تفسير سورة البقرة الدرس 177(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الآية 120 ـ الجزء الثاني

تفسير سورة البقرة الدرس 177(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الآية 120 ـ الجزء الثاني

مشاهدات: 821

تفسير سورة البقرة ــ الآية ( 120 ) / الجزء الثاني

قوله تعالى : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فنكمل تفسير قول الله عز وجل :

{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــ

أنه قال جل وعلا هنا { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى } لا هنا الثانية زائدة من حيث الإعراب انتبهوا ليس هناك شيء زائد في القرآن إذا قيل هذا حرف زائد إذا قرأت في الكتب هذا حرف زائد فاعلم بأن المقصود من حيث الإعراب ، ما من حرف في القرآن إلا وله فائدة وأحيانا يسمون الزائد لو تقرأ في بعض الكتب صلة من باب تلطيف العبارة لكن على كل حال سواء قيل حرف زائد أو صلة فهو من حيث الإعراب لكن من حيث المعنى له فائدة وإذا قيل في قراءتك هذا حرف زائد أو صلة فاعلم بأنه لتأكيد المعنى ، قال هنا { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } أتى بكلمة لا هنا لكي يوضح لك أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنك مجتمعين ولا منفردين ، يعني ربما لو في غير القرآن لو لم تأت لا يظن البعض أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنك إذا كانوا مجتمعين ، كلا ، فالمقصود من هذا أن اليهود وحدهم لن يرضوا عنك حتى تدخل في دين اليهودية ، والنصارى وحدهم لن يرضوا عنك حتى تدخل في دينهم ، وليس معنى ذلك أنهم إذا اجتمعوا أو حالة كونهم مجتمعين ، كلا  ، وهذه لا زائدة مثل { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } لو في غير القرآن وحذفت ” لا ” غير المغضوب عليهم والضالين ف” لا ” هنا زائدة لتأكيد هذا الأمر

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــ

أنه قال جل وعلا هنا { حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } ملة مفرد وإلا جمع ؟ ملة هنا مفرد مع أنه ذكر هنا اليهود والنصارى لم ؟ مع أنهم ملل اليهودية ملة النصارى ملة ، وإنما أفردها لم يقل  ” حتى تتبع مللهم ” لأن الكفار بجميع أصنافهم اليهودية والنصرانية من وثنية من مجوسية قل ما تشاء كلهم ملة واحدة إذا كانوا يعادون الإسلام  ، فلا تقل هذا يهودي وإلا هذا نصراني يختلف عن هذا أو عن هذا ، لا ، فهم كلهم ملة واحدة في عدائهم على الإسلام ، بينما فييما بينهم { وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ } { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى }

لكنهم ملل ، لكن لماذا قال هنا بالإفراد ؟ من باب بيان أنهم أعداء للإسلام وإذا كانوا كذلك فإنه إن كان العدو لديهم هو الإسلام اجتمعوا ، يجتمعون

ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام ( يوشك أن تداعى ) كما عند أبي داود ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم ) مع أنهم أعداء فيما بينهم ( كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ) القصعة هي الإناء القصعة التي فيها الطعام

كأن تقول يافلان هلم يا فلان تعال ، كل ، فكأن الأمة الإسلامية قصعة مليئة بالشيء الطيب وكل أمة تدعو الأخرى

( كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، قيل يا رسول الله أو من قلة نحن ؟ قال لا بل أنتم كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن ، قيل ما الوهن يا رسول الله ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت )

لا نقول هذا على مستوى العموم ، لا ، كل واحد منا يسأل نفسه (حب الدنيا وكراهية الموت) وحب الدنيا ازداد في مثل هذا الزمن عبر وسائل التواصل انستقرام ، ويسمونه اسناب شات وأشغل الناس ، هؤلاء فعلوا هؤلاء سافروا هؤلاء أكلوا هؤلاء شربوا ، أصبح الفقير ينظر إلى الغني والغني ينظر إلى أثرى الأثرياء ، وهكذا وأصحبت النفوس مولعة بالدنيا وإذا دخلت الدنيا على الآخرة هنا ينسى ذكر الموت ، متى ذكر الموت في مجالسنا ؟ قليل ، ولذلك ماذا قال الحسن البصري ؟ قال : ” لا يفتح عبد على نفسه بابا من أبواب الدنيا إلا فتح ذلك الباب عشرة أبواب “

هكذا  طبيعة ابن آدم لكن تحتاج النفوس إلى مجاهدة

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــ

قال { حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } إذا كانوا ملة واحدة الكفار ، فقد استدل العلماء بهذه الآية على أن المسلم الإسلام ملة إذن الملل الكفرية كلها ملة واحدة

إذن لا يتوارث مسلم مع كافر ، الإسلام ملة والكفار بجميع أنصافهم ملة

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ) هب أن إنسانا هب أن أبا كان كافرا وابنه مسلم فمات أحدهما فلا يتوارثان

وأخذ بعض العلماء من قوله { حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } بما أنهم ملة واحدة فيتوارث بعضهم من بعض ، إذن نحن قلنا لا يرث المسلم من أي كافر من أي نوع من أنواع الكفر ، لكن أيرث الكافر من الكافر الآخر من قريبه الآخر ؟ تصور لو أن يهوديا كان هو الأب ووثنيا أو مجوسيا كان هو الابن فمات أحدهما أيتوارثان ؟ على مقتضى هذه الآية يتوارثان لأنهم ملة واحدة ، لكن أتى الدليل الذي فصل وهو قوله عليه الصلاة والسلام عند الترمذي ( لا يتوارث أهل ملتين ) وعند أحمد وأبي داود ( لا يتوراث أهل ملتين شتى )

إذن لو كان الأب يهوديا والابن مثلا وثنيا أو مجوسيا يتوارثان ؟

الصحيح أنهما لا يتوارثان مع أن بعض العلماء يقول يتوارثان لكن الصحيح أن الحديث أتى وفصل .