تفسير سورة البقرة الدرس ( 63 ) [ ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت … ] الآيتان ( 65 66 )

تفسير سورة البقرة الدرس ( 63 ) [ ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت … ] الآيتان ( 65 66 )

مشاهدات: 542

             تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 63 )

            قوله تعالى :

{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ {65} فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ {66} }

البقرة 65 ، 66

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

          الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــ

قال عز وجل عن هؤلاء :

((وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{65} فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ{66} ))

 

من فوائد هاتين الآيتين الكريمتين :

أن الواو هنا عاطفة ، معطوفة على ما سبق

ما سبق ماذا ؟

هي أخبار وأحداث عن بين إسرائيل فيما يخص ماذا ؟

فيما يخص التوراة فيما يخص الجبل

فيما مضى من أحداث

إذاً :

من بين هذه الأحداث التي وقعت لبني إسرائيل أن الله ذكَّر من في عصر النبي عليه الصلاة والسلام بما جرى لأهل السبت

قال :

((وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{65} ))

من هم أصحاب السبت ؟

أولا : السبت مأخوذ من القطع

سبت الشيء يعني قطعه

لم ؟

لأنهم ينقطعون عن العمل في يوم السبت

وهذا السبت :

اختارته اليهود مع أن الجمعة عرضت عليهم لكن كما قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : ( أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا نحن الآخرون ـ آخر الأمم ـ الأولون ـ يعني يوم القيامة ـ بيد أنهم أوتوا الكتاب قبلنا فهدانا الله لهذا اليوم ))

فهذا اليوم لنا ولليهود السبت وللنصارى يوم الأحد

وفي رواية مسلم :

( نحن الآخرون المقضي لهم يوم القيامة قبل الخلائق )

أول من يقضى بين الأمم أول أمة يقضى بينها أمة محمد عليه الصلاة والسلام

ولذلك قال عز وجل كما في أواخر سورة النحل ((إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ ))

فمنة من الله جل وعلا على هذه الأمة أن جعل لهم يوم الجمعة يعظمونه بينما اليوم الذي يعظم عند اليهود هو السبت واليوم الذي يعظم عند النصارى هو الأحد

ولذلك إجازة النصارى واليهود متى ؟

السبت والأحد

ما قصة هؤلاء ؟

من هم أصحاب السبت ؟

القصة مذكورة في سورة الأعراف قال عز وجل :

((واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ{163} وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ{164} فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{165} فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{166} ))

هنا :

 ((وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{65} ))

قصة هؤلاء :

أن الله جعل لهؤلاء يوم السبت يعظمونه ،ومن بين تعظيمه : أنهم لا يصيدون فيه السمك والحيتان ، فابتلاهم الله بهذه البلوى

هي امتحان أحيانا يضيق على الإنسان في الرزق لكي يبتلى ولذلك في سورة الطلاق قال عز وجل :

((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً{3} ))

بعض الناس قد يضيق عليه في الرزق قد لا تفتح له الأبواب مع أنه من المتقين

فأين أول الآية مع آخرها ؟

من يتوكل على الله حق توكله لأن الله سيبتليه ، وما أدل من سورة يوسف انظروا إلى حاله وما جرى له وفي النهاية كيف كان أمره رفع الله شأنه

والقصص كثيرة فيما يخص هؤلاء الأنبياء :

إذاً :

((وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ))

 سيبلغ أمره عز وجل ولذلك قال : ((قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً{3} ))

يعني : لا تحرص

بعض الناس يقول تغلق أمامي الأبواب وأنا من الذاكرين

هذه بلوى :

هل تعجزك نفسك فتذهب إلى طريق  الشر أم أنك تصبر وتصابر حتى تفلح

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ ))

وأيضا مع المصابرة قد يصبر الإنسان ويصابر لكنه لا يستمر ((وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ ))

النتيجة ((لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) آل عمران200

فابتلاهم الله عز وجل فكانت هذه الحيتان لا يبقى شيء من البحر إلا وأتى أمامهم بينما إذا ذهب يوم السبت ذهبت معه

السبت ما شاء الله تجتمع

ولذلك قال : ((إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ ))

القلوب المريضة لابد أن تحتال

ثم يقول بعض الناس :

إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب

مسكين يظن أننا في غابة ما يظن أنه عبد لله عز وجل

ولذلك أصحاب القلوب المريضة قالوا : لابد من الحيل نحن نهينا عن الصيد

نهينا عن الصيد فنحن لن نصيد شيئا

ماذا صنعوا ؟

أتوا بالحبال والشباك يوم الجمعة وحفروا الحفر ووضعوا الشباك فيها فلما أتت هذه الحيتان وقعت في الشباك وفي الحبال فلم يأخذوا منها شيئا فإذا مضى يوم السبت أخذوها يوم الأحد

فقالوا : لم نأخذ شيئا

هكذا القلوب المريضة تجهل عظة الله إلى درجة أن الإنسان تقول هذا ليس بإنسان هذا ليس بعاقل تقول هذا خارج من نطاق العقلاء ، لأنه لم يربط نفسه بالله لأن قلبه مريض وكلما يشتد المرض كلما يصنع الإنسان صنع السفهاء

يكون سفيها كما قال تعالى : ((وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ ))

((سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ))

مثل المنافقين لما كانت قلوبهم مريضة ويحلفون أمام النبي عليه السلام وأمام الصحابة حتى يتخلصوا من تبعة سوء أفعالهم يحلفون لهم :

((إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ))

إذا جاء يوم القيامة وقابلوا الله يوم القيامة  {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ }المجادلة18

يحلفون أمام من ؟

أمام الله أنهم لم يفعلوا هذه هي القلوب المريضة

فماذا صنعوا ؟

أتوا بهذه الحبال فإذا انصرف يوم السبت قالوا ما عملنا شيئا

ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند ابن بطة كما قال ابن كثير قال : وإسناده جيد

قال عليه الصلاة والسلام : (( لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ))

هذه القصة المذكورة لم تذكر هكذا وإنما لنستفيد حتى نبتعد عن هذه الحيل

ولذلك لما حرم الله عليهم الشحوم ، والشحوم لاشك أن بها نفعا لكن نحن في هذا العصر لما عظمت المدنية وأصبحت هذه الشحوم مضرة بالبدن لأن هذا البدن لا يتحرك وهذا البدن لا يجوع البدن رطب البطن رطب المعدة رطبة ما هي جافة

أدركتهم قديما فأول ما يبدءون يبدءون بألية الشاة بألية الذبيحة بل هذا ألذ ما لديهم

لكن نحن نرميها ولا نلتفت إليها

لكن بظلمهم حرم الله عليهم هذه الشحوم {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ }الأنعام146

إذاً  :

الشحم محرم فهذه الحيلة هي من اليهود قالوا : لا نأخذ الشحم على هيئته نذيبه فإذا أذبناه لم يصبح شحما

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوها يعني أذابوها فباعوها فأكلوا ثمنها ))

فلما صنعوا هذا الصنيع أصبحوا ثلاث طوائف :

طائفة وقعت في هذا المنكر الذي عصوا الله به

طائفة أخرى سكتت لم تأمر ولم تنه

طائفة ثالثة نهت

الطائفة الأولى أين هي ؟

التي اعتدت في السبت

((واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ))

الطائفة الثانية التي سكتت :

((وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ ــ تقول لمن ؟ للطائفة الثالثة التي وعظتهم ــ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ{164}))

لعل الموعظة تنفع

فماذا جرى ؟

عاقبهم الله بعقوبة

هذه العقوبة مذكورة في سورة الأعراف ومذكورة هنا :

((وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{65} ))

يعني صاروا قردة

سبحان الله !

في سورة الأعراف :

((فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{166} ))

 

لماذا قال (( خاسئين )) ؟

أليست القردة خاسئة ؟

بلى

لماذا قال (( خاسئين )) ؟

لأن من مسخ إلى قرد هذا هو الخسء

لكن لما قال ((كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{166} ))

ولم يكتف بقوله كونوا قردة دل هذا على أن هذه العقوبة لا تكفر عنهم ذنبهم لأن بعضا من الناس يعاقب وتلك العقوبة تدفع عنه العقوبة الأخروية هؤلاء ، لا

عوقبوا في الدنيا بأنهم مسخوا قردة وصاروا خاسئين بمعنى أنه لا يفهم أحد أنهم لما مسخوا قردة وتحولوا من إنسان إلى قرد لا يفهم من هذا أن هذه العقوبة تنجيهم من العقوبة الأخروية

هل هذه القردة الموجودة الآن هي من نسل بني إسرائيل ؟

في الدرس القادم إن شاء الله نوضح هذه المسألة

 

 

تفسير سورة البقرة

قوله تعالى :

{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{65} فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ{66} }

البقرة، 65 ، 66(2 )

            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ زيد بن مسفر البحري :

www.albahre.com

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــ

فقد بقيت معنا بعض الفوائد اليسيرة في الآيتين اللتين تحدثنا عنهما فيما يقرب من درسين أو ثلاثة دروس وهي قوله تعالى :

{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{65} فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ{66} }

البقرة، 65 ، 66

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أنه عز وجل  قال (كونوا قردة خاسئين ) فدل على أنهم قبل أن يكونوا قردة كانوا بشرا

وهذا إن دل يدل على تلك الفرية الكفرية والنظرية الإلحادية التي تقول : إن أصل الإنسان قرد

فتطور به الحال إلى أن وصل إلى أن يكون إنسانا وهذه النظرية كفرية ملحدة تخالف القرآن لأن الله بين أنه خلق آدم من تراب فأصل آدم من تراب وليس أصله قردا

ومن الفوائد :

أن ما جرى لهؤلاء اليهود من هذه العقوبة لما اعتدوا في يوم السبت جعلها الله نكالا وموعظة

النكال يختلف عن الموعظة

النكال : هو المنع  بينما الموعظة تكون بها الرقة

فانظر رعاك الله إلى أن ما يجريه الله عز وجل مما يجريه إما أن يكون مانعا للإنسان العاقل من أن يقدم على نظيره حتى لا يصيبه مثل ما أصاب غيره وإما أن يكون مؤمنا تقيا فتنفعه تلك الموعظة فيحذر

ولذلك قال (( نكالا ))

قال عز وجل : {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً }المزمل12

الأنكال : هي القيود التي تمنع الإنسان من أن ينطلق

وبالتالي قال (( نكالا وموعظة )) لأن بعضا من الناس قد لا يفيد معه إلا أن يشدد عليه ويوطر على الحق أطرا

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري : (( عجبت لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل ))

كيف ؟

قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل ؟

كيف ؟

إما كما قيل من أنهم يؤسرون على أنهم كفار فيرون عظمة الإسلام فيدخلون في الدين

وإما أن هؤلاء لا يرغبون في الدين ولكن أجبروا عليه فأصبح هذا الدين محببا لهم

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما أتاه وفد ثقيف كما في المسند :

قالوا : يا محمد نسلم ولكن لا تلزمنا بأمرين : لا صدقة ولا جهاد

فقال عليه الصلاة والسلام : أقبل

ولذلك قال بعدها : سيصدقون وسيجاهدون

ولما أتى آخر كما في المسند :

قال : يا رسول الله أسلم لكني كاره

قال : أسلم ولو كنت كارها

ولما أتاه رجل فقال : لا أصلي إلا صلاتين أبايعك على الإسلام على أني لا أصلي إلا صلاتين

فالنبي عليه الصلاة والسلام أقره على ذلك لما يعلم عليه الصلاة والسلام من أن الإيمان إذا دخل في القلب فإن هذا الإيمان يدعوه إلى أن يزيد من الخير والطاعة

ومن الفوائد :

أن الموعظة خص بها من ؟

المتقون

لأن قلوبهم محل الانتفاع بالذكرى

ولذلك ماذا قال عز وجل في أواخر سورة الذاريات {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55

{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الأنعام51

يخافون أن يحشروا إلى ربهم فلتنذر يا محمد من يخشى ذلك اليوم ((وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ )) فدل هذا على أن أهل التقى وأهل الإيمان قلوبهم هي محل الانتفاع بينما غيرهم قد أزاغه الله عز وجل

ومن الفوائد :

أنه جل وعلا جعل ما أنزل بهؤلاء ((نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا ))

ما هي ما بين يديها وما خلفها ؟

قال بعض المفسرين : ((نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا ))

يعني : ما عملته أنفسهم من الذنوب الماضية والحاضرة كما قال تعالى عن فرعون في سورة النازعات {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى } النازعات25

على أحد القولين يعني بكلمته الأولى وبكلمته الثانية لأنه قال في موضع :

{فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }النازعات24

وفي موضع آخر :

((وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ))

ويكون التفسير الآخر {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى }

الآخرة هي الدار الآخرة

والأولى هي الدنيا

والأصوب على ما ذهب عليه المحققون من أنه جل وعلا جعل ما أنزل بهؤلاء نكالا لما بين يديها يعني من القوى الحاضرة التي شهدتها

وما خلفها لمن يأتي بعدها

((فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا ))

ما هي ؟

القرى الحاضرة التي في زمنها

(( وما خلفها )) ممن  يأتي بعدها

 

ومن الفوائد :

((وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ{66} }))

من هم المتقون ؟

أمة محمد صلى الله عليه وسلم أم للجميع ؟

للجميع فدل على أن هناك متقين من الأمم السابقة

 

ومن الفوائد:

أنه عز وجل قال : (( ولقد علمتم )) :

هنا هذه الآية أكدت بثلاثة مؤكدات

التأكيد في اللغة العربية مفيد

والخبر في اللغة العربية أو عند البلاغيين ثلاثة أنواع :

خبر ابتدائي

وخبر طلبي

وخبر إنكاري

يعني : شخص لا ينكر ما تريد أن تقوله وليس فيه أدنى شك هنا لا تؤكد كلامك

تقول  : محمد مسافر

هذا خبر ابتدائي تخبره لأنه جاهل

هذا جاهل

لكن إن كان شاكا فتؤكد له بمؤكد :/

تقول : إن محمدا مسافر

لأنه مرتاب

لكن إذا كان ليس بجاهل ولا مرتاب وإنما هو منكر لابد أن تأتي بأكثر من مؤكد وهذا ما يسمى بالخبر الإنكاري تقول :

إن محمدا لمسافر

أتيت بإن وأتيت باللام

وكلما كان إنكاره قويا كلما كان الواجب عليك أن تكثر من المؤكدات فبقدر إنكاره تأتي المؤكدات

هنا أُكد منه الخبر منه عز وجل لما خاطب هؤلاء في عصر النبي عليه الصلاة والسلام أكد ذلك بثلاثة مؤكدات

ما هي ؟

(( ولقد ))

اللام   ، وقد ، والقسم الموطأ لأن اللام موطئة للقسم أصلها : والله لقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت

فإذاً : هنا ثلاثة مؤكدات :

اللام وقد والقسم

هذه مفيدة وسيأتي معنا إن شاء الله أمثلة كثيرة على هذا

 

ومن الفوائد :

أنه قال  (( ولقد علمتم ))

علمتم :

هل هناك فرق بين علمتم وعرفتم  ؟

هل هناك فرق بين العلم والمعرفة ؟

نعم أجل

هناك فرق بين العلم والمعرفة :

إذا قلت : عرفت زيدا ـــــ يختلف عن قولك : علمت زيدا

المعرفة : تقع على ذات المسمى

أما العلم فيقع على صفات المسمى

أنت تعرفه  عرفت زيدا يعني شخص  زيد

علمت زيدا : يعني صفات زيد

علمت زيدا : يعني علمت صفاته

عرفت زيدا يعني عرفت شخصه

هنا : (( ولقد علمتم )) :

أشخاصهم أو صفاتهم؟

انتبهوا يا إخوان :أحيانا كلمة العلم تقع على المعرفة

خلاصة القول :

أن المعرفة تنصب مفعولا واحدا : عرفت زيدا

أما العلم فينصب مفعولين : علمت زيدا مجتهدا

هنا ما نصبت علم إلا مفعولا واحدا

فيكوون العلم هنا بصفاتهم أم العلم بأشخاصهم ؟

العلم بأشخاصهم مع أن المعرفة لذات الشخص والعلم لصفاتهم

ودليل آخر :

((وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ))

 (( لا تعلمهم نحن نعلمهم )) كيف ؟

الصفات هنا أم الأشخاص ؟

النبي عليه الصلاة والسلام ((وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ )) هذه الصفات

إذاً : ((لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ))

المقصود هنا :

الأشخاص