوذ بالله إلى هذه الدرجة صلاة الجمعة  ، لم ؟

يعني خلاص نسينا العقاب والثواب ونسينا الآخرة  { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }

كل سيحاسب ، الناس يفعلون نفعل ،  الناس يتركون نترك

غلط

{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }

كل واحد يقول أنا مع الناس ؟ ما هي الخاتمة لدينك ودنياك ؟