تقريب شرح السنة لعامة الأمة [ صحيح البخاري ] ـ كتاب الإيمان ـ الأحاديث( 8 ـ 9 ـ 10 ـ 11 ـ 12 )

تقريب شرح السنة لعامة الأمة [ صحيح البخاري ] ـ كتاب الإيمان ـ الأحاديث( 8 ـ 9 ـ 10 ـ 11 ـ 12 )

مشاهدات: 53

بسم الله الرحمن الرحيم

تقريب شرح السنة لعامة الأمة

صحيح البخاري

الأحاديث ( 8 ـ 9 ـ 10 ـ 11 ـ 12 )

فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

2/4/1446 هـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

كتابُ الإيمان

(1) بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ”

وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح:4] {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}[ الكهف: 13] {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم:76] {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}[محمد:17] وَقَوْلُهُ: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر:31] وَقَوْلُهُ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[ التوبة:124] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}[ آل عمران: 173] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}[الأحزاب:22]

وَالحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ: إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ، وَشَرَائِعَ، وَحُدُودًا، وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة:260] وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: اليَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ}[الشورى:13] أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة:48] سَبِيلًا وَسُنَّةً.

(2) [بابٌ]: دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ}[الفرقان:77] وَمَعْنَى الدُّعَاءِ فِي اللُّغَةِ: الإِيمَانُ.

8- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ”

 

شرح الشيخ زيد البحري: ” ثم بعد ذلك ذكر البخاري رحمه الله كتابَ الإيمان

(بسم الله الرحمن الرحيم- كتابُ الإيمان)

ثم لمَا كان الكتابُ هو الأصل يتفرع من الكتاب أبواب فقال: (باب الإيمان)

طبعا الإيمان تعريفه عند أهل السنة والجماعة:

 قولٌ باللسان واعتقاد بالقلب وعملٌ بالجوارح؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

 وسيأتي في بعض الأحاديث من خالف في هذا مِن المرجئة والكرَّامية والجَهمية.

 

قال: (كتاب الإيمان) (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ)

 هذا حديث ابن عمر، وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى بيانٌ له، (وهو) هذا تعريف البخاري له:

 (وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ) ( وهو قول) أي: قولٌ باللسان وأيضًا قولٌ بالقلب وفِعل بالجوارح.

(وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ) يعني يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

ثم أتى بالأدلة الدالة على زيادة الإيمان، وعلى نُقصانه، لأن الزيادة إنما أتت من نقصان؛ دل على أن الإيمان يتفاوت: يزيد وينقص.

(قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) وقال: (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (وَقَوْلُهُ: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) (وَقَوْلُهُ: (أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا – فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا) (وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: (فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا) طبعا الآية السابقة {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} هذا في غزوة أحد.

(وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) هذا في غزوة الأحزاب، وكما أن الإيمان يزيد؛ الآيات من ضمنها ما يدل على: أن الهداية تزيد؛ مما يدل على الترابط من أن الإيمان إذا ازداد زاد الهدى، والهدى إذا ازداد زاد الإيمان.

قال: (وَالحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ) وقد دلت بعضُ الأحاديث على ذلك الحب في الله، يعني أن تحب في الله من أجل الله، لا من أجل غرضٍ آخَر وأن تبغض هذا الذي هو عاصٍ أو كافر في الله.

(وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ) وهو والٍ له قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:

(إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ) أي أشياء واجبة.

(وَشَرَائِعَ) وهي العقيدة.

(وَحُدُودًا) وهي المنهيات.

(وَسُنَنًا) وهي النوافل.

(فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا) هذا هو موضع الشاهد (اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا) إيمانه سينقص.

(لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ) طبعا ما سبق معلومة لديهم لأنها أصول، لكن هو قال: (فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ) سأبين تفاصيلَها.

(فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ)

 وهذا دلالة على أنه من الزُّهَّاد، وليس من الحريصين على الدنيا.

(وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) هذه فيها دلالة على زيادة الإيمان، لأن الاطمئنان هو الاستقرار والثبات على الحق إذا نُظِرَ إلى الأدلة، وهو طلب من الله عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى، فإذا رآها اطمأن قلبُه، ولذلك قال الله عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد:28] دل هذا على أن طمأنينة القلب التي تدل على الزيادة تحصل بذكر الله عز وجل، وهذا شامل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ) وهو إمامُ العلماء يتقدم العلماء كما جاء بذلك الحديث في يوم القيامة:

” رَتْوَةً بِحَجَرٍ ” يعني: رمية بحجر.

(قال) يعني يقول لبعض أصحابه.

(اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً) فلا غِنى لأحد ولو كان عالمًا بلغ في العلم ذروته لا غنى له عن زيادة إيمانه.

وهنا يقول (اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً) أليسوا بمؤمنين؟

بلى، لكن الإيمان المقصود من هنا أن يذكروا الله عز وجل، وأن يتعلموا العلم، وهنا يزداد الإيمان.

(اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً) وهذا يدل على أن الإنسان لا يستنقص جلوسه مع أصحابه الأخيار ولو بما قل من الوقت.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) رضي الله عنه؛ عبد الله بن مسعود.

(اليَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ) فسر اليقين بأنه الإيمان كله، اليقين ما هو؟

هو العلم المُنافي للشك المستلزِم للعمل، ولذا إذا وصل الإنسان إلى مرحلة اليقين ما ضره إدبارُ دنيا وما غره إقبالُها، فنسأل الله أن يرزقنا هذا اليقين.

فقال: (اليَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ) ولذلك قال عز وجل في أوائل سورة البقرة: {وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة:4] وإذا وصل اليقين به فيما يتعلق بالآخرة انزجر عن كل قبيح، وعمِلَ كلَّ خير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) وهذا يدل على ماذا؟

يدل على حسن ترتيب البخاري، ذَكر الأدلةَ من القرآن، وثنَّى بذكر الحديث إشارةً، والآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم، وهذا إن دل، يدل على:

 أن العلم إنما يؤخذُ من القرآن؛ ومن السنة ومن آثار الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان، ولذلك ذكر بعد ذلك كلام مجاهد.

 

(وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) وهو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

(لاَ يَبْلُغُ) أي لا يصل.

(العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ) أي يترك.

(مَا حَاكَ) أي ما تردد (فِي الصَّدْرِ).

قال: (لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى) الحقيقة المقصود منها كمال التقوى، فالتقوى معروفة، لكن لها كمال ما كمالُها؟ وما زيادتُها؟

ولذلك في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام -والشيء بالشيء يُذكَر تعريفًا للحقيقة- قال:

” إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وأن مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ “

فهنا قال: (لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى) يعني كمال التقوى. (حَتَّى يَدَعَ) أي يترك.

(مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ) أي ما تردد في الصدر مما هو مُشتَبَه

 “الحَلالُ بَيِّنٌ، والحَرامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ”.

ولذلك في الحديث قد يكون ما حاك في الصدر قد يكون إثمًا، ولذلك في الحديث:

 “وَالإِثْمُ ما حَاكَ في نَفْسِكَ”.

ــــــــــــــــــــــــــ

(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) وهو المفسر المعروف؛ يفسر قوله تعالى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) أي:

(أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا) وهو التوحيد.

الآية {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى:13]

(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) رضي الله عنهما في تفسير آيةِ المائدة:

(شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) أي: (سَبِيلًا وَسُنَّةً).

الشرعة هي الطريقة والعقيدة، ولذلك مأخوذ من شرعة الماء لأن بها الحياة؛ الشريعة بها الحياة، والشروع هو الظهور.

(وَمِنْهَاجًا) أي: سنة، أن تتعبد الله عز وجل بالسنة الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم ذكر المصنف رحمه الله وقال: (بابٌ دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ)

هو فسر الدعاء الذي في الآية قبل أن يذكر الآية، لعله أراد بذلك تشويقًا؛ ما هو هذا الدعاء الذي فُسِّر بالإيمان؟ فذكر الآيةَ التي في سورة الفرقان

(لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ)

قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ: يعني لا يكترث بكم ولا يبالي بكم، لولا دعاؤكم، وفسر البخاري:

(وَمَعْنَى الدُّعَاءِ فِي اللُّغَةِ الإِيمَانُ) يعني لولا إيمانُكم لعذبكم، وهذا هو أحد التفاسير والذي يرجع إلى تفسيري يجد أن هناك أكثر من قول، لكن هنا فسر الدعاء بالإيمان لمَ؟

سبحان الله، لأنه عليه الصلاة والسلام قال: “الدعاءُ هو العِبادةُ” فدل هذا على أن من أراد الوصول إلى الإيمان وإلى كماله: عن طريق الدعاء؛ لأن الإيمان دعاء، والدعاء إيمان، وهناك أقوال للآية على كلٍّ لا نستفيض فيها لأن هذا ليس محلًا لها.

ـــــــــــــــــــــ

ثم ذكر رحمه الله حديث ابنِ عمر:

قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى) وهو الكوفي.

(قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ) المكي.

(عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ) المكي؛ عكرمة بن خالد بن سعيد وهو ثقة طبعا، لكن ليُعلم أن في طبقته عكرمة بن خالد بن سَلَمة وهو ضعيف؛ لأن الاسم واحد لكن يمكن أن يُعرف باعتبار الشيوخ لهما.

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) عبد الله بن عمر.

(قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ) أي: على خمسِ قواعد، وفي رواية: ” على خمسةٍ ” أي على خمسةِ أركان.

(بُنِيَ الإِسْلاَمُ) يعني هنا مما يدل على الإيمان أن البناء يدل على الحياة والزيادة، بخلاف البنيان الهدم، فإذا أردت أن تبني إسلامك ويزداد معك، فعليك بهذه الأصول، ومن تركها فقد هدم إسلامه.

قال: (بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)

هذه واحدة، الشهادتان ركن واحد لتلازمهما.

(وَإِقَامِ الصَّلاَةِ) بأركانها وواجباتها وشروطها

(وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) لمستحقيها.

(وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) المشهور عند العلماء والأئمة والناس إذا ذكروا هذا الحديث قدموا الصومَ على الحج، ولذا البخاري رحمه الله هنا قدم الحج على الصوم، ولعله بسبب هذه الرواية قدم أحاديثَ الحج، وأخر أحاديث الصيام عن الحج في هذا الكتاب، ولكن الثابت عن ابن عمر في الرواية الصحيحة لما ذكر الحديث قال: ” وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ “. فَقَالَ رَجُلٌ: الْحَجِّ وَصِيَامِ رَمَضَانَ؟ قَالَ : لَا، ” صِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ ” ؛ هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.”

 وهنا قُدِّم الحج على الصوم باعتبار تصرُّف بعض الرواة، ولا إشكال في هذا باعتبار أن الحديث لم يتغير من حيثُ معناه، ولا من حيث لفظُه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) بَابُ أُمُورِ الإِيمَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ}[البقرة:177] وَقَوْلِهِ: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} الآيَةَ [المؤمنون:1]

9- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ”

ثم ذكر رحمه الله فقال: (بَابُ أُمُورِ الإِيمَانِ) الأمور هي الشؤون والأحوال.

يعني الأمور التي للإيمان، أو هي الإيمان، ثم ذكر الآية. (وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى) { لَيْسَ البِرَّ} والبر هو اسم جامع لكل خصال الخير.

(أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ) لما حصل ما حصل من اليهود كيف بمحمد أن يتوجه إلى الكعبة بعد أن توجه إلى بيت المقدس، فالبر الكامل؛ قال: (وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ) فسر:

(مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) هذه أصول الإيمان هي ستة من ضمنها الإيمان بالقضاء وبالقدر، السابقة “بني الإسلام على خمس” أصول وأركان الإسلام.

 

قال: (وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ) سبحان الله لما ذكر عز وجل ما يتعلق بالعقيدة لأنها هي الأساس، ذكر ما تستلزمُه هذه العقيدة، وهذا الإيمان من أعمال منها: (وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ) على حب المال أو على حب الله تفسيران لا تنافي بينهما، لكن الأظهر على حبِّ المال.

(وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ، وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ)

 يعني في فك الرقاب.

(وَأَقَامَ الصَّلاَةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) كل هذه أفعال، لكن هناك ما يزيدُ الإيمان أو ما هو من الإيمان فعل، وما هو ترك؛ لأن الصبر بدلالة الآية لما ذكر المُتعَلَّق بها قال: (وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ) أي البؤس ومن ضمنه الفقر (وَالضَّرَّاءِ) أي الضُّر ومن بينه المرض.

(وَحِينَ البَأْسِ) يعني وحين القتال.

صَبْرٌ! فهو تَرْكٌ للتسخط

بم حكم عليهم؟ (أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) هذا حُكْمٌ عليهم، ثم ثنى بحُكْمٍ آخر: (وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ) دل هذا على ماذا؟

على أن ما ذكر في هذه الآية بِر وصدق مع الله، وتقوى لله، وهذه هي أمور الإيمان، ثم ذكر الآية التي في سورة المؤمنون.

(قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ) ثم ذكر صفة هؤلاء المؤمنين، ثم ذكر بعد ذلك حديث أبي هريرة.

قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المُسْنَدِي.

(قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ) البصري.

(قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ) المدني.

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ) المدني.

(عَنْ أَبِي صَالِحٍ) وهو ذكوان اسمه ذكوان وهو أبو صالح السمان الزيات قيل: لاشتغاله بتجارة الزيت والسمن.

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وقد اختُلف في اسمه اختلافًا كثيرًا على عشرين قولًا، والمشهور عبد الرحمن بن صخر.

(قَالَ: الإِيمَانُ) سبحان الله لما ذكر أمور الإيمان استدلالًا بالقرآن من آية البقرة، ومن آية المؤمنون ذكر أمور الإيمان في السنة أو ذكر الإيمان في السنة.

(قَالَ: الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً) بضع، البضع: ما بين الثلاثة والتسعة، مع أن فيه اختلافًا لكن ورد في ذلك حديث، ففصل في الموضوع الذي اختُلف فيه.

(بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً) ولذلك الغالبية في البضع سبع سنوات؛ معظم المفسرين قالوا في سورة يوسف: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف:42] أي سبع سنين.

(بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً) الشعبة هي الطريقة، ولذلك عند الإمام أحمد بدل الشعبة (بابًا) والباب هو الذي يجمع الشيء، يعني طريقة وقاعدة وباب يندرج تحتَها ويتفرع من تحتِ هذه الشعب أعمال أخرى، وقد جاءت رواية  عند مسلم “الإيمان بضع وسبعون شعبة ” ولا إشكال في ذلك؛ هو أُخْبِرَ عليه الصلاة والسلام بعد أن أُخْبِر بأنها بضع وستون، أُخبِر بالزيادة

ثم قال: (وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ) لماذا أُفْرِد؟

أُفْرِد الحياء بالذكر مع أنه من الشعب السابقة، لأن شعبة الحياء تدعو إلى بقية الشعب؛ ما الحياء؟

هو انقباض يدعو الإنسان إلى فعل الخير؛ وترك الشر

يعني فِعل الحميد وترْك القبيح، فإذا فَعل الحميد وترَك القبيح

أتى بالشُّعَب الأُخَر.

قال: (وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ) ولذلك تجد أن مادة الحياء من الحياة، فمن ليس بحيي يعتبر كأنه ميت، والحيي هو الحي.

ولذلك مما يدل على هذا كما سياتي معنا وذكره البخاري قال: “فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَا” وفي رواية ” فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ ” لأن الحياء حياة، في رواية ” فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ ” مَن يُخرَج من النار، “فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ ” في رواية ” فِي نَهَرِ الْحَيَا ” لأن الحياء حياة.

(وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) بَابٌ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

10- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، وَإِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ” قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ثم ذكر رحمه الله وقال: (بَابٌ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) بوَّب بنفس لفظ الحديث، فذكر حديث عبد الله بن عمرو

قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ) وهو البغدادي.

(قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) شعبة بن الحجاج البصري ثقة رحمه الله.

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ) الكوفي.

(وَإِسْمَاعِيلَ) وهو إسماعيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ الكوفي.

(عَنِ الشَّعْبِيِّ) وهو عامر بن شراحيل الشعبي من الحفاظ يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا بيضاء في سوداء، يعني ما كتب كتابة من أجل أن يضبط؛ من حين ما يسمع يحفظ.

إذًا شعبة حدث عن عبد الله بن أبي السفر وحدث عن إسماعيل عن الشعبي (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المُسْلِمُ) يعني المسلم كامل الإسلام ما صفته؟

(مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) هذا يدل على ماذا؟

يدل على أن الإيمان كما هو يزداد بالعمل الصالح، يزداد بكف الشر.

(قَالَ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ) لأن حقيقة المسلم أنه لا يؤذي إخوانه المسلمين بشتى أنواع الأذية، يعني يمتنع.

ولذلك قال: (مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) دل على أن أفظعَ ما يكون من الجوارح توغلًا في الشر: اللسان واليد.

(مِنْ لِسَانِهِ) من غيبة ونميمة يعني من حيث اللفظ هو سب وشتم وما شابه ذلك، وأيضًا بالحركة استحقارًا كأن يحرك لسانه كذا استحقارًا مثلا.

(مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ) فيحفظ لسانَه من الأذية قولًا أو فِعلا.

(وَيَدِهِ) بأن يبطش بها سرقة أو ضربًا أو (وَيَدِهِ) يدخل فيها اليد الحكمية

ما هي اليد الحكمية؟ بأن يغتصب شيئًا.

(مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) ثم لما كان ما سبق يتعلق بحق المسلم على المسلم؛ أتى بالجملة التي بعدها لتشمل كل ما نهى اللهُ عنه فيما يتعلق بحقه أو بحق المخلوق، قال: (وَالمُهَاجِرُ) الهجرة هي الترك. (مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ) هذه هي الهجرة الحقيقية الكاملة.

(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) البخاري (وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ) الكوفي.

(حَدَّثَنَا دَاوُدُ) ابْنُ أَبِي هِنْدٍ البصري. (عَنْ عَامِرٍ) هو عامر بن شراحيل.

(قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن عمرو) لماذا أتى بهذا الطريق؟

هذا إسناد آخر للحديث السابق، أولا: ليذكر -البخاري عجيب له عجائب سيأتي بيانها إن شاء الله في أحاديث- أولًا/ ليبين من هو الشعبي؛ ما اسمه؟

اسمه إذًا: عامر، أيضًا في الطريق السابق قال: عن الشعبي عن عبد الله لكن هنا قال: الشعبي سمعت عبد الله عن النبي عليه الصلاة والسلام.

(عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى) وهو ابن عبد الأعلى مُكَرَرًا البصري.

(عَنْ دَاوُدَ) وهو داود ابن أبي هند السابق.

(عَنْ عَامِرٍ) وهو الشعبي.

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أتى بهذا الإسناد أيضًا ليبين أن هذا الإسناد بهذا اللفظ عن عبد الله، ليُرْجَع إلى الحديث الذي قبله ليُعْلَم أنه -لأن من في الصحابة من اسمه عبد الله كُثُر- ليبين أنه عبد الله بن عمرو.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) بَابٌ: أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟

11- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ”

ثم ذكر رحمه الله فقال: (بَابٌ: أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟) فذكر حديث أبي موسى.

قال المصنف رحمه الله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القُرَشِيُّ) البغدادي.

(قال: حَدَّثَنَا أَبِي) من أبوه؟ يحيي.

(قال: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ) واسمه بُرَيْد هو أبو بردة يعني بُرَيْد

(ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) إذًا اتفق هو وجده في الكنية الذي هو(عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) واسمه الحارث،

هو اسمه: بُرَيد؛ واسم جده: الحارث.

(عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عبد الله بن قيس رضي الله عنه.

(قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟) كيف أي الإسلام أفضل، الأفضلية باعتبار الإسلام وإلا باعتبار أصحابه؟ باعتبار أصحابه يعني يكون هنا أي الإسلام أفضل؟ أيْ: أيُّ ذوي الإسلام أفضل؛ لماذا قلنا بهذا؟

لأن رواية مسلم تَدُلُّ ” أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ “

إذًا أي الإسلام أفضل بينتها رواية مسلم: ” أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ “

إذًا أي ذوي المسلمين يعني أي أصحاب الإسلام أفضل، وهذا يدل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة ما تُنَال به الأفضلية في الدين؛ ما سألوه عن أفضلية دنيا

(قَالَ: مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ) هذه مرت معنا، لكن لما كان قد يُظَن من أن الأذية فقط التي حُرِّمَت إنما هي عن طريق اللسان واليد في الحديث السابق ذكر الهجرة.

” وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ” بأي وسيلة كانت، وبأي جارحة كانت.

 وهذا الإسناد كلُّه كوفيون رجالُه كوفيون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) بَابٌ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلاَمِ

12- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ

ثم ذكر المصنف رحمه الله فقال: (بَابٌ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلاَمِ) ما أحسن ترتيب البخاري رحمه الله، فهو لم يذكر أحاديث فقط، وهي أحاديث صحيحة.

ولذلك يُطعن في الإمام البخاري، ومن طعن فيه فيما مضى، فنجد أن مآله إلى السقوط والتردي ولو بعد حين، لأن هذا الرجل رحمه الله نصر سنةَ النبي عليه الصلاة والسلام، فمن كان عدوا له، فإنه كما قال عز وجل: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر:3] كل من عادى من حمل السنة الصحيحة وبلَّغها، فإن مآله إلى البتور والانقطاع.

فهو لما ذكر رحمه الله حديث: “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً” بدأ يذكر ما جاء في القرآن وفي السنة ما هي هذه الشعب، فقال ذاكرا لحديث عبد الله بن عمرو قال: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ) المصري.

(قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعد المصري فقيه مصر إمام.

(عَنْ يَزِيدَ) وهو يزيد بن أبي حبيب المصري أيضًا.

(عَنْ أَبِي الخَيْرِ) وهو مَرثد اسمه مرثد المصري.

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) دل هذا على أن الحديث حديثٌ مِصريّ من حيثُ الرجال.

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) عمرو بن العاص قرشي يعني هو حديث مصري ما عدا الصحابي.

(أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟) السابق أي الإسلام أفضل؟ ماذا قلنا هناك؟

أي ذوي الإسلام أفضل، هنا ماذا نقول؟

أيُّ ذوي الإسلام خير؟ لا، أيُّ خصال الإسلام خير.

لماذا تغيَّر؟

هناك قلنا: “أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟” أَيُّ: يعني أي ذوي الإسلام أفضل لأن التعريفَ الذي بعده “مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ”.

إذًا هذا يعود إلى الأشخاص، هنا المذكور ما يعود إلى الأشخاص، إلى الصفات والشعب.

(أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟) يعني: أيُّ خِصال الإسلام خير، الحديث السابق أي الإسلام أفضل؟ هنا خير.

الأفضلية والخيرية هما بمعنى واحد، لكن كفائدة: إذا أريد التفريق بينهما،

 فالخيرية: من حيث الكيفية كيفية الشيء.

الأفضلية: هي الزيادة؛ يعني من حيث الكمية؛ يعني أي الإسلام أفضل؟ يعني من حيث العدد،

 أي الإسلام خير؟ أي من حيث الكيفية والصفة.

 وهذه الكلمة خير وأفضل تدل على زيادة الإيمان؛ كيف يحصل الإنسان على الأفضلية والخيرية؟

عن طريق هذه الأشياء.

(قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ) أطلق الطعام من حيث نوعية هذا الطعام من مطبوخ، من حبوب، من فواكه، شاملة، وأيضًا تطعم الطعام من حيث المُطْعَم صديق، قريب، فقير، مسلم، كافر غير محارب.

(قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ) لماذا قال تطعم الطعام؟

ولذلك لو تأمل الإنسان ما جاء في القرآن قال: {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة:34]

 {وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر:18]، {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر:44] لمَ؟

لأن الحاجة في أول الإسلام كانت حاجةً ضرورية للطعام لقلته، لأن البدن لا يقومُ إلا به.

ثم قال: (وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ).

قال: (وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ) سبحان الله هنا الحديث جمَع بين الفعل والقول، يعني: الإيمان والإسلام يزيد بالأعمال الصالحة، وبالأقوال الصالحة، ولماذا جمع بين إطعام الطعام والسلام؟

لأن بهما كليهما أُنْسًا وسرورًا، لما يُسلم تأنس به وتأمن شره، لما تُطعمه الطعام تأنس.

قال: (وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ) القراءة تحريك اللسان مع الشفتين، أما كون الإنسان يسلم حركةً باليد، فهذا من صنيع أهل الكتاب كما جاء بذلك الحديث، اللهم إلا إذا كان بعيدًا فتشير بالسلام، لكن مع اللفظ حتى لو لم يسمعك، حتى لا تتشبه بأهل الكتاب.

ولذا بعض الناس إذا جاء يسلم يقول: اسس!.

إنما صَرِّحْ! -يعني بالسلام- ليكن السلام واضحًا حتى تؤجر.

قال: (وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) وللأسف الناس لا يسلمون إلا على من يعرفون، يعني فيما مضى قال: ” تُطْعِمُ الطَّعَامَ ” لم يقل تطعم الطعام على مَن عرفت ومن لم تعرف، هنا قال مؤكدًا (وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ) لم يقل وتقرأ السلام

(وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) لأنه عليه الصلاة والسلام أخبر قال:

من أشراط الساعة (تسليم الخاصة) في الحديث الآخر: من أشراط الساعة (أن الرجل لا يسلمُ إلا على من يعرف)

الآن يمر الإنسان بآخر من إخوانه المسلمين لا يعرفه لا يسلم هذا خطأ! ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: “أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ”.

قال: (وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) لكن هنا مخصوص قلنا: تطعم الطعام حتى لو كان كافرًا غيرَ محاربٍ لنا، لكن في السلام ما يُسلِّم إلا على المسلم.

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: “لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ”.

قال: (وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) الإنسان إذا رأى إنسانًا وهو يعرف إنسان آخر لم يره يقول: أقرىء فلانًا مني السلام هذا خطأ قول، أقرئه السلام خطأ، وإنما تكون هذه اللفظة في المكتوب؛ في ماذا؟ في المكتوب، يعني الشيء المكتوب في الرسالة، لما تعطي إنسانا رسالة وكذا في المكتوب نعم، وإنما تقول: اقرأ عليه السلام؛ يعني مثلا: محمد سألته عن شخص وهو قد قابله، فسيقابله؛ أقول له: اقرأ عليه مني السلام، وليس أقرئه السلام مني؛ هذا من حيث اللغة يعني هم يقولون كذا.