تفسير سورة البقرة الدرس ( 33 ) [ وآمنوا بما أنزلت مصدقا .. الآية ( 41 )]

تفسير سورة البقرة الدرس ( 33 ) [ وآمنوا بما أنزلت مصدقا .. الآية ( 41 )]

مشاهدات: 472

تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 33 )

تفسير قوله تعالى :

{ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ{41} }

البقرة 41

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال عز وجل بعدها :

((وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ{41} ))

ـــــــــــــــــــ

من فوائد هذه الآية :

ــــــــــــــــــــــــــ

وجوب إيمان الأمم السابقة بالنبي عليه الصلاة والسلام وبما جاء به

بل إنَّ كل نبي أخذ الله عليه الميثاق والعهد أنه إن أدرك محمدا عليه الصلاة والسلام أن يؤمن به وأن ينصره

فكيف بأتباعه ؟

وكيف بأتباعهم ؟

ما الدليل ؟

قوله عز وجل في سورة آل عمران :

{وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران81

فكل نبي أخذ عليه الميثاق أنه متى ما أدرك النبي محمدا عليه الصلاة والسلام عليه أن يؤمن به فكذلك أتباعهم

ولذا :

لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام كما في المسند رأى صحيفة من التوراة في يد عمر

في يد من ؟

يد عمر بن الخطاب :

ــ (( إن يكن منكم محدثون فعمر ))

ــ الذي وافق القرآن رأيه فيما يقرب من ثلاثين موضعا

ــ الذي يفر منه الشيطان

لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام معه هذه الصحيفة من التوراة فقال عليه الصلاة والسلام: (( أمتهوكون أنتم والله لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي ))

إذاً :

ـ من يدخل في مثل هذا الزمن على مواقع لليهود أو للنصارى أو لأهل البدع من الرافضة والصوفية ونحوهم هذا يعرض دينه للهلاك .

ــ من يرى تلك القنوات التي تبث سمومها وبدعها قنوات الرافضة والصوفية ونحو هؤلاء هذا يعرض دينه للهلاك

ولا يسلم .

فإذا كان عمر رضي الله عنه بتلك المنزلة وما له من المناقب ينهى عنها فكيف بغيره ؟!

بل كيف بمن هو في هذا الزمن ؟!

فالحذر الحذر !!

ولذلك:

على المسلم ألا يعرض دينه للفتن وألا يدخل في أمور مشتبهة

ولذلك :

من دخل في علم الكلام فيما يخص أسماء الله فيما يخص العقيدة والقدر وكانوا علماء لكنهم ما دخلوا الطريق الصحيح كأبي المعالي الجويني يقول :

((  يا ليتني أموت على عقيدة عجائز نيسابور ))

ولذلك :

عنده من العقليات والأفكار الشيء الذي لا يقاس من قوة عقله .

ولكن :

ما أفادتهم  ، لم  ؟

لأنهم لم يدخلوا في المنهج الصحيح

ولذلك :

انأ بنفسك عن هذا الأمر

ولذلك :

يقول : (( يا ليتني أموت على عقيدة عجائز نيسابور ))

ما هي عقيدة العجائز  ؟

أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله

إذاً :

أين تلك الأوقات التي بذلت وأين تلك الجهود ؟

ذهبت

ولذلك:

يقول شيخ الإسلام :

( إن نظرنا إلى هؤلاء بعين القدر يقول رأينا أن هؤلاء أعطوا ذكاء ولم يعطوا زكاء )

ما في قلوبهم زكاء لأنهم لم يقبلوا على الكتاب والسنة وإنما أقبلوا على غيرها

قال  :

( رأينا أنهم أعطوا ذكاء ولم يعطوا زكاء ، وأعطوا عقولا ولم يعطوا فهوما )

عندهم عقول لكنهم لم يصلوا بهذه العقول إلى الفهم السليم .

ـــ من أراد الفهم السليم والعقلية السليمة فعليه بالكتاب والسنة .

ـــ من أراد زكاء القلوب وطهارة القلوب فعليه بالكتاب وبالسنة .

ولذلك :

مما يدل على وجوب إيمان الأمم السابقة بالنبي عليه الصلاة والسلام أنه لما أسري به صلى بالأنبياء ، بعث إليه الأنبياء فصلى بهم ليلة الإسراء والمعراج .

قال العلماء : من أجل أن يبين أن أتباع هؤلاء الأنبياء يجب عليهم أن يتبعوا النبي عليه الصلاة والسلام فإذا كان أنبياؤهم صلوا خلفه إذاً هم من باب أولى إن كانوا يؤمنون بأنبيائهم .

ولذلك :

 قال تعالى : ((وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ ))

ما الذي أنزل ؟

القرآن

وهذا يدل على أن القرآن منزل غير مخلوق

لم يخلقه الله وإنما نزله الله

لم ؟

لأن القرآن هو كلام الله

كما أن التوراة كلام الله التي لم تحرف

كما أن الإنجيل كلام الله

كما أن الزبور كلام الله

فالقرآن كلام الله

وهو كلام الله المكتوب في المصاحف والمحفوظ في الصدور والمقروء على الألسن

فيجب الإيمان به .

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــ

أنه أمرهم بالإيمان فقال : (( بما أنزلت ))

ما هنا موصولية تفيد العموم

يعني : يجب عليكم أن تؤمنوا بالقرآن كله

ولا تؤمنوا ببعضه وتَدَعُوا بعضه ، فإن فعلتم فإنكم لستم بمؤمنين ، وبالتالي فإنه لا يجوز أن يؤمن بشيء من الشرع ويترك بعضه ، وما يسعى الآن في بعض البلدان التي يسمون ما يسمونها بأن فيها الربيع العربي من أنهم يريدون أن يخلطوا القوانين الوضعية بالقرآن وفيها من التعارض والتناقض .

هذا لا يتفق مع ما جاء به الكتاب

ولذلك ندد الله باليهود في  موضع آخر :

 (( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون بعض ))

فمن كفر بشيء من القرآن أو أقر بأن هذا الشيء الموضوع من القوانين الوضعية أنها مثل القرآن في الحسن أو أنها أحسن من القرآن فإنه يكون كافرا بالله .

ومن فوائد هذه الآية :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن القرآن جاء مصدقا لما معهم

ما الذي منعهم ؟

التوراة

فإذا كفروا بالقرآن ولم يؤمنوا به كفروا في الحقيقة بالتوراة

لم ؟

لأن القرآن جاء مصدقا لما في التوراة

ولذلك دعوة الأنبياء  دعوة واحدة

ولذلك :

يقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين

يقول :(( الأنبياء إخوة علَّات وأمهاتهم شتى ))

يعني :

أنهم إخوة من الأب  لكن الأمهات شتى

كيف ؟

يعني : أن دعوتهم إلى التوحيد واحدة ما من نبي يأتي إلا وهو يدعو إلى التوحيد لكن شرائعهم مختلفة

(( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ))

لكن في التوحيد كل نبي يأتي يدعو إلى التوحيد :

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }الأنبياء25

((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ))

وكل نبي يأتي يقول لقومه كما في سورة الأعراف :

((  قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ))

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن الله عز وجل نهاهم عن أن يكونوا أول الناس كفرا بالقرآن .

وليسوا هم الأوائل سبقتهم قريش

فلماذا قال : (( ولا تكونوا أول كافر به ))

قال : ((ولا تكونوا أول كافر به )) :

يعني : أنتم يا علماء اليهود لا تكونوا أول من كفر به فإن خلفكم أناسا يتبعونكم

هذا وجه

ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري : ( لو آمن بي عشرة من اليهود آمنت بعني يهود )

هناك عشرة لهم القدر والمكانة فتأثيرهم تأثير على بقية اليهود

الوجه الثاني :

( ولا تكونوا أول كافر به ) :

يعني : أنتم أهل الكتاب فلا تقارنوا أنفسكم بقريش الذين هم جهلة لم يأت لهم كتاب فوجه الخطاب إليهم مع أن قريشا سبقتهم بالكفر .

وهذا يدل على ماذا ؟

يدل على أن زلة العالم ليست كزلة غيره

وأن ما يصدر منه مما لا يليق ليس كغيره وأن ما يتلفظ به من ألفاظ ليس كغيره

ولذلك عليه أن يتوخى الحذر من أن يفعل أو أن يقول شيئا لا يجب

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أنهم لم يؤمنوا بالنبي عليه الصلاة والسلام من أجل أمر

ما هو هذا الأمر ؟

أنهم يريدون الثمن الذي كانوا يعطونه من ضعفائهم ومن سفهائهم يريدونه أن يبقى

فيخشون لو أسلموا أن تزول هذه المكرمات والعطايا

وجهلوا أنهم لو آمنوا جمعوا بين خير الدنيا وخير الآخرة .

لكن الموفق من وفقه الله

ولذلك يشترون بآيات الله ثمنا قليلا

قيل للحسن البصري :

ما هو الثمن القليل ؟

((وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ))

قال رحمه الله :

قال الثمن القليل هو الدنيا كلها

يقول : الدنيا كلها ثمن قليل

كما قال عليه الصلاة والسلام :

 (( ما الدنيا عند الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ـ يعني في البحر ـ فلينظر بما يرجع ))

تصور لو أنك وضعت أصبعك في البحر ثم رفعته ما يأخذ هذا الأصبع من البحر ؟

لا يأخذ شيئا

الدنيا عند الآخرة مثل ما يضع أحدنا أصبعه في البحر وينظر بما يرجع إليه

مما يدل  على أنها فانية وزائلة

ومن فوائد هذه الآية :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنهم اشتروا بآيات الله ثمنا وليس بذلك الثمن الباهظ وإنما هو الثمن القليل وهو الدنيا

لم ؟

لأنهم فرطوا في الثمن العظيم

ما هو الثمن العظيم ؟

الجنة

ولذلك قال عيه الصلاة والسلام :

(( ألا إن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله هي الجنة ))

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 هذا الثمن القليل الذي أخذوه نظير أنهم باعوا آيات الله موضح في هذه السورة

ماذا صنعوا ؟

{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }البقرة79

ماذا كتبوا

وماذا فعلوا ؟

فعلوا أشياء كثيرة مذكورة على وجه الإجمال في الآية التي بعدها

ومن الفوائد:

ـــــــــــــــــــــــــ

أن الله مع هذا كله أمرهم أن يتقوه

وتقوى الله أن يفعلوا ما أمرهم به وأن يتركوا ما نهاهم عنه .