تفسير سورة ( الطارق ) الدرس ( 273)

تفسير سورة ( الطارق ) الدرس ( 273)

مشاهدات: 460

تفسير سورة ( الطارق )

الدرس (273 )

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــ

تفسير سورة الطارق..

{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)}

{ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ } أقسم الله بالسماء وبالطارق الذي يطرق في الليل ثم بينه لما سأل تعظيما له، { وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ } ما هو الطارق؟ { النَّجْمُ الثَّاقِبُ } الذي يثقب الظلام، فيخرج نوره ويضيء بنوره.

أقسم على ماذا؟

{ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } { إِنْ } بمعنى ما { لَمَّا } بمعنى إلا يعني ما كل نفس إلا عليها حافظ يعني عليها ملائكة يحفظونها، { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ }

{ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ } يعني هنا أمر بالتدبر حتى يعي الإنسان { فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) } يعني متدفق من أنه سريع حال القذف { مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ } وهو المني { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } من بين صلب الرجل، ومن بين ترائب الأنثى، ما يكون في الصدر، وقيل  من ماذا؟ من صلب الرجل ومن ترائب الرجل، ومن ترائب المرأة، وهذا يدل عليه قوله تعالى { إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ } قال { أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ } فقال { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ }

{ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } يعني الله على رجع الإنسان يوم القيامة لقادر، وقيل { إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ } يعني على إرجاع الماء إلى الصلب والترائب {لَقَادِرٌ } وإن كان الأول هو الأظهر باعتبار السياق.

{ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ } يعني يوم تظهر السرائر كما قال تعالى { وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ }

{ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ } { مِنْ قُوَّةٍ } تدفع عنه هذا العذاب { وَلَا نَاصِرٍ } ولا أحد ينصره.

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)}

{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } أقسم بالسماء مرة أخرى { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } يعني ذات المطر لأنه يرجع ويتكرر { وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } يعني التي تتصدع بالنبات.

{ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } أقسم على ماذا؟ { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } يعني القرآن { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } يفصل بين الحق والباطل، { وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ } كما قال تعالى { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا }

{ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)}  كفار قريش يكيدون للنبي عليه الصلاة والسلام، والله يكيد لهم، وكما سلف معنا صفة الكيد تثبت لله على سبيل التقييد كما مر معنا صفة الكيد تثبت لله على سبيل التقييد فهو يكيد عز وجل بمن يكيد بأوليائه، وبمن يكيد بشرعه فقال تعالى { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17) } يعني انتظر هؤلاء الكفار رويدا رويدا فانتظر ماذا سيحل بهم من عذاب.