تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 45 )
تفسير قوله تعالى :
{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{50} } البقرة 50
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتفسيرنا في هذه الليلة لقوله تعالى :
((وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{50} } البقرة 50
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذه الآية الكريمة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن كلمة إذ ظرف زمان لما مضى أو لما يستقبل ؟
لما مضى وتقدر في مضمونها بفعل محذوف تقديره اذكر
هذه هي قاعدة إذ :
” إذ ” ظرف زمان لما مضى متعلقة بفعل محذوف تقديره اذكر
يعني : اذكر إذ فرقنا لبني إسرائيل البحر
والفرق بين إذ وإذا :
أن إذ و إذا يتفقان في كونهما ظرفي زمان
لكن إذ لما مضى وإذا لما يستقبل
إذا أخطأتك هذه المعلومة وفاتتك فتذكر قوله تعالى : (( والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر ))
أدبر لما مضى
أسفر لما يستقبل
وهذه لها فائدة في اللغة
بعض الناس يأتي إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام ويقول آتيه ليستغفر لي
لم ؟
لأن الله يقول : ((وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً )) النساء64
نقول :
ماذا قال إذ أم إذا ؟
إذ لما مضى في حياته أما بعد وفاته ما كان الصحابة يفعلونه رضي الله عنهم
بل هو صرح في مواطن كثيرة لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الفرق هو الفصل
ولذلك سمى الله القرآن بالفرقان
لم ؟
لأنه يفصل بين الحق وبين الباطل
((وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ ))
أي فصلناه ووضحناه
وصف الله الملائكة بأنهم فرقان
(( والفارقات فرقا ))
الملائكة تنزل بالأمر الذي يفرق فيه بين الحق وبين الباطل
يوم بدر سمي بيوم الفرقان كما في سورة الأنفال لأن يوم بدر الوقعة الكبرى التي فرق الله وفصل فيها بين أهل الحق وبين أهل الباطل
فيكون المعنى :
أنه عز وجل فصل البحر وفرقه لبني إسرائيل
وهذه نعمة أخرى قبلها :
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة47
ذكرها مجملة ثم بعد ذلك بدأ يعدد بعض النعم
ما الذي قبل هذه الآية ؟
{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } البقرة49
أيضا ذكرهم يوم أن فرق الله عز وجل بهم البحر
((وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ))
(( فرقنا بكم )) :
هل الباء على حالها ؟
بمعنى : أنهم بمجرد أن دخلوا انفصل البحر لهم
أو (( وإذ فرقنا بكم )) :
أي من أجلكم فرقنا البحر
قيل بهذا وقيل بهذا ولا تعارض
لأنه من أجل بني إسرائيل انفرق البحر وبدخولهم حصل ولذلك:
{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء63
أي كالجبل العظيم
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا البحر سمي بهذا الاسم من حيث اللغة ودائما أذكر لطائف في اللغة العربية
اللغة العربية لها أهميتها في فهم النصوص الشرعية ولا يلتفت إلى ما يقال من أنها صعبة أو ما يحكى على ألسنة كثير ولاسيما من هذا الجيل من أنهم لا يحبون اللغة العربية
هذا منزلق عظيم
كونك لا تحب اللغة العربية تفقد شيئا من دينك
ولذلك يقول شيخ الإسلام : ” لا يجوز للمسلم أن يتكلم بغير اللغة العربية إلا عند الحاجة
لم ؟
قال : لأن أعظم شعارات الأمم اللغة ولأن اللغة العربية إذا مسحت أو قلل من شأنها قلل من شأن القرآن وقلل من شأن السنة
فالبحر في اللغة سمي بهذا الاسم : لاتساعه
وكل شيء كان متسعا يسمى بحرا
ولذلك يطلقون على العالم إذا كان واسع العلم : البحر أو المتبحر
وحديث أبي طلحة لما ركب النبي عليه الصلاة والسلام فرسا له ثم رجع قال : ” وجدناه بحرا ”
لسرعة جري هذا الفرس قال : ” وجدناه بحرا “
إذاً :
كل ما كان واسعا يسمى بحرا
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذه الآية أجملت ما كان مفصلا في سور أخرى من هذه النعمة التي نجي فيها بنو إسرائيل من فرعون عند هذا البحر
وهذا إن دل يدل على ماذا ؟
يدل على أن الكلمات اليسيرة في القرآن تغني عن كلمات كثيرة
وهذا يسمى عند البلاغيين بإيجاز القصر
وهناك إيجاز حذف :
إما حذف كلمة أو حرف أو حذف جملة أو حذف جمل
لكن إيجاز القصر وإيجاز المعنى هذا أعظم ما يكون في القرآن وهو غالب ما يكون في القرآن
كلمات تخرج منها فوائد جمة
وهذا إن دل يدل على بلاغة القرآن
هذه القصة التي في سورة الشعراء وفي غيرها أجملت هنا لكن من يقرؤها ألا يفهمها ؟
(( وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{50} )) البقرة 50
ما ذكر في سورة الأعراف وما ذكر في سورة يونس وما ذكر في سورة الشعراء أتت به هذه الآية
ثم من عظم هذا القرآن حتى نحضر قلوبنا عنده أننا إذا قرأنا مثل هذه الآية ثم مررنا على تفصيلاتها أحضرنا الذهن
فالله عز وجل يريد منك أن تكون حاضر الذهن عندما تقرأكلامه حتى تنتفع وينتفع قلبك
لو قرأت ففيه خير
لكن لو قرأت بتمعن وتأمل كان خيرا على خير
ولذلك يقول ابن عباس : ” لأن أتلو سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله “
ابن عباس من هو ؟
حبر الأمة ترجمان القرآن
هؤلاء مفسرون
ابن عباس مفسر
ابن مسعود مفسر يقول : ” والله لو أعلم أن أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته “
ومع ذلك يقول: ” لا تهذوا القرآن هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل وقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكون هم أحدكم آخر السورة “
هذا هو المغزى
ولذلك ماذا قال عز وجل للنبي عليه الصلاة والسلام :
((وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ))
((إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ{17} ))
يعني : بالتؤدة
ولذلك :
الكفار لما استعجلوا :
((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ))
مثل الكتب السابقة وينتهي الأمر
(( كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً )) الفرقان32
تثبيت للفؤاد ولاسيما في هذا الزمن زمن الفتن لما نقرأ كلام الله بتدبر ننجى بإذن الله من هذه الفتن فتن شبهات فتن شهوات
كيف الخلاص منها ؟
كتاب الله
عند مسلم :
(( تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا كتاب الله ))
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الإجمال أوضح شيئا منه حسب ما يتيسر :
” لما نجّى الله عز وجل بني إسرائيل من العذاب الذي كان يصبه عليهم فرعون صبا آناء الليل وأطراف النهار وحصل ما حصل وآمن من آمن مع موسى عليه السلام أمره الله أن يسري بالليل لكي يخرج وهذا إن دل يدل على ماذا ؟
يدل على أن الليل هو زمن ومحل إما لأهل الخير وإما لأهل الشر
أهل الخير :
(( وبالأسحار هم يستغفرون ))
( إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ) القمر34
صلاة الليل :{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً }المزمل6
لكن لأناس آخرين :
((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} ))
الغاسق هو الليل وقيل القمر لأن القمر محله الليل
ولذلك يقول ابن القيم يقول : ” تجد أن أهل الشر لا يتحركون إلا بالليل فإذا أوشك الفجر على أن يطلع قهرهم رب الصبح : ((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} ))
فتستعيذ برب الفلق الذي يقهر بنوره ظلمات أهل الشر
قال: أسر بالليل فسرى بالليل ومعه قومه فأضلوا الطريق ، وهذا حديث صحيح أضلوا الطريق كما جاء في مستدرك الحاكم من حديث أبي موسى الأشعري وله طرق متعددة
أضلوا الطريق وسبب هذا الحديث أنه عليه الصلاة والسلام نزل ضيفا على أعرابي فأكرم هذا الأعرابي رسول الله عليه الصلاة والسلام والنبي عليه الصلاة والسلام من عادته أن يجازي أهل المعروف بمعروف فقال : ” لعلك تحل بنا أي تزورنا
فأتاه فلما أتاه قال له : سلني
قال : أسألك ناقة برحلها وأعنزا ــ جمع عنز ــ يحلبها أهلي
فاستغرب النبي عليه الصلاة والسلام من طلبه
بعض الناس عنده حدودية معينة
فقال عليه الصلاة والسلام ” أيعجز أحدكم أن يكون كعجوز بني إسرائيل “
قالوا: وما هي عجوز بني إسرائيل يا رسول الله ؟
فقال عليه الصلاة والسلام : ” إن موسى لما خرج بقومه أضلوا الطريق فقال : موسى أيكم يعرف الطريق ؟
قالوا : لا نعرفه
فقال علماؤهم : إن يوسف عليه السلام أخذ علينا العهد ألا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا ولا يعرف مكانه إلا عجوز
فدلوه على هذه العجوز
فقالت: أدلكم على مكانه بشرط أن تعطيني حكمي
قال : وما حكمك ؟
قالت : أن أكون معك في الجنة
انظروا إلى الهمم
هذا يريد ناقة وأعنزا وهذه تريد الجنة
فأبى موسى أن يعطيها حكمها فأوحى الله إليه أن يعطيها حكمها
فقال : لك ذلك
فدلتهم على مستنقع فيه ماء فقالت : انضبوا الماء يعني : أزيلوا الماء
فأخرجوا عظام يوسف فنقلوها فأصبح لهم الطريق كالصبح
أضاء لهم الطريق كأنه الصبح فساروا فيه
فيه هنا إشكال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عظام يوسف :
النبي عليه الصلاة والسلام في السنن قال : ” إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء “
فكأن يوسف أكل لحمه من قبل الأرض
يتعارض مع هذا الحديث الصحيح
ولكن المراد بالعظام هنا هو الجسد
هو تعبير عن الكل بالجزء
والدليل ما جاء عند أبي داود أن تميم الداري قال للنبي عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر عند أبي داود قال : ” ألا أصنع لك منبرا تحمل فيه عظامك ؟”
المنبر يحمل ماذا؟
بدنه
فدل على أن العظام يراد منها في بعض أساليب اللغة العربية البدن
خرجوا وخرج خلفهم فرعون ومن معه بجنوده العظيمة فأدركهم عند شروق الشمس (({فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }الشعراء61
(( فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ{60} فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ{61} ))
هذا وقت الشروق
فلما رأى قومه أن البحر أمامهم وفرعون من خلفهم ((فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ{61} ))
فجاء التوكل على الله : ((قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ{62} فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ{63}))
الآية التي معنا : (( وإذ فرنا بكم البحر ))
((فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ{63} ))
يعني : كالجبل العظيم فساروا فيه
من دلالة اللزوم :
أنهم لما ساروا فيه أن الأرض أصبحت يابسة
ويمكن أن تكون باقية على حالها ولكن الله عز وجل أجراها لهم
ويمكن أن يلغز بها لغز :
أرض لم تطلع عليها الشمس إلا مرة واحدة أو ساعة واحدة
لكن على كل حال هذا محكم و إن الله على كل شيء قدير
فدخلوا ونجاهم الله
فرعون على الشط الآخر فأراد موسى أن يضرب بعصاه البحر حتى يعود مرة أخرى إلى حالته السابقة
فقال تعالى لموسى :
((وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً ))
اتركه على حاله
لنا مع هؤلاء شأن آخر
{وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ }الدخان24
ولذلك قال هنا : (( فأنجيناكم ))
فظن فرعون ومن معه أن الحال سيبقى على ما هو عليه
فلما دخلوا أمر الله البحر أن يعود إلى حالته السابقة
فما الذي جرى ؟
(( فأنجيناكم ))
أي نجاة بني إسرائيل وسبق معنا أن الله عز وجل نجاهم من عذاب فرعون
وقلنا : إن النجوة المكان المرتفع هذا من حيث اللغة فالنجوة المكان المرتفع
إذاً :
كل من نجي فقد ارتفع وبعد عن الشر
((فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ ))
لما عاد البحر على حالته فرعون ماذا قال لما عاين الموت ؟
((قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ{90} آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ{91}))
في المسند يقول جبريل عليه السلام للنبي عليه الصلاة والسلام :
(( يا محمد لو رأيتني وأنا أحثو الطين في فم وأنف فرعون حتى لا تدركه رحمة الله ))
يعني من بغض جبريل لفرعون يقول : أدس في أنفه التراب حتى لا تدركه رحمة الله
((وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{50} ))
ترى من أعظم النعم إن كان هناك عدو شرير يتسلط عليك ويسومك سوء العذاب من أعظم النعم أن ترى بعينك هلاكه وليس كالإخبار عنه
(( وأنتم تنظرون ))
ومن أعظم من كان يسوموهم سوء العذاب هوفرعون
ولذلك قال :
((فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ))
قذف به البحر نجاه الله ببدنه هو هلك حتى ينظر بنو إسرائيل أنه مات وحتى يعتبر كل معتبر ممن جاء بعده من أن هذا الطاغية الذي كان يقول أنا الإله أنه ليس بشيء وإذا به جثة ملقاة
(( وأنتم تنظرون ))
لأن الخبر ليس كالمعاينة
الخبر ليس كالمعاينة
هذا حديث صحيح ” ليس الخبر كالمعاينة “
بعض الناس يظن أنه مثل
كونك تنظر إلى الشيء أعظم من أن تخبر عنه
ولذلك قال عيه الصلاة والسلام ليس الخبر كالمعاينة إن موسى لما أخبره الله أن قومه عبدوا العجل ما ألقى الألواح لكن لما رجع ورآهم ألقى الألواح فليس الخبر كالمعاينة
ولذلك :
هناك ما يسمى بعلم اليقين
وعين اليقين
وحق اليقين
هذه موجودة في القرآن :
علم اليقين :
نحن كمؤمنين ولله الحمد نؤمن بأن هناك جنة لأن الخبر أتانا من الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام ومن الله (( ومن أصدق من الله قيلا ))
هذا علم اليقين
إذا جاء يوم القيامة في العرصات وأزلفت الجنة للمتقين
هذا عين اليقين
فإذا دخلناها نسأل الله أن يدخلنا فيها فإذا دخلنا فيها هذا هو حق اليقين