تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 64 )
قوله تعالى :
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }
البقرة 67 (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ
عندنا قول الله عز وجل :
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }البقرة67
من فوائد هذه الآية الكريمة :
أن هذا الأمر من موسى عليه الصلاة والسلام لم يبين فيه السبب وإنما الأمر والحال أتى هكذا :
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }البقرة67
ما علاقة هذا الأمر بذبح البقرة فيما يخص اليهود ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السبب تأخر لأن هناك حادثة قتل وقعت في بني إسرائيل لا يدرى من هو القاتل وبالتالي أتوا إلى موسى عليه السلام لعلمهم أنه نبي وأنه صادق ليطلب من الله أن يبين لهم من هو القاتل
فقال موسى عليه السلام :
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }البقرة67
كيف عرفنا ؟
عرفنا مما بعد ذلك :
{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ــ يعني اختلفتم فيها ــ وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ }البقرة72
وهذا له نظائر في كتاب الله :
أن يذكر بعد الشيء وهو متعلق به في أول أمره
يعني : حسب أفهامنا كان من المفترض في غير القرآن أن يذكر السبب {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } البقرة72
ثم يأتي الأمر هذا الأمر سببه كذا
لكن هذا من باب :
أن تحضر القلوب عند تلاوة القرآن فهناك تقديم وتأخير
أعطيكم مثالا آخر :
قال عز وجل عن نوح :
((احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ ))
أهلك : أهله
بعض الناس يقول أهلك يعني من الهلاك
((احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ )) احمل أهلك ((إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ )) هود40
ما قبلها فيه بيان هلاك
((وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ{37} وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ{38} فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ{39} حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ{40} ))
يعني :
ما الذي بعدها ؟
(( وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{41} ))
يعني : يكون الحال أنه لما ركب بمن آمن معه وقع ما وقع لقومه من الهلاك فأحيانا يأتي التقديم والتأخير من باب ماذا ؟
من باب إحضار القلوب
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما قصة هذا القتيل ؟
قصة هذا القتيل:
سأذكرها لكم ولكن لا تبقى في أذهانكم سأذكر لكم هذه القصة لكن إذا سمعتموها فلا تثبتوها في قلوبكم
هذه القصة :
يقولون :
قتل قتيل من بني إسرائيل
من الذي قتله ؟
كان هناك رجل ثري في بني إسرائيل وكان له ابن أخ وكان هذا الرجل الثري قد استبطأ هذا الابن الأخ موته لكي يرثه ، فيريد المال فماذا عساه أن يفعل ؟
قام فقتله وطرحه عند بيت وطلب بدمه فهذا عمي قد قتل فأصبح المطلوب طالبا فلم يعرف قاتله
فأتوا إلى موسى عليه السلام قال : (( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ))
كما سيأتي معنا أتوا بتفاصيل وبأسئلة معنتة وبأوصاف لهذه البقرة فذكرت لهم الأوصاف كما سيأتي معنا إن شاء الله
فبحثوا فلم يجدوا أوصاف هذه البقرة إلا عند يتيم عنده أمه كانت هذه البقرة لا تساوي إلا ثلاثة دراهم
فاحتاج الابن فقالت أمه : لتبع هذه البقرة
فذهب إلى السوق وقالت : بعها بثلاثة دراهم وإذا بلغت ثلاثة دراهم لا تعقد البيع إلا بعد ما تخبرني
فذهب فقيض الله له ملكا فأتاه وقال : كم تريد بها
قال : أريد بها ثلاثة دراهم لكن على رأي من أمي لابد أن أرجع إليها
فقال : أعطيك ستة دراهم ولا تخبر أمك
وكان بارا بأمه
فقال : لا حتى أخبر أمي
فرجع إلى أمه فأخبرها بالخبر فقالت : اذهب وبعها بستة دراهم ولا تبعها إلا بعد أن ترجع إلي
فقيض الله له ملكا : فقال : أعطيك اثني عشر درهما ولا تخبر أمك
قال : لا
مع أن الحاجة ماسة
فرجع إلى أمه وأخبرها
فقالت : اذهب فبعها باثني عشر درهما وإذا أتاك الرجل وزادك فقل له : أأنت ملك أم لا أنبيع أم لا ؟
فلما ذهب وأتاه هذا الملك قال : لا تبعها
فحصلت قضية القتل في بني إسرائيل
فأتت بنو إسرائيل
فقال : لا تبعها حتى تشترى منك بوزنها ذهبا
فلما ذهب وقعت قصة القتل في بني إسرائيل ولما وقعت القصة أتوا ليبحثوا عن صفات هذه البقرة فلم يجدوها إلا عند هذا اليتيم
فقال : لا أبيعها إلا بوزنها ذهبا
فاشتروها فذبحوها وما كادوا يفعلون
هذه قصة إسرائيلية لا يبنى عليها حكم ولا يفسر بها القرآن
ولذلك قلت لكم :ستجدونها في التفاسير لكن لا يبنى عليها تفسير كلام الله
ولذلك قال بعضهم من المفسرين : (( فذبحوها وما كادوا يفعلون )) لغلاء ثمنها
هل هذا التفسير صحيح ؟
لا لأنه مبني على قصة هذه القصة إسرائيلية
لو قال قائل :
الإسرائيليات التي ترد علينا ما حكم الشرع فيها ؟
قصة إسرائيلية ما الحل فيها ؟
لتعلم :
أن ما أتى به بنو إسرائيل من القصص التي تقرأ في الكتب هي على ثلاثة أقسام من حيث الحكم الشرعي :
القسم الأول :
إن أتى شرعنا بتأييدها فنأخذ بها
من أجل ماذا ؟
من أجل أن الشرع أتى بها
القسم الثاني :
أتانا من بني إسرائيل حكايات وقصص الشرع رفضها
نرفضها
القسم الثالث :
أتانا من بني إسرائيل ولم يأت الشرع بتأييدها ولا برفضها مسكوت عنها
هنا يجوز أن تذكر ولكن على سبيل الإخبار لكن لا على سبيل أنه يبنى عليها حكم مثل هذه القصة
ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري : (( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ))
يعني ليس هناك إثم فيما لو حدثتم عن بني إسرائيل ولكن ينبغي للمسلم ألا يكثر من هذا لأنه لا طائل من ورائه ولذلك في أول الحديث عند البخاري (( بلغوا عني ولو آية ))
يعني : آية من كتاب الله عز وجل ولو آية تغني عن كثير من القصص الأخرى
ولذلك قال : ” بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج “
فدل على أن المفيد والمعول عليه هو ما جاء به الكتاب وما جاءت به السنة النبوية
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ))
لا نصدقهم لأنه ربما يكون فيها خطأ ولا نكذبهم لأنه قد يكون فيها الصواب
هذا متى ؟
إذا لم يأت الشرع برفضها فإذا رفضها شرعنا فجاءت أدلة على أن هذا الشيء مرفوض هنا ترفض
مثل ماذا ؟
مثل ما يقال قصة أيوب عليه السلام مرض وأن جسمه تناثر وأن قومه رموه حتى صار مع النفايات ولم يبق من يعوله ويقوم على شئونه إلا امرأته
هذا لا يصح
هذه قصة إسرائيلية لأن الشرع يرفضها ليس هذا بمقام الأنبياء
وليس بمقام الأنبياء
كما يقال إن داود لما أتاه الملكان
((وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ{21} إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ{22} إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23})
يعني غلبني في قوة الخطاب
((قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25))
يعني كثير من الخلطاء ما يتفقون الشراكة فيها لكن كثيار منهم يبغي بعضهم على بعض ((إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25} ))
قصة إسرائيلية تقرءونها من أن داود أعجبته امرأة جندي من الجنود قال أرمي بهذا الجندي في المعركة حتى آخذ زوجته وهي زوجة واحدة مع أن داود عنده تسع وتسعون امرأة فأتاه الخصمان وعبروا عن المرأة بالنعجة قالوا النعجة المذكورة هنا هي المرأة
هذا لا يليق بداود أن يفعل هذا الفعل وإنما الآية أن هناك شريكين اختصما كما جاءت بذلك الآية أتاه الملكان على صورة خصمين فهو عليه السلام قبل أن يستمع حجة الآخر الذي يملك تسعا وتسعين نعجة لما قال ((إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23})
ما كان جواب داود لم يسمع لجواب الآخر والقاضي إذا قضى لابد أن يسمع لكلام الآخر
ولذلك يقول العلماء : لا يغرنك بكاء المتظلم إذا أتى فإن أبناء يعقوب أتوا إلى أبيهم يبكون وهم ظلمة {وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ } يوسف16
فلا يغرنك بكاء المتظلم حتى تسمع كلام الآخر
((وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ))
يعني اختبرناه من أنه استعجل في الحكم فلم يسمع حجة الآخر
ولذلك ما الذي بعدها ؟
((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ{26} ))
فهي قصة باطلة وبالتالي إذا أتى شرعنا برفضها ترفض
إذا أتى شرعنا بالموافقة عليها تقبل
هنا داود عليه السلام لما علم أنه فتن سجد لله أنسجد ؟
نعم لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما أتى عند هذه الآية سجد
إذاً :
أتى شرعنا بتأييد السجدة فنسجد لأن شرعنا أتى بها
ما سكت عنه لم يأت الشرع برفضه ولم يأت الشرع بتأييده نسكت عنه لو حدثنا به لا حرج والأفضل أن لا نتحدث به وإنما نتحدث (بلغوا عني ولو آية )
لكن لو أتانا شيء لم يأت الشرع برفضه ولا بقبوله هنا لا نكذبهم ولا نصدقهم
الآن عرفت مغزى كلامي لما قلت اسمعوا القصة ولكن لا تبقى في أذهانكم فلا يبنى عيها حكم
ومن الفوائد :
أن موسى عليه السلام قال : ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ )) دل على أن موسى من بني إسرائيل
بينما عيسى عليه السلام ليس منهم
ولذلك في سورة الصف فرق :
((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي ))
بينما لما اتى ذكر عيسى ((وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ))
ومن الفوائد :
أن أمر الله عز وجل لهم بذبح بقرة
كلمة بقرة في اللغة العربية مفرد أم جمع ؟
مفرد
هذا يسمى عند أهل اللغة باسم الجنس الجمعي
اسم جنس إفرادي واسم جنس جمعي
الاسم الجنس الجمعي يفرق بين مفرده وبين جمعه بالتاء
بقرة احذف التاء بقر
تمرة تمر
وعلى هذا فقس
هذا اسم جنس جمعي
اسم جنس إفرادي
لا يفرق بينه وبين مفرده بالتاء
هذا اسم جنس الإفرادي
تقول : تراب يصدق على القليل وعلى الكثير
ماء يصدق على القليل وعلى الكثير
هذا اسم جنس إفرادي
اسم الجنس الجمعي يفرق بين جمعه ومفرده بالتاء
بقرة بقر
تمرة تمر
تفسير سورة البقرة
قوله تعالى :
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }
البقرة67 (2 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ زيد بن مسفر البحري :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ
فمازلنا في ذكر فوائد قوله تعالى :
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } البقرة67
من الفوائد:
ــــــــــــــــــــ
بيان أن الناس بحاجة ماسة إلى شرع الله عز وجل فإنهم لما اختصموا في أمر ذلك القتيل إلى أين ذهبوا ؟
ذهبوا إلى النبي موسى عليه السلام فدل هذا على أن الناس بحاجة إلى الوحي ، والعلماء هم ورثة هؤلاء الأنبياء
الناس بحاجة إلى علمائهم لأنهم يبينون شرع الله عز وجل وهؤلاء العلماء يجب أن يعرف لهم حقهم ، وأن يعظموا التعظيم الشرعي الذي بينه الله في كتابه وبينه رسوله عليه الصلاة والسلام
ولذا إذا حصلت الفتن ما يعرف فيها إلا أهل العلم الذين بنوا كلامهم على ما قاله جل وعلا وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم
ولذلك أتوا إلى موسى
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن موسى عليه السلام أمرهم بأمر الله ما هو أمر الله ؟
أن يذبحوا بقرة :
((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ))
لماذا أمرهم بذبح البقرة ؟
لم لمْ يأمرهم بذبح شاة ؟
لمَ لم يأمرهم بذبح جمل ؟
لفائدة :
لماذا البقرة بالذات ؟
لأن أمره عز وجل بذبح البقرة فيه فوائد :
من الفوائد :
بيان ما تحمله قلوبهم بعد ما مضى فيما وقعوا فيه من حب العجل
(( وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ))
هذا امتحان لهم :
أيقدمون على ذبح أصل ذلك العجل لأن العجل أصله من البقرة أيقدمون على ذبحه أم أنهم لا يقدمون باعتبار أنه بقيت بقايا من حب هذا العجل
وهم فعلوا وذبحوا ولكن بعد ما تعنتوا
من الفوائد في أمرهم بذبح البقرة :
أن يعلم الله علم جزاء وثواب وإلا هو يعلم قبل أن يخلقهم ماذا سيفعلون لكن هذا علم جزاء سيترتب عليه جزاء لإظهار ما هم عليه ليعلم جل وعلا سرعة استجابتهم من عدم ذلك
ومع ذلك لم يسرعوا في الاستجابة مع أنهم لما دعاهم السامري لعبادة العجل استجابوا مباشرة بينما لما أمرهم نبي الله موسى عليه السلام ماالذي جرى ؟
ترددوا في ذلك وسألوا هذه الأسئلة التي ستأتي معنا إن شاء الله تعالى
ومن الفوائد:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن كلمة البقرة قلنا إنها مفرد يفرق بينها وبين جمعها بالتاء وهذا اسم جنس جمعي
بقر بقرة
تمر تمرة
تزيد التاء تمرة بقرة
لماذا سميت البقرة بهذا الاسم ؟
تصوروا أنا أريد أن أربط قلوبكم وعقولكم باللغة العربية لابد أن تحبوها فمحبتها شيء عظيم وستحبونها إذا فهمتموها
قلت لإنسان : بُقرَ بطنه
شق بطنه
إذاً : البقر من الشق لأنها تشق الأرض في الحراثة والزراعة
ولذلك الذكر منها : الثور :
الثور :
ـــــــــــــــــــــ
الثور يدل على هذا يدل على الحركة والإثارة
ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه قال : من أراد علم الأولين والآخرين فليثور هذا القرآن
بمعنى أنه يحركه حتى ماذا ؟
حتى يثير المعلومات
لما تقف عند كل حرف عند كل كلمة عند كل آية تثور القرآن وإذا ثورت القرآن تظفر بماذا ؟
تظفر بالعلم الغزير بعلم الأولين والآخرين وإذا ظفرت بالعلم الصحيح يعود هذا على قلبك
ولذلك نقول في كل ركعة (( اهدنا الصراط المستقيم ))
يعني أرشدنا إلى الصراط المستقيم لأنك لما ترشد ما ترشد إلا عن طريق العلم يعني كأنك تقول أنا جاهل علمني يا الله ما ينفعني لأنك لا تهدى إلى الصراط المستقيم إلا بالعلم
فمن لوازم الهداية العلم أن تسأل الله العلم
ولذلك كلمة الثور تدل حتى على الإثارة
أتدرون من الغرائب :
أني قرأت في اللغة أن الشهرة تسمى ثورا
أليس بعض الناس إذا أراد أن يشتهر يأتي بما يثير بعض الناس، الناس يجتمعون حوله يأتي بالإثارة أي شيء مثير يأتي به ما الذي يكون ؟
يشتهر
سبحان الله !
هذا في اللغة العربية :
يقول القائل :
إني وقتلي سليكا ثم أعقلَه كالثور يضرب لما عافت البقر
كالثور يعني يريد الشهرة :
هذا رجل من خثعم مع امرأته كان مسافرا فقابله رجل يقال له سليك وقال : سأقتلك
قال : أفتدي منك
قال : قبلت شريطة أن أنكح زوجتك وشريطة ألا تخبر خثعم عني
قال : لك ذلك
فذهب وترك زوجته معه فنكحها
فقالت المرأة : ربما أنها سعدت بهذا الرجل يختلف عن الرجل الأول
فقالت : احذر خثعم يعني انتبه لخثعم
يعني : كأنها استأنست من هذا الرجل
الشاهد من هذا :
أن هذا الرجل من خثعم لما أتى إلى قبيلته فأخبر سيده فسكت سيده
لكن من قبيلته من لم يرض بذلك فقال : أخبرني من هو وأين مكانه ؟
فذهب هو وصاحب له فقال صاحبه أحد :
قال : لتكفني قبيلة سليك وأنا أكفيك سليكا
فلما اتفقا أتى إلى سليك فقتله
سيد خثعم قال : كيف أعطيت هذا الأمان لسليك على ألا تخبر أحدا فلابد أن تعطيه الدية
قال : والله لا أعطيه الدية
هذا القاتل
لم ؟
قال القاتل : حتى أشتهر
شهرة ماذا؟
يقول :شهرة الثور
البقر إذا عافت الماء إذا كان الماء فيه شيء مشوب ليس بصافي أو أنها لا تشتهي الماء وأرادا أن يُشربوها الماء ضربوا الثور حتى يأتي إليها فتثير هذه البقر وبالتالي تشرب من هذا الماء رغم أنفها
قال : لابد حتى اشتهر كما يشتهر الثور
ولذلك قال :
إني وقتلي سليكا ثم أعقلّه كالثور يضرب لما عافت البقر
بعض الناس إذا أراد أن يشتهر يأتي بالإثارة ولذلك عندنا عبارة قديمة تقول : خالف تعرف
تأتي بالشيء المخالف تعرف
لكن نسأل الله العافية هذا ليس بحميد
وأيضا الشهرة ليست بحميدة في شرع الله ولو عن طريق قول الحق إلا إن أشهرك الله هذا شيء آخر
لكن كونك تبحث عن الشهرة بكلام حق هذا مقام تذم فيه
كيف إذا بحثت عن الشهرة بكلام سمج لا يليق بالعقلاء هذا من باب أولى
ولذلك كان السلف يحذرون من الشهرة ولا يريدونها وينفرون منها ولكن إذا وقعوا فيها من باب حاجة الناس بينوا
ومن فوائد هذه الآية :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أن بني إسرائيل تعجبوا أو استغربوا ما علاقة بيان هذا القتيل أو بيان قاتل هذا القتيل بذبح بقرة ؟
قتل لنا قتيل من هو القاتل يا موسى ؟
قال : ((إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً )) حتى يؤخذ من هذه البقرة فيضرب بهذا العضو هذا الميت فيحيى
هذا من العجائب كما سيأتي
(( قلنا اضربوه ببعضها ))
سبحان الله !
من العجائب :
أن تحصل الحياة بشيء ميت من ميت
هذا إنسان ميت
كيف يحيى ؟
أميتم هذه البقرة فإذا أمتم هذه البقرة هذا العضو ميت يضرب به هذا الإنسان فيحيى
يدل على عظمة الله على أن الله عز وجل قادر على أن يخلق الأضداد
(( إن الله على كل شيء قدير ))
ولذلك استغربوا ((قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً )) أتهزأ بنا ؟
هم قالوها بناء على قلة عقولهم وسفههم وشدة تعنتهم وعدم كمال إيمانهم
وإلا لو قالوها على سبيل الجد لكفروا لأن الشرع لا يأتي بالهزء ولا يأتي بالاستهزاء
((قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ))
ولذلك لو قال إنسان لحكم من أحكام الله هذا هزء هذه العبادة أو هذا الأمر هزء يكفر كفرا أكبر نسأل الله العافية
لكن هم لم يقولوها بناء على أنه هزء
باعتبار أنهم استغربوا ما علاقة هذا بهذا
ولكن أصحاب القلوب المؤمنة المطمئنة لا يترددون لأن قلوبهم امتلأت
ولذلك الصحابة رضي الله عنهم إذا أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بأمر ما يترددون ولا يسألون لماذا هذا ولماذا هكذا
يعني :
النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم أخبر أن الدجال يبقى في الأرض أربعين سنة يوم كسنة ويوم كشهر وسائر أيامه كأيامنا “
لم يأت الصحابة فيقولوا : يا رسول كيف يمكن أن يكون اليوم كسنة كيف اليوم أربع وعشرون ساعة أو هو محدد لم يقولوها
وإنما سألوا سؤلا واحدا فيما يخص عبادتهم لأنهم يعرفون أن النبي عليه الصلاة والسلام ينطق بالحق وما يأتي به الله ليس بهزء
ولذلك قالوا : يا رسول الله أتكفينا صلاة يوم في هذا اليوم الذي هو كسنة “
ما سألوا تعنتا سألوا عما يفيد قلوبهم لأن القلوب امتلأت لأنها تعرف أن الحق وهو جل وعلا لا يأتي منه إلا الحق
فبالتالي قال : لا اقدروا له قدره
انظروا :
الصحابة رضي الله عنهم لما سألوا هذا السؤال فيما يخص العبادة ولم يسألوا تلك التعنتات أفادنا هذا السؤال في هذا العصر :
بعض الأقطار في الدنيا يكون النهار فيها شهورا والليل كذلك
إذاً : كيف يصومون ؟
كيف يصلون ؟
الجواب :
أنهم يبنون على أقرب البلدان إليهم
إذا لم يتيسر يقدرون لصلاتهم وصيامهم وقتا والدليل هو هذا السؤال من الصحابة رضي الله عنهم