تفسير سورة البقرة الدرس ( 97 ) [ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم .. ] الآيات ( 84 85 86 ) الجزء الثالث

تفسير سورة البقرة الدرس ( 97 ) [ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم .. ] الآيات ( 84 85 86 ) الجزء الثالث

مشاهدات: 468

تفسير سورة البقرة ــ الدرس السابع والتسعون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ….. }

سورة البقرة ـ الآيات ( 84 ــ 85 ــ 86 )

الجزء الثالث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قول الله عز وجل :

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86) }

 

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن فيها التنديد بصنيع اليهود إذ أخرجوا من بينهم ومن جنسهم من هم منهم ولذلك قال { فَرِيقًا مِنْكُمْ } يعني ليسوا غرباء وإذا تطاول القريب على قريبه فهذا أسوأ ما يكون ، ولا شك أن البغي والتطاول على المسلم أو على الإنسان ولو كان بعيدا لاشك أنه جرم وأعظم الجرم أن يخرج من دياره فيكف إذا كان هذا الجرم وهو الإخراج من القريب  لقريبه

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن الأسرى جمع أسير وسمي بهذا الاسم لأنه يوقع في الأسر الذي هو القيود فيستوثق منه بهذه القيود

فيقوى قيده أو يقوى الإمساك به بهذه القيود

والأسر : ورد في القرآن بمعنى آخر وهي الأعضاء

قال تعالى في أواخر سورة الإنسان : { وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ }

يعني أعضاء أبدانهم ، ومعلوم أن الأعضاء إذا اشتدت استحكم البدن وقوي

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أنه قال تعالى هنا { أَفَتُؤْمِنُونَ } الهمزة هنا للاستفهام وبعدها حرف الفاء وهو حرف عطف

وقلنا لكم :

وهي قاعدة ـ إن الاستفهام إذا أتى بعده حرف عطف سواء كان الفاء أو الواو أو ثم فإننا بين أمرين كقول الله تعالى { أَفَلَا تَعْقِلُونَ }{ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }  كيف يكون حال هذه الجملة من حيث  اللغة ؟

قلنا إما أن يكون حرف العطف في الصدارة وبعده أداة الاستفهام

يعني  : { أَفَتُؤْمِنُونَ } المعنى فأتؤمنون

لكن هذا من حيث النطق صعبة وفيه كلفة

لكن قلنا لكم ونحن قررنا هذا وهو الأولى :  أننا نجعل جملة ـ قاعدة ـ نجعل جملة بين أداة الاستفهام وبين حرف العطف لأن حرف العطف يقتضي  معطوفا ومعطوفا عليه

{ أَفَتُؤْمِنُونَ } إذًا هنا جملة تقديرها حسب السياق: أخالفتم فتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض

أو نقول :

أجهلتم حكم الله فتؤمنون ببعض الكتاب ، فنقدر جملة على حسب السياق

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن ترك الذنوب من الإيمان لأنه قال هنا { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } فدل على أن ترك بعض ما أمر الله به معصية وفعل هذه المعصية يضعف الإيمان أو يمحق الإيمان إذا كان كفرا

 

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن هؤلاء آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه

وهذا هو شأن اليهود : عندهم طرق ملتوية من باب تنفير الناس من شرع الله

في سورة  ” آل عمران ” ماذا كانوا يقولون ؟

كان يقول بعضهم لبعض آمنوا بمحمد أول النهار ثم آخر النهار اكفروا حتى يعلم الناس أنكم عثرتم على خلل في دين محمد فليس بدين صحيح من باب التشكيك لقلوب الضعفاء ، قال تعالى في سورة آل عمران : { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه من تلبيس الحق بالباطل كما ذكر عز وجل عنهم في أول السورة : { وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) }

من صور لبس الحق بالباطل هو أن يؤمن ببعض ما جاء  في الكتاب ويكفر ببعضه لأن بعضا من الناس قد يظن أن الأخذ بشيء من الدين وترك شيء آخر والكفر به أنه ليس في المقام كمقام الكافر

يعني :

من يؤمن بشيء من شرع الله ويكفر بشيء منه قد يظن بعض الناس أن هذا أهون ممن كفر بالشرع كله

هذا ليس بصحيح بل هذا هو الكفر الحقيقي لأن به تلبيسا ولذلك قال تعالى في سورة النساء  :

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَ‍قًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) }

هؤلاء هم الكافرون حقا فهم أعظم جرما ممن كفر بالكتاب كله ،  لم ؟

لأنهم بصنعيهم هذا يدلسون على غيره بينما من يكفر بالشرع كله يظهر للناس أنه كافر ويعرف شره بينما هذا وهذا لا

ولذلك :

الرافضة الآن نقول هم أخطر من اليهود والنصارى بعض الناس يقولون الآن تتعاملون الدول الاسلامية تتعامل مع اليهود والنصارى ولا تتعامل مع الرافضة

لم ؟

لأن هؤلاء أعظم جرما هم يدعون الإسلام والإسلام منهم بريء أين الإسلام في شأن من يدعو غير الله ؟

أين الإسلام في شأن من يسب صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام

هؤلاء لبسوا على الناس ، ولذلك في بعض البلدان الإسلامية ممن عظم فيها الجهل ولا يعرفون لما يقال الجمهورية الإسلامية الإيرانية يظنون أنهم مسلمون

بل إني سمعت بعض الدعاة القدامى قبل عشرين سنة لما كان هناك حرب بين العراق وبين إيران فيقول : كيف تمد بعض الدول العراق لقتل إيران الدولة المسلمة

أين الإسلام ؟

ولذلك تجد أن هؤلاء دلسوا على الناس ، بينما اليهود والنصارى كفار انتهى الأمر

لم نسترب فيهم لكن أمثال هؤلاء الذي يأخذ بشيء من الشرع ويرد شيئا من الشرع هذا هو الذي  خطره على الإسلام عظيم

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أن الله قال : { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } هم لما سئلوا لماذا أنتم تقاتلون بين جنسكم مع حلفائكم ؟

قالوا : نخشى من العار كيف تقدمون على قتالهم وإذا وقعوا أسرى دفعتم الفدية لتخليصه من الأسر

قالوا : حتى لا يكون هناك عار لأننا حالفنا هؤلاء

سبحان الله !

هم ماذا ؟ ماذا فعلوا ؟ هم قدموا العار على النار

بعض الناس خيفة العار لا يرى شرع الله أي شيء

أحيانا العار قد يكون مجاملة

يعني يظن أن هذا الفعل ما ينبغي

يعني : لو أن إنسانا مثلا قد يرى منكرا ويستطيع أن ينكره ولا ضرر عليه في إنكاره لكن من حوله يقولون : هذا متشدد فلا ينكر

سبحان الله !

هذا خيفة من أن يذم خيفة من أن يقال فيه ما لا يلائمه إذا به يترك هذا الأمر فيقدم النار على العار

ولذلك ماذا قال عز وجل : { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }

هم يريدون أن يتخلصوا من الخزي والعار في الدنيا وإذا بالعار يقع عليهم من الله  ، وهذا كما قال العلماء معاملة لهم بنقيض قصدهم

إذًا لا رفعة ولا علو إلا عن طريق شرع الله ، لا عن طريق الحلفاء ولا عن طريق الأعوان ولا عن طريق الأموال ولا عن طريق المناصب ، لا ، الرفعة عن طريق شرع الله

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

هل أصاب اليهود خزي في الدنيا ؟

{ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }

أهم الآن في خزي ؟

هم الآن يقال يسيطرون على عصب الاقتصاد العالمي

أوقع بهم خزي ؟ نعم ولا شك وقع بهم خزي

ولذلك قال تعالى : { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ }

الذلة هي الخزي

{ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

إثبات أن الجزاء والحساب فيما يكون في الآخرة موجود في الأمم السابقة ولذلك قال : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } وهذا موجود في آيات كثيرة

شعيب ماذا قال لقومه : { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ } دل على أن اليوم الآخر موجود في الملل السابقة

لماذا قلت هذا الكلام لأن فلاسفة المسلمين إن صح التعبير بإضافتهم إلى المسلمين وإلا فهم ليسوا من الإسلام في شيء

فلاسفة المسلمين أو ممن ينتسب إلى الإسلام يقولون : إن ذكر القيامة ما جاء به إلا محمد عليه الصلاة والسلام وليس موجودا في شرائع الأمم السابقة والقرآن يرد عليهم

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

أنه قال : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ }

لم يقل يردون إلى أشد العذاب يوم القيامة

قدم هنا يوم القيامة

في أسلوب غيرأسلوب القرآن لما تحذر شخصا تقول موعدك العذاب الشديد يوم القيامة ولا تقول يوم القيامة موعدك العذاب الشديد

فهنا قدم { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ }

لم ؟

تقديم ذكر القيامة هنا من باب تعظيم وتهويل الأمر لما يذكر الأمر العظيم قبل العقاب يعني يكفي في ذكر يوم القيامة يكفي أنه رادع فكيف بما يقع فيه

ولذلك يقول عمر بن الخطاب يقول : ” والله لولا يوم القيامة لرأيتم غير ما ترون “

هناك حساب وعذاب

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــ

لماذا سمي يوم القيامة بهذا الاسم ؟

لأن الناس يقومون من قبورهم والدليل قوله تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} هذا أمر

سمي يوم القيامة بهذا الاسم لثلاثة أمور :

أولا : لأن الله عز وجل يقيم الناس من قبورهم يوم القيامة

الأمر الثاني : أنه يقام فيه العدل{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ }

الثالث : يقام فيه الأشهاد يشهدون بالحق : {  إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }