تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 55 )
تفسير قوله تعالى :
{ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{58} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{59} }
البقرة 58 ، 59 ( 3 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مازلنا في ذكر فوائد الآيتين المذكورتين في سورة البقرة وهم\ا قول الله عز وجل :
((وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{58} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{59} ))
ذكرنا آخر فائدة في الدرس الماضي من أن الأحزاب والطوائف إنما نبعت من اليهودية كالرافضة والأحزاب الموجودة حتى في هذا العصر أصحاب المعتقدات الفاسدة فيما يخص صفات الله وأسماء الله عز وجل
ولذلك الجهمية ما نبعت إلا من اليهودية فإن الجهمية صاحبها الجهم بن صفوان واخذ هذا المعتقد الفاسد عن الجعد بن درهم والجعد أخذه عن أبان بن سمعان وأخذه أبان عن طالوت وطالوت أخذه عن لبيد بن الأعصم الذي سحر النبي عليه الصلاة والسلام وهو من اليهود ثم هؤلاء الجهمية قالوا في استوى على العش أضافوا حرف اللام
قالوا :
استولى واليهود قيل لهم قولوا حطة فزادوا النون فقالوا حنطة فاجتمع في شأن الجهمية أمران يتعلقان باليهودية نم حيث التسلسل التاريخي العقدي ومن حيث التشبه والتصور فيما فعلوه من الزيادة في شرع الله
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان خطورة البدع والإحداث في دين الله لأنهم ماذا صنعوا ؟
غيروا وبدلوا هذا اللفظ :
(( فبدل الذين ظلموا ))
وهذا يدل على أن التبديل في دين الله عز وجل ظلم ، ظلم لدين الله ، ظلم لعباد الله.
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين عن
حديث عائشة
قال : ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد “
كما عند مسلم
لكن في الصحيحين :
” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد “
ولذلك يقول الإمام مالك : ” من ابتدع في دين الله بدعة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة “
لم ؟
قال : ” لأن الله يقول :
((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ))
إذاً :
لو قال قائل :
ما الدليل من القرآن على تحريم وتفظيع البدع ؟
اذكر هذه الآية :
((فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ))
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أن ما تعبد الإنسان بلفظه كالأذكار وكصفات الأذان يجب أن يؤتى بها بلفظها دونما زيادة ودونما نقصان
ولذلك بعض الناس ربما أنه يأتي بالنص الوارد ويزيد زيادة جهلا منه أو تكاسلا منه في معرفة الحق أو عادة لفظية تلقاها ممن سبق
بعض الناس بعد السلام : ” اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام”
بعضهم يزيد يقول : تعاليت “
هذه اللفظة لفظة شرعية لكنها لم ترد في هذا المقام ، وردت في دعاء القنوت لما علمه النبي عليه الصلاة والسلام الحسن ب
عضهم يزيد الاستمرار على هذه اللفظة عقب كل صلاة بزيادة وتعاليت هذا من البدع
بعض الناس لما يرفع من الركوع يقول : سمع الله لمن حمده
يقول : ربنا ولك الحمد والشكر فيزيد كلمة الشكر
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن عاقبة التبديل في دين الله مع كونه ظلما أن عاقبته نزول عذاب الله
ولذلك :
في الأثر الصحيح ويروى مرفوعا لكنه لا يصح إلى النبي عليه الصلاة والسلام : ” ما ابتدع قوم في دينهم بدعة إلا نزع الله من دينهم نظيرها من السنة ثم لا تعود إلى يوم القيامة
ولذلك :
يقول ابن القيم : ” إن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن “
بعض الناس ولاسيما في وسائل التواصل يأتي بدعاء يشفي من العقم
هذا دعاء يزيل الهموم والكروب جربناه
هذا دعاء ينفع عند باب الكعبة أو عند المقام
هذا من البدع
لأن الأذكار توفيقية فلا يجوز أن يزاد فيها ولا يجوز أن تؤلف دعاء فتقول إنه بحسب التجربة نفع من العقم نفع من كذا
أو حصلت منه فائدة
لك أن تدع بهذا الدعاء على وجه الإطلاق إذا كانت ألفاظه سليمة ليست عليها محاذير شرعية لكن كونك ترتب عليه نتائج وفوائد بحسب التجربة التي قلتها
هذا خطأ
بعضهم يقول : قل في سجودك كذا وكذا سبعين مرة فإذا قلتها حصل لك من الخير كذا وكذا
هذه من البدع في دين الله
ولو ترك الباب وانفتح الباب تأتي بدعاء من عندك وتقول جربته وتقول نفع من كذا
أنا آتي بدعاء وأقول جربته نفع من كذ1ا وكذا
هذا يأتي بدعاء
إذاً :أين أدعية الشرع
أين أذكار الشرع ؟
انتهت
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الله لم يقل (( فأنزلنا عليهم ))
انظروا :
((فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ )) وصفهم بالظلم :
(( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ))
أعادها مرة أخرى وصرح بها وإلا لو قال في غير القرآن فأنزلنا عليهم لكان الضمير عائدا على من بدل
إذاً :
لماذا قال : ((فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ))
أعاد الفعل الذي هو ظلموا مرة أخرى أظهره في مقام الإضمار
ما العلة .؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلة : تقبيح ما فعلوا
ففيه إشارة إلى أن المسلم يحذر من هذا الفعل لأن هذا الفعل نتج عنه العقاب من الله فلتبشيع ظلمهم وتقبيح فعلهم كرر الفعل مرة أخرى
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الله أنزل عليهم رجزا من السماء
الرجز : هو العذاب
لكن ما هو هذا العذاب الذي حل بهم ؟
هو مطلق في الآية لكن من بين ما ورد في الحديث الصحيح من بين ما ورد :أن الطاعون رجز عذب الله عز وجل به الأمم السابقة
الطاعون :وضحه النبي عليه الصلاة واسلم قال : ” غدة كغدة البعير “
يعني : الورم
يعني : هذا السرطان هو قريب من الطاعون
لأن هذا الطاعون إذا نزل بالإنسان أهلكه وأباده
ولذلك أباد طاعون عمواس في الشام أباد كثيرا من الصحابة وبعض الناس لا يصفه بأنه سرطان يقول : المرض الخبيث
ووصفه بالمرض الخبيث هذا مما لاينبغى
لم يرد في الشرع بأنه يوصف بأنه خبيث
ثم هذا المرض كونا نصفه بأنه خبيث باعتبار نتائجه المهلكة لكن قد يكون خيرا لأن الله لم يخلق شرا محضا وأنا أعرف بعض الأشخاص ابتلي بالسرطان وكان صاحب ثراء فما ترك كما قال أصحابه ينقلون عنه : ما ترك ذنبا إلا فعله فلما أتاه هذا المرض وهو من جماعة الذي كنت أؤم به قبل أن آتي إلى هنا في البديعة وبنى مسجدا بماله فتح حلقات التحفيظ فأصبح إلى الله أقرب لما آته هذا المرض
وعالج نفسه وشفي منه وهو إلى الآن حي
أعرفه ن عشرين سنة وهو إلى الآن حي ولا يتناول علاجا
إذاً :
وصف السرطان بأنه خبيث هذا وصف ليس بشرعي
بعض الناس لا يتلفظ به خيفة من اسمه
لا يقول :
السرطان لا يقول فيه المرض الخبيث
قل : السرطان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا المرض الذي يشابه السرطان قال عنه أنه طاعون
ومن الفوائد:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن هذا العذاب نزل من السماء
لأن العذاب إذا نزل من السماء يكون أبلغ في
ماذا ؟
في العقوبة
يمكن إن تداري العذاب الذي يكون تحت قديمك
لكن ما ينزل من السماء فيه من الصعوبة ما فيه
ولذلك قال تعالى :
((وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ{28} إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ{29} ))
{وَإِن يَرَوْا كِسْفاً مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ }الطور44
لو قال قائل :
قوله تعالى :
((فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ ))
السقف يخر من الفوقية أو من التحتية ؟
من الفوقية :
(( فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ ))
لماذا أتى بكلمة من فوقهم ؟
من باب التأكيد على أنه نزل من الفوق
((فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ ))
من باب التأكيد لأن الخرور لا يكون إلا من الأعلى لكن لماقال
(( من فوقهم )) فيه دلالة على انه لم يبق أحدا منهم
يعني : أباد الجميع
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الرجز وهو العذاب سببه
الفسق (( بما كانوا يفسقون ))
الباء هنا سببية
لأن الباء لها معاني :
من معانيها الظرفية :
قال تعالى عن قريش ينبئهم إلى أنه أنزل عذابه بالأمم السالفة من بينها قوم لوط ويمرون عليهم من الشام :
{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ }الصافات137
ماذا ؟
{وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }الصافات138
يعني : وفي الليل
ولذلك لغة بعض الأشخاص عندنا أهل القصيم يجعلون الباء بدل في الظرفية
فالباء تأتي لظرفية وأتي للسببية وتأتي لمعاني أخرى
إذاً :
((بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{59} ))
الباء هنا سببية
يعني : بسبب فسقهم
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه عز وجل جمع بين الظلم والفسق
يعنى : هؤلاء ظلمة وفسقة
فسقه في أنفسهم وفى ذواتهم
وظلمة لغيرهم
وإلا فإن من أعطي هذه التوبة الميسرة لو كان عنده عقل ما أقدم على أن يخالف شرع الله عز وجل
ولو قال قائل :
هل لليهود تعلق بالبدع
أو هل منشأ البدع يكون من اليهود ؟
الجواب :
نعم كما أن الأحزاب والطوائف منشأها من اليهود
إذاً :
كل خبث من اليهود
وهذا في شأن اليهود لأن اليهود علماء ولذلك غضب الله عليهم لأنهم علماء لكنهم لم يعملوا بهذا العلم
إذاً :
ليحذر من كان عالما ليحذر من ترك العمل
وليس معنى العالم هو الذي يلقي على الناس فحسب
مما لاشك أن العلم درجات ولكن من يتلقى معلومة يكون عالما بها ولذلك قال عليه الصلاة والسلام
كما عند البخاري : ( بلغوا عني ولو آية )
فمتى ما حصلت على معلومة فأنت عالم بها إذا خالفت هذه المعلومة التي تلقيتها تكون بذلك فيك وصف من اليهود
ولذلك قال بعض السلف قال :
(( من عصى الله من علماء هذه الأمة ففيه شبه باليهود ومن عصى الله من عباد هذه الأمة ففيه شبه بالنصارى ))
لأن النصارى أصحاب عبادة لكنهم ليسوا بأهل علم
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو قال قائل :
الآية التي معنا في
سورة البقرة : ((وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ ))
في سورة الأعراف :
((وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ ))
قلنا في البقرة
والأعراف قيل
هنا : ادخلوا
في سورة الأعراف : اسكنوا
فكلوا منها هنا بالفاء
هناك : وكلوا بالواو
هنا :
حيث شئتم رغدا
هناك :
حيث شئتم ولم تذكر كلمة رغدا
هنا : وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة
هنا : ((وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً))
هنا : ((نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ))
في سورة الأعراف :
((خَطِيئتِكُمْ))
هنا : ((وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{58} ) بالواو
في سورة الأعراف :
((سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{161}))
في هذه السورة :
((فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ
في سورة الأعراف : ((فَأَرْسَلْنَا
في سورة البقرة : ((فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ
في سورة الأعراف : ((فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ))
في سورة البقرة : ((فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ)) على وجه الإطلاق
في سورة الأعراف : ((فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ))
هنا
ـــــــــــــــ
((رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{59} ))
في سورة الأعراف :
((رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ{162} ))
لما وقع الفرق هنا وبين ما في سورة الأعراف :
((وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{161} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ{162} ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه فروق :
قال الرازي في تفسيره مبينا اللطائف التي بين ما في سورة الأعراف وما في سورة البقرة :
قال هنا : ((وَإِذْ قُلْنَا ))
في سورة الأعراف : ((وَإِذْ قِيلَ ))
لم ؟
لأنه لما ذكر النعم التي سبقت كان من المناسب أن يذكر المنعم فقال : ” وإذ قلنا “
بينما في سورة الأعراف ليس الأمر مما هو في سورة البقرة
الفرق الثاني :
أنه قال في سورة البقرة : (( ادخلوا ))
في سورة الأعراف : (( اسكنوا ))
لم ؟
لأن الدخول مقدم على السكنى والسكنى تعقب الدخول وليست السكنى تسبق الدخول
الفرق الثالث :
أنه أتى هنا بالفاء : (فكلوا )
في سورة الأعراف : ( وكلوا )
بالواو
فلماذا أتى بالفاء هنا ؟
أتى بالفاء هنا لأن الأكل مرتب على الدخول وليس مرتبا على السكنى
الفرق الرابع :
أنه قال هنا رغدا
هنا لم تذكر
قال : لأن كلمة الرغد هو الشيء الواسع الكثير وهذا يتناسب مع إظهار المنعم : ” وإذا قلنا “
بينما هناك لم يذكر المنعم
الفرق الخامس :
أنه قال هنا ((وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ ))
بينما هناك ((وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً )) قدمت الحطة على السجود
لم ؟
قال : ” لأن الكل ليس بمذنب منهم من هو مذنب ومنهم من ليس كذلك
فكان من المناسب أن يحصل تقديم وتأخير لما في سورة البقرة وسورة الأعراف
لم ؟
لأن من أذنب الأليق في حقه أن يبادر إلى مغفرة الذنوب
بينما لم يقع منه ذنب الأجدر به أن يتعبد لله
وتأتي التوبة عقيب ذلك مما يجري من نقص في هذه العبادة
الفرق السادس :
قال هنا ((خَطَايَاكُمْ ))
هناك : ((خَطِيئَاتِكُمْ ))
خطيئاتكم في صورتها تشعر بقلة الخطيئة
بينما هنا الكثرة
قال وهذا هو المناسب لأنه لما ذكر المنعم وهو الله فهو الذي يغفر الذنوب الكثيرة فلما ذكر كان من المناسب أن تذكر الخطايا بجمع الكثرة لأنه عز وجل لا يعجزه شيء في مغفرة الذنب ولو عظمت
الفرق السابع :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا ((وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{58} ))
هنا :
((سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{161} )) بدون واو
لم ؟
لأنه عز وجل علق الأمرين السابقين على أمرين
هنا :
((وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ ))
ما النتيجة ؟
((نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{58} )
تحصل لكم عاقبتان
هناك :
رتب الزيادة على الدخول وغفران الذنوب على قول حطة
الفرق الثامن :
أنه قال هنا (فبدل الذين ظلموا)
وفي سورة الأعراف :
(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ))
ففيه إشارة إلى أن الكل ليس بظالم وإنما التبديل لم يقع من الكل وإنما وقع من بعضهم
الفرق التاسع :
أنه قال هنا : (( فأنزلنا )
هناك (فأرسلنا )
والفرق أن الإنزال بداية حدوث الشيء
أما الإرسال يدل على نهاية الشيء والقضاء على هذا المرسل عليه بالعذاب
ففرق بين الإنزال فهو في بداية حدوث الشيء والإرسال في أواخره
الفرق العاشر :
أنه قال هنا ((يفسقون ))
وهناك (( يظلمون ))
فلماذا اقتصر على الفسق هنا ؟
لأنه ذكر الظلم في السياق :
((فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{59} ))
وصفهم قبل أن يصفهم بالفسق وصفهم بالظلم
أما في سورة الأعراف فلم يذكر الفسق وغنما ذكر الظلم اكتفاء بما ذكر في سورة البقرة
هذه هي عشرة فروق
هل هذه الفروق مقبولة أم لا ؟
مقبولة
قال الزمخشري : ” ليست مقبولة في معظمها “
لم ؟
قال لأنه في التقديم والتأخير وفي الإتيان بالفاء هذا يدل على بلاغة القرآن فإن من تفنن البليغ أن يذكر الشيء بأساليب متعددة دون أن يكون بينها تناقض
وهذا معروف عند البلغاء
ولأن سورة الأعراف مكية إلا ثمان آيات
بينما سورة البقرة مدنية
إذاً :
سورة الأعراف متقدمة في مكة
هنا في المدينة
فيجاب عن هذا ؟
أن كون سورة الأعراف في مكة لا يعني أن هذه الفروق أو شيئا منها لا يؤخذ منها باعتبار ان آية البقرة مدنية
لم ؟
لأنه جل وعلا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في مكة بما حدث لبني إسرائيل من هذا التبديل وهذا العذاب أخبره خبرا
فلما هاجر عليه الصلاة والسلام انزل الله عليه الآية التي في سورة البقرة وأخبر بها اليهود مباشرة
إذاً :
ما في سورة الأعراف إخبار منه جل وعلا عن حال بني إسرائيل دون أن يراهم لأنه مازال في مكة فلما هاجر أتت سورة البقرة التي هي مدنية
هذا ما يخص هاتين الآيتين