تفسير سورة ( المزمل ) الدرس ( 260 )

تفسير سورة ( المزمل ) الدرس ( 260 )

مشاهدات: 455

تفسير سورة ( المزمل )

الدرس (260 )

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــ

تفسير سورة المزمل، وهي من السور المكية…

{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)}

{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} يعني المتلفف بثيابه، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى جبريل عليه السلام أتى عليه الصلاة والسلام، وتلفف بثيابه، {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)}  قال {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}، وهذا يدل على أنه أمر في أول الأمر بقيام الليل {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} ، وهل هو واجب عليه أم لا؟ مر معنا في قوله تعالى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}

{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} ما هو هذا القليل؟ {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} يعني أنك تقوم نصف الليل، أو أنك تقوم أقل من نصف الليل إلى الثلث {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} يعني زد على النصف فتبلغ ثلثي الليل، ولذلك لما قال {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ} لما قال {قَلِيلًا} دل هذا على أنه لما قال {نِصْفَهُ} النصف الثاني ماذا أطلق عليه؟ أطلق عليه بأنه قليل، لم؟ لأنه لما كان ذلك النصف في طاعة الله كان كثيرا من حيث الثواب.

{أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} يعني بينه، واقرأه على تمهل وعلى تؤدة وبينه أيضا.

{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} يعني أمرناك بقيام الليل، لم؟ لأننا سنلقي عليك قولا ثقيلا، وهو هذا القرآن، فهو ثقيل من حيث ما يكون فيه من أحكام، أيضا هو ثقيل من حيث الأجور, أيضا {ثَقِيلًا} يعني ليس بسفساف، ولذلك قال تعالى {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)}.

{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} يعني ساعات الليل {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} لأن الليل يسكن فيه الناس {أَشَدُّ وَطْئًا} يعني ماذا؟ يتواطئ القلب مع اللسان وإذا بالقلب يكون حاضرا، {وَأَقْوَمُ قِيلًا} يكون نطقك بالقرآن هو أقوم قيلا، وأصوب في القراءة.

{إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} هذا شأنك بالليل، شأنك بالنهار {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}  يعني أنك تذهب في النهار؛ لقضاء مصالحك وحوائجك، ولذلك سماه {سَبْحًا} باعتبار السابح، السابح هو الذي يسبح بقوة.

{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} عظم الله، وذلك بتوحيده، {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} يعني انقطع لعبادته عز وجل، واجعل جزءا من أوقاتك لماذا؟ لحاجاتك وأمورك الدنيوية.

{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} هو الذي يستحق أن يعبد، وأن يتوكل عليه؛ لأنه هو رب المشرق والمغرب {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} يعني جهة المشرق، وجهة المغرب، {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} لا معبود بحق إلا هو، {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} فهو الذي يتخذ وكيلا فتوكل على الله وفوض أمورك إلى الله.

{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14) إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19) }

{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} يعني ما يقولونه لك يا محمد {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} هجرا لا عتاب فيه، لأن لك شأنا في مستقبل الأيام من أن لك النصر، ولك الفتح، فقال الله {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}.

{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ } هذا للوعيد الشديد يعني اتركني والمكذبين، {أُولِي النَّعْمَةِ} يعني أصحاب الترف {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} انتظرهم قليلا

{إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} يعني عندنا أنكالا يعني قيودا { إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} طعاما يقف في الحلق، فلا هو يدخل، ولا هو يخرج {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا}

{يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} يعني أنها تهتز وتتحرك {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} تكون الجبال مثل الرمل العالي من أنه يتساقط كثيبا مهيلا يعني أنه يكون هباء.

{إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ} يعني أنتم يا كفار قريش أرسلنا إليكم محمدا وسيكون شاهدا عليكم يوم القيامة إن كذبتم { إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا } يعني ليس ببدع من الرسل عليه الصلاة والسلام.

{كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} {فَعَصَى} العصيان هنا هو الكفر بالله، {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} من هو؟ موسى عليه السلام، {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} يعني عاقبنا فرعون عقوبة شديدة بأن أغرقه الله في البحر.

{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ} يعني كيف تتقون عذاب الله إذا كفرتم، ماذا يكون حالكم يوم القيامة؟ وأيضا يدخل فيه ما قاله بعض المفسرين كيف  تكون لكم التقوى يوم القيامة؟ لن تنفعكم التقوى، التقوى إنما تكون في الدنيا،

{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} يعني في ذلك اليوم الولدان يشيبون من شدة ما يكون، ولذلك الإنسان كلما تزداد عليه الهموم والأثقال يخرج شيبه، فقال هنا لعظم ما يكون من الأهوال {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}.

{السَّمَاءُ} مع عظمها {مُنْفَطِرٌ بِهِ} يعني تتشقق في يوم القيامة؛ لعظم ما يكون فيه من الأهوال، {السَّمَاءُ}  وكل ذلك بأمر الله {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} يعني ما وعد الله فإنه كائن لا محالة، ومنه هذا اليوم.

{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ} يعني ما ذكر لك في هذه السورة تذكرة، {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} يعني فمن شاء اتخذ إلى ربه طريقا ينجيه من عذاب الله.

{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}

{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى} هنا لما ذكر في آخر آية ذكر ما يبين ما يكون في أولها لما قال {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} هنا شق على الصحابة، لماذا؟ لأنهم لا يقدرون أن يضبطوا الليل من حيث النصف، من حيث الثلث، وأيضا عندهم أسفار للتجارة وللجهاد، وما شابه ذلك، فماذا قال تعالى{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ} يعني علمه عز وجل قد أحاط بكل بكل شيء، ومن ذلك هو يعلم حالك، وحال أتباعك من أنكم على خير، وسيجزيكم الله هذا الخير، وسيخفف عنكم {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى} يعني أقل {مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} كل هذه معطوفة على {أَدْنَى} {أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} من حيث الوقت، {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} يعني لن تطيقوا ذلك لأن معرفة الوقت صعب عليكم من حيث التحديد، وأيضا الاستمرار في مثل هذا القيام الذي أوجبه عليكم فيه صعوبة ومشقة عليكم. فخفف الله عنكم {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} خفف عنكم  فتاب عليكم، ومن توبته أنه خفف عليكم {فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} يعني صلوا واقرءوا ما تيسر لكم من القرآن في هذه الصلاة، وقال بعض  المفسرين {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} يعني أن قراءة القرآن تغني عن صلاة الليل، ولعل الأول هو الأظهر.

{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} رحمكم {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}  {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} هنا أن ليست المصدرية التي تنصب الفعل المضارع {أَنْ} هنا مخففة التي تنصب الاسم، وترفع الخبر، اسمها محذوف وهو ضمير الشأن يعني علم أنه سيكون، فكلمة {سَيَكُونُ} هي الجملة خبر؛ لأن {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}  فخفف عنكم {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} يعني يسافرون {يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} يعني من التجارة، و ما شابه ذلك، {وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وهذا يشق عليكم هذا القيام {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ومن هذه الآية أخذ بعض العلماء من أن الإنسان لو قرأ في الصلاة بما تيسر من القرآن من غير الفاتحة تصح صلاته لكن الصحيح أنها لا تصح، لم؟ لأن الأدلة أتت من أن النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه قال :” لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب” فلابد من قراءة الفاتحة.

{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} المفروضة {وَآَتُوا الزَّكَاةَ} المفروضة {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} يعني من التطوعات {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} من النفقة الحسنة، والتي لا منة فيها، وبانشراح  صدر، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} هنا “ما” شرطية {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ} هذا هو جواب الشرط {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا}  ولذلك وقد نقع في هذا الأمر من باب انقطاع النفس، أو ما شابه ذلك هنا {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} لا تقف  عند { اللَّهِ } وإنما أكمل {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} لأن {خَيْرًا} هو المفعول الثاني لتجدوه، والمفعول الأول هو الضمير الهاء، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} وهنا هو من باب الفصل {هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} أعظم أجرا لكم وأعظم لكم {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} يعني عليكم بالاستغفار؛ لأن تلك العبادات لا تخلو من تفريط فعليكم بالاستغفار، {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فهذان الاسمان يدلان على سعة مغفرته ورحمته عز وجل….

وبهذا ينتهي تفسير سورة المزمل….