الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
من ضمن قراءتنا في هذه الليلة تلونا قول الله سبحانه وتعالى{ وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ{163} إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } الآية البقرة164.
أتى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : أُنسُب لنا ربك ، ما صفة ربك ؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية { وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } البقرة163 ، وأنزل قوله تعالى { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }
لو وقفنا بعض الوقفات مع هذه الآية { وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } مما يدل على تفرده سبحانه وتعالى بصفات الكمال والجلال ومما يُبرهن على تفرده بالألوهية والربوبية وبما له من الأسماء والصفات مما يدل على ذلك رحمته سبحانه وتعالى
ولذا خَتَم الآية لما قال { وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } ماذا قال ؟ { لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } إذاً ما تراه أنت – عبد الله – ما تراه من جميع النعم وما تراه من اندفاع النِقم إنما هو برحمة الله سبحانه وتعالى
ولذا :
أشار النبي صلى الله عليه وسلم إشارة لطيفة في مثل هذا الشهر
فماذا قال في هذا الشهر ؟
قال ( فيه تفتح أبواب الرحمة )
فرصة لكل مسلم أن يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يدعو الله سبحانه وتعالى وأن ينكسر بين يديه في مثل هذا الشهر
{ وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }
ومما يبرهن على ألوهيته سبحانه وتعالى أن رحمته كما هي قد وسعت كل شيء { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }الأعراف156 فكذلك علمه وإذا عَلِم سبحانه وتعالى بأن هناك حشرة محتاجة إلى طعام أو إلى شراب أو أن هناك حيوانا في مكان ما أو أن هناك سمكا تحت أعماق البحار بحاجة إلى أمر من الأمور ألا تأتيه رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟! بلى
ولذلك :
تقول الملائكة { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } فالملائكة تتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بهما { فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }غافر7 ، بينما رحمة المخلوق قد لا تكون صادرة عن علم ، يمكن أن ترحم شخصا ما وتعطيه مالا لفقره ، هل رحمتك هنا مبنية على علم ؟ لا
يمكن أن يكون هذا من المتلاعبين ، لكن أنت لا تبني إلا على الظاهر ، لكن هذا دليل على أن رحمتنا نحن المخلوقين قد تكون عن جهل ، ولذلك قال تعالى { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الذاريات49 تتذكرون ماذا ؟ تتذكرون إذا كان مخلوقه من اثنين أنه هو الواحد ،
ولذلك في صدر الآية قال { وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }
ما دلائل تفرده سبحانه وتعالى ؟
ما دلائل وجوده ؟
والله لا تخفى على كل ذي عقل ، ومن خفيت عليه فإنه من أجهل الناس ، ما دلائل وجوده ورحمته وعلمه ؟
الآية التي بعدها ، كأنه لما قال { وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }
ما دلائل هذا ؟
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } صح عن النبي صلى الله علي وسلم أنه قال ( أنزلت عليّ آيات ويّل لمن قرأها ولم يتدبرها ) ما هي ( {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } لمن ؟ { لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ } لأصحاب العقول ، إلى أن ختم السورة عليه الصلاة والسلام
فإذا مررت بمثل هذه الآيات فعليك أن تقف معها وأن تتأملها وأن تأخذ العبر منها
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم من سنته إذا قام من الليل يصلي ماذا كان يصنع ؟
من سنته كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ( أنه إذا قام من الليل يصلي نظر إلى السماء وقرأ قوله تعالى { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ } إلى أن يُكمل السورة عليه الصلاة والسلام ، لأنه عليه الصلاة والسلام أُمِر أن يتأمل في خلقه سبحانه وتعالى فأتبع ذلك بالنظر
ولذلك يقال إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان قليلا ما يطأطيء رأسه وإنما كان في أكثر أحواله ينظر إلى السماء يتأمل عظمة الله سبحانه وتعالى
فأنت – عبد الله إذا سرت في الطريق مسافرا إلى إحدى المدن انظر إلى هذه السماء إلى سعتها ، إلى عظمتها ، إلى ما أبدع الله عز وجل فيها من النجوم ، من الكواكب ، عظمة {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }الذاريات47 ألا تدل هذه السماوات على أن لها خالقا ؟ على أن لها ربا ؟ { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }غافر57 ، {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا }النازعات27 إلى أن قال { وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } فيها عظمة الأرض حينما تسير
ألا تتعجب إلى ما وضع الله جل وعلا فيها من الصخور العجيبة المختلفة الألوان ، إلى تلك الجبال الشاهقة ، إلى تلك الجبال السوداء ، الحمراء ، إلى تلك السهول ، إلى تلك الأودية ، إلى ما أودع الله عز وجل فيها من الحشرات التي لا تكاد أن تُرى ، حينما تذهب إلى البر في نزهة أو ما شابه ذلك ، تنظر إلى عظمة الله سبحانه وتعالى كيف خلق مثل هذه الحشرة ؟ بل تتعجب ، أين سمعها ؟ أين بصرها ؟ أين أمعاؤها ؟ أين أحشاؤها ؟ ألا تدل هذه على عظمة الله سبحانه وتعالى ؟ بلى والله .
ثم ماذا قال ؟
{ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } آية أخرى ، قدَّم الليل لأن الليل هو الأصل {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } يس37 فالليل هو الأصل والنهار سُلخ منه ،{ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } نهار يمضي ، ليل يأتي وهلم جرا
نحن الآن في العشاء ثم لحظات وإذا بالفجر يطلع ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب إلى متى ؟ إلى أن تذهب أنفاسك ، إلى أن يذهب عمرك ، ولذلك الدنيا إذا مدحت لا تمدح إلا على أنها مطية الآخرة ، لا تمدح إلا على أنها مزرعة للآخرة ، { وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً } يخلف أحدهما الآخر ، لماذا ؟ { لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً }الفرقان62 ما أتى الليل ولا أتى النهار عبثا
{ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } يقصر الليل ، يطول النهار وهكذا يبرد الليل ، يبرد النهار أو العكس ، هذه دلائل على عظمة الله سبحانه وتعالى ، ولذلك لما كانت الآخرة وما فيها باقية ما فيها ليل ولا نهار ، و( الشمس والقمر) كما قال عليه الصلاة والسلام ( يُكَوَّران في النار ) انتهى الأمر ليس هناك ليل وليس هناك نهار
{ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ }
ثم قال تعالى { وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ }
{ الْفُلْكِ } : السفن ، تجري في البحر ، الله عز وجل سخر هذا البحر لهذه السفن من أجل أن تجري فيه { وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ } يصطادون ، ينتقلون من مكان إلى آخر ، يحملون على سفنهم الأمتعة ، ومع ذلك ترى تلك الأساطيل الكبير التي تحمل السيارات وتحمل الطائرات ومع ذلك لا تنزل في قاع البحر بسبب ماذا ؟ بسبب أمر الله عز وجل إذ أمر الريح أن تسيّر هذه السفن { وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ{32} إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }
{ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا }
نسأل الله أن يلطف بنا ، في العام الماضي لما لم ينزل المطر ، لما قحطت السماء ، كيف هي الأرض ؟ بل كيف هي نفوسنا ؟ { فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ{48} وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ{49} فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ولذلك في سورة أخرى قال { وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ } سمى الماء زرقا لأن به تنبت الأرض ، وإذا نبتت الأرض زرق العباد بإذن الله سبحانه وتعالى.
{ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا }
نرى هذه الأرض القاحلة المجدبة البيضاء لو قدَّر الله سبحانه وتعالى ونسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يغيثنا عاجلا غير آجل لو قدَّر الله وهطلت الأمطار وأتى بعد ذلك زمن أو شهور انظروا إلى هذه الأرض كيف تغيرت ، ازدهرت ، اخضرت ، أينعت ، ثم بعد حين إذا بها تيبس ثم تعود إلى حالتها الأولى
يدل هذا دلالة واضحة على أن هذه الدنيا زائلة ، فانية {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } ثم ما الذي بعدها ؟ أشار إلى الجنة التي هي في الآخرة ، يعني لا تركن إلى هذه الدنيا وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
{ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ}
دواب كثيرة ، مختلفة ، متنوعة ، كما قال تعالى {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم } يقول المفسرون ما تراه من هذه الدواب باختلاف أنواعها هي أمة لوحدها ، إذا رأيت النمل فاعلم أنها أمة تعيش كما يعيش بنو آدم لها رزقها ، لها تصرفاتها ، لها حياتها ، لها كلامها ، هذا النمل ، هذه الخنفساء ، هذه العقرب وعلى هذا فقس ، {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38 كلٌ يحشر حتى هذه الحيوانات حتى يقتص بعضها من بعض .
{ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ }
آية أخرى رياح تأتي بالعذاب ، رياح تأتي بالرحمة ، رياح باردة ، رياح حارة ، رياح رطبة ، جنوبية ، شمالية ، شرقية ، غربية ، يصرفها عز وجل .
{ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ }
المذلل بأمر الله عز وجل يسوقه كيفما يشاء إلى حيثما أراد الله عز وجل
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً } يعني يسوق { ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ } يرسله إلى من يشاء
{ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ }
هذا السحاب ليس في السماء المبنية التي نراها ( لا ) وإذا قيل إن السحاب هو السماء فالمراد إن كل ما علاك فهو سماء ، هذا السقف يسمى سماء في اللغة ، { وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ } سبحان الله – لم يمسكه شيء
ما ختام الآية ؟
{ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } لمن عنده عقل { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ }
ولذا إذا قرأتم آية فيها اختلاف الليل أو اختلاف النهار أو السماء أو الأرض تجد أن الله سبحانه وتعالى يذكر أصحاب العقول وأصحاب التفكر وأصحاب التذكر
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }الرعد4 فكيف يعدلون عن عبادة الله سبحانه وتعالى , لا تنظر إلى المعصية من حيث هي ولكن انظر إلى عظمة مَن عصيت جل وعلا
ثم ما الذي بعدها مما يبين أن هناك طائفة من الناس لا عقول لها مع أن الله سبحانه وتعالى قد أعطاها عقولا لكن هذه العقول لم يسخرها فيما ينفعها في أخراها بل وفي دنياها
ماذا قال بعدها مع كل هذا كله ومع تلك الدلائل ومع تلك العظائم والبراهين التي يجب على المسلم وعلى الإنسان وعلى كل من يراها أن يحب الله سبحانه وتعالى ، لأنه سخر لك هذه الأشياء ، ولذلك يقول شيخ الإسلام رحمه الله : إن من أحب الله هذه المحبة توقعه في طريق العبادة إلى الله سبحانه وتعالى
ومع ذلك ماذا قال بعدها ؟
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ }
مع هذه البراهين نسأل الله العافية اتخذوا أندادا من دون الله ، قد يقول قائل : يمكن في هذا العصر ألا يتخذ ندا ، ولكن يمكن أن يتخذ ندا كأن يتخذ المال إلها ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري ( تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ) لأنه قد يُقدِّم محبته لهذا الدرهم على رضا الله سبحانه وتعالى ، قد تحين الصلاة وهو في تجارة ما ولا يأتي ولا يعبأ أن يخرج وقتها ويخرج وقت الثانية وهو لم يصل لله سبحانه وتعالى ، هذا هو العابد قدَّم محبة الدنيا على محبة الله سبحانه وتعالى ، فمثل هذه الآيات تعد قاعدة لنا نسير معها وبها حينما نقرأ كلام الله سبحانه وتعالى فتتأمل إذا مر بك كلمة الليل ، النهار ، الأرض ، السماء ، السحاب ، الفلك وما شابه ذلك .
نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بكتابه العزيز وبسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .