الابتداء :
قال ابن مالك في الألفية :
116– وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ خَبَرْ … إنْ في سِوَى الإِفْرَادِ طِبْقاً اسْتقَرْ
117– وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا
118– وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ …… كَ اللهُ بَرٌّ وَالأَيَادِي شَاهِدَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال رحمه الله :
116- وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ خَبَرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن ابن مالك رحمه الله ذكر في الأبيات الثلاثة السابقة أنواع المبتدأ
المبتدأ نوعان :
مبتدأ له خبر:
كأن تقول : زيدٌ مجتهدٌ
النوع الثاني من أنواع المبتدأ:
هو المبتدأ الذي له فاعل ذلك الفاعل سد مسد الخبر
كقولك :
أقائمٌ الزيدانِ
فقولك : أقائمٌ : هذا مبتدأ
وقائم اسم فاعل واسم الفاعل إذا نُوِّن وهو الوصف
الوصف إذا نوِن والوصف مر معنا اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبَّهة باسم الفاعل
فالوصف كاسم الفاعل إذا نون فإنه يتطلب فاعلا
فقائم هنا على وزن فاعل
ونون
يتطلب فاعلا
فتقول :
أقائمٌ زيد
أقائم الزيدان
أقائم الزيدون
فزيد أو الزيدان أو الزيدون فاعل ـــــــ لكنه سد مسد الخبر للمبتدأ الذي هو قائم
ثم ذكر رحمه الله هنا :
ما يتعلق بالوصف الذي له فاعل
فذكر ما يتعلق به من حكم إذا تطابق هذا الوصف مع فاعله من حيث الإفراد ومن حيث التثنية ومن حيث الجمع
فقال رحمه الله :
116- وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ خَبَرْ
……إنْ في سِوَى الإِفْرَادِ طِبْقاً اسْتقَرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله :
……إنْ في سِوَى الإِفْرَادِ طِبْقاً اسْتقَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــــ
معنى هذا الكلام :
وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ خَبَرْ
ذا : اسم إشارة مبتدأ
الوصف رفع على أنه بدل لاسم الإشارة
أين خبر اسم الإشارة ذا ؟
هو كلمة
خبر
وذا الوصف خبر
……إنْ في سِوَى الإِفْرَادِ طِبْقاً اسْتقَرْ
معنى هذا الكلام :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يتطابق هذا الوصف مع فاعله
والمطابقة :
إما أن تكون مطابقة إفراد أو مطابقة تثنية أو مطابقة جمع
تقول :
قائمٌ زيد
قائم : مفرد زيد :مفرد
تقول :
أقائمان الزيدان :
تطابق المبتدأ مع فاعله الذي سد مسد الخبر في ماذا ؟
في التثنية
تقو ل :
أقائمون الزيدون
الوصف طابق فاعله من حيث الجمع
إذا:
مطابقة الوصف لفاعله إما إفرادا وإما تثنية وإما جمعا
إذا طابق الوصف فاعله في الإفراد كقولك:
أقائمٌ زيدٌ :
فأنت مخير في الإعراب بين وجهين : ــ هذا في ماذا ؟
في الإفراد :
قائم زيد:
يصح أن تقول كما أسلفنا :
أقائم : مبتدأ
وزيد : فاعل للوصف قائم سد مسد الخبر
وهذا مر معنا
الوجه الثاني وأنت فيهما بالخيار
الوجه الثاني :
أن تجعل الوصف خبر مقدم والفاعل تجعله مبتدأ مؤخر
أقائم زيد :
تقول في الإعراب :
أقائم : خبر مقدم
زيد : مبتدأ مؤخر
بينما الوجه الأول
أقائم زيد:
أقائم : مبتدأ
وزيد : فاعل سد مسد الخبر
وإذا كان كذلك فأنت مخير بين هذين الوجهين في قوله تعالى :
((قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ ))
راغب : على وزن فاعل وهوصف فلك أن تقول :
راغب : مبتدأ وأنت فاعل للوصف سد مسد الخبر
ويصح أن تقول :
راغب : خبر مقدم وأنت مبتدأ مؤخر
هذا في الإفراد :
أما التثنية :
أقائمان الزيدان :
تطابق الوصف مع فاعله في ماذا ؟
في التثنية
قائمان : مثنى
زيدان : مثنى
هذا ليس لك إلا وجه واحد
ما هو ؟ ــــــــــــــ الوجه الثاني :
قائمان : نقول : خبر مقدم
الزيدان : مبتدأ مؤخر
كذلك في الجمع :
أقائمون الزيدون
أقائمون : خبر مقدم
الزيدون : مبتدأ مؤخر
لو قال شخص :
أقائمان : مبتدأ
والزيدان : فاعل سد مسد الخبر
خطأ ليس هنا إلا وجه واحد
لو قال قائل :
أقائمون الزيدون :
أقائمون : مبتدأ
الزيدون : فاعل سد مسد الخبر
الجواب :
خطأ
ليس فيه إلا وجه واحد
ما هو ؟
أن يعرب الوصف خبر مقدم والفاعل يعرب مبتدأ مؤخر
ولذا ماذا قال هنا ؟
وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ خَبَرْ
مبتدأ ماذا ؟
مؤخر
والوصف : قائمون خبر
المطابقة :
……إنْ في سِوَى الإِفْرَادِ طِبْقاً اسْتقَرْ
كأنه يقول : في الإفراد لك الوجهان
وما سوى الإفراد ليس لك إلا وجه واحد
ما هو ها ذا الوجه ؟
أن يعرب الوصف خبر مقدم وفاعله مبتدأ مؤخر
إذا تطابقوا من حيث الإفراد والتثنية والجمع فالحكم كما أسلفنا
لكن إن لم يتطابقا :
فإذا لم يتطابقا فهناك تركيب صحيح وتركيب غير صحيح
أما التركيب غير الصحيح :
لو قلت :
أقائمان زيد
أقائمون زيد
هذا أسلوب لا يصح
إذاً :
هذه ليست جملة صحيحة في اللغة
لكن لو أن العكس وهو التركيب الصحيح :
تقول :
أقائم الزيدان
أقائم الزيدون
لكن ما إعرابها ؟
إعرابها : واحد الذي مر معنا في الدرس الماضي
أقائم الزيدان:
قائم : مبتدأ
والزيدان : فاعل سد مسد الخبر
أقائم الزيدون
قائم : مبتدأ
الزيدون : فاعل سد مسد الخبر
فنخلص من هذا :
إلى أن هذه التراكيب في هذا الوصف الذي هو مبتدأ يكون على أربع حالات :
ـــــــــــــــــــــــــ
الحالة الأولى :
ــ أن يتطابق الوصف مع فاعله من حيث الإفراد:
فالإعراب لك فيه وجهان :
إما مبتدأ وفاعل سد مسد الخبر
أو خبر مقدم ومبتدأ مؤخر
الحالة الثانية :
أن يتطابق الوصف مع الفاعل في التثنية وفي الجمع
وبالتالي ليس لك إلا وجه واحد: أن الوصف يكون خبرا مقدما والثاني مبتدأ مؤخر
الحالة الثالثة :
ألا يتطابق الوصف مع فاعله
فإن كان الوصف تثنية أو جمعا والفاعل مفردا فإن هذا التركيب لا يصح
كقولك :
أقائمان زيد
وكقولك : أقائمون زيد
الحالة الرابعة :
ألا يتطابقا ولكن الوصف مفرد وفاعله مثنى أو جمع
وبالتالي ليس هناك إلا وجه واحد:
أن الوصف مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر
قال رحمه الله :
ــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
117- وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا
……كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قولك :
زيدٌ مجتهدٌ
خرجنا من الوصف نحن الآن في القسم الأول
قلنا :
إن المبتدأ إما أن يكون له خبر وإما أن يكون وصفا وله فاعل سد مسد الخبر
نحن الآن في المبتدأ الذي له خبر
كقولك :
زيد مجتهد:
كيف نعرب هذه الجملة : زيد مجتهد
زيد : مبتدأ
ما الذي رفعه ؟
الابتداء
إذاً :
زيد مبتدأ مرفوع بالابتداء لكونه في البداية أثر فيه هذا لعامل
ما هو هذا العامل هل هو لفظي ؟
لا
هو عامل معنوي
مجتهد : خبر مرفوع ما الذي رفعه ؟
المبتدأ
ولذا :
قال هنا :
117- وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا
……كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا
ـ‘ـ،،،،،،،ــــــــــــــــــ،،،،،،،،،،،ـــــــــــــــــ
وهذا ما عليه النحاة المحققون لكن فيه خلاف لكن الأوجه ما ذكر هنا
وهذا الخلاف كما قال ابن عقيل في شرح الألفية
قال : لا طائل من ورائه وبالتالي لا نحتاج إلى أن نذكره
فاختلفوا
فبعضهم : قال :إن الجميع رفع بالابتداء
وبعضهم قال : إن الخبر رفع بالابتداء
وبعضهم قال : كل منهم رفع الآخر
فالمبتدأ رفع الخبر والخبر رفع بالمبتدأ
لكن ما ذكره ابن مالك هو المشهور
أن المبتدأ مرفوع بالابتداء والخبر مرفوع بالمبتدأ
فالعمل في المبتدأ عامل معنوي
وأما العامل في الخبر فهو لفظي
ما هو العامل ؟
المبتدأ
ولذلك: عرفوه في الاصطلاح :
قالوا :
إن المبتدأ هو اللفظ الخالي من العوامل غير الزائدة
فلم يسبقه عامل لكن يستثنى من ذلك الزائدة لأنها غير مؤثرة ووجودها كعدمها
تقول :
بحسبك درهمٌ
الباء هنا زائدة أصلها حسبك درهم
فلا يؤثر فلما تأتي إلى إعراب بحسبك درهم
تقول : الباء زائدة
وحسبك: مرفوع بالابتداء
ــــــــــــ
قال رحمه الله :
118- وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ……كَ اللهُ بَرٌّ وَالأَيَادِي شَاهِدَه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح:
ـــــــــــــــــــــــــ
لما فرغ رحمه الله مما يخص المبتدأ شرع في ذكر ما يخص الخبر
وعرف الخبر هنا :
118- وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ
……كَاللهُ بَرٌّ وَالأَيَادِي شَاهِدَه
الله بر :
الله : مبتدأ
بر : خبر
الواو حرف عطف
الأيادي : جمع لكنها مبتدأ
شاهدة : خبر
فمثل بمثالين :
……كَاللهُ بَرٌّ وَالأَيَادِي شَاهِدَه
كونه رحمه الله يقول : الخبر الجزء المتم الفائدة مهم جدا
زيد الكريم الشجاع المقدام……….
تم المعنى ؟
لا
لو قلت : زيدٌ الكريم الشجاع العظيم …..
تم المعنى ؟
لا
لم يتم المعنى
فزيد : مبتدأ
زيدٌ الكريم الشجاع العظيم
ثم قلت : ذهب إلى المسجد
(( ذهب )) هذه الجملة هي الخبر لأنها أتمت المعنى
الخبر هو الجزء المتم الفائدة
أما إذا لم تتم الفائدة فلا فائدة
قال تعالى :
((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً{63} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً{64} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً{65} ))
تم المعنى ؟
لا
((إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{66} وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً{67} ))
تم ؟
لا
((وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{70} وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً{71} وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً{72} وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً{73} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً{74} أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا ))
نريد خبر
وعباد الرحمن أصحاب هذه الأوصاف ؟
ثم لماذا ذكرت الأوصاف ؟ (( أولئك ))
إذاً :
الخبر الجزء المتم الفائدة
فإذا كان لدى الإنسان كلمة يريد أن يعربها ويعرف أن هذا مبتدأ ويريد أن يعثر على الخبر فليعرف أن أول كلمة تتم المعنى فهي الخبر
فخلاصة القول :
أنه رحمه الله عرف الخبر بأنه الجزء المتم الفائدة
مثال : زيد يقوم :
زيد : مبتدأ
أين الخبر ؟
يقوم لأن المعنى تم
زيد يقوم
زيد مجتهد:
مجتهد خبر لأنه تم المعنى
وإن كان بعض النحاة يقول :يفترض أن يعرف بتعريف آخر :
فيقال :
هو الجزء المنتظم منه مع الخبر جملة
لم ؟
قالوا : لأن الفعل والفاعل يتم المعنى
قام زيد : فاعل ومع ذلك تم المعنى
لكن على كل حال
الضابط الذي ذكره ابن مالك هذا هو المشهور