تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 32 )
تفسير قوله تعالى :
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ{40} }
البقرة 40
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذه الآية الكريمة :
أن الله لما أمر آدم وممن معه بأن يهبطوا إلى الأرض وعدهم بأن يأتيهم هدى من رسول ومن كتاب وأوضح أن من اتبع هذا الهدى فهو من الفائزين وأن من خالف هذا الهدى فإنه من الخاسرين .
فكان من المناسب أن يذكر صنفا وطائفة من ذرية آدم خالفت هذا الهدى بل إنها تحملت هذا الهدى الذي هو العلم وهم اليهود تحملوه وتلقوه ومع ذلك لم يعملوا به
فقال ((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ{40}))
وهذا الخطاب موجه لمن في عصر النبي عليه الصلاة والسلام فهم الأحفاد فيذكرهم بحقيقة ماضيهم ومن ينتسبون إليه ينتسبون إلى من ؟
إلى إسرائيل
من هو إسرائيل ؟
هو يعقوب عليه السلام
ويعقوب عليه السلام يسمى بإسرائيل
لم ؟
لأن كلمة إسرائيل معناها : عبد الله
وبالتالي فإن ما يتلفظ به بعض الناس فيقول : هذا إسرائيلي
أو فعلت إسرائيل ما فعلت هذا لفظ غير شرعي ولا يصح
وإنما يقال : يهودي أو هؤلاء اليهود ولا يقال : إسرائيل أو إسرائيليون
لم ؟
لأنك لو قلت إسرائيلي نسبته إلى يعقوب الذي هو عبد لله وليسوا عبادا لله حق العباد
كما يصنعه بعض الناس فيقولون عن النصراني مسيحي
يقول : هؤلاء المسيحيون
خطأ لا يجوز أن تقول ذلك قل نصراني نصارى نصرانيون
لم ؟
لأنك إذا قلت مسيحيون يعني أنهم اتبعوا المسيح عيسى بن مريم ولم يتبعوه
كيف ؟
لأنهم لم يتبعوا النبي عليه الصلاة والسلام الذي حث وأمر عيسى أن يتبع
((وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ))
فأحسن أوصافهم ما ذكر في القرآن عنهم مما ذكروه في القرآن عن أنفسهم ، هم سموا أنفسهم ((وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ ))
فليتنبه إلى هذا الأمر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إن من المناسب في أساليب الدعوة إلى الله إذا عصى الشخص ولم يلتفت قلبه إلى الدعوة أن يذكر بآبائه وأجداده وبما كانوا عليه من الخير والهدى
ولذلك قال : ((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ))
يعني : تذكروا جدكم الأول إسرائيل الذي كان على هدى الذي كان على خير فاتبعوا طريقه
ولذا :
لو أنك دعوت شخصا ولم تجد قبولا لدعوتك فذكره بصنيع آبائه وبأجداده الذين كانوا على الخير والهدى
فلا يليق بشخص كان في بيت هدى وفي بيت علم أن يظهر بهذا المنظر الذي لا يرضاه آباؤه ولا أجداده لو كانوا موجودين
ــــــــــــــــــــــــــــ
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه عز وجل أمرهم بذكر النعمة قال : (اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ )
هل قال : اذكروا نعمتي بالقول اذكروا نعمتي بالفعل اذكروا نعمتي بالاعتقاد اعتقاد القلب ؟
لا
عمم
حذف المعمول فدل على العموم ( اذكروا نعمتي )
كيف تذكر النعمة ؟
تذكر النعمة بتطبيق أركانها أو بأركان شكرها
تذكر بالقلب
تذكر باللسان
تذكر بالثناء وتذكر بالفعل
تذكر بالقلب وتذكر بالثناء وتذكر بالجوارح
كيف تذكر بالقلب ؟
تذكر النعمة بالقلب بأن يعتقد أن هذه النعمة من الله لا من غيره ولا من حوله ولا من قوته ولا من ذكائه
لا كما قاله قارون ((قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ))
ما العاقبة ؟
((فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ))
فيجب أن تعتقد بقلبك أن هذه النعمة من الله
الذكر بالثناء انتبهوا الذكر بالثناء على نوعين :
فذكر النعمة بالثناء على قسمين:
القسم الأول : بالقول :
كما قال عز وجل :{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }الضحى11
أن تذكر الله عز وجل متحدثا بنعمته من باب بيان فضل الله عليك لا من باب أن تذكرها تعظما أو تكبرا على الآخرين
هذا ذكر النعمة ثناء بالقول
هناك ذكر للنعمة ثناء بالفعل ولا يعرفه بعض الناس
بعض الناس يشكر الله ثناء
بعض الناس يذكر الله ويشكر الله ثناء باللسان لكن بالفعل لا
ما هو ثناؤك على الله عز وجل بهذه النعمة من حيث الفعل ؟
ما قاله عليه الصلاة والسلام كما في السنن :
(( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ))
إذاً :
لديك نعمة أظهر هذه النعمة فإظهارك لهذه النعمة عليك في مظهرك وملبسك من غير إسراف فإظهارك لهذه النعمة ثناء لك على الله بالفعل كما أنك تثني باللسان
الأمر الثالث :
أن تذكر الله وأن تذكر نعمته بالجوارح
كيف ؟
أن تستعين بهذه النعمة على طاعة الله
أعطاك المال أين شكرك لهذه النعمة بالجوارح ؟
هل أخرجت حق الله فيها من الزكاة ؟
هل أنفقت ما يجب عليك أن تنفقه على أسرتك ؟
أم كان العكس ؟
حبس الواجب عليك من هذا المال للفقراء أو تستعين بصرف هذا المال فيما يسخط الله بأن تشتري ما لا يرضيه الله عز وجل
فقوله عز وجل : (( اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ )) كيف يكون ذكرك للنعمة بالقول وبالقلب يكون بالقلب وبالثناء والثناء نوعان :
ثناء بالقول وثناء بالفعل
وبالجوارح :
والنعمة لا تقصر على شيء منفصل عنك ، ليست النعمة في مال ليست النعمة في أولاد صالحين فحسب
من النعم :
أن الله عز وجل خلقك خلقا سويا فلم يخلقك
أصما ولا أعمى ولا مشلولا
هذه نعم مثلا اليد كما قال ابن القيم يقول :
اليد نعمة إذا استعملتها في طاعة الله شكرت نعمة اليد تسبح الله بها تفتح المصحف بها تتصدق بها
لكن لو أنك فتحت بهذه اليد على قناة خليعة كفرت النعمة لو أنك صفعت شخصا ظلما وعدوانا كفرت نعمة اليد
وهكذا قل في الأعضاء الأخرى مثل العين :
هل شكرت نعمة الله بهذه العين
ولذلك يقول بعض السلف :
(( إذا أردت أن تعرف قدر نعمة الله عليك فغمض عينيك لحظة ))
غمض عينيك ثواني فتشعر بنعمة الله عليك
هل شكرت نعمة الله التي هي العين فنظرت بها إلى ما أباح الله أو إلى ما أوجب أو أنك كفرت بها فنظر بها إلى ما يسخط الله ؟
ولذلك بعض السلف :
لما أتى إلى رجل كان يئن من الفقر متعب منهك من الفقر فقال له : هل لك بيدك مئة ألف درهم ؟
قال : لا
قال : هل لك بعينك مائة ألف ؟
قال : لا
قال : برجلك بأذنك ؟
قال : لا
قال : سبحان الله أرى عندك مئين من الآلاف وأنت تشكو الفقر ؟
كم من شخص لديه من المال ما لديه لكنه محروم من أن ينتفع بأعضائه .
نعم
بعض الناس يملك الملاين لكن لما يدخل بيت الخلاء يتعذب
لكن لا يمكن أن يتنظف إلا بالتنظيف الآلي ممن أصيب بالفشل الكلوي نسأل الله أن يشفي مرضى المسلمين
سبحان الله
انظروا إلى عظيم نعمة الله في أبداننا
{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } الذاريات21
سبحان الله :
الواحد منا ممن هو سليم يدخل إلى بيت الخلاء وهو متعب ففي غضون خمس دقائق أو أقل أو أكثر يخرج وهو مرتاح
بينما من يغسل كلاه يتعذب أثناء الغسيل
وكم يمكث ؟
ساعات
وإذا فرغ يظل يوما أو أكثر وهو يعاني
ثم إذا به يرتاح نصف يوم أو يوم فيعود مرة أخرى
انظروا
آلات عظام
لكن لما تنظر إلى عظيم نعمة الله تجد أن هذه الكلية التي بك صغيرة جدا
وكيف تفرز هذه القاذورات وهذه الشوائب من جسمك
ولذلك :
علي رضي الله عنه في ذات يوم خرج من الخلاء فمسح بطنه بيده وقال : يا لها من نعمة لو يعرف الناس قدرها
نعم نعمة أن تدخل إلى بيت الخلاء ثم تخرج وأنت سليم وأنت غير متعب
فهذه من نعمة الله
النعم لا تعد ولا تحصى ولذلك قال تعالى :
((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ))
ما الذي بعدها ؟
((إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )) إبراهيم34
ظلوم لهذه النعم كافر بها وفي الآية الأخرى في سورة النعم
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } النحل18
مع ذلك كله يعفو ويصفح عز وجل
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــ
أن ذكر النعمة ذكر لمن ؟
للمنعم
فلما أمرهم بذكر نعمته فيه تذكير بالمنعم عز وجل
في نفس السورة :
هؤلاء بنو إسرائيل
((اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ))
الأمر بذكر النعمة التي أمر الله بها على بني إسرائيل تذكير بمن بالمنعم
إذاً : ربطت بنو إسرائيل بالنعمة التي تذكرهم بالله
في هذه السورة لما ذكرت هذه الأمة لفضلها أمروا بذكر المنعم مباشرة
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } البقرة152
سبحان الله
انظروا :
إلى الفرق بين هاتين الآيتين :
فيما يخص بني إسرائيل أمروا بذكر النعمة التي تذكرهم بالمنعم بينما هذه الأمة وهي أمة محمد عليه الصلاة والسلام أمروا بذكر الله الذي هو المنعم
ولذلك لما قال : ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ))
قال بعدها : {وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } البقرة152
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه عز وجل أمر بني إسرائيل بذكر نعمته قال :((اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ )) ليست نعمة واحدة
هنا فائدة :
ـــــــــــــــــــــ
أن المفرد الواحد إذا أضيف إلى معرفة يكون عاما
وهنا نعمة أضيفت إلى ياء المتكلم
يعني : ليست نعمة واحدة وإنما نعم متعددة
قال تعالى : ((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ))
نعمة مفرد ولا جمع ؟
مفرد لكن أضافها إلى الله فلما أضيفت إلى المعرفة صارت عامة بدليل قوله :((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ))
للعموم فدل على أن الشيء الذي يحصى عام
هناك نعم كثيرة على بني إسرائيل
ما هي هذه النعم التي انعم الله بها على بني إسرائيل ؟
هو ما ذكره الله في القرآن
منها :
المن
السلوى
أن الله جعل منهم أنبياء وجعلهم ملوكا
نجاهم من الغرق
نجاهم من بطش فرعون
عفا الله عنهم بعد عبادة العجل
إذاً :
هذه نعم عظيمة فيجب أن تشكر من بني إسرائيل
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه جل وعلا ذكرهم بنفسه الذي هو المنعم
قال : ((اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ))
فدل هذا على أن أي نعمة إنما هي من الله سواء كانت نعمة دينية أو دنيوية
كما قال تعالى في سورة النحل :
((وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ))
سبحان الله
وأعظم النعم: النعم الدينية ولذلك نقرأ في كل ركعة :
(( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ))
أنعم عليهم بماذا ؟
أنهم سلكوا الطريق المستقيم فهي أعظم النعم وإذا أتت هذه النعمة فليس هناك نعمة توازيها
نعمة الدين
إذا اجتمعت لك نعمة الدين مع نعمة الصحة والله ما أتى من أي نعمة أخرى فهي خير وبركة ما زاد فهو فضل وكرم
إذا ظفرت بهاتين النعمتين نعمة الإسلام ونعمة الصحة
لا تسأل عما يفوتك من نعم الدنيا
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(( ما أعطي أحد بعد اليقين ـ يعني بعد الإسلام ـ خيرا من العافية ))
ولو لم تملك شيئا
ألم يقل عليه الصلاة والسلام عند الترمذي:
(( من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))
العجب أننا نسعى وراء هذه الدنيا وكلنا ذلك الرجل وكل مستقل ومستكثر من أجل أن نجمع المال حتى نسعد
حتى نسر ولكن لو نظر إلى حال كثير من الناس يسعى وراء هذه الدنيا من أجل جمع المال فإذا جمع المال ففي الغالب أنه لا يسعد بل يتعب بدنه تتألم صحته وعافيته
والعجب أن هذا المال يعود مرة أخرى فيصرفه على نفسه من أجل أن تعود إليه صحته
بينما من كان مطمئنا مستقرا ولا أعظم من اطمئنان النفس إذا اطمأنت نفسك هذه هي العافية
بحيث لا تنشغل بالصوارف ولا الشواغل
قيل للشافعي :
قيل له : إنه يقال إن التغافل نصف العافية
يعني: من يتغافل عن الشيء
يافلان حدث حادث لسيارتك لم يشغل ذهنه وتغافل كأنه لم يقع
فقيل له :
إنهم يقولون : إن التغافل هو نصف العافية
فقال : إن التغافل هو العافية كلها
وهذا موجود في كلام الله
ولذلك يسميها العلماء بآية أو بقاعدة الأخلاق
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } الأعراف199
(( خذ العفو )) يعني : العفو ما تيسر لا تطلب الشيء الزائد حتى من أبنائك حتى من زوجتك لا تدقق
( خذ العفو ) :
يعني : ما تيسر من الفعل من جارك من صاحبك من ابنك حتى تطمأن وحتى ترتاح حتى ولو لم يقم بواجبك حتى تبقى صحتك
((وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ )) :
يعني /: أؤمر بما هو خير وبتؤدة وبطمأنينة ليس من اللازم أن يستجيب لك ابنك أو قريبك أو من يعمل تحت إدارتك أهم شيء أن تأمر بالمعروف
ثم قد لا تسلم :
(وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )
ربما يأتي شخص ويتكلم عنك بكلام أو يتصرف معك تصرفا مشينا هذا جاهل (( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ))
فإذاً :
قضية النعم قضية عظيمة جدا والحديث عنها يطول
ـــــــــــــــــــــ
من فوائد هذه الآية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ{40} ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذه الآية الكريمة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الله عز وجل أمرهم بذكر نعمته والذكر ضده ماذا ؟
النسيان
فلا تنسوا ذكر هذه النعمة
والنسيان نوعان :
نسيان بمعنى الذهول ذهول العقل والقلب عن الشيء وإما النسيان بمعنى الترك
ولذا فسر العلماء قول الله عز وجل:
(( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ))
( فنسي )
يمكن :
أنه ذهل عن هذا النعيم ووقع فيما وقع فيه
ويكمن أن يكون النسيان هنا :
بمعنى : الترك
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــ
أن الله أمر بني إسرائيل أن يوفوا بعهده حتى يوفي بعهدهم
ما هو عهدهم ؟
وما هو عهده عز وجل ؟
اعلم وسبق ذكر ذلك مرارا أن أعظم ما يفسر القرآن هو القرآن:
هذا العهد المأمور به بنو إسرائيل مذكور في سورة المائدة ومذكور عهد الله لهم إذا أوفوا بعهده:
قوله تعالى :
((وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً ))
هذا عهد الله الذي هو لازم عليهم
ما هو عهده لهم إذا وفوا بعهده ؟
تتمة الآية :
(( لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ )) المائدة12
هل وفوا بهذا العهد ؟
قليل منهم
ولذا ما بعدها :
((فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ))
إلى آخر ما ذكر عز وجل
مقصودنا بسورة المائدة ذكر عهدهم وعهد الله عز وجل
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــ
التحذير والحذر من عقاب الله إذا خالف العبد أمر الله ولذا ختم الآية بقوله ((وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ{40} ))
بل إنه عز وجل قدم نفسه قال ((وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ{40} قال
والأصل :
أن الفعل فارهبون أن يكون هو المقدم وأن المعمول يكون هو المؤخر وإذا قدم ما حقه التأخير وأخر ما حقه التقديم دل هذا على الحصر
ما هو الحصر ؟
الحصر : أن الرهبة لا يجوز أن تصرف إلا لله عز وجل