تفسير سورة البقرة الدرس ( 48 ) [ وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة .. ] الآيتان ( 51 52 )الجزء الثالث

تفسير سورة البقرة الدرس ( 48 ) [ وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة .. ] الآيتان ( 51 52 )الجزء الثالث

مشاهدات: 403

تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 48 )

تفسير قوله تعالى :

(( وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ{51} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52} ))

الجزء الثالث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فمازلنا في تفسير قوله تعالى :

(وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ{51} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52} )

من فوائد هاتين الآيتين الكريمتين :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن الله عز وجل ابتلاهم بعبادة غيره

وما هو هذا الغير ؟

بهيمة

ما هي  تلك البهيمة ؟

العجل الذي هو ولد البقرة :

فدل هذا على أن كل ما يعبد من دون الله عز وجل من حيوان كحال هؤلاء ، أو ما يصنع الآن في بلاد الهند ممن يعظم البقر فلهم سلالة ترجع إلى بني إسرائيل ،  أو ما يعبد من دون الله من صنم أو حجر أو شجر  كما هو حال قريش أو ما يعبد من دون الله من أولياء من أنبياء كما يصنع في هذا الزمن  من قبل الصوفية ولهم في ذلك سلف وهم النصارى عبدوا المسيح

وكذلك من يعبد الكواكب كحال قوم إبراهيم عليه السلام

إذاً :

 

كل شيء يعبد من دون الله فالعبادة باطلة ولا عبادة حقة إلا لله عز وجل

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن الله ابتلاهم بعبادة العجل

سبحان الله !

كأن هناك توافقا بين هذه العبادة وهي عبادة العجل وبين صفة في هؤلاء فإن هؤلاء لو أحضروا عقولهم لما استعجلوا في عبادة هذه البهيمة

هذه البهيمة هي العجل .

 

والعجل  :

مأخوذ من العجلة فلاستعجالهم عبدوا هذا العجل فتناسب ما في قلوبهم من صفة العجلة التي ليس معها عقل في عبادتهم لهذا العجل الذي لا يفقه ولا يفهم

قال تعالى :

{أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } الأعراف148

{أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً } طه89

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال (( اتخذتم العجل من بعده ))

من بعد من ؟

من بعد موسى عليه السلام

البعدية هنا بعد وفاته أو بعد أي أمر آخر ؟

بعد ذهابه

إلى أين ؟

إلى ربه عز وجل من أجل أن يأخذ التوراة

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال : (( وأنتم ظالمون ))

الواو هنا حالية

يعني : حالة كونكم ظلمة

فإنكم ما عبدتم هذا العجل إلا لظلم في أنفسكم وقامت عليكم الحجة .

ولذلك في آية الأعراف :

(( اتخذوه وكانوا ظالمين ))

يعني : هناك ظلم سابق

ذلكم الظلم السابق هو الذي دعاهم إلى أن يقعوا في الظلم الحالي

(( وأنتم ))

يعني  :حالة كونكم ظلمة

هذا الظلم الذي وقع في حالكم وفي حاضركم ما أسبابه ، وما معطياته ؟

ما كان عندكم من ظلم سابق

لذلك يحرص المسلم على أنه يخلي باطنه من الشوائب لأن ما كان في القلب تظهره الجوارح ،  فكما أن الإيمان اعتقاد بالقلب ، وهذا الاعتقاد يخرج قولا باللسان ، وهذا القول باللسان الذي هو من الإيمان يخرج على الجوارح بالعمل ، كذلك الشرك يخرج .

 

ولذلك يقول شيخ الإسلام : ” إن الجوارح مغاريف ما في القلوب “

يقول : ” إن القلوب أوعية “

إما أوعية شر وإما أوعية خير

فيقول :

” الجوارح مغارف لتلك القلوب “

 

ولذلك :

فما تَرى مِن تَصَرُّف مُشِين مِن بَعضِ النَّاس فهو نَاتج مِن قلبه

ومَا تَرى مِن تَصَرُّف حَسَن فَهُو نَاتِجٌ مِن قَلْبِه

ولذلك :

النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين ماذا قال ؟

(( ” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ” ))

 

أين تلك المضغة ؟

(( القلب ))

 

ولذلك :

النبي عليه الصلاة والسلام ماذا قال ؟

قال :

(( ” التقوى هاهنا ” )) وأشار إلى صدره

 

بعض الناس يقول :

( يا أخي التقوى هاهنا تأمره بخير وقد وقع في الشر يقول يا أخي النبي عليه الصلاة والسلام يقول : التقوى هاهنا

هو لا يعرف هذا الحديث

والله لو كان يعرف التقوى هاهنا لخرجت تقواه على جوارحه

 

ليست التقوى لفظا ، وإنما ما في القلب يكون ظاهرا على الجوارح

 

ومن الفوائـــــــــــد:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن الجملة الحالية : (( وأنتم ظالمون ))

 

أو الحال في اللغة له فائدة يفيد التقييد

تقول :

جاء زيدٌ

أفادت هذه العبارة أن زيدا قد جاء

نريد أن نأتي بالحال مضافا إلى هذه الجملة

تقول :

جاء  زيد ضاحكا أو راكبا

جاء زيد راكبا

هنا قيد المجيء

المجيء قبل كان مطلقا

هنا قيد لما قلنا جاء  زيد راكبا قيدنا

آية من كتاب الله :

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ } الأنبياء16

لاعبين : حال

لو لم تأت كلمة لاعبين ماذا سيكون معنى الآية ؟

((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ))

فالمعنى أن الله لم يخلق السموات ولم يخلق الأرض

لكن لما أتت كلمة لاعبين أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما لكن ليس على وجه العبث .

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال عز وجل: ( (  ثم عفونا عنكم من بعد ذلك ))

أولا :

إثبات صفة العفو لله عز وجل وأن الله يعفو بما يليق بجلاله وعظمته

 

من الفوائد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قال : ((ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ))

 

لما عبدوا العجل هل أتى هذا العفو مباشرة ؟

لا

((ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ))

عبدوا العجل :

{وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } الأعراف149

 

بماذا  أمرهم الله ؟

 

في الآيات التي ستأتي إن شاء الله :

((فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ ))

فلما كاد القتل أن يبيدهم جاء عفو الله

لم يأت العفو مباشرة :

أمروا بأن يقتل بعضهم بعضا فلما استفحل القتل فيهم أتى عفو الله ولذلك :

((ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ))

ثم تفيد أن هناك شيئا سابقا

 

إذا كان كذلك هذا يدل على ماذا ؟

 

يدل على أن العفو يمكن أن يسبقه عقوبة ويمكن ألا تسبقه عقوبة

فلو قلت : عفا فلان عن فلان ربما عفا عنه من أول الأمر وربما عفا عن بعد ما عاقبه بشيء من العقوبات

 

ولذلك فيه دليل على أن العفو يختلف عن المغفرة

 

يقول القرطبي يقول :  ” إن العفو ربما تسبقه عقوبة وربما لا تسبقه عقوبة أما المغفرة فلا عقوبة معها أبدا “

أين الدليل على أن العفو ربما تسبقه عقوبة ؟

هنا

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن التوبة ميسرة عليها بخلاف غيرها

التوبة على الأمم السابقة كحال اليهود القتل،  بينما أمة محمد عليه الصلاة والسلام بمجرد ما يستغفر الله ويعزم على ألا يعود ويتخلص مما عليه من ذنب ومن حقوق الآخرين فإن التوبة مقبولة

وهذه منة من الله على هذه الأمة .

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن توفيق الله عز وجل للعبد للتوبة من أعظم النعم

 

ولذلك لما عفا عنهم قال : (( لعلكم تشكرون ))

فدل على أن أعظم النعم التي ينعم الله بها على عبده أن يوفق للتوبة .

أعظم النعم التي تكون في دينك لا في دنياك لاشك أن النعمة التي في  الدنيا فيها خير لكن النعمة الحقيقية هي نعمة الآخرة

قال : ((لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52} ) )

 

الشكر لا يتحقق للعبد إلا بثلاثة أركان :

كما هو الحال في الإيمان :

 

الإيمان ثلاثة أركان :

قول باللسان

اعتقاد بالقلب

عمل بالجوارح

 

الشكر كذلك لابد فيه من القول

ولابد فيه من القلب

ولابد فيه من الجوارح العمل

 

الركن الأول :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن تعتقد بقلبك أن هذه النعمة من الله لا من حولك ولا من قوتك ولا من ذكائك ولا لأي سبب كائنا ما كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولذلك لما قال قارون : ((قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ))

يعني عندي فهم وعلم وطرق كسب المال وماشابه ذلك من هذه الألفاظ

ما العاقبة ؟

(( فخسفنا به وبداره الأرض ))

 

الركن الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن تشكر الله بلسانك

أن تشكر الله بلسانيك ما هو بلسان واحد

بلسان القول وبلسان الحال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بلسان القول :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(( وأما بنعمة ربك فحدث ))

أن تتحدث بهذه النعمة على وجه تعظيم الله لا على وجه الاغترار والكبر

لا

هذا بلسان المقال

أما بلسان الحال :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن تظهر هذه النعمة عليك

ولذلك في الحديث : ” إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده “

هذا شكر بأي لسان ؟

بلسان الحال

 

ولذلك :

 يقولون الشكر هو الظهور

يقولون : دابة شكورة يعين سمينة

لم ؟

لأن السمن ظهر عليها

ولذلك :

في قصة يأجوج ومأجوج لما يبيدهم الله ويصبحون هلكى ليس لدواب المسلمين آنذاك من الطعام إلا لحوم هؤلاء

فيقول النبي عليه الصلاة والسلام : (( وتشكر بهائمهم شكرا))

كيف تشكر بهائمهم شكرا ؟

يعني :  يظهر عليها السمن

فلابد أن تشكر الله بلسانيك

بلسان الحال وبلسان المقال

 

بعض الناس عنده من الأموال ما عنده وتجد ثيابه رثة بل ربما بعضهم يتسول وعنده المال

وهذا عبد المال

عند البخاري :

” تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار “

” إن الله جميل يحب الجمال “

ولذلك :

أتى بعض  الصحابة إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال: ”  يا رسول اله إني لا أحب أن يفوقني شخص لا بحسن ثوب ولا بجمال نعل ألكبر ذاك؟

قال : (( لا ، الكبر بطر الحق وغمص الناس ))

إذا دفعت الحق واحتقرت الناس هذا هو الكبر

 

ولذلك :

 

عليك أن تظهر نعمة الله عليك فهذا من شكرها اللهم إلا في حالة واحدة : أن تتواضع في ثيابك في حالة واحدة وهو أنك إذا مررت على أناس أو ستذهب إلى مجلس فيه فقراء بسطاء لا تلبس أحسن ما لديك

ولذلك : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ” من لبس وضيع الثياب تواضعا كساه الله من الحلل يوم القيامة “

سبحان الله

كيف ؟

 

قال بعض العلماء :

هذا محمول على شخص عنده ثياب جميلة لكنه لبس ما هو أقل منها لأنه سيذهب إلى أناس بسطاء

لكن من حيث الأصل عليك أن تظهر نعمة الله عليك

 

ولذلك :

هذا المال كما قال شيخ الإسلام يقول :

” المال مثل الحمار فانتبه يا من عنده مال يقول :  المال مثل الحمار إن لم تركبه ركبك

انتبه لنفسك، الحمار ركبه

 

ويقول  :

“مثل البساط إن لم تجلس عليه جلس عليك “

قال :

” ومثل بيت الخلاء إن لم تقض فيه حاجتك قضى فيك حاجته “

 

بعض الناس عنده مال ويظهر هذا المال إذاً تخلص من التعفن

وبعض  الناس عنده مال وقضى هذا المال الذي هو بيت الخلاء قضى عليه حاجته  تجد أنه رث الثياب منتن الرائحة مثل بيت الخلاء إن لم تقض فيه حاجتك قضى هو فيك حاجته

 

الركن الثالث من أركان الشكر :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن تشكر الله بجوارحك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

كيف ؟

عندك مال تنفق  هذا المال فيما يجب عليك

فيما يخص أبناءك  ، فيما يخص نفسك ، تتصدق

هذا شكر للمال

 

بعض الناس يقول : ما عندي مال

عندك الصحة أطيب وأحسن وأغلي وأثمن وأنفس من الأموال كلها

بعض الناس عنده ملايين والله لو قيل له ستذهب أموالك كلها على أن تعود إليك صحتك لدفع

فاحمد لله

ولذلك :

بعض السلف دخل على رجل يئن من الفقر يشكو لكل من أتى إليه

قال : تعال أيسرك أن لك بيدك مائة ألف درهم ؟

قال : لا

قال : أيسرك بعينك مائة ألف درهم ؟

قال : لا

قال : بسمعك ؟

قال : لا

فجعل يعد عليه من جوارحه السليمة

قال : سبحان الله أرى عندك مئين من الأموال وأنت تشكو الفقر !

 

ولذلك :

قوله عليه الصلاة والسلام :

((” من أصبح آمنا في سربه ” ))

تغلق بيتك وأنت آمن ما أحد يعتدي عليك

((” من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ” ))

عندنا الآن قوت سنة والواحد فزع متعب قلق متوتر

 

يا أخي لتكن مثل الطير :

(( ” لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصا ))

أول النهار خالية البطون

(( وتروح بطانا  ))

 

ولذلك :

تجد أن أحوالنا في هذه الدنيا أننا متعبون منهكون

المال بين أيدينا ولم نسعد به

 

جملة من الحاضرين أدرك أبناءنا وأجدادنا ، الواحد يخرج من بيته في الصباح وليس عنده عمل وظيفي  ، ما عنده في آخر الشهر مرتب

يخرج من الصباح عساه يجد ما يسد جوعته ، وجوعة أبنائه ومع ذلك من أسعد الناس ومن أصح الناس ومن أعظم الناس عبادة لله

إذا كان قبل الفجر بساعة أو ساعتين إذا بالبيوت لها صوت ودوي كدوي النحل

أنا أدركت وأنا عمري عشر سنوات آتي المسجد أول ما يؤذن وإذا بي أجد صفين من الناس يقرءون القرآن

 

والآن :

النعمة بين أيدينا والخير بين أيدينا والواحد يدفع إلى المساجد دفعا

هذا إن أتى

 

ولذلك :

النبي عليه الصلاة والسلام قال لبعض أصحابه : ” كيف بأحدكم يغدى عليه بقصعة في أول النهار قصعة إناء فيه طعام فقط

” كيف بأحدكم يغدى عليه في يومه بقصعة ويراح عليه بأخرى يعني في آخر النهار فقط

في أول النهار يجد قصعة طعام تسد جوعته

وفي آخر النهار نفس القضية

قالوا : (( نكون كما أمرنا الله  ))

قال : ((  لأنتم اليوم خير من يومئذ ))

 

ما هي قضية مال

بعض الناس يقول :  والله لو أن عندي مالا لانصرفت إلى المساجد وتهيأت للعبادة

من لا يعبد الله في أقل أحواله لن يعبد الله حق العبادة وعنده السعة

 

بعض الناس يقول : ما عندي مال

من لا يعطي القليل والله لن يعطي من الكثير

والحديث له شجون بالنسبة إلى هذه الموعظة لأنها تمس واقعنا

لأنه بكل صراحة واقع فيه ما فيه

يعني : يجب علينا أن نتدبر

 

كل واحد يجلس مع نفسه يسأل نفسه :

السؤال الأول : هل أنا سعيد ؟

إن كانت الإجابة بنعم هذا شيء طيب

ولكن أظن أن عددا كبيرا سيقول : لست بسعيد

 

لست بسعيد لم ؟

أنت تصلي؟

قال : أصلي وأحضر المساجد وأقرأ القرآن

خلص نفسك من مشاغل الدنيا

 

ولذلك يقول الحسن البصري :

” ما فتح عبد على نفسه بابا من أبواب الدنيا إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب “

 

ويقول ابن القيم :

 

بعض الناس يقول : لو أحصل هذا الأمر خلاص

بعض الناس يقول : والله لو أتزوج واحصل وظيفة وسيارة وبيتا خلاص

ولكن ما ينفع إلا القناعة

 

ولذلك يقول ابن القيم :

” إن النفس إن لم تقنعها يقول : ” ما توصلت النفس إلى شيء ترغبه إلا طمحت إلى ما هو أعلى منه “

 

بعض الناس يقول : والله لو عندي خمسة ملايين كذا خلاص

هناك أناس ما أريد أن أذكر أسماءهم عندهم مليارات هل اقتنعوا ؟

فالقضية قضية قناعة

من أراد السعادة في القناعة

 

في حديث أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام  :

(( ” ارض بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس ” ))

الآن عندنا أموال وعندنا خير لكن ما سعدنا به

 

أحد الأثرياء في العالم:

عنده ثراء مليارات يقول : لست بسعيد

سئل : لم ؟

قال : لأني لا أشعر لها طعما أتمنى أن يكون عندي عشرة ملايين فقط ليكون لها طعما

لأن كلما زاد الشيء عن حده كلما ترك

ولذلك :

أعطيكم دلالة يزيد الشيء عن حده لا تكون له رغبة

الطعام يكون عندنا

لكن تصور لو أنك تمتنع عن الطعام بعض الأيام ستكون خبزة التميس لها طعم

 

والحديث يطول في مثل هذا الموضوع :

 

لكن خلاصة القول :

سعادتك في قناعتك

فاقتنع هذا هو الكنز

لا تقتنع والله تعذب إلى أن تموت

ولذلك أهل المقابر ماذا قال عنهم  ؟

(( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ))

لو أتيت إلى أهل المقابر كلهم وناديت فيهم فردا فردا:

هل قضيت أشغالك كلها قبل أن تموت ؟

ليكن شغلك في طاعة الله عز وجل