تفسير سورة البقرة الدرس ( 160 ) [ وقالت اليهود ليست النصارى على شيء .. ] الآية ( 113 ) الجزء الأول

تفسير سورة البقرة الدرس ( 160 ) [ وقالت اليهود ليست النصارى على شيء .. ] الآية ( 113 ) الجزء الأول

مشاهدات: 490

تفسير سورة البقرة ــ الدرس ( 160 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) }

سورة البقرة ( 113 ) / الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معنا في هذه الليلة تفسير قوله تعالى :

{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن بين اليهود والنصارى محبة فيما بينهم وموالاة من جهة وبينهم من جهة أخرى عداوة ، فإذا كان العدو هو المسلم فإنهم فيما بينهم أعني اليهود والنصارى في محبة ووئام ، والدليل ما مر معنا : {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أهل الكتاب من ؟ اليهود والنصارى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}

وبينهم من جهة أخرى إذا لم يكن العدو هو المسلم بينهم عداوة،  والدليل هنا : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن اليهود حكمت على النصارى بأنهم ليسوا على دين باعتبار أنهم لا يؤمنون بعيسى لأن اليهود أرادوا أن يصلبوه وأن يقتلوه ، والنصارى  يرون أن اليهود ليسوا على دين لأنهم لم يؤمنوا بعيسى

ولذلك انظروا إلى أمر وهو : أن التكفير والتبديع وخصوصا التكفير ليس في هذه الأمة وحدها بل حتى في الأمم السابقة ، والدليل هنا : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}

ومن ثم : فإن الواجب على المسلم أن يتقي الله وأن يجعل نزاعه مع الآخرين على حسب ما جاءت به الشريعة : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }

ولذا : سبحان الله ! ماذا قال هنا : {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ } الجملة هنا جملة حالية  قيدت وقلت لكم بالأمس إن الحال والجمل الحالية تقيد الحكم لو كان في غير القرآن فقال  : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}ولم تأت جملة {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ } لكانت مطلقة ، لكن قالوا هذا القول مقيدا ، بماذا  ؟ بأنهم يتلون الكتاب

يعني لديهم علم : {وَمَا تَفَرَّقَ الَذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}

{وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ } يعني عدوان ، ولذلك تجد أن المسلمين في هذا الزمن يعتدي بعضهم على بعض بالقول  ، وهذا القول يفتح باب الاعتداء بالفعل تجد أن المسلم يصنف  على حسب الهوى يقال هذا والله هذا كذا من تلك الفرقة كلامه كذا إذا به يبدع ويفسق وينسب إلى حزب أو إلى طائفة

وليعلم :

أن الشريعة بريئة من كل حزب سواء كانت أحزابا دينية أو أحزابا سياسية أو أي حزب فإن الإسلام ينبذها ، ولذلك ماذا قال تعالى : {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} كل حزب يقول معي الحق ، حتى ما ينشأ من أحزاب سياسية في بعض البلدان الإسلامية يقولون هذا حزب إسلامي سياسي أو كذا أو حزب بهذا الاسم هذا ليس من شرع الله

بعض الناس يقول هذه أحزاب سياسية لا علاقة للإسلام بها

هذا غلط كيف لا يكون للإسلام حكم في السياسة ؟ هناك سياسة شرعية ولذلك العلماء كتبوا في السياسة الشرعية وكيف تسير أمور الناس لا من حيث الحكم بين الناس ولا من حيث رعاية الناس الرعاية الكبرى ولا الرعاية الصغرى إلا بطريق الدين

ولذلك فليحذر المسلم  من أن يقع في الاختلاف والافتراق ، فلا تقل إني من تلك الطائفة ولا ترضى أن يصنفك أحد من أنك من تلك الطائفة وقل له إني أقف معك أمام الله لآخذ حقي منك يوم القيامة

أنا مسلم  ، النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند البخاري : ( من صلى صلاتنا ) هذا هو الميزان الذي يجب أن يتعامل المسلمون به : ( من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذاك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله عليه الصلاة والسلام  )

ما نهاية الحديث ؟ ( فلا تخفروا الله في ذمته )

يعني لا تخونوا عهد الله في مثل هذه التصانيف ومثل هذه التحزبات ومن اخطأ من المسلمين يبين خطؤه ، ولذلك بعض الناس يمكن أن  يجعل لبعض  الناس مقاما كأنه في مقام العصمة حتى لو كان من أهل العلم حتى ولو كان من أهل  الدعوة ، يعني يخطئ فيدافع عنه ، لا تدافع عن الخطأ  ، لا تتقصد الأشخاص ، الأشخاص لا يتقصدون

الإسلام ما أمر أن يتقصد الأشخاص اللهم إلا إذا استشرى شر وزاد وخشي على الناس من أن يدلس عليهم هذا الرجل ولو كان منسوبا إلى العلم أو الدعوة هنا يصرح باسمه ، لكن متى ؟

بعد أن يستشري شره وبعد أن ينصح عدة مرات ، لكن من حين ما يخطئ فلا يصرح باسمه ، ولكن لايسكت عن خطئه

بعض الناس لما يرد على فلان من أنه أخطأ ويردعليه بالأدلة الشرعية ليس بالهوى إذا به يدافع

ولذا نرى في بعض وسائل التواصل في التويتر أو حتى في الصفحات الإخبارية اليومية التى يذكر فيها بعض الأخبار عن بعض الأشخاص إذا بالتعليقات يدافع عن الباطل من أجل أن هذا الباطل أتى به فلان وهذا خطأ

هذا يخشى على المسلم في  دينه ، لأنه يجب أن تدافع عن الحق مهما كان

ولذلك بعض السلف كما ذكر الذهبي كان يحذر من بعض الأشخاص وكانوا أولئك الأشخاص كانوا من أهل العلم ولكن عندهم بدع عندهم زلات هم مازالوا في دائرة المسلمين لكن عندهم بدع

فقال له شخص : كيف تحذر منهم ؟ قال : إني أرحم بهم من أمهاتهم وآبائهم إني أخشى أن يكثر أتباعهم ثم تكثر سيئاتهم

ولكن يجب بالضابط الشرعي

يجب أن يرد على الخطأ من أي فلان مهما كان وكل يخطئ لكن هذا الخطأ يجب أن يبين بالدليل الشرعي ولا يتقصد الأشخاص ، لكن إن كان هذا الشخص في حياته في ساعاته يأتي بزلات وبأخطاء وربما تكون تلك الأخطاء في العقيدة هنا  يناصح أكثر من مرة إن لم ينتصح يصرح باسمه من باب التحذير منه لا من باب التشفي ، ولذلك يجب على المسلم أن يكون عدلا

ولذلك يقول شيخ الإسلام ”  إذا أردت أن تحكم على أي شخص فعليك قبل  أن تحكم عليه بالعلم والعدل ”

كيف ؟ يعني إذا كان ما وقع فيه علمته أنت ليس كما ينشر فلان ربما أنه تلصق به تهمة مكتوبة يمكن أن تكتب أي كتابه وتقول قالها فلان ثم إذا بها تنطلق الكذبة تبلغ الآفاق كما قال عليه الصلاة والسلام وتنقل من مكان إلى آخر ومن شخص إلى آخر ، هنا حكمت على فلان أو حتى على الدولة بعض الناس قد يحكم على الدولة ببعض الأشياء ربما تأتي رسالة ويرسل هذا خطأ ، يجب أن تتحقق ، يجب أن تحكم على الأشخاص أو حتى على الحكومات

ولذلك يقولون : والله ربما أن الدولة فعلت كذا أو سمعنا أو الدولة الفلانية يجب أن يكون المسلم حينما يحكم يحكم بالعلم أن أكون عالما على يقين من أن هذا وقع ، ثم إذا حكمت أن تعدل

لا تجرد الناس تجريدا وأن تسلخهم سلخا ، لا ، وإنما بالعدل

ولذلك هذه الآيات فتحت لنا مثل هذا التوجيه الذي نحتاج إليه في هذا الزمن

ولذلك كثر المستعلمون ممن يدعي العلم وأصبح من لا صفة له ومن لا إذاعة له ومن لا قناة له ومن لا وسيلة إعلام له أصبحت له وسيلة إعلامية بإمكانه أن يكتب ويقول أنا عالم ويقول أنا كذا وأنا كذا

ولكن يجب على المسلم أن يستفيد من أخطاء اليهود والنصارى وألا يتشبه بهم في مثل هذا الباب