تفسير سورة البقرة الدرس ( 163 ) [ ومن أظم ممن منع مساجد الله .. ] الآية ( 114 ) الجزء الثاني

تفسير سورة البقرة الدرس ( 163 ) [ ومن أظم ممن منع مساجد الله .. ] الآية ( 114 ) الجزء الثاني

مشاهدات: 480

تفسير سورة البقرة ــ الدرس ( 163 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

 { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) }

سورة البقرة ( 114 ) / الجزء الثاني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نكمل ما تبقى من فوائد تحت قوله تعالى :

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) }

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن الظلم هو وضع الشيء  في غيره موضعه اللائق به

والظلم ثلاثة أنواع :

أن يشرك بربه ، وظلم العبد لغيره من المخلوقين ، وظلم العبد لنفسه

فالنوع الأول : أن يشرك به

ولذلك قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } ــ (يعني بشرك) { أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }

قال الصحابة كما في الصحيحين : يارسول الله وأينا الذي لا يظلم نفسه ؟

فقال عليه الصلاة والسلام ألم تقرءوا قول الله : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }

أما ظلم العبد لغيره  :

فهو أن يعتدي عليهم في عرضهم أو في أموالهم أو فيما يخصهم

أما ظلم العبد  لنفسه أن يظلمها بماذا ؟ بالمعاصي ، وأعظم هذه المعاصي البدع وهو أن يبتدع في دين الله ؛ لأن البدع هي أعظم من كبائر الذنوب ؛ لأن البدع بوابة الشرك

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن قوله جل وعلا : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ } يفهم منه أن من أعان الناس على الخير وعلى فتح المساجد أوعلى إنشائها أنه من أكمل الناس إيمانا فإنه لما قال : إن أظلم الناس هو من منع الناس عن مساجد الله

إذن من هو أكمل إيمانا  ؟ هو الذي يسهل للناس أن يذكورا الله في المساجد

لكن ليعلم :

أن هذا الذم الذي يقع فيه من يقع من منع الناس من أن يذكروا الله في المساجد يخرج منه المنع الذي لمصلحة

فلو منع الناس أو منع بعض من الناس من المساجد باعتبار أن أبواب المساجد ولاسيما أنها تغلق من أجل ألا يعتدى عليها ألا تنتهك ألا تسرق هذا لا يدخل ضمن الذم

المساجد إذا منع منها بعض الناس ممن قد يثير فتنا على الناس أيضا هذا ليس داخلا في الذم

فالأصل أن من منع الناس أن يذكروا الله في المساجد فإنه مذموم إلا إن كانت هناك مصلحة إما مصلحة عامة أو مصلحة خاصة

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أنه قال هنا : { مَسَاجِدَ اللَّهِ } أضيفت المساجد إلى الله

الشيء  إذا أضيف إلى الله لا يخلو من ثلاث حالات :

أن يكون هذا المضاف إلى الله وصفا يعني معنى ليس عينا يعني مثل هذه القارورة هي عين الوصف ضدها

فإذا أضيف إلى الله الوصف أو المعنى فالإضافة هنا إضافة الصفة إلى الموصوف يعني أنها صفة من صفات الله مثل سمع الله البصر لله

الثاني : أن يضاف ما كان عينا قائما بنفسه هذا إذا أضيف إلى الله فهو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه كما هنا : { مَسَاجِدَ اللَّهِ } { نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا } وهكذا

الثالث  : أن يضاف هذا الشيء إلى عين قائمة بمخلوق يعني أن يضاف  شيء هو ليس بعين يرى من حيث البصر المجرد ، فما أضيف إلى الخالق مما ليس قائما بنفسه يعني ما يمكن أن ينفرد بنفسه مع أنه جرم لا يمكن أن ينفرد بنفسه فهو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه : مثل الروح

الروح ما تنفرد بنفسها لابد من جسد لابد من جسد فإذا أضيفت الروح إلى الله ، تلك الروح هي في الحقيقة قائمة بعين مخلوقة { مِنْ رُوحِي } قال عز وجل : { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي }

 

هنا الروح مخلوقة ، ولذلك معتقد أهل السنة والجماعة أن الروح مخلوقة وأنها جرم ولذلك ذكر ابن القيم كما في كتابه الروح ذكر مائة وستة عشر وجها في إثبات من حيث الدليل الشرعي في إثبات أن الروح جرم ليست معنى

روح ابن آدم ليست معنى وإنما هي جرم بدليل ما جاء في الأحاديث من أنها تحنط ، يؤتى لها بحنوط من الجنة كما في حديث البراء

منها : أن البصر يتبعها إذا مات ابن آدم فإن بصره يشخص ،  لم ؟ لأن البصر يتبع الروح حينما تخرج ، إلى غير ذلك من الأدلة

إذن هذا هو ما يضاف إلى الله عز وجل

الإضافة هنا إضافة تشريف أضيفت المساجد إلى الله إضافة تشريف

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن المساجد هي لمن؟ لله ، لكن هنا إشكال وهو : أنه ربما يسمي بعض الناس بعض المساجد بأسماء مثل هذا الجامع جامع خليل السبعان أضيف إلى مخلوق جامع فلان من الناس ، أيجوز هذا ؟ يجوز

والدليل ما جاء في حديث ابن عمر في الصحيحين أنه قال : ( سابق النبي عليه الصلاة والسلام بين الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع والتي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق )

أضيف المسجد هنا إلى قبيلة بني زريق إضافة تمييز ليست إضافة ملك وإنما إضافة تمييز يعني يميز هذا المسجد عن غيره من حيث الاسم وإلا فليس ملكا ، مثل هذا الجامع ليس بمملوك لصاحبه انتهى ، فخرج من يده

ولذلك  لو أن الإنسان جعل في بيته مسجدا واختص به كما قال القرطبي واختص به ولم يفتحه للناس فهو ملك له مازال في  يده

لكن لو أن بعضا من الناس وقد نص على ذلك شيخ الإسلام :

بعض من الناس ربما أنه يجعل أرضا له مسجدا للناس لو كان بناء يسيرا فإنه لا يحق له أن يرجع لأن الوقف لازم يثبت بطريقين : بطريق القول

وبطريق الفعل

بعض الناس يقول أوقفت بيتي أو مزرعتي أو أي شيء له أصل ، فإن شاء أن يعود فلا حق له أن يعود انتهى خرج من ملكه ، هذا من حيث القول

بعض الناس يوقف ويندم ما ينفع الندم خرج من يدك

بعض الناس يوقف من حيث الفعل بعضهم يضع أرضا له ويفتحها للناس ويجعل الناس يصلون فيها فلو شاء أن يرجع فلا حق له في الرجوع

إذن المساجد لو سميت بأسماء مخلوقين فلا إشكال في ذلك لهذا الحديث

وقوله ( سابق  ) هذه ربما أنها  تشكل على الناس ( سابق بين الخيل المضمرة )

الخيل المضمرة هي التي تحبس في مكان ويقلل منها الطعام ويوضع على ظهرها ما يزيد من خروج العرق منها فتصبح قوية في الجري ، فهي المضمرة

أما غير المضمرة هي التي تترك هكذا تأكل ولا يفعل لها مثل هذا الفعل