تفسير سورة الرعد من الآية (33) إلى ( آخر السورة ) الدرس ( 144)

تفسير سورة الرعد من الآية (33) إلى ( آخر السورة ) الدرس ( 144)

مشاهدات: 556

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الرعد من الآية (33) إلى نهاية السورة

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد:

فكنا قد توقفنا عند قوله تعالى :

{ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ (33)

فكنا قد توقفنا عند قول الله تعالى: { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۗ} بمعنى أنَّ اللهَ عز وجل هو القيوم الذي لم يقم أحدٌ إلا به عز وجل فهو يتولى أمورَ الخَلْق { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۗ } أي: بما عَمِلَت، و يكون هناك شيءٌ محذوف بل ليس كذلك ممن جعلتموها آلهةً مع اللهِ عز وجل.

{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ }  كما مرّ معنا حالَ أولئك كما ذكر عز وجل { أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ} (16)  فقال عز وجل هنا : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ } أي: نبئونا بأسمائهم و أخبرونا بأسمائهم هل تصلحُ أن تكونَ آلهة أم لا؟

و كذلك يدخلُ فيه قولُ من يقول: إنَّ الأمرَ هنا للتهديد، بمعنى: إنما هذه الآلهة أسماء سميتُموها أنتم و آباؤكم { قُلْ سَمُّوهُمْ }

{أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ } أي: أتُخبرون الله عز وجل بما لا يعلمُ في الأرض! و هذا إن دل يدل على عنادِهم و لذا قال عز وجل: { وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } ( يونس : 18 )

فقال هنا : { أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ } فلو كان هناك آلهةٌ معه لَعَلِمَ ذلك عز وجل.

{أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ }  بمعنى: أنَّ قولَكم هذا إنما هو مجردُ قولٍ باطل لا يُستندُ على دليل.

{ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ } هذا مكرٌ من هؤلاء من أجلِ إبطالِ الحق فقال عز وجل: { بَلْ زُيِّنَ } و ذلك حاصلٌ من الشيطان إذ زيَّنَ لهم أعمالَهم، ولا يقعُ شيءٌ في الكونِ إلا بأمرِ اللهِ عز وجل.

{ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ۗ}  و صدوا عن الطريق المستقيم { وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ  } من يُضلل الله عز وجل فإنه لا هاديَ له كما قال تعالى: { مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ } ( الأعراف : 186) { وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }.

{لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ } (34) 

{ لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ } بينّ هنا أنَّ لهم عذاب في الحياةِ الدنيا { وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ }  أي أعظم لأنه عذابٌ مستمر دائم متواصل، و لذا قال عز وجل في سورة الأعلى: { سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ (8) فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ (9) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) قال هنا:

وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11 ) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ (13) ( سورة الأعلى )

{ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ } ليس لهم أحدٌ يقيهم من هذا العذاب  أو يصرف عنهم هذا العذاب أو يخفف عنهم هذا العذاب كما قال تعالى: { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ } ( البقرة : 166).

﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾(35)

{ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ  } صفةُ الجنة التي وُعِدَها المتقون ممن اتقى الله عز وجل بفعلِ أوامره و باجتناب نواهيه { مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا } { أُكُلُهَا دَائِمٌ }  يعني مستمر { وَظِلُّهَا } أي: و ظلها دائم، و لذلك النبي ﷺ قال كما ثبت عنه:

 “إنَّ هناك شجرةً في الجنة يسيرُ الراكب في ظلها مائة سنة”  ليس معنى أن هذا الظلَّ ناشئٌ عن شمس ، لا لأنَّ الشمسَ كما ثبت بذلك الحديث الصحيح: الشمس و القمر يُكورانِ في النار يومَ القيامة.

و قال عز وجل هنا : { أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا } و لذا قال عز وجل عن أصحاب اليمين فيما يتعلقُ بطعامهم: { لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ } ( الواقعة : 33) وقال هنا { أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا } {تلك} يعني: الجنة.

{ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا } عاقبة من اتقى اللهَ عز وجل، فهي العاقبةُ الطيبة كما قال تعالى { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } (القصص : 83 ) { وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } (طه :132) و العاقبةُ الحسنة لهم في الدنيا، و لهم العاقبةُ الطيبةُ في الآخرة و هي الجنة: { تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ۖ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ } مصيرُ و مآل الكافرين النار { وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }.

﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ (36)

{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ  } من آتاهم الله عز وجل الكتاب ممن سبق ممن آمن بك يا محمد { يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ  }  لمَ؟ لأنهم يرون أنَّ ما تَذْكُرُهُ يكونُ مصدقًا لما معهم.

{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ  } و هذا يدل على ماذا؟ على أنَّ الفرحَ هنا محمود لمَ ؟ ففرَحُ الإنسان بما يتعلق بالدين بما يتعلقُ بما يعود إليه من الإيمان و الخير هذا فرحٌ محمود ، و لذا قال تعالى كما مرّ معنا :{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } (يونس : 58).

{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ۚ } ممن تَحَزَّبَ على النبيِّ ﷺ سواءٌ كان من أهل الكتاب السابقين الضالين، أو من كفار قريش يعني من مشركي العرب فإنَّ هؤلاء  كما قال الله عز وجل { وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ۚ } من ينكر بعضَ ما أنزل إليه و من أنكر البعضَ فقد أنكر الكل و لذا قال الله عز وجل: { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ } ( البقرة : 85) .

فقال عز وجل هنا :{ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ۚ } { قُلْ إِنَّمَا  } قل يا محمد لهؤلاء {إنما } : أداةُ حصر { قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ } أي: من الله

{ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ } بمعنى أنه بينّ أنه لا يعبد إلا اللهَ وحدَه و تبرأَ بعد ذلك من الشرك من باب التأكيد فقال هنا { قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ۚ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ } { إِلَيْهِ أَدْعُو } فقط وحدَهُ لا أدعو غيرَهُ فالذي يُلتجأُ إليه و الذي يُدعا و يستغاثُ به هو عز وجل وحدَه و لذا قال تعالى:

{ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } (المؤمنون : 117).

{ وَإِلَيْهِ مَآبِ } يعني المرجِع، فمرجعي و مرجعُ الخلائق إلى اللهِ عز وجل فيحاسِبُ كلَّ إنسانٍ بما عَمِل إن خيرًا فخير و إن شرًا فشر.

﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ﴾(37)

{ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ  } {وَكَذَٰلِكَ }يعني: كما أنزلنا على من قبلك من الأنبياء الكتب كذلك أنزلنا عليك كتابًا هو أشرف الكتب و هو القرآن.

{ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ  } هذا القرآن الذي أُنزِلَ فَفَرِحَ به الذين أوتوا الكتاب، و أنكرَ بعضَه ممن تَحَزَّبَ كما في الآيةِ السابقة هذا القرآن هو الحُكْم العربي الواضح فبه ما تصلُحُ به أحوالُ الناس  بما يتعلقُ بالأحكام.

{ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ  } فهذا القرآن به من الأحكامِ العظيمة التي بها ينتفعُ الناسُ في دينهم و دنياهم، و أيضًا هذا الكتاب هو به الحُكم و الفيصل بين أولياءِ الله و بين أولياءِ الشيطان.

{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم } دلَّ هذا على أنَّ هؤلاء ما صنعوا هذا الصنيع إلا بسبب الهوى و الهوى مذموم، و هنا خاطبَ النبيَّ ﷺ و حاشاه أن يتبعَ أهواءهم لكن هنا المقصودُ غيرُه بمعنى أنه لو فُرِضَ أنَّ محمدا اتبع أهواءهم فجرى له ما جرى مما ذُكِرَ في هذه الآية فما ظنكم بغيرِه.

{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ }  دل هذا على ماذا؟ دل هذا على أن العلمَ إنما هو في القرآن ، و دل هذا على أن خلاف ما في هذا القرآن فهو هوى.

قال هنا: {  وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ } (مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ ): يتولاك و يأتي إليك بالخير {وَلَا وَاقٍ} أن يصرف عنك هذا العذاب ممن أراده عز وجل .

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾(38)

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ }

{ {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ } يعني كما قال تعالى عنه: { مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ } ( الأحقاف : 9)  يعني: لستُ بالأول و إنما سبقني أنبياء.

و لذا قال عز وجل { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ } فأنهم لما أنكروا رسالَتَهُ بَيَّنَ أنَّ الأنبياء قد أُوحِيَ إليهم فلستُ ببدعٍ منهم، و أيضًا لما طعنوا في شخصه ﷺ فكيف له أن يتزوج بالنساء فبيَّن أن الأنبياءَ السابقين كانوا يتزوجون النساء و كانت لهم الذرية  فلا مطعنَ في ذلك على رسولِ ﷺ ولا على أحدٍ من الأنبياء، و هذا كزعمهم لما قال عز وجل عنهم:  { وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ  } ( الفرقان : 7 ) فهنا ماذا قال تعالى؟ { وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً }  وجعلنا إلى أولئك الأنبياء أزواجًا و ذرية.

{  وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ } { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ } يعني: أي رسول { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ } مما اقترحه هؤلاء  إلا بإذن اللهِ عز وجل فتلك الآيات التي جاءت لصالح كالناقة ، أو إحياء الموتى لعيسى عليه السلام  و إبراء الأكمه و الأبرص ، إنما ذلك بأمره عز وجل قال هنا ردًا عليهم لما ذكَر عز وجل عنهم في هذه السورة ذكر مرتين: {  وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۗ  } (7) فقال هنا: { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ }  لكلِ أجل  لكل مدة و زمن كتاب مَكتوب و مُقدر.

﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾(39)

{ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } عنده أم الكتاب أصلُ ذلك و هو اللوحُ المحفوظ قال ﷺ كما عند مسلم: ( كتبَ اللهُ مقاديرَ الخلائق قبلَ أن يخلقَ السمواتِ و الأرضَ بخمسين ألف سنة و عرشهُ على الماء).

لكن هو عز وجل { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ }  لكن ما كان في اللوحِ المحفوظ مما أحاطَ به عِلْمُهُ عز وجل فإنه لا يتغير ولا يتبدل، إنما الذي يتبدل كما قال شيخُ الإسلام رحمه الله قال لما سئل عن قول عمر رضي الله عنه اللهم إن كنت كتبتني شقياً فامحني و اكتبني سعيداً فقال شيخُ الإسلام رحمه الله: المقصودُ من ذلك أنَّ ما كتَبَه اللهُ عز وجل و أطلَعَ عليه الملائكة يَحصُلُ فيه المحو و الإثبات و الإزالة و أما ما استأثر به عِلْمُهُ عز وجل فلا يتغير.

و لذا قال هنا { وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } و لذا قال ﷺ كما ثبت عنه: (لا يرد القدر إلا الدعاء)

 و لربما أنَّ الإنسانَ قد كُتِبَ له مما أَطلَعَ اللهُ عز وجل عليه الملائكة من أنَّ فلانًا سيكونُ فقيرا لكنه إذا أتى بالسبب من دعاءٍ فإنَّ اللهَ عز وجل يُغنيه مما لم تطَلَّعِ عليه الملائكة فالتغييرُ إنما حصل مما كَتَبَهَ اللهُ عز وجل و أَعلَمَهَ الملائكة.

و مِن ثَمَّ فإن قوله تعالى { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ }  دل هذا على ماذا ؟ على أنَّ الإنسانَ عليه أن يدعوَ اللهَ عز وجل فإنه إن كُتِبَ فقيرا مما أَطلَعَ عليه الملائكة فإنه بهذا الدعاء يكونُ سببًا في تغيير حالِه، أو إذا كان مريضاً فإنه يكونُ صحيحًا سليماً، أو أن بليَّةً ستنزِلُ به فإذا بها لم تنزِل بسببِ هذا الدعاء.

فاللهُ عز وجل كَتَبَ الأمورَ وَ كَتَبَ من بينَ ذلك أنَّ هناك أسبابا فيما يتعلقُ بهذا المَحو و بهذا الإثبات، إذًا كل هذا يجعلُ العبدَ يتعلقَ بالله عز وجل و يدعوه و يُفَوِّضُ أمرَهُ إليه.

و لذا قال تعالى: { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ }  يمحوه و يثبتُ على حَسَبِ ما قَدَّرَهُ عز وجل و على حَسَبِ حِكْمَتِه  { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }.

و لذلك فإنَّ التقدير الذي قدره اللهُ عز وجل ، قَدَّرَ  عز وجل على الجنين في بطنِ أمِّه بأن  أَمَرَ المَلَك بأن يَكتَبَ رِزْقَهُ وأَجَلَه وعَمَلَه و شَقِيٌّ أو سعيد.

 إذًا هنا قد يكون ماذا ؟ قد يكون مثلًا هذا الإنسان قد كُتِبَ له مثلًا أن يعيشَ سبعين سنة و إذا به يعيشَ أكثرَ من ذلك و لذا يُحملُ عليه ما جاء في الحديث الصحيح قولُه ﷺ:

من أحبَّ أن يُنسأ له في أثره و أن يُطيلَ اللهُ في عُمُره فليصل رَحِمَه،  فهذا من الأسباب التي بها يطولُ العُمُر.

 فإذا: كل شيءٍ قد قُدِّرَ  وكُتِبَ لكنَّ اللهَ عز وجل { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ } فيما يتعلقُ بماذا ؟ بما كَتَبه و أطْلَعَ عليه الملائكة، أما ما استأثر بِعلْمِه فإنه لا يتغير.

﴿وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾(40)

{ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ  } {وإن} شرطية و {ما } زائدة للتأكيد.

{ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ } أي: من العذاب، فذلك يعني  فذلك سَتَرَاه .

{ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } بمعنى أنك لم ترَ ما وعدناهم به فَمِتَّ { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ }.

{ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ } وظيفُتك التبليغ، و الحسابُ علينا و لذا قال عز وجل كما مرّ معنا بيانُ ذلك: { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ (يونس : 46 ) قال هنا: { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ }.

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (41)

{  أَوَلَمْ يَرَوْا } و يعتبروا { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا }  فالنقصُ يكونُ من أطرافها و ذلك بالفتوحات الإسلامية فإنَّ أراضي الكفار تنقُصُ لمَ؟ لفتوحات المسلمين، و لذلك النبيُّ ﷺ قال كما ثبت عنه قال: ( إنَّ اللهَ زوى ليَ الأرض و رأيت مشارِقها و مغارِبها و إنَّ مُلْكَ أمتي سَيَبْلُغُ ما زُوِيَ لَي منها) و بالفعل مَلَكَ أهلُ الإسلام تلك الديار العظيمة و نقصت أطرافُ الأرض بالنسبةِ إلى المشركين و ذلك في عهدِ عمرَ -رضي الله عنه- و كذلك من جاء بعده من الخلفاء  فدل هذا على ماذا ؟ على أنَّ هؤلاء لم يعتبروا إذ إنَّ اللهَ عز وجل أنقَصَ الأرضَ بِنُصرَةِ محمد ﷺ ،و هذا يدل على أنه رسولٌ حق.

و يدخلُ في ذلك قولُ من يقولُ من العلماء { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } بموتِ العلماء، ولا شك أنَّ موتَ العلماء بذلك تنقُصُ الأرض وذلك كما قال ﷺ كما في الصحيحين: “إنَّ اللهَ لا ينتزعُ العلمَ من صدورِ الناس و لكن ينزع العلم بقبضِ العلماء حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناسُ رؤوسا جُهالا فسُئلوا فَضَلُّوا وأَضَلُّوا”.

  فدل هذا على ماذا ؟ دل هذا على أنَّ العلماء على أنَّ وجودَهم به خيرٌ للأمة لمَ ؟

 لأنَّ العلماء كما قال ﷺ كما ثبت عنه: “العلماءُ ورثة الأنبياء” وهم الذين يبينون للناسِ شَرْعَ اللهِ عز وجل بعد وفاةِ محمدٍ ﷺ.

ولا نُصرةَ للمسلمين بنقصِ أطرافِ الأرض من ديارِ المشركين إلا بهذا الدين، ولا وصولَ لهذا الدين إلا عن طريقِ القرآن والسنة، وهمُ الذين يبلغون شرع الله عز وجل.

 { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ }

 { وَاللَّهُ يَحْكُمُ } قال هنا يحكم بصيغة الفعل المضارع، فهو عز وجل يحكم الحكم الشرعي، و الحكم القدري و الحكم الجزائي.

{ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } لا أحد يستطيع أن يُعَقِّبَ على حُكْمِه أو أن يِرُدَّ حُكْمَه فإذا أراد اللهُ عز وجل شيئا فلا رادَّ لأمره .

{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }

{ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } فإذا حاسبَ عبادَه يومَ القيامة فإنه سريعُ الحساب لا يحتاجُ إلى تَمَعُّن ولا إلى تَرَيُّث ولا إلى نَظَر لمَ ؟ لأنه عز وجل العالمُ بكل شيء.

﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّار﴾(42)

{ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } { وَقَدْ مَكَرَ } قبلَ كفار قريش { الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من كفار الأمم السابقة، و المكر هو: التدبيرُ لإبطالِ الحق و لإيصالِ الشر و هذا مذموم.

لكنَّ المكرَ إذا كان من أجل إحقاقِ الحق و من أجلِ نُصرة المظلوم فإن هذا يكونُ حقا و لذا كما مرّ معنا بالنسبةِ إلى المكر يُوصفُ به عز وجل على وجهِ التقييد { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا  } ( النمل : 50)  لأن المكرَ نوعان : فالمكرُ المحمود هو صفتُه عز وجل فهو يمكرُ بمن يمكرُ بأوليائه.

{ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ماذا قال بعدها ؟ { فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا ۖ} بمعنى أنَّ مكرَ هؤلاء قد أحاط به عز وجل، قد أحاط بمكرِ هؤلاء و بمكر غيرهم، فهو عز وجل عالمٌ بمكرهم و سَيَرُدُ كيدَهم في نحورِهم.

{ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا ۖ يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ۗ }

{ يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ۗ } مما تكسِبه مما يتعلقُ  بشؤونها و هذا كما قال تعالى: { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۗ }

{ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ }:  مَن العاقبةُ الطيبةُ تكونُ له إذا تحققت الحقائق و بانت يوم القيامة.

﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾(43)

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا} هنا صَرَّحُوا تصريحا { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا } لك يا محمد {لَسْتَ مُرْسَلًا }

{ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ } قل لهؤلاء {قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } فهو الذي شَهِدَ لي بالرسالة و لذا ماذا قال عز وجل؟

 { رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } (النساء : 165)   لَّٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ } ( النساء :166).

{ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ }  ثم من نَظَرَ إلى الواقع فأنه إذا رأى حالَ النبيِّ ﷺ و تلك الانتصارات التي نصره عز وجل دل هذا على أنه لو لم يكُن رسولا يعني لو كان كاذباً و حاشاه ﷺ لو كان كاذبًا كما زعمتم ما تركَه عز وجل يفعلُ ما يفعل من قتلِ الكفار و من سبي الأسرى و ما شابه ذلك، فهو عز وجل مُطَّلِعٌ على حاله و مع ذلك يؤيده و ينصره و كفى بهذه شهادة لصدقه ﷺ.

{ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } أي: من عنده علمُ الكتاب من اليهود و النصارى فإنهم يشهدون له ممن آمن به ﷺ.

 ولذا في الآيات السابقات ماذا قال تعالى؟ { وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } فدلَّ هذا على أنَّ اللهَ عز وجل  شَهِدَ له بالرسالة، وأيضًا أهلُ العلم من أهلِ الكتاب شَهِدوا له بالرسالة، فصلواتُ ربي وسلامهُ عليه.