شرح الألفية الدرس ( 6 ) المعرب والمبني[ البيتان 21 ــ 22]

شرح الألفية الدرس ( 6 ) المعرب والمبني[ البيتان 21 ــ 22]

مشاهدات: 550

شرح ( ألفية ابن مالك )

الدرس السادس

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

نواصل ما توقفنا عنده من ألفية بن مالك رحمه الله .

قال رحمه الله :

 21 ـ وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌ لــِلْبِنَا   ***   وَالَأصْلُ في الْمَبْنِيِّ أنْ يُسكّنا

22ـ وَمِنْهُ ذُو فُتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمّ  ***  كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسـَّاكِنُ كَمْ

الشرح :

لما ذكر رحمه الله أن أقسام الكلام ثلاثة [ الاسم  ، والفعل ، والحرف ] بين أن الأصل في الأسماء هو الإعراب ، وقد تكون هناك أسماء مبنية ، لكن الأصل في الأسماء الإعراب ، قال رحمه الله :

والاسم منه معرب ومبني*** لشبه من الحروف مدني

ثم لما ذكر الأفعال ، بين أن الأصل في الفعل الماضي والأمر البناء ، بل إن الأمر والماضي مبنيان ، والأصل في المضارع الإعراب ،

كما قال رحمه الله :

      وفعل أمر ومــضي بنيا  ***  وأعربوا مضارعا إن عريا

 من نون توكيد مباشر ومن ***  نون إناث كيرعن من فتن

إذاً / لما ذكر القسم الأول وهو الاسم ، ثم ثنى بذكر الفعل ، ثلث بذكر الحرف ، الذي هو النوع الثالث من أنواع الكلام .

هو رحمه الله لما ذكر الاسم وأن منه المبني ، ماذا قال فيه ؟

والاسم منه معرب ومبني

لم ؟

لشبه من الحروف مدني

إذاً / ما بني الاسم إلا لأنه شبيه بالحرف ، لأن حكم الحرف هو البناء ، فأي حرف أمامك ، وأي حرف يمر بك فهو مبني ، ولذا قال :

وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌ لــِلْبِنَا

ثم قال :

وَالَأصْلُ في الْمَبْنِيِّ أنْ يُسكّنا

لم يخصص الحرف هنا ، وإنما عمم أي مبني ، لأن هناك مبنيات في الأسماء ، ومبنيات في الأفعال ، الحروف مبنية ، إذاً / الأصل في المبني أن تكون علامته ( السكون ) لم السكون ؟ لأنها أيسر وأسهل من الحركة ، ولذلك مقولة بعضهم – وهي مقولة خاطئة لا يرتضيها أهل اللغة [ سَكِّنْ تسلم ] يعني إذا قرأت سكن ، لا ترفع ولا تنصب ولا تجر ، حتى تسلم من أن تُصوب أو يُرد عليك ، هذا خطأ .

إذاً / الأصل في المبني السكون .

مثال : ” قالتْ “

أين المبني هنا ؟

” قال ” لم ؟ لأنه فعل ماضي مبني على الفتح .

تاء التأنيث الساكنة : حرف ، فأي حرف أمامك مبني [ في – على -إلى – مْن – عن ] كل الحروف مبنية .

تاء التأنيث الساكنة : حرف ، علامة بنائه السكون .

لا يمكن للمبني أن يتغير حاله ، أينما وضعته في أول الكلام ، في أوسطه ، في آخره ، هو هو  ، فالمبني بمثابة الميت الذي لا حراك له ، فلا يتأثر بشيء .

لكن قد يتأثر الساكن فيُحرك لعلة .

مثال : ” قالت ” مبني على السكون .

قال تعالى { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا } الحجرات14 .

{ قَالَتِ } كسرت ، لم ؟ لا يأت إنسان ويقول تاء التأنيث الساكنة هنا كسرت ، إذاً انخرق حكمكم .

نقول : كسرت هنا لالتقاء الساكنين ، فلا يمكن أن يجتمع ساكنان .

ثم ذكر رحمه الله أن المبني يمكن أن ينتقل عن أصله ، ما أصل علامة المبني ؟ السكون ، لكن قد ينتقل إلى علامة أخرى .

قال :

وَمِنْهُ ذُو فُتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمّ   ***   كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسـَّاكِنُ كَمْ

( أينَ ) مبني على الفتح .

( أمسِ ) مبني على الكسر .

( حيثُ ) مبني على الضم .

ثم مثَّل للساكن لأنه لم يمثل مسبقا ( كَمْ )

ثم إذا حفظت الشطر الأول يمكن أن تضبط الشطر الثاني ، وإذا ضبطت الشطر الثاني يمكن أن تضبط الشطر الأول ، انظروا إلى براعة هذا الرجل ، قال :

وَمِنْهُ ذُو فُتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمّ   ***   كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسـَّاكِنُ كَمْ

لا يأت إنسان ويقدم ( أمس ) على ( أين ) إذا ضبطت الأول ، قال  :

( ومنه ذو فتح ) مثاله ( أينَ )

(   وذو كسر  ) مثاله ( أمسِ )

(     وضم     ) مثاله ( حيثُ )

فائدة عرضية:

قلنا إن الأصل في البناء السكون ، لم ؟ لأنه أسهل وأيسر ، لكن يمكن أن نعدل عن السكون إلى الحركة ، لأن الانتقال أفضل على رأي بعض النحاة في قوله تعالى { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ } ساكنة {الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ }ثانية  { رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ{33} أَوْ يُوبِقْهُنَّ } ثالثة { بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ } رابعة { عَن كَثِيرٍ{34} وَيَعْلَمَ} هنا فتح ، لم ؟ قالوا لأن توالي هذه الكلمات مسكنة فيها ثقل ، فعدل عنها إلى حركة ، فوجد أن أيسر الحركات الفتح ، هذا على قول ، لكنها فائدة عرضية .