تفسير سورة البقرة الدرس ( 156 ) [ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا .. ] الآية ( 111 ) الجزء الثاني

تفسير سورة البقرة الدرس ( 156 ) [ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا .. ] الآية ( 111 ) الجزء الثاني

مشاهدات: 576

تفسير سورة البقرة ــ الدرس ( 156 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

 { وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) }

سورة البقرة ( 111 ) / الجزء الثاني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فنكمل ما تبقى من فوائد تحت قوله تعالى :

{ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن هؤلاء نفوا ماذا ؟ نفوا أن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى

وهذا النفي ليس للحاضر وإنما هو للمستقبل لأن الجنة لم تأت بعد

وهذا يفيدنا بفائدة لغوية لكنها تفيد من حيث المعنى :

أنه قال : {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ} فأفادت هنا { لَنْ } أنها أداة تنصب الفعل المضارع وتنفيه وتحوله من الحاضر إلى المستقبل

إذن هنا{ لَنْ } أداة نفي ونصب واستقبال

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن هؤلاء  اليهود والنصارى ماذا قالوا ؟ { لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } أفيكون معنى الآية أن اليهود يقولون سيدخل الجنة نحن والنصارى ، والنصارى يقولون نحن سندخل الجنة واليهود أم ماذا ؟

كل على حدة ، بمعنى أن اليهود تقول لن يدخل الجنة إلا نحن إذن لن يدخلها المسلمون ولا النصارى ، والنصارى كذلك يقولون لن يدخل الجنة إلا نحن فلن يدخلها لا اليهود ولا المسلمون ، ما الذي أدرانا مع أنه قال هنا : {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى }

الذي أدرانا ؟ ما بعدها : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن هؤلاء تقولوا على الله :  اليهود كما سبق في أول السورة أنهم كتموا الحق يلبسون الحق بالباطل ، هنا افتراء وتقول على الله  ، لم ؟

لأنهم حكموا بحكم ذلكم الحكم أقاله الله ؟ لم يقله وإنما من تلقاء أنفسهم وهذا يدل على خطورة الفتيا من غير علم ، والفتيا من غير علم أو يقول في الدين من غير علم لا يقدم عليها إلا من هو معجب بنفسه متكبر

ولذلك ما قالوا هذه المقولة : {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} لأنهم يرون أن لهم فضلا ، ولذلك بعض الناس ولو كان طالب علم ربما أنه يأنف من أن يقول في شيء لا يعلمه يقول  : لا أدري ، لم ؟

قلها ، لأ نك ما طلبت العلم إلا من أجل أن تنقذ نفسك من أجل أن تأخذ من الحسنات  الخير الكثير لإفادة الناس لا أن تفيد الناس أو أن توجه إلى الناس ويكون ذلك سببا في هلاكك أنت فهذا ليس بعين العقل ، ولذلك قال بعض  السلف كما قال ابن عبد البر في كتابه العلم يقول : ” من لا يعرف لا أدري أصيبت مقاتله ” المقاتل ما هي ؟ أن يضرب الإنسان في خصيتيه ، أن يضرب في أنفه  ، مقاتل

يقول  : ” من لا يعرف لا أدري أصيبت مقاتله “

ولذلك فالإمام مالك كما ذكر ابن عبد البر

ونرى أن بعضا من الناس ربما يسأل في قنوات فضائية وتراهم في كل قناة يعني ما هو هذا العلم الغزير وعمره في الثلاثين أو الأربعين ما هو هذا العمر الذي قضيته إن كنت مجتهدا في أول حياتك ما هو هذا العلم الذي به تنفع الناس وإذا بك في كل قناة ؟

ما الذي بقي لك من الوقت لم يبق لك من الوقت

إذا ذهبت للاستديو تأخذ ساعات ، التهيؤ للاستيديو ساعات اللقاء  ، ما بعد اللقاء ، ثم الذهاب إلى قناة أخرى

بعض من الناس يلف ويدور من أجل ألا يبين أنه لا يعلم ،  لم ؟

قالها من هو أفضل منك

مر معنا في هذه السورة : الملائكة : {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ولذلك يقول العلماء يقول  : من قال فيما لا يعلم لا أعلم فهو روح ملكي ، يعني فيه تشبه بالملائكة ، ومن قال أعلم فيما لا يعلم فهو شيطاني من الشياطين

قل لا أدري ، سبحان الله !  ترتفع مكانتك عند الله وعند الناس وهذا من التواضع من يعرف لا أدري إذا كان لا يدري لكن إن كان يدري فالواجب أن يعلم الناس فإن الله سيرفعه

ولذلك الإمام مالك كما ذكر ابن عبد البر في كتابه العلم وينصح كل طالب علم وكل عالم أن يقرأ هذا الكتاب

بعض الناس الآن ليس بعالم يقرأ صفحات أو كتابا أو ربما  يحفظ القرآن ويقول : أنا لها  ، مسكين ، ابن عباس كان في مجلس وكان السلف يتدافعون الفتيا لا يريدونها والله لو وجد العالم من يكفيه في الفتيا حتى يبرأ من إثم الكتمان والله إنه على خير، لكن إن لم يوجد أحد فيجب أن يبين لأن هذه فتنة وابتلاء حتى لا يبوأ بإثم الكتمان

ولذلك يقول أبو هريرة مع أنه أحفظ الأمة للأحاديث يقول كما عند البخاري ( حفظت وعائين من العلم من رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول لولا آيتان من كتاب الله ما حدثتكم بحديث ) لكن يخشى من إثم الكتمان

ولذلك ابن عباس كان في مجلس وأتى سائل يسألل فقال : اذهب إلى ذاك ويشير إلى أبي هريرة ، فلما ذهب الرجل قال ابن عباس يا أبا هريرة لقد أتتك معضلة ، أتتك مصيبة ، وبعض الناس الآن يفرح أن يسأل وأن يصدر

وأن يقال الشيخ العلامة ، سبحان الله ! كلمة علامة هذه لم أسمع في حياتي أنه أطلقت على الشيخ ابن باز وابن عثيمين إلا وعمر الشيخ ابن عثيمين في السبعين وعمر الشيخ ابن باز في الثمانين

الآن عمر إنسان في الثلاثين والأربعين والخمسين العلامة العلامة العلامة

ما عاد نحصي هؤلاء العلامات

ولذلك ماذا كان يقول ابن عباس : ” لقد أتتك معضلة ”  لكن إن كفيت فأنت في نعمة

ولذلك الإمام مالك كان جالسا في حلقة من حلق العلم وأتى رجل يسأله فقال الإمام مالك لا أدري ، فقال هذا الرجل  : إن أهل قريتي بعثوني إليك لكي أسألك فماذا عساني أن أقول لهم ؟ فقال له الإمام مالك : قل لهم إن مالك لا يدري “

ثم ماذا ؟ تسقط السماء من مكانها ؟ إن مالك لا يدري

هذه  قضية مهمة جدا ولاسيما في مثل هذا الزمن الذي تصدر فيه أناس  وإذا بهم يحرصون يظنون أنها خير ، لا والله من كفي فهو في خير

فانظروا من يتقول على الله من غيرعلم فإنه به شبها من اليهود والنصارى به شبه من أهل الكتاب ، ولا يقل أحد إنني أكون مجتهدا ، ما فيه اجتهاد من غير نص  ، كل يصدر من رأسه ، ولذلك في الآية هنا : {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}

يعني أي شخص يقول في الدين يعني حتى في غير أمور الدين لو أتى إنسان وقال كلاما نقول له ما الذي أدراك وهذا في أمور دنيوية

فكيف بأمور دينية تتعلق بعبادة المسلم

ولذلك قال هنا : {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أما أن يأتي شخص ويصفصف لنا كلاما من عنده  ثم يقول هذا جائز هذا محرم هذا واجب من غير دليل فإنه لا يقبل

ولذلك هذه الآية تعطينا نورا واضحا ما هو :

أنك لا تقبل كلام أي شخص إلا إذا أتى بادليل الشرعي من الكتاب أو من السنة إذا لم يأت بدليل فلا تأخذ منه شيئا

ولذلك أتتنا الآن فتاوى شاذة ما سمعنا بها من قبل حتى ما يجرؤ مسلم أن يقول بها ، والآن يتفوه بها وتنشر من أناس صدروا أنفسهم للعلم وليسوا في الحقيقة علماء

لأن من نظر في حال السلف وجد أنهم كانوا يهربون من الشهرة ومن  معرفة الناس والشواهد كثيرة

ولذلك البيهقي في كتابه الزهد يقول : كان السلف ينفرون من الشهرة

لكن من ابتلي بها من أجل الله فعليه أن يتنبه لنفسه ويفيد الناس

قال : ” كانوا لا يحرصون على الشهرة “

وقال :” إنما الشهرة مثل الذي يسبح في البحر فيتعلق به الناس إن كان مجيدا للسباحة أنقذ غيره ، وإن كان غير مجيد له فإنه يهلك نفسه ويهلك غيره “

الآن مثل الشهرة الآن بعض الناس يشتهر بأنه عالم إذا لم يكن عالما حقيقيا هذا يهلك نفسه ويهلك غيره ، لكن إن كان مشتهرا على علم متين هنا ينقذ غيره