تفسير سورة البقرة الدرس ( 81 ) [ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته .. ] الآيتان ( 81 82 ) الجزء الأول

تفسير سورة البقرة الدرس ( 81 ) [ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته .. ] الآيتان ( 81 82 ) الجزء الأول

مشاهدات: 898

تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 81 )

قوله تعالى :

((بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{81} وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{82}))

البقرة  81/82 ( 1 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعندنا قول الله عز وجل :

((((بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{81} وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{82}))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن الله عز وجل لما ذكر ادعاء اليهود من أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودات أتى بالجواب فقال : (( بلى ))

 

وكلمة ” بلى ” في اللغة العربية تفيد أمرا :

 

أنها تنفي  الخبر الماضي وتثبت الخبر في المستقبل

وهنا :

” بلى ”

لما قالوا : ((وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{80} بَلَى ))

 

فأفادت هذه الكلمة :

أن ما ذكروه منفي عند الله عز وجل وأن ما ذكروه هو ادعاء وليس بصحيح

 

إذاً :

ما هو الصحيح المثبت ؟

((مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{81} ))

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال هنا جل وعلا : (( من كسب ))

مَن : اسم وتختلف عن مِن

إذا سمعت كلمة مِن فهي حرف

 

قاعدة :

إذا سمعت كلمة مِن أو قرأت مِن :

خرجت مِن المسجد

من : حرف جر

 

صاحبتُ مَن في المسجد

من هنا : اسم

يعني صاحبت الذي في المسجد

 

ويختلف طبعا معناها قد تكون موصولية وقد تكون شرطية وقد تكون استفهامية

 

الشاهد من هذا :

 

أنك إذا أردت أن تعرف الفرق بين مِن ومَن

فـ ” مِن “ : بكسر الميم حرف

وبفتح الميم : اسم

قال هنا : ((مَن ))

من : هنا إما أن تكون اسم شرط

 

واسم الشرط :

وهي قاعدة شرعية أصولية :

اسم الشرط يفيد العموم

 

ولذلك:

أتى بالفاء في جوابه لأن جوابه جملة اسمية أولئك

فيجب أن يقترن بها الفاء  :

((مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ ))

 

ويصح أن تكون مَن : اسم موصول بمعنى الذي

(( بلى من كسب ))

بمعنى :

بلى الذي كسب سيئة وأحاطت به خطيئته

 

لكن لو قال قائل:

لماذا أتي بحرف الفاء إذا قلنا إنّ  ” مَن ”  اسم موصول ؟

 

إذا قلنا إنها اسم شرط فلا إشكال لأن الفاء ترتبط بجواب الشرط إذا كان جملة اسمية

فلماذا اقترن الفاء في سياق الموصول إذا قلنا من بمعنى الذي

لأن الاسم الموصول يشبه اسم الشرط

فجاءت الفاء لأن اسم الموصول يشبه اسم الشرط

 

يشبهه في ماذا ؟

يشبهه في العموم

الله عز وجل قال في أواخر سورة البقرة :

((الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ ))

لم يقل : لهم بدون فاء

مع أنها اسم موصول

لما سمعتم بأن الاسم الموصول واسم الشرط يفيد العموم

 

قد يقول قائل :

ما الفائدة من هذه المعلومة ؟

 

المشكلة فيما يخص اللغة العربية ممن يصعبها أو ممن يستصعبها

وكذلك في أصول الفقه ، وكذلك في القواعد الفقيهة

 

يعني علوم الآلة لماذا تُصعَّب ؟

لأننا لا نطبقها على النصوص الشرعية

 

يعني :

عمر بن الخطاب

أبو بكر رضي الله عنهم

أو لو قيل لهم : مَن اسم شرط

قال : ما هذا؟

ما يعرفون بأن هذا اسم شرط بأن هذا اسم استفهام

 

لو تقول : كان فعل ماضي ناقص

ما هذا ؟

لكن هذه قربَّها العلماء لما استعجمت ألسنة المسلمين لما كثرت الفتوحات واستعجمت ألسنتهم لما اختلطوا بالرومان وبالفرس :

هنا :

أتى العلماء من أجل أن يحافظوا على اللغة العربية أتوا بهذه القواعد

 

ولذلك :

صعوبتها :

أنا  لا نطيقها

 

طيب :

أنت الآن علمت بأن مَن اسم شرط أو مَن اسم الموصول يفيد العموم

 

ما الفائدة ؟

الفائدة :

أنه إذا قلنا إن مَن اسم موصول أو اسم شرط أنها تعم أي شخص ذكر أو أنثى  /رفيع حقير/ رسول / مرسول إليهم

الجميع سواء

هذه هي  فائدة العموم 

 

إذاً :

 

هنا لا ينظر إلى ادعاءتكم فإن أي شخص كسب سيئة مهما كانت له المكانة العليا فإنه يؤاخذ

ولذلك:

 

قال عز وجل في سورة النساء :

{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال جل وعلا هنا : (( من كسب ))

 

إذاً :

أنت حينما تفعل الذنب هو كسبك

فما تفعله هو كسبك

وما فعلته إنما هو بإرادتك

لكن إرادتك لا يمكن أن تقع إلا بإرادة الله عز وجل

 

ولذا :

الزنا لما يقع

اللواط

شرب الخمر

القتل

الشرك بالله كل هذا بإرادة الله

 

ولا يعني أنه إذا أراد شيئا أنه يرضاه لا

 

لأن إرادة الله نوعان :

 

ـــ إرادة كونية قدرية

ـــ وإرادة شرعية دينية

 

فالشاهد من هذا:

أن في هذا ردا على طائفة ضلت في باب القدر وهي الجبرية

يقولون : العبد لا يكسب وإنما ما يفعله هو مجبور على فعله

فهو مجبور على فعله

الآن الحركة هذه من عندي يقولون : هذه ليس من إرادتك

سبحان الله

 

أين العقل ؟

كيف وقعت ؟

 

قالوا : أوقعها الله عند تحريكك لها وليس الوقوع من تحريكك أنت

وهذا ضلال مبين

 

ولذلك :

قابلتهم طائفة القدرية :

يقولون :

إذا ابتعدت العقول عن شرع الله صارت عقولا لا تعي ولا تفقه ولا تفهم يعني : تأتي بالخزعبلات التي لا تناسب الإنسان

 

هذه الطائفة وهي طائفة القدرية:

 

يقولون : إذا وقع الذنب من العبد فإنه وقع من غير إرادة الله

وطائفة غلت قالت : إنه جل وعلا لا يعلم بالشيء إلا إذا وقع

 

ولذلك:

كفرهم ابن عمر رضي الله عنهما

 

لكن أهل السنة والجماعة قالوا:

إن للعبد إرادة ومشيئة لكن إرادته تابعة لإرادة الله

{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }التكوير29

 

وأنا أذكر مثل هذا :

لأنه ربما يسمع الآن في القنوات الفضائية أصبحنا الآن في عالم كل يأتي بما لديه من الأفكار وربما هنا قنوات بل إن هناك قنوات فضائية تبث سموم الفرق الضالة

فانتبه

 

الله خالق كل شيء

 

والعجيب :

القدرية تقول : إن الله لا يخلق فعل  العبد

لم ؟

لأنه إذا خلق فعل العبد كيف نقول إذا فعل الزاني الزنى

إذا شرب الخمر نقول بإرادة الله

نقول : سبحان الله

الله عز وجل يقول : (الله خالق كل شيء  ) وأنتم تقولون هذا القول

فالله خلق هذا الكائن البشري وأفعال وصفات هذا الكائن البشري منه أو منفصلة عنه ؟

منه

 

إذاً :

ما يفعله هو كسبه

والعجيب :

أن هؤلاء قالوا : إن القرآن مخلوق

سبحان الله !

يعني أخرجوا أفعال العباد من أن يخلقها الله وقالوا في القرآن الذي هو صفة من صفاته قالوا : هو مخلوق

عجائب

سبحان الله العظيم

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال جل وعلا هنا ” سيئة ” وقال ” خطيئة “

 

ولتعلموا :

أن السيئة والخطيئة سواء

يعني :

لما أقول : هذه معصية

أو هذه سيئة

أو ههذ خطيئة

تدخل  الأخرى في الأولى

لكن إذا اجتمعتا فالمعنى يختلف

 

أذكر أمثلة :

قوله تعالى :

((الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ))

كبائر الإثم والفواحش

الكبيرة فاحشة

والفاحشة كبيرة

لكن لما اجتمعت هاتان الكلمتان اختلف المعنى

{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ))

 

إذا اجتمعتا :

فإن الفاحشة :

 المعصية الكبيرة التي لها علاقة بالشهوة

 

أما الكبيرة :

فهي تشمل

قال هنا : (( إلا اللمم ))

{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ))

 

ما معنى اللمم ؟

اللمم :

صغائر الذنوب

قال  بعض المفسرين  :هي صغائر الذنوب

وأيضا مما يدخل في هذا

الكبيرة من الذنوب : إذا ألمَّت بالعبد ثم تخلص منها في حينها

إذاً :

فهي تُغفر

 

ولذلك:

قال عز وجل مبينا ضعفنا من وجهين أو من طريقين :

(( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ))

ضعفاء من الأرض

الأرض في السفل

 

الطريق الثاني :

 

((وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ))

هذا ضعف الجنين في بطن امه ضعيف

 

إذاً :

لما يصل الإنسان إلى مرحلة من العلم أو الفهم أو العبادة لينظر إلى أصله

ولذلك:

ماذا قال عز وجل : ((فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ  )) لأن أصلكم من هذه الأرض

لأن مجيئكم من الأجنة

((  هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )) النجم32

فهو المتفضل أولا وآخرا

 

قوله تعالى :

((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ))

أليس فعل الفاحشة ظلما للنفس ؟

بلى

إذاً :

ما المعنى :

((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ))

الفاحشة هي الكبيرة

ظلم النفس : الصغيرة

((وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ))

 

لما قال ” يظلم نفسه ” أفادتنا هذه من أن كلمة يظلم نفسه :

هو الذنب الذي يوقعه الإنسان على نفسه فيما يخصه

 

فعرفنا حينها :

هو يظلم نفسه لما يرتكب الذنب 

والسوء هو الذنب الذي يلحقه بالآخرين

كالسب أو الضرب أو السرقة من مالهم أو الاعتداء على أعراضهم

 

((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ))

الإثم عدوان

والعدوان إثم

لكن لما اجتمعتا هنا :

 

العدوان ما هو ؟

الاعتداء على الغير

إذاً:

الإثم ما يخصك أنت في نفسك

هنا :

((بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ ))

السيئة هنا هي الشرك

والخطيئة هي ما دون الشرك هنا