تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 62 )
قوله تعالى :
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{63} ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ{64} }
البقرة 63 ــ 64
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ
فنحن بصدد تفسير آيتين من كتاب الله في سورة البقرة كما توقفنا عند ذلك قبل الإجازة وهي قوله تعالى :
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{63} ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ{64} } البقرة63 ــ 64
من فوائد هاتين الآيتين الكريمتين :
أن الله لم يذكر ما حدث من بني إسرائيل في سياق واحد لأنه لو ذكرت أحداث بني إسرائيل في سياق واحد ظن أنها قصة واحدة وواقعة واحدة
لكن حينما تتأمل تجد أن بعض الآيات قد تتقدم وقد تأخر وأن هناك بعض الأحداث التي هي مرتبطة في آية أخرت عن الآية الأخرى حتى يستبين لنا خبث هؤلاء اليهود
ولعظم خبث هؤلاء اليهود فإن سورة البقرة أعظم ما ذكر فيها من آيات تتعلق بالأمم هي امة اليهود بينما سورة آل عمران تتحدث عن النصارى
ومن الفوائد :
أن قوله : ” وإذ ” مر معانا أن إذ ” تختلف عن ” إذا ”
كلاهما ظرفا زمان
إذ : لما مضى
إذا : لما يستقبل
ويذكرك بهذا الأمر أو تذكرك بهذا الأمر
الآية التي في سورة المدثر : (والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر)
وقلنا :
إن إذ تتضمن فعلا مقدرا
وهذه هي القاعدة هنا :
إذا أتتك ” إذ “ فاعلم بأنها تحمل فعلا مقدرا
تقديره : اذكر يوم أن أخذنا الميثاق من بني إسرائيل
ومن الفوائد:
أنه خاطب جل وعلا من هم في عصر النبي عليه الصلاة والسلام : ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ))
فكيف يتأتى هذا ؟
يحتمل أن الخطاب على حاله من أن الخطاب موجه لمن هو في عصر النبي عليه الصلاة والسلام ومن الميثاق الذي أخذ عليهم أن يؤمنوا بالنبي عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى في سورة آل عمران :
{وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }
آل عمران81
ويحتمل لأن بعد هذه الجملة ذكر الطور يحتمل أن هذا الخطاب وجه إلى من في زمن النبي عليه الصلاة والسلام والمعني السابقون باعتبار أن هؤلاء وهم السلالة ساروا على ما سار عليه أجدادهم ولم ينكروا ما فعله
أجدادهم
ومن الفوائد:
ما هو هذا الميثاق الذي أخذه الله عل بني إسرائيل ؟
قبل هذا :
الميثاق :
هو الأمر المؤكد المهتم به
تسميته بالميثاق يدل على أنه أمر عظيم يجب أن يحترم وأن يقام به على أكمل الوجوه وليس بالأمر الهين
((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ))
كما تقول لشخص وعد أو عهد من التأكيد على الالتزام به
ففهمنا وصفه بالميثاق لعظم أمره
وهذا إن دل يدل على انه له شأنا عظيما كما هو الشأن في القرآن
الميثاق هنا ما هو ؟
العمل بالتوراة
لأن التوراة كلام الله الإنجيل كلام الله لكن وقع فيها التحريف من هؤلاء القرآن كلام الله وكلام الله عظيم
ولذلك قال الله للنبي عليه الصلاة والسلام :
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }المزمل5
ليس بالأمر السفساف
ولذلك في أواخر سورة الطارق :
((إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ{13} وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ{14} ))
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }المزمل5
صدر السورة :
((يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ{1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً{2} )9
يقول العلماء :
إن الداعية إلى الله يحمل هذا القرآن ولا يستطيع أن يقوم به إلا ـ انظروا ـ ولا يستطيع أن يقوم به إلا إذا قام
قام ماذا ؟
قام من الليل
فقيام الليل يعين الداعية إلى الله على هذا الأمر
ولذلك :
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }المزمل5
استدل به الإمام مالك وذكر ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين بعض الناس يقول يا شيخ هذا سؤال سهل عندي سؤال سهل
هذا خطأ ليس في الدين شيء سهل وبسيط
ولذلك لما قيل للإمام مالك هذا الكلام قال :
ومن قال إن في الدين علما سهلا
ألم تقرأ قوله تعالى : {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }المزمل5
لاشك أنه ميسر للتعلم للتعليم لكن ليس بهذه الصورة التي يظنها بعض الناس
الشاهد من هذا :أن التوراة ميثاق الله على بني إسرائيل
ماذا صنعوا
((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ))
هل يمكن لأحد منكم يعطيني دليلا مما سبق على أنه جل وعلا أخذ عليهم الميثاق ؟
({وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }البقرة53
لكن ماذا فعلوا ؟
أبوا أن يقبلوها
فماذا قال تعالى ؟
((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ))
ما هو هذا الطور ؟
هو الجبل
أين الدليل على أن معنى الطور هو الجبل ؟
في سورة الأعراف : ((وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ))
يعني ما في سورة الأعراف يفسر ما هاهنا
إذاً :
هذا الطور هو الجبل
رفع الطور على أي هيئة
رفع هذا الجبل
رفع هذا الطور بالنتق
النتق هو:
أن يؤخذ الشيء من أصله فأخذ هذا الجبل من أصله من أصول الأرض ورفع على هؤلاء فلما رفع أصبح هذا الجبل كأنه كالظلة عليهم تهديدا من الله إن لم يقبلوا ما في التوراة فإن هذا الجبل سيقع بهم
ولذلك قال المفسرون :
فسجدوا حينها خضوعا لله فكانوا يشيرون بأنصاف وجوههم إلى هذا الجبل خيفة من أن يقع عليهم ولذلك هم الآن يسجدون على شق يقولون هذه سجدة نجانا الله بها فلا ندعها
قال عز وجل : {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }الأعراف171
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــ
أن ما ذكر فيما مضى وما ذكر هنا في سورة النساء هناك آية جمعت هذا كله بأسلوب غريب مما يدل على عظم القرآن
((يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً {153} وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً {154}
قال : ((وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ ))
هنا ماذا قال ؟
((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ )
هذه تنبئ عن ماذا ؟
هل هؤلاء لما أتت التوراة قبلوها ثم لما قبلوها رفضوها بعد حين أم أنهم لما أتي بها رفضوها ؟
هل هم قبلوها فلما قبلوها بعد حين رفضوها أو أنهم من حين ما أتي بها إليهم رفضوها ؟
((وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ )) بسبب ردهم لهذا متى يكون إذاً
مباشرة؟
إذاً : محتمل أنهم قبلوا ما في التوراة ثم بعد ذلك أعرضوا عنها فجاءت سورة البقرة مدللة على ذلك ويحتمل كما في سورة النساء أنهم لما قيل لهم خذوها رفضوها
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــ
((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ))
الطور كلمة عربية أم أنها غير عربية ؟
يقول بعض العلماء :
هي ليست عربية وإذا كانت غير عربية فمشكل هنا القرآن عربي
يعني أتت كلمات في القرآن غير عربية هذا مشكل !
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }يوسف2
((وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ))
ولذلك من بين الكلمات التي يقال إنها ليست بعربية
مثل 🙁 سجين , إستبرق)
خلاصة القول في هذا :
أن القرآن وردت فيه أسماء غير عربية أو بمعنى أصح وردت فيه أعلام غير عربية مثل إبراهيم إسحاق هذه ليست عربية
وكون هذه تأتي في القرآن لا يخرج القرآن عن عربيته
لم ؟
لأن أعلام الأشخاص في كل لغة تطلق على ما هي عليه
ولذا من يتحدث باللغة الانجليزية لما يذكر اسم شخص يذكره بالعربية
لكن هذه الكلمات غير الأعلام أهي عربية أم أنها غير عربية
بعض العلماء يقول :
هي غير عربية ولا تخرج القرآن عن عربيته لأنها استعربت فتصبح دارجة
مثل عندنا بعض الكلمات نتحدث بها ليست عربية لكن درج الناس عليها حتى لو قيل لبعض الناس أنها ليست عربية استغربوا
والصحيح :
أنه ليس في القرآن كلمات غير عربية
لم ؟
قال الشنقيطي كما في مذكرة أصول الفقه
قال : ” من زعم أن هذه الكلمات غير عربية فليأتنا بالدليل “
فأين بالدليل على أنها غير عربية ؟
فمن قال إنها غير عربية فليأت بالدليل نحن نقول إنها عربية
فعندنا نص قاطع من أن القرآن كله عربي وليس به كلمات أعجمية
به أعلام أعجمية نعم
لم ؟
لأن اللغات إذا ذكرت الأعلام كزيد ومحمد وما شابه ذلك لو تحدث شخص باللغة الانجليزية لذكر اسم خالد باسمه اسم زيد باسمه فلا يخرج القرآن عن كونه عربيا
ومن الفوائد :
أنه عز وجل قال : ((خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ))
( (خذوا )) :
فيه إيجاز هنا :
إيجاز حذف أو إيجاز قصر ؟
إيجاز قصر أصلها : وقلنا خذوا
ومن الفوائد:
قال : ((خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ))
ما معنى بقوة ؟
(( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ))
بجد واجتهاد
إذا أخذ الإنسان القرآن آو الكتاب الذي أنزل على الأمم السابقة فنحن نتحدث عن هذا القرآن
يعني كما أمرت اليهود بأن يأخذوا الكتاب بقوة وكما أمر يحيى بأن يأخذ الكتاب بقوة نحن أيضا مأمورون بأن نأخذ هذا القرآن بقوة
(( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ))
ما معنى بقوة ؟
الجد والاجتهاد
الجد والاجتهاد نابع من ماذا ؟
نابع من التصديق
نابع من الإخلاص إخلاصك لله دعاك إلى أن تتاخذ هذا الكتاب بقوة
حبك هذا الكتاب يجعلك تداوم عليه وأن لا تدع ما فيه مما أتى من مأمورات إلى أن يتوفاك الله
إذاً :
كلمة (بقوة ) تجمع كلمات المفسرين :
ــ من قال يأخذ ذلك بمواظبة وبمداومة
ــ من قال يأخذ الكتاب بقوة واجتهاد
ــ من قال يأخذ الكتاب بنية وبإخلاص
كل هذه التفاسير يجمعها كلمة ” بقوة “
تفسير سورة البقرة
قوله تعالى : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{63} ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ{64} }
البقرة63 ــ 64 (2 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ زيد البحري : www.albahre.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ
فنكمل ما توقفنا عنده من فوائد عند قوله تعالى :
((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{63} ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ{64} }البقرة63 ــ 64
من فوائد هاتين الآيتين الكريمتين :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( المظلل بالأصفر صوته متداخل مع صوت مسرع ))
أنه قال عز وجل : (( واذكروا ما فيه ” أمر هنا بالذكر والذكر ضده ماذا ؟
النسيان
والنسيان ينقسم إلى قسمين : ذهول وترك
والذهول : لا يسلم منه عبد قد تأخذ معلومة أو تمر بشارع فتنسى هذا الشارع ذهل عقلك عنه بينما النوع الثاني هو نسيان الترك :
” واذكروا ما فيه “
يعنى: لا تتركوا ما في هذه التوراة وأيضا عليكم أن تتذاكروا ما فيها حتى لا تذهلوا عنها لأن العلم يؤخذ من الوحي
وهذا العلم الذي يتلقى قد يغيب عن ذهن الإنسان إن لم يذاكره ولم يراجعه ولذلك قال : (واذكروا ما فيه )
بماذا ؟
المعمول هنا محذوف ؟
( واذكروا ما فيه ) بماذا ؟
بالقول فقط ؟
بالعمل فقط ؟
لا
بكل شيء اذكروا ما فيه من القلب فتستحضروا ما في هذا الكتاب من العظمة من الأحكام الرشيدة من المواعظ الرصينة
أن تذكروا ما في هذا الكتاب باللسان فيتلى حتى يفهم
وما فهم يثبت
اذكروا ما فيه بالجوارح وذلك أن تعمل هذه الجوارح بما في هذا الكتاب
فإذا كان اليهود مأمورين بهذا التذكير الذي هو التوراة ألا يكون القرآن أولى من التوراة بهذا الأمر ؟
بلى والله يكون أولى
وبالتالي فإن في هذه
الآية حثا لنا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن نستفيد من هذا القرآن وأن نذكره قولا وقلبا وعملا
ومن الفوائد :
أن تذكر ما في الكتاب يؤدي إلى تقوى الله فدل هذا على أن الكتب المنزلة من الله على خلقه إنما هي لهداية القلوب
((وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{63} ))
رجاء أن تتقوا الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه
ولذلك حذر عز وجل من أن يغفل عن الكتاب
ولذلك قال تعالى في سورة الحديد :
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ ـ اليهود والنصارى
ــ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد16
فدل ذلك على أن الإنسان حياة قلبه مع الوحي
حياة قلبه مع القرآن
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” هذا هو السماع الإيماني الذي يعطي القلب يقينا وهدى ونورا وهو سماع الأنبياء ((إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً }مريم58
هو سماع أهل الإيمان :
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }الزمر23
ولذلك كما قال رحمه الله : ” كان الصحابة إذا اجتمعوا قالوا لأبي موسى الأشعري بما أنه حسن الصوت
قالوا : ذكرنا ربنا فيستمعون ويبكون “
ولذلك لما اعتاض بعض الناس عن سماع كلام الله ببعض القصائد وببعض الأناشيد ولو كانت نزيهة في كلماتها فإنها تعرض عن الذكر
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الحسن :
” الشعر بمنزلة الكلام حسنه حسن وقبيحه قبيح “
ومع ذلك قال في الصحيحين :(( لأن يمتلأ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلأ شعرا ))
عبر بالامتلاء
معنى هذا لو أن الإنسان جعل أعظم ما في قلبه كلام الله واستمع للشعر النقي النظيف الخالي من المؤثرات فلا إشكال في ذلك لأن الحداء موجود في عصر النبي عليه الصلاة والسلام لكن أن يغمر الناس أوقاتهم بهذه الأشياء فإنها صرفتهم عن خير وهدى
ولذلك قال تعالى هنا :
(وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{63} )
يعني لعلكم أن تتقوا الله عز وجل
ولذلك قال : (لعلكم تتقون ) :
يعني :
لا تظن أنك لما تعمل العمل الصالح أو تعمل بما في هذا الكتاب انك متقي
لاشك أن الظاهر عليك أنك متقي لكن لا تحكم على نفسك أنك متقي لا تتكل على هذا لكن عليك أن تكون راجيا لله أن يجعلك من المتقين
ولذلك :
ماذا قال عز وجل في سورة الكهف ؟
(( واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا )
فالإنسان يكون بين الخوف وبين الرجاء والآيات في هذا المعنى كثيرة
ولذلك في سورة الجن ((وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً{14} ))
((فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً{14} ))
ومن الفوائد :
كما قال بعض العلماء
قال عن كلمة لعل في القرآن معناها واحد وهو الرجاء إلا في آية واحدة
كل ما في القرآن من كلمة لعل معناها واحد وهو الرجاء
إلا في آية واحدة :
بمعنى كأنَّ
وهي ما قاله عز وجل في سورة الشعراء :
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ }الشعراء129
يعني : كأنكم تخلدون
من رأى صنيعكم وما تفعلونه من هذه القصور كأنكم ستخلدون
إذا :
هي قاعدة ذكرها هذا العالم كل ما في القرآن من كلمة لعل معناها الرجاء رجاء أن تتوبوا رجاء أن تفلحوا
لكن معناها كان في سورة الشعراء في قصة عاد {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ }الشعراء129
يعني : كأنكم تخلدون في هذه الدنيا
ومن الفوائد :
أنه بعد مجيء هذا الكتاب وسبق أن ذكر عز وجل قبل ذلك بآيات وقلت لكم : إن قصة بني إسرائيل لم تسرد تباعا من باب أن يبين عز وجل ان قصة بني إسرائيل ليست قصة واحدة وإنما لهم أحداث متعددة وهؤلاء متقلبون وهؤلاء لما تقلبت قلوبهم تقلبت أحوالهم
ولذلك :
ما ترى إنسانا متقلبا إلا لأن قلبه متقلب لما في هذا القلب من أفكار أو فهم تجد أنه متقلب
ولذلك إذا أراد الإنسان أن يكون غير متقلب في حياته ولاسيما في حياته الدينية ليس له سبيل إلا الإيمان وإلا القرآن لأنه ثابت راسخ
فمتى ما امتلأ هذا القلب بهذا القرآن كلما كنت قويا
ولذلك بعض الناس قد يكون من أهل الخير أو قد ينتسب إلى العلم الشرعي ولكن تجد أن لديه من الأقوال ما فيها من التعارض فهذا الرأي يخالف رأيه قبل يوم أو قبل ساعة
قوله ليس ثابتا
لم ؟
لأنها أقوال وأفهام ليست مبينة على ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام
ولذلك :
انظروا : الأحداث تفرز لنا فيما مضى وفيما نعيشه الآن
يعني : لتأت إلى من يتبنى الكتاب والسنة التبني العظيم ويكثر منهما تجد أن قوله قبل عشرين سنة هو قوله الآن لا يتغير
لم ؟
لأنه سائر على الكتاب والسنة
يعني :/ مما امتاز به ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله
يعني من حين ما خرجا لنشر العلم إلى أن توفاهما الله وكذلك العلماء الموجودون هؤلاء هم العلماء الذين لم يتغيروا في أقوالهم وفي أفعالهم
لم ؟
ليس من ذواتهم
يعني الإنسان لو وكل إلى نفسه وكل إلى ضعف الإنسان ضعيف ولاسيما في زمن الفتن ولاسيما في زمن المتغيرات في هذه السنين
يفترض : أن نحرص على الكتاب وعلى السنة ( العلم الشرعي ) المبني على الكتاب والسنة يفترض أن نحرص عليه في هذا الزمن
يعني :
قل أن تفتح وسيلة إعلامية إلا وتسمع عن قتل في كل يوم في كل ساعة
يا أخي هذا موجود بيانه في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ومبين سببه
اسمع معي إلى ما جاء في الصحيح :
قال عليه الصلاة والسلام :
(( يرفع العلم وفي رواية يقبض العلم ))
الجملة التي بعدها (يظهر الجهل )
يعني ما فيه علماء ؟
بلى
فيه علماء
يقول ابن حجر في الفتح : فيه علماء ربانيون يبنون كلامهم على الكتاب والسنة لكنهم مغمورون لا يلتفت إليهم لا يبحث عنهم
العلم بين يد الناس ومع ذلك يذهبون إلى من يأتي بأفكار مجمعة فيسار من خلفه
لم ؟
لأن الآراء والأفكار من البشر هي توافق الهوى
ومعلوم :
أن الإنسان يحب أ ن يميل إلى ما يوافق هواه
ولذلك قال : ( يرفع العلم بعدها : يظهر الجهل
بعدها : تكثر الفتن الجملة التي بعدها تكثر الفتن
الآن :
فتن موجودة عندنا في هذه السنوات في كل مكان في العالم الإسلامي ما يدري في أي مكان لا في مصر ولا في ليبيا ولا في تونس ولا في أي مكان ولا حتى ما يقال عندنا في وسائل التواصل
نتيجته : قلة العلم الشرعي
والله لو أن الناس في أي قطر من أقطار الدنيا رجعوا إلى الكتاب والسنة أفلحوا
((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ))
في أي شيء نكرة في سياق الشرط فتعم
((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
لكن أهم شيء أن تكون القلوب مفرغة من الهوى من رغبات النفس من حظوظ الدنيا
يعني يكون الأهم هو الإيمان بالله وباليوم الآخر (إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
يعني أحسن عاقبة ومآلا يعني عاقبتكم تكون إلى خير
لكن في هذه الحال مع قلة العلم الشرعي وظهور الجهل وانصراف كثير من الناس عن العلماء الربانيين ظهرت الفتن
الآن أصبحت أحوال المسلمين تسير من غيرهم وأصبح للرافضة شان تدخل في شئون البلدان الإسلامية أصبح لأهل البدع دور في هذا ونحن فينا علماء
نقف نتفرج لا ندري متى يقال هذه نهايتكم
لا
يفترض أن نكون نحن على الحق أو أن نكون نحن المسيطرين
لكن لا سيطرة إلا بالكتاب والسنة
قال : (( يرفع العلم ويظهر الجهل وتكثر الفتن ويكثر الهرج ))
ما في الفتن إلا الهرج
( يكثر الهرج قيل : ما الهرج يا رسول الله قال : القتل القتل ))
الآن القتل منتشر سببه : الفتن
الفتن ما سببها ؟
الجهل
الجهل ناتج من ماذا ؟.
من إعراض الناس عن العلم الشرعي
ولذلك :
الإنسان لما يرى انصراف الناس على الأقل يقول أنجو بنفسي
كيف تنجو بنفسك ؟
تنجو بنفسك أن تتعلم العلم الشرعي
يعني إذا انصرف الناس لا أنصرف معهم لا أسير من حيث سار الناس
((وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ))
الكثرة ما هي محمودة في الشرع
ولذلك يأتي النبي يوم القيامة وليس معه احد
أهناك خلل في منهجه ؟
لا
الخلل في من عاصره لأن الحجة تقوم على من عاصره
ولذلك بعض الناس يكون العلم بين يديه ومع ذلك لا يستفيد منه
ولذلك قال عز وجل هنا عن بني إسرائيل : ((ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ))
سبحان الله !
أتاهم هذا الكتاب الموصوف بهذه الأوصاف وسبق ذكرها
وقلت لكم : إن قصة بني إسرائيل لم تسرد في سياق واحد وإنما متنوعة لكي يفضح الله أمرهم وأنه متقلبون وتقلبهم باعتبار ما في قلوبهم
والقلوب تقلبت لأنه ليس فيها كتاب ليس فيها هدى
نقرأ في سورة الحديد :
((وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ))
طال عليهم الزمن
يعني إذا كان الإنسان حياته في هذا الجوال وهو جالس عند أكله وعند شربه وعند منامه وهو جالس في عزيمة وكذا
متى فتحت المصحف وهو موجود في الجوال ؟
يعني أقام الله عليك الحجة يعني أن المصحف موجود في هذا الجوال
يطول عليك الأمد
يعني يكون هناك حائل بين قلبك وبين الخير لما تعرض عن القرآن وبالتالي لما تأتي إلى قلبك وتريد من هذا أن يعود فلا يعود
لما تأتي الفتن لا تدري ما الذي يصيبك ؟
ولذلك من يضيع في الفتن ؟
هم عوام الناس
وعوام ما هم كبار السن قد يكون شابا عمره عشرون سنة لكنه من عوام الناس لم يتعلم العلم الشرعي
كما قال شيخ الإسلام : قال :الفتن يعرفها العلماء إذا أقبلت
يعني العلماء يحذرونكم
انتبهوا :
اتحدوا باجتماع الصف وعدم الخوض فيما يخص أمور السياسة وأمور الحكم وعدم تتبع الزلات وما شابه ذلك
لم
لأن الفتنة إذا أقبلت يعرفها العالم وإذا وقعت يعرفها الجميع
والله أن الفتن وقعت في بعض الدول التي سقط فيها رؤساؤها والله إن عوام الناس الآن يعرفون مغبة خطورتها
لكن بعد ماذا ؟
بعد مثل ما يقال وقع السيف في الرأس
ولذلك يقول شيخ الإسلام : ” القتل في الفتن يقول مثل الجاهلية مثل القتل في الجاهلية
الجاهلية لا يحكمهم شيء
مثل ما يقال عند عوامنا : ” كل واحد في راسه صوت “
هذا يقول كذا وهذا يقول كذا
لم ؟
لأنه ليس هناك من يسوس الناس
القضية خطيرة ومع ذلك ذكر عز وجل لنا تحذيرات ومع ذلك لا نلتفت ولا نتنبه
((((( المظلل بالأخضر صوته مضبوط ولكنه مرتبط بالفائدة ومكمل لها التي باللون الاصفر لذلك لم يقطع حتى يسجل الدرس من أوله الذي باللون الأصفر واللون الأخضر ))
من الفوائد :
ـــــــــــــ
أن الله عز وجل بين عظم التوراة كما في الآيات السابقات :
{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }البقرة53
فوصف أنه فرقان وأنه سبب للهداية ومع هذا كله مع أن هذه التوراة لما أعرضوا عنها ورفع الجبل فوق رءوسهم وهددوا أنه يقع عليهم إذا لم يقبلوها مع هذا كله تولوا وأعرضوا وهذا إن دل يدل على أن القلب متى ما قسا لا تنفعه العظة
قال الشاعر :
إذا قسا القلب لم تنفعه موعظة كالأرض إن سبخت لم ينفع المطر
أهل النار إذا رأوا العذاب تمنوا أن يعودوا مرة أخرى إلى الدنيا لكي يعملوا صالحا
فماذا قال تعالى لما علم من خبث في قلوبهم :
(( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ))
خليق بنا ولكل واحد منا أن يحرص على قلبه وأن يتعاهده
ومن الفوائد :
أنه مع هذا كله فإن فضل الله ورحمته حاصلة لهؤلاء
ولذلك قال : ((فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ{64}))
من هم الخاسرون ؟
الخاسر :
هو من خسر رأس ماله أو شيئا من رأس ماله هذا هو الخسران في اللغة
من ذهب رأس ماله أو ذهب شيء منه فهذا هو الخاسر
ووصفهم بأنه لولا فضل الله ورحمته لكانوا من الخاسرين لأن أعظم الخسارة أن يخسر الإنسان دينه لأنه لو خسر دينه خسر حياته
ولذلك قال تعالى :
((قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))
بسبب ماذا ؟
بسبب ما فعلوا
ومن الفوائد :
عظم رحمة الله وفضله عز وجل
يعني : رحمة ومع الرحمة فضل
وعلى من ؟
على من عصاه على من أعطاه الدلائل والبراهين والمواعظ التي رآها عيانا بيانا
أي شيء أعظم من أن يرفع الجبل فوقك ثم بعد ذلك تعرض
أي موعظة أبلغ من أنك تصاب بصاعقة فتموت ثم يحيك الله مرة أخرى
أبعد هذا موعظة ؟
ولذلك يقول عز وجل : ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ))
يعني : إذا منحك الله فضلا من عنده حال بينك أنت أيها المؤمن وبين الوقوع في المعصية
وحال عز وجل بين الكافر وبين قلبه وبين الهداية
فدل هذا على أن هؤلاء مهما أوتوا من آية فلا تنفع معهم
ومن الفوائد:
أن كلمة لولا شرطية
في اللغة العربية يحذف الخبر بعد لولا غالبا
قال ابن مالك :
وبعد لولا غالبا حذف الخبر حتم
يعني : الخبر بعد لولا محذوف
((فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ))
يعني لولا فضل الله ورحمته حاصلان بكم وواقعان بكم وإلا لأصبحتم من الخاسرين
ــــــــــــــــــــــــــــــ