تفسير سورة البقرة الدرس ( 58 ) [ وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد …] الآية ( 61 ) الجزء الثاني

تفسير سورة البقرة الدرس ( 58 ) [ وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد …] الآية ( 61 ) الجزء الثاني

مشاهدات: 455

 تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 58 )

قوله تعالى :

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

البقرة 61 (2 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فمازلنا في ذكر فوائد قوله تعالى :

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } البقرة61

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من فوائد هذه الآية الكريمة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أنه قال هنا : (وفومها )

وفسرنا الفوم من بين التفسيرات أنه هو : الثوم

لأنه في اللغة العربية تبدل الفاء ثاء  والثاء فاءا

فوم : ثوم

مثل :

الجدث ((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ ))

الجدث : هو القبر

جدث : آخر حرف فيها الثاء :

الثاء تبدل فاء

تقول عن القبر : جدف

الجدف في اللغة يكون في اللغة معناه القبر ويكون معناه نبت  ينبت في اليمن

الشاهد من هذا :

أنا ذكرت هذا أن الثاء تبدل فاء

هنا : الجدف والجدث هما القبر

بعض الناس وهي لفظة دارجة عند بعض الناس في بعض المناطق إذا شاتم شخصا لعن جدفه ما أريد أن أذكرها باللغة العربية لأنها ليست جيدة

يقول : هذيك على جدفك

 

هذا خطأ

أولا : اللعن لا يجوز حتى لو لجماد

لكن لما تلعن الجدف لتعلم أنك تلعن قبر صاحبك ولتعلم :

أنك تلعن نعمة الله التي أنعم بها على هذا الشخص

بعض الناس ربما يسب بها ابنه حال الغضب مع أن السب لا يجوز وأشد منه تحريما أن يسب الأب ابنه أو أولاده

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــ

أنه قال : ((قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ))

هذا يدل على أن الطعام ليس كله خير وطيب بل منه ما هو دنيء

ولذلك :

يوصف بعض الطعام بأنه خبيث مع أنه مباح الأكل

ولذلك:

في بعض الأحاديث وصف الثوم بأنه خبيث

خبيث ليس خبثا للتحريم لا وإنما لما ينتج منه من رائحة تؤذي غيره

إذاً : ((قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ )) هنا يجوز أن يوصف الطعام بأنه دنيء

لكن لتعلم :

أن السنة منه عليه الصلاة والسلام أنه إذا قدم إليه طعام ولم يرغب فيه ما عاب طعاما قط إن اشتهاه أكله وإن لم يشتهه قال : أجدني أعافه

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــ

((قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ )) هنا استفهام إنكاري ينكر عليهم : كيف يقدمون على أن تستبدلوا المن والسلوى بهذه الأشياء التي ذكرتموها

الاستفهام إنكاري

لماذا ما ذكروا أقل من المن والسلوى ؟

لأمور :

ــ المن والسلوى من أطايب الطعام وليست كالثوم والبصل والعدس

ــ المن والسلوى قيمته الشرائية ليست كقيمة ما ذكروه

ــ المن والسلوى أتاهم من غير تعب ولا نصب

لكن هؤلاء سيحتاجون إذا أنبتت الأرض هذه الأشياء سيحتاجون معها إلى كد وإلى تعب وإلى تصفية

ــ المن والسلوى أفضل لأنها أتتهم من غير مكاسبة ولا متاجرة إنما هي منة من الله ولذلك تخلو من المكاسب الخبيثة المحرمة

بينما هذه الأشياء إذا أنبتت دخلت فيها التجارة ودخلت فيها المكاسب وربما تدخل فيها المكاسب المحرمة

إذاً :

لماذا كانت هذه الأشياء أدنى وأقل من المن والسلوى ؟

لهذه الاعتبارات

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعني من العجائب :

أنه لما قال عز وجل : ((مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ))

سبحان الله!

هذه الأشياء يمكن أن تجمع فتكون طعاما واحدا :

هم قالوا : ((لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِد ))

هم الآن طلبوا أشياء هذه الأشياء لو قدمت لهم يوميا أصبحت طعاما واحدا

لم ؟

لأننا إذا قلنا البقوليات البقوليات توضع مع العدس

الفوم قلنا الحبوب التي تستخبز والثوم مع الخبز مع العدس مع شقيق الخيار مع هذه البقوليات كلها تؤكل مع بعض إضافة إلى البصل

بل إن هذه الأطعمة لا تحلو ولا تكون لها حلاوة إلا إذا جمعت

فدل هذا على أن ما طلبوه سيكون في نهاية المآل أن  يكون طعاما ففروا من الطعام الواحد الطيب الحميد إلى الطعام الواحد الذي هو أدنى وأقل

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن على المسلم أن يرضى بما اختاره الله له ولا يكون كهؤلاء اليهود فإنهم ما رضوا  بما اختاره الله لهم من هذه الأطعمة الطيبة

وهذا كما أسلفنا :

ابن آدم لا يمكن أن يدوم له حال يستقر عليه

ولذلك يمكن ــ وهذا مشاهد ــ  يمكن أن يخرج الإنسان من قصره ومن ثرائه ومن خدامه ومن حاشيته إلى الصحراء حيث الغبار حيث التراب حيث القحط من اجل أنه يرى نفسه تتوق إلى تلك الأماكن أكثر من ذلك المكان الذي حوله ماله وخدمه وحاشيته وما شابه ذلك

مما يدل على أن ابن آدم لا يمكن أن تكون له راحة أو سعادة إلا في الجنة

ولذا :

لما قيل للحسن رحمه الله قيل له  : متى الراحة ؟

قال : إذا دخلت الجنة

هذه هي الراحة ولذا الراحة الكاملة إذا دخلت الجنة

ممكن تدخل الجنة وأنت في هذه الدنيا وهي جنة الطاعة كما قال شيخ الإسلام رحمه الله

(( إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة))

فإذا أردت أن تكون في نعيم وفي جنة فعليك بطاعة الله عز وجل

تفسير سورة البقرة

قوله تعالى : (({وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61 )) البقرة 61 (4 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ زيد بن مسفر البحري : www.albahre.com

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فما زلنا في ذكر فوائد تحت قوله تعالى :

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61

فمن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أنهم لما طلبوا استبدال تلك الأطعمة الطيبة بتلك الأطعمة التي هي دونها بمراحل في الدنو وفي القلة قال عز وجل لهؤلاء  :

((اهْبِطُواْ مِصْراً ))9

ما هي هذه المصر ؟

أهي مصر البلدة المعروفة أم أن المقصود أي مصر ؟

يعني : أي مكان

المقصود من ذلك أن ما طلبتموه سهل ميسر فأي مدينة حللتم فيها فستجدون ههذ الأشياء

ولذلك نون هنا والتنوين هنا للتنكير :

((اهْبِطُواْ مِصْراً ))

يعني : أي مصر لأن التنوين في اللغة العربية أنواع من أنواعه تنوين التنكير

ولذلك لما ذكر عز وجل حال فرعون وتبجحه لأنه ملك مصر المعروفة البلد المعروف قال : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ )9

ولم ينون لم يقل : مصرٍ ، فدل هذا على انه متى ما نون الشيء فإن من انوا ع التنوين يكون للتنكير

مثال آخر :

((إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ }القمر34

منونة ولا غير منونة ؟

منونة

أي سحر ؟ سحر أي يوم ؟

غير معين

لكن لو قال : بسحرَ

هنا يكون سحر يوم معين

لما تقول لشخص :

صه في اللغة العربية صه معناها : اسكت عن هذا الكلام

لكن لما تقول : صهٍ بالتنوين يعني : اسكت عن أي كلام لا أريدك أن تتكلم مطلقا

فهناك فرق بين هذا وبين هذا

ومما يدل على أنها ليست مصر البلدة المعروفة الشهيرة أنهم في أرض التيه وهم قريبون من الشام ومصر بعيدة عنهم

فكيف يقول : (( اهبطوا مصرا )

لوكانت مصر هي البلدة الشهيرة المعروفة

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أنه عز وجل قال مستجيبا لهم طلبهم :

((فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ))

مما يدل على ماذا ؟

مما يدل على أن الله أراد ببني إسرائيل أن يعطيهم مايريدون من باب إقامة الحجة عليهم

ومع هذا كله كما سيأتينا من آيات واضحات وبينات : أن هؤلاء لم يراعوا حق الله عزوجل وإنما هم أصحاب أهواء وأصحاب الأهواء لا يقفون عند حد معين

ولذلك لما طلبت قريش بعض الآيات من النبي عليه الصلاة والسلام كانت الردود تأتي من أن هؤلاء لا يقصدون من هذه الآية إلا الإيمان وإنما يقصدون منها التعجيز

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــ

أن بني إسرائيل ضربت عليهم الذلة والمسكنة
الضرب في اللغة العربية يطلق  على الشيء الدائم الباقي

تقول : ضُرب الدرهم يعني ختم عليه

مما يدل على بقائه

تقول : ضُربت القبة على فلان

يعني : أحاطت القبة يعني الخيمة بفلان

تقول : ضُرب الجدار بالطين

يدل على ملاصقة الطين لهذا الجدار

فدل هذا على أن هاتين الصفتين الذلة والمسكنة باقية ومستمرة في بني إسرائيل وفي سلالتهم

ومن الفوائد :

لم يقل جل وعلا : ” ضربت عليكم “

لأن الخطاب الأول  : ((فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ )) بضمير الخطاب

قال هنا : ((ضربت عليهم ))

لم ؟

من أجل أن يشمل هذا العذاب

أو تشمل هذه العقوبة هؤلاء المخاطبين في عصر موسى ومن يأتي بعدهم ولذلك تجد أن هاتين الصفتين واضحة وبينة في اليهود

ما هما ؟

الذلة والمسكنة

الذلة : الخوف ولذلك قال عز وجل في سورة الحشر :

((لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ))

المسكنة : هي الصفة الثانية المضروبة في قلوب اليهود :

المسكنة هي الفقر

ومعلوم أن اليهود هم أغنى الناس في العالم بل  قيل هم المسيطرون على اقتصاد العالم من قال بهذا فإنه ما كذب

كيف؟

المسكنة التي تصيب هؤلاء هي مسكنة القلوب

يعني : أنهم فقراء القلوب لكنهم أغنياء في اليد

ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام : ( ليس الغنى غنى العرض

يعنى ليس الغنى غنى المال

(ولكن الغنى غنى النفس  )

وهذا شيء  مشاهد :

بعض الناس يمكن لا يتحصل في حياته إلا على قوت شهره وفي  نهاية الشهر إذا به ينفذ ما لديه ولكنه غني  وسعيد

وبعض الناس عنده مليارات ومع ذلك امتلأت خزائنه بالأموال ولكن قلبه فقير

جعل  الله كما قال عليه الصلاة والسلام جعل  الله فقره بين عينيه

الغنى الحقيقي  ليس غنى المال لا وإنما الغنى غنى النفس

ومن الفوائد :

ـــــــــــــ

أن سبب هذه العقوبة ما ذكر بعد هذا ؟

((وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ )9

هذه أيضا العقوبة الثالثة قبل السبب

((وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ))

يعني رجعوا بغضب من الله عز وجل

اليهود يوصفون بأنهم مغضوب عليهم بينما النصارى يوصفون بأنهم ضالون

ولذلك أمرنا في كل ركعة أن نقول : ((اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)){6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ ( يعني غير صراط ) المغضوب عليهم وغير صراط الضالين

من هم المغضوب  عليهم ؟

هم اليهود

الضالون ؟

هم النصارى

كما وضح ذلك النبي عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي

قال : (اليهود مغضوب عليهم والضالون هم النصارى )

ولاشك أن كل طائفة من هاتين الطائفتين تشترك مع الأخرى

يعنى : اليهود مغضوب عليهم وأيضا بهم ضلال

النصارى ضلال وأيضا مغضوب  عليهم

لكن السمة ا لأعظم في اليهود أنهم مغضوب عليهم بينما السمة العظمى في النصارى أنهم أهل ضلال

ومن الفوائد :

ــــــــــــــ

إثبات صفة الغضب لله كما يليق بجلاله وعظمته

الغضب  معناه في اللغة معروف :

هو غليان دم القلب بغية الانتقام من الخصم

 

هو جل وعلا نثبت له صفة الغضب كما يليق بجلاله وعظمته

تلك الصفة وهي صفة الغضب التي تكون بالمخلوق  وهي ثوران دم قلبه لا يوصف بها الله

للمخلوق ما يليق به من غضب

وللخالق ما يليق به من غضب

وليس المقصود من إثبات صفة الغضب لله هي الانتقام أو إرادة الانتقام كما يقول بعض الناس

بعض الناس يقول غضب الله هو انتقامه أو إرادة الانتقام

لا

غضب حقيقي لكن يليق بجلاله وعظمته عز وجل

والدليل على أن الغضب ليس هو الانتقام

وليس المقصود منه هو إرادة الانتقام :

أنه عز وجل قال عن عذاب فرعون ومن معه  (({فَلَمَّا آسَفُونَا )) يعني أغضبونا ((انتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) دل على أن الغضب ليس هو الانتقام ، وإنما الانتقام أثر من آثار الغضب ((فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ ))

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

أن غضب الله عز وجل كما هو مثبت بما يليق بجلاله وعظمته يتفاوت ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :

(( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ))

(({كَبُرَ مَقْتاً ))

يعني  : عظم غضبا

(({كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف3

فهو يتفاوت وقد يكون العبد في حال مغضوبا عليه من قبل الله وقد يكون في حال محبوبا عند الله بحسب فعله للطاعة

ولذلك

قد يقع بالإنسان حب الله وبغض الله

وذلك في المؤمن يكون محبوبا عند الله من جهة أنه أطاع الله ويكون مغضوبا عليه من جهة انه اقترف ذلك الذنب أو تلك المعصية

ولذلك مما يدل على أن غضب الله يتفاوت وأنه ليس على درجة واحدة

في الصحيحين من حديث الشفاعة لما يضيق بالناس الأمر وتدنى الشمس من العباد مقدار ميل ويعظم الكرب يريدون الشفاعة من يشفع لهم عند الله لكي ينزل ليفصل القضاء بينهم

فمن بين ما جاء في الحديث قال بعض الرسل :

(( إن الله غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله ولن يغضب بعده )

دل على أنه متفاوت

ولذلك على المسلم آن يحذر من أن يسير في الطريق الذي يوصله إلى غضب الله عز وجل

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــ

أن غضب الله ليس كغضب المخلوق ولذلك : ((وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ ــ ممن ــ  مِّنَ اللَّهِ ))

قد يغضب عليك المخلوق ماذا يفعل بك ؟

لو غضب عليك أعتى وأشد الزعماء والرؤساء ثم ما الذي يملكه أن يجز رأسك وينتهي الأمر

لكن لو غضب الله عليك خسرت دنياك وآخرتك

ولذلك على المسلم أن يتقي الله في هذا الأمر

ولذلك قال : ((وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ))

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن سبب هذه العقوبة من الذلة التي هي الخوف والمسكنة التي هي الفقر

غضب الله

ما السبب ؟

((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61

قال : ذلك

لم يقل : هذا

هذا اسم إشارة

اسم الإشارة يختلف هو درجات فيه اسم إشارة يشار إلى القرب

وفيه ما يشار إلى التوسط

وفيه ما يشار إلى البعد

تقول : هذا  تشير إلى شيء قريب

تقول : ذاك تشير إلى شيء متوسط

ذلك : تشير إلى شيء بعيد

قال هنا : ذلك

لم لم يقل : هذا ؟

لأن هؤلاء بعدوا بعدا عظيما في هذه العقوبة وفي هذا الفعل

يعني : أن هؤلاء بعدوا عن خير الله وعن رحمة الله بسبب هذا الفعل الشنيع الذي وقع منهم

ولذلك

لما ذكر عز وجل في أوائل سورة البقرة عن صفات المتقين :

{أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }البقرة

 

أشار إليهم بإشارة البعيد لعلو منزلتهم

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أن الأسباب المذكورة هنا في الآية التي  استحقوا بها عقوبة الله :

((يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ )9 هذا واحد

((وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ))

ثالثا :

العصيان

رابعا : الاعتداء

أربع صفات سبحان الله !

كفر بآيات الله

قتل الرسل

عصيان

اعتداء

أليست هذه المعاصي يمكن يكتفى بذكرصفة واحدة ؟

بلى

لو قال بأنهم عاصون أو معتدون كفى

لكن لماذا  كررت :

((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61

لم ؟

مما يدل على أن الذنب يولد الذنب الآخر

ولذلك كما قال ابن القيم يقول :

إذا عمل العبد سيئة قالت أختها افعلني فإذا فعلها قالت الثالثة افعلني وهكذا وهكذا حتى يكون الران على قلب ابن آدم

ثم قال : ” فإذا اشتد الأمر بالإنسان بهذه الذنوب يقول في  نهاية المطاف يفعل الذنب من غير لذة كأنه إعادة

ولذلك بعض  الناس ربما يفعل الذنب لأنه اعتاد عليه من غير لذة

لم

لأن هذا القلب  اتسم بهذا الأمر

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أنه قال عز وجل هنا : (يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ )

ما هي  آيات الله التي  كفرت بها اليهود ؟

التوراة

غيرها :

هي  (عامة المعجزات التي أتى بها موسى عليه السلام)

{وَلَقَدْ آتَيْنَا

ما هي هذه التسع ؟ آتينا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ))

(({فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ )9

ومن الفوائد :

أنه أضاف الآيات إليه عز وجل

لم ؟

لتشنيع وتفظيع ما ذهبوا إليه

كيف ؟

كيف يقدمون على الكفر بآيات من ؟

بعلامات من ؟

بعلامات الله

هذا إن دل يدل على أن قلوبهم غافلة لا تعرف عظمة الله عز وجل

تفسير سورة البقرة

قوله تعالى : (({وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61 )) البقرة 61 (5 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ زيد بن مسفر البحري : www.albahre.com

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقد تبقى معنا بعض  الفوائد عند قوله تعالى لليهود :

{ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أن من جرائم بني إسرائيل أنهم كانوا يقتلون النبيين ، وقتل هؤلاء للنبيين كيف يتأتى مع نصرة الله عز وجل لأنبيائه ورسله : (({إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غافر51

((وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم47

فما هو الجواب ؟

الجواب عن هذا :

أن اللفظ المذكور هنا الأنبياء أم الرسل ؟

الأنبياء فدل على أن القتل واقع ليس على الرسل وإنما هو واقع على الأنبياء والآية تذكر فتقول : (((({إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا )9 فيكون كما قال بعض العلماء تكون النجاة للرسل أما الأنبياء فهم عرضة للقتل

وهذا الرأي ليس بصحيح ،

لم ؟

لأن القتل كما وقع من بني إسرائيل على الأنبياء وقع على الرسل

والدليل كما جاء في سورة المائدة :

(({لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ }المائدة70

إذاً : مازالت الشبهة قائمة فالجواب عنها أن يقال :

إن نصرة الله عز وجل للرسل وللصالحين بالحجة وبالبيان ثم إن من دخل المعركة كبشر لا يسلم من أن يقتل وهذا القتل الذي قع على هؤلاء الرسل ليس لكونه عز وجل تخلى عنهم لكن من سنته عز وجل أن من دخل المعركة أنه قد يصاب وقد يقتل

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام جرح في غزوة أحد وكسرت رباعيته يعني سنه عليه الصلاة والسلام

وهذا من باب رفعة درجاته

ولذلك مما يؤكد هذا الأمر أن من أقدم على قتل نبي يعني هؤلاء اليهود مجرمون أقدموا على فعل شنيع مع ما سبق هذا الفعل من كفرهم بآيات الله

أنهم قتلوا من يبلغ آيات الله

من المبلغ لآيات الله ؟

هم الرسل

ومن الفوائد :

أن هؤلاء اليهود ارتكبوا جرما عظيما ينالون به أعظم العذاب يوم القيامة ما هو ؟

هو قتل النبي

ولذلك جاء في المسند من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وهو حديث حسن قال عليه الصلاة والسلام : (( أعظم الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي )

يعنى أي نبي يقتل شخصا هذا قد بلغ في العقوبة مبلغه أو أي شخص يقتل نبيا فكذلك

قال عليه الصلاة والسلام : (( أعظم الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي ورجل يضل الناس بغير علم ورجل يصور هذه التماثيل))

ومن الفوائد :

أن قوله ((وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ )) يعني كأنه يفهم أنه ربما يكون القتل على الأنبياء بحق

كما هو يجري للمؤمن

المؤمن لا يجوز أن يقتل بغير الحق لكن إن كان هناك حق من قصاص أو ما شابه ذلك من غير الأسباب فيقتل

لكن هنا قال : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) يعني كأنه يفهم من ذلك أن قتل الأنبياء قد يكون بحق أيصح هذا ؟

لا يصح

إذاً :

قوله جل وعلا : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) من باب التشنيع لفعل هؤلاء وتفظيع جريمتهم

من باب ماذا ؟

من باب أن ما أقدموا ليس عندهم وجه حق ولو كان خفيا لقتل هؤلاء الرسل

وهذا يشبه كما مر معنا قوله تعالى عن اليهود : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }البقرة44

قال : ((وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ )

 مما يدل على ماذا ؟

على أن هؤلاء شنع فعلهم مع أنهم أهل كتاب كذلك شنع فعل هؤلاء لأن قتلهم للأنبياء ليس فيه حق

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن الله بصنيعهم غضب عليهم

هل لعنهم ؟

((وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ))9

هل لعنوا ؟

لتعلم :

أن الغضب أشد من اللعن

ولذلك في الحديث الحسن قال عليه الصلاة والسلام :

( لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار )

بعض الناس ربما يفظع ويعظم إذا لعن شخص شخصا أو أنه إذا لعن قال : لا تلعني

لكنه يرى أنه لو قال غضب الله عليك أو جعلك الله في النار يظن أن الأمر أيسر من اللعن

لا

قوله غضب الله عليك أشد من قوله لعنة الله عليك

لأن الغضب أشد من اللعن ولذلك في آيات الملاعنة كما جاء في سورة النور لو أن الإنسان وجد مع زوجته رجلا يجامعها جماعا صراحا لو شكاها في المحكمة يجب عليه أن يحضر البينة أو يجلد ثمانين جلدة إذا لم تكن معه بينة ما عنده شهود يجلد أو له حل هواللعان

كما قال تعالى في أوائل سورة النور :

قوله تعالى :

((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ{6} وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))

هذا فيما يخص اللعنة
وهي تلاعن أيضا :

((ويدرءوا عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ{8} وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ{9} ))

لماذا اختلف السياق هنا ؟

في شأنه اللعنة في شأنها الغضب

لم ؟

لأنها أدرى بحقيقة الحال منه ولذلك شدد عليها في هذا الأمر فأتى الغضب من حقها و أتى اللعن في حقه مما يدل على أن الغضب أشد

إذاً :

هؤلاء اليهود غضب الله عليهم ((وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ )9

هل جمع الله عز وجل لهم بسبب هذا العصيان وبسبب هذا الكفر

هل جمع لهم مع غضبه لعنته ؟

نعم

في سورة المائدة :

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78

هنا :

((وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61

استحقوا الغضب بعصيانهم وبكفرهم وباعتدائهم كذلك استحقوا اللعنة

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78

ومن الفوائد :

أن الطاعة كما هي سبب من أسباب محبة الله كذلك المعصية هي سبب من أسباب بغض الله للعبد

ولذلك قال هنا : ((ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ ))

الباء هنا سببية

يعنى : بسبب عصيانهم وبسبب اعتدائهم