تفسير سورة ( التكاثر ) الدرس ( 289 )

تفسير سورة ( التكاثر ) الدرس ( 289 )

مشاهدات: 447

تفسير سورة ( التكاثر )

الدرس (289 )

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تفسير سورة التكاثر…

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}

{ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ } كما قال تعالى { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ } كل منكم يكاثر الآخر فقال الله {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ } وقال { أَلْهَاكُمُ } لأن اللهو يتعلق بالقلوب، فانشغلت القلوب بهذا التكاثر.

{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } وهذا هو التفسير المشهور {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } وهذا يدل على أن الناس إذا ماتوا، ودفنوا في قبورهم هذا بمثابة الزيارة، إذن دل هذا على أن القبور ليست مستقرا، وإنما سيبعثون وقوله {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} والزيارة معلوم أن وقتها قليل.

 {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)} تهديد ثم أعقبه بتهديد. قيل { كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ } المقصود من ذلك الكفار { ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ } يعني من؟ المؤمنون وعلى كل حال فالتأكيد يكون أولى باعتبار ماذا؟ أن من له الوعيد والتهديد هم الكفار.

{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} علم اليقين، وذلك لأن هناك فرقا بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، ومن ثم قال هنا { عِلْمَ الْيَقِينِ } لو كان عندكم علم يقيني بهذا اليوم لما تكاثرتم، ومن ثم فإن قوله عز وجل هنا {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} وذلك كمثال مثلا لو أن إنسانا أخبره شخص صادق ثقة بأن هناك مثلا بأن هناك مدينة من المدن صفتها كذا وكذا وهو صادق فإن عنده علما يقينا باعتبار هذا المخبر، فإنه بعدها لو رأى تلك المدينة فهذا هو عين اليقين، فإذا دخلها فهو حق اليقين، فيقول تعالى لو عندكم علم اليقين ما ألهاكم التكاثر، لكن كيف يكون الإنسان يكون عنده علم يقيني وهو منصرف عن هذا القرآن؟!

{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} ليست كلمة {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} مرتبطة بالسابق، لا، هي منفصلة، ولذلك من الأفضل أن الإنسان لا يربط هذه الآية بالآية إذا قرأ ، يعني إذا قرأ لا يصل {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} يقف {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} لأنه جواب قسم يعني والله لترون الجحيم.

{ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ } قال هنا { عَيْنَ الْيَقِينِ } يختلف عن ماذا؟ عن علم اليقين، ولذلك ماذا قال تعالى في أواخر سورة الواقعة { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ }

{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } يعني سوف يسأل الكافر عن النعيم سؤال توبيخ وتحقير  وتعذيب، وأما المؤمن فإنه سيسأل عن هذا النعيم عن شكر هذه النعمة، وما شابه ذلك مما أنعم الله به عليه، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما أكل ذلك اللحم مع الرطب قال لبعض أصحابه قال: ” لتسألن عن هذا النعيم” يعني عن شكره، وقيل يسأل أهل الإيمان عن هذا النعيم سؤال ماذا؟ تشريف؛ لأنهم قاموا بشكر هذه النعم.