تفسير سورة [ الكوثر ]

تفسير سورة [ الكوثر ]

مشاهدات: 457

تفسير سورة  ( الكوثر )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

  تفسير قوله تعالى :

{ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ(3) }

 أما بعد : ..

يقول الله عز وجل :

{ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ(3) }

هذه الآية لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عند مسلم سعد بها سعادة طيبة  لدرجة أنه قرأها على أصحابه ،لم ؟

 لما فيها من الخير العظيم الذي أُعطيه الرسول صلى الله عليه وسلم ، { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ } أي عطية وأي منحة وأي هبة وأي كرم ؟ ممن ؟ من الله

 { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ }

 { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} أعطي صلى الله عليه وسلم الكوثر

ما هو الكوثر ؟

 الكوثر هو الخير العظيم ، فيدخل فيه ما قاله بعض المفسرين (النبوة)

ويدخل في ذلك(القرآن الكريم)

ويدخل في ذلك(النهر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة)

كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح ( الكوثر نهر أعطانيه الله في الجنة)

 فهذا خير عظيم أُعطيه النبي صلى الله عليه وسلم  

ما هو ؟

 الكوثر ، هذه نعمة تستوجب الشكر ، وأعظم ما يٌشكر الله عز وجل به أن يٌعبد،

ولذا ماذا قال بعدها ؟ { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } فبسبب إعطائنا لك الكوثر { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }

 هذا من الشكر ،ولذا النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت ( كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه فتقول له عائشة يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ )

 ماذا قال ؟

( قال : أفلا  أكون عبدا شكورا )

هذه نعمة أشكر الله عليها بالعبادة ، ولذا بعض الناس نسأل الله العافية إذا أُعطي نعمة كفر بها { كَلَّا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى }

{وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ}

بينما المتقي الذي يعرف نعمة الله عز وجل يشكرها بالعبادة

{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } لم الصلاة والنحر ؟ لأنهما أعظم العبادات

 فالصلاة أعظم العبادات البدنية والنحر الذي هو الذبح أعظم العبادات المالية ، يُصلّى لمن ؟ يُنحر لمن ؟ لله ، { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } لا لغيره ،

 ولذلك يقول بعض العلماء ” إن الصلاة هنا  هي صلاة عيد الأضحى ،والنحر هو ذبح الأضاحي “

 ويدخل ذلك فيما ذكرنا ، فالصلاة هنا والنحر على وجه العموم

 ثم ما الذي بعدها ؟

 { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ } أي مبغضك ، كما قال تعالى{ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا } {المائدة:8}  

فالشَنَآَنُ هو البغض ، والأبتر : أي المنقطع العقب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات جميع أولاده وكان آخرهم موتا القاسم قال الكفار( بُتر محمد )

فماذا قال عز وجل ؟

 قال { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ }  يعني  إن مبغضك يا محمد هو الأبتر الذي انقطع ، كيف ؟ مع أن الوليد بن المغيرة كان له عشرة من الأولاد ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد مات جميع أولاده؟ – سبحان الله – بعض أبناء هؤلاء الكفار أسلموا وأصبحوا أعوانا للنبي صلى الله عليه وسلم ضد من ؟ ضد آبائهم

 انظروا إلى عظمة هذا الدين كلما تقربت إلى الله عز وجل كلما عظمت ولو كنت وحيدا ، حتى في حياتنا ، العلماء الآن حولهم الناس يخدمونهم أكثر من أولادهم ، فكلما عظّمتَ أمر الله كلما عظّمك الله ، لن تكون وحيدا أبدا حتى بعد الوفاة ، مر معنا وفاة الشيخ ابن بار ، ابن عثيمين وغيرهم من العلماء رحمهم الله، أهلهم لم يٌصابوا وحدهم ، الأمة كلها مصابة ، إذاً ليسوا وحيدين حتى بعد مماتهم

 الإمام أحمد رحمه الله وقف أمام المبتدعة وحيدا ، فماذا قال لأهل البدع ؟

قال لهم : (بيننا وبينكم الجنائز) فلما توفي الإمام أحمد رحمه الله عُد من شيع جنازته بالملايين ، حتى قيل أن صلاة الظهر والعصر لم تُصل في مساجد بغداد من الزحام

 أما من عاداه من أهل البدعة فقد اختبئوا، بينما أحمد بن أبي دؤاد الذي قال بفتنة خلق القرآن لم يحضر جنازته أكثر من ثلاثة،مع أنه كان قريب من السلطان وقتها  ، لكن لا ينفع القرب من البشر ، وإنما الذي ينفع هو القرب من الله عز وجل

نسأل الله أن يقربنا إليه، هذا و الله أعلم ،وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم