شرح القواعد الأربع ـ الدرس الخامس عشر

شرح القواعد الأربع ـ الدرس الخامس عشر

مشاهدات: 500

شرح القواعد الأربع

شرح القاعدة الثانية :

قال المؤلف رحمه الله :

[[أنهم يقولون ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة فدليل القربة قوله تعالى ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) ]]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المؤلف رحمه الله :

[[ القاعدة الثانية :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

لما فرغ المؤلف رحمه الله من ذكر القاعدة الأولى ذكر القاعدة الثانية

والناظر في هذا المتن يجد أن هذا المتن مختصر من كتاب للشيخ وهو كتاب : [  كشف الشبهات  ]

 

ولقد تحدث رحمه الله في كشف الشبهات عن مسائل في العقيدة متناثرة ثم استخلص من الكشف هذه القواعد الأربع

 

ومما له صلة بالقاعدة الأولى  :

مما ذكره رحمه الله هناك ذكر رحمه الله :

[[  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاتل كفار قريش إلا لتكون العبادة كلها لله كي ما يكون النذر كله لله ، كي ما يكون الذبح كله لله كي ما يكون الدعاء كله لله عز وجل]]

 

ثم ذكر القاعدة الثانية وهي موجودة أيضاً في كشف الشبهات وهي :

القاعدة الثانية :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( أنهم يقولون : ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لنطلب القربة والشفاعة )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

القاعدة الثانية التي تميز  المسلمين عن الكفار :

 أن أولئك الكفار يقولون ما دعوناهم  ــــ الضمير يرجع إلى من  ؟

إلى الأصنام وإلى سائر ما يعبدون من دون الله عز وجل

 

فهذه حجتهم فيقولون : [ ما عبدناهم ولا توجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة ]

من ينظر إلى هذا الكلام نظرا ظاهريا قد يعذرهم بعض الشيء ، فهم يقولون : [ نحن لم نعبد هؤلاء حقيقة وإنما جعلناهم وسيلة وزلفى نتوسط بهم عند الله جل وعلا ]

 

وهذا الكلام من الخطورة بمكان  :

فهم ذكروا هذه العبارات الخفية كي ما تروج على الأسماع ولكنها في الحقيقة تحمل الخبث بعينه وتحمل الشر بنفسه .

كيف ذلك  ؟

أن هؤلاء الكفار أحطوا من قَدْر الله عز وجل

 كيف  ؟

لأنهم بقولهم هذا ساووا الله العليم المالك المدبر ، بملوك الأرض ، ملوك الأرض لا يتوصل إلي ما في أبيديهم إلا بالشفاعات والوسائط فجعلوا الله مثيل هؤلاء الملوك ، وكيف يكون وهو القائل سبحانه :{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }

يقولون يا رسول الله : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه  ؟

الصحابة رضي الله عنهم سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم  هذا السؤال فنزلت هذه الآية : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }

 

الذي يتدبر كلام الله عز وجل ويتأمل ما فيه مما سئل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد ماذا  ؟ يجد أنه إذا سئل عليه الصلاة والسلام أمره سبحانه وتعالى أن يقول لهؤلاء السائلين   [ قل  ]:

 {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ }

 { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ }

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ }

{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ}

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } طه105

 

وهذا يدل على ماذا  ؟

على أنه ليس هناك حواجز ولا وسائط بين العبد وبين الله

سألوا هذا السؤال

فما هي الإجابة  ؟

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي } لم يقل قل إني قريب

 ماذا قال ؟ 

{ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }

 هو سبحانه وتعالى يجيب حتى دعوة الكافر المضطر إذا شاء .

{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }

 فهؤلاء الذين جعلوا هذه الأصنام وسائط يتوسطون بها عند الله جل وعلا دعوتهم وقولهم هو الخبث كله .

 

محظور آخر / :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أنهم جعلوا الغني الذي له الغنى المطلق سبحانه وتعالى جعلوه في منزلة المخلوق البخيل الفقير حتى ولو كان من ملوك الأرض :

 {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً } الإسراء100

 

ما في أيدي ملوك الأرض قد يحرصون عليها من أجل ألا ينقص ما في أيديهم ، فهم بخلاء في طبيعتهم فلخوفهم من المستقبل من أن يفتقروا لا يتوصل إليهم إلا بالوسائط ، بينما هو سبحانه وتعالى الغني

 قال عليه الصلاة والسلام  :

ـــ كما عند مسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل :

(( لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد رجل واحد ثم سأل كل واحد مسألته فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر ))

 الإبرة التي يخاط بها لو غمستها في البحر كم تأخذ من ماء البحر لا تأخذ شيئا .

لو أتيح لابن آدم أن يعرض رغباته سوف تنقطع به الرغبات والأماني لحبه للمال : {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } العاديات8

حب الخير : أي المال .

فكيف يساوون الغني الكريم الرازق الوهاب المعطي بهؤلاء البخلاء الفقراء ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن المحاذير أيضا :

أنهم جعلوا سبحانه وتعالى العليم بشؤون خلقه جعلوه في منزلة ملوك الأرض

الذين هم جهال لا يدركون ما يدور في مملكتهم إلا بهؤلاء الأعوان والوسطاء لأن الملك لا يستطيع أن يكون على دراية تامة بما يجري في مملكته فلحاجته لمعرفة المحتاج ممن ليس كذلك حسن في حقه الوسائط

 

أما الله سبحانه وتعالى العالم بكل شيء:

يقول عليه الصلاة والسلام :

(( إن بين الأرض والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة سنة وبين كل سماء مسيرة خمسمائة سنة ))

 تصور :

 لو سار إنسان على فرسه خمسمائة سنة ترى كم يقطع من المسافات  ؟

سيقطع مسافات طويلة جدا

قال : (( وفوق السماء السابعة بحر ما بين أعلاه وأسفله كما بين السماء والأرض ، والعرش فوق الماء ، والله قد استوى على العرش لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ))

 

فإذاً  :

هذه الاعتذارات التي تعللوا بها هي الشرك ذاته هو الكفر بعينه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم دلل رحمه الله على القربة فدليل القربة قوله تعالى :

{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }

الزمر3

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دليل القربة قوله تعالى :

{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء }

 ما الذي قبلها ؟

 { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }

 

معنى ذلك :

 أن الدين الخالص هو الذي خلص من الشرك لا يستحقه إلا الله عز وجل ثم ما ليس بخالص فهو مردود على صاحبه فلغناه ولكرمه ولعظمته وسلطانه لا يقبل من الدين إلا ما كان خالصا لله سبحانه وتعالى

ولذا قال في آية أخرى  :

{ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ }

 ثم لما قال  :{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }

 ألا  : من أدوات التنبيه ، فليتنبه العبد لما بعد هذه الأداة لأن ما بعدها شيء مهم ينبغي أن يصغي الإنسان بسمعه وعقله ولبه إلى ما بعدها

ما الذي بعدها  ؟

{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }

ثم ذكر صنيع الكفار الذين في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يناقض ما في أول الآية

ما هو أول الآية؟

{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }

 

ثم أوضح أن هؤلاء الكفار الذين في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمتثلوا بما في الآية التي قبلها ففعلهم هذا فعل شنيع قال :{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء }

{ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } من الأصنام من الأحجار من الأشجار ، من الملائكة من النبيين ، ما حجتهم في اتخاذ هؤلاء أولياء من دون الله سبحانه وتعالى  ؟ 

ما تعليلهم  ؟

 ماذا قالوا  ؟

{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }

وانظر إلى قوة التعبير إذ إنهم حصروا بأعظم طرق الحصر أنهم ما جعلوا هؤلاء أولياء إلا لغرض واحد .

ما هو هذا الغرض  ؟ 

{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }

هل هذه حجة مقبولة   ؟

بل نقول هي حجة دنية باطلة خبيثة شركية تتضح  بما ذكر آنفا  من تلك المحاذير التي نزلوا فيها الخالق العالم المدبر الغني نزلوه إلى مرتبة  ملوك الأرض الذين هم الضعفاء  .

 

ثم أتى بجملة تحمل في ثناياها التهديد  :{ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

 يحكم بين من ومن  ؟

بين الموحدين وبين هؤلاء المشركين ، لو سئلتم ترى ما نتائج هذا الحكم  ؟  ما نتيجته  ؟

أن المشركين في النار ، والموحدين في الجنة  .

 

ثم قال سبحانه وتعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }

يعني : من استغرق في الكفر وأصر عليه ولم يرع قلبه ولم يصغ بسمعه فهو بعيد عن الهدى

{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }

{ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ }

 { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ }

{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }الأنعام110

 

لأنه أمر معلوم فأخفي للعلم به ولتهديد هؤلاء الكفار ولإرعابهم

 

فهذا هو دليل القربة .

وختام الآية بقوله :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي } يدل على صنيعهم كفر وكذب .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم ذكر رحمه الله دليل الشفاعة :

الشفاعة معناها : هي التوسط للغير لجلب نفع أو دفع ضر . والشفاعة كلها لله سبحانه وتعالى  :

قال تعالى :{ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً }

 

فإذا كانت الشفاعة كلها لله جميعا أفيحسن بهولاء أن يخلقوا بألسنتهم شفعاء مع الله عز وجل أيحسن بهم هذا  ؟

لا

ماذا قالوا  ؟ 

ما دعوناهم ولا توجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة ، كما أن التقرب حق محض لله عز وجل فكذلك الشفاعة كلها لله سبحانه وتعالى

فيدل هذا على أن صنيع هؤلاء من أبطل الباطل

ولذا  :

اتخذوا مع الله وسطاء وشفعاء  وقد أوضح سبحانه وأكد أن القربة حق محض له وأن الشفاعة حق محض له ألا يكون هؤلاء من المشركين حق  ؟ بلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المؤلف رحمه الله  :

ودليل الشفاعة قوله تعالى  :

{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } يونس18

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

دليل الشفاعة ما ذكره رحمه الله وأدلة الشفاعة كثيرة جدا لكنه اقتصر رحمه الله على هذا الدليل خيفة من الإطالة وطلبا للإختصار .

قال تعالى  :

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ }

مثل مَن  ؟ 

كما سلف الأصنام والأحجار والأشجار والملائكة والنبيين والأولياء .

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ }

  (( ما لا يضرهم )) :  لو تركوا عبادته

(( ولا ينفعهم )) :  لو عبدوه

فهؤلاء الأولياء لا يملكون لا نفعا ولا يدفعون ضرا

ما لا يضرهم : بمعنى  لو تركوا عبادته

ولا ينفعهم : بمعنى لو عبدوه

{ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ } انظروا إلى هذا التبجح ، هناك في دليل القربة لما قالوا  { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }

 هذا قول تقولوه هل سكت عن هذا القول  ؟ 

هل أقروا عليه  ؟

لا

وإنما رد على تلك المقولة الشركية :

 { إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

 نأتي إلى دليل الشفاعة { وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ }

ماذا قال سبحانه وتعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ؟

{ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ }

 

يعني :  أتزعمون أن هناك شريكا مع الله عز وجل لا يعلمه لو كان هناك شريك لعلمه الله سبحانه وتعالى ، ولكن ليس ثمة شريك ومن هنا انظروا إلى ختام الآية نزه نفسه سبحانه وتعالى .

ماذا قال  ؟  { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }

سبحان الله لم يقل سبحانه وتعالى عما يقولون  .

ماذا قال  ؟   :{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }

 يفيدنا هذا القول أن ما هم عليه وما ادعوه أنه هو الشرك :

{ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ }

 

يقول تعالى في آية أخرى :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ }

 الجواب /  أمن ليس كذلك  .

من هو القائم على كل نفس  ؟

من هو القيوم الذي قام بنفسه ولم يقم غيره إلا به  ؟

من ؟

هو الله سبحانه وتعالى  :

{ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء }

 هم جعلوا شركاء يتوسلون بهم يتوسطون بهم

قل يا محمد صلى الله عليه  وسلم لهؤلاء إن كان هناك شركاء سموهم اذكروهم بأسمائهم

قال تعالى  :

 { قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ }

 هل يخفى عليه شيء من هذا  ؟

 لا يخفى عليه شيء :

 { أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ } :

 أي ما تقولونه إنما هو كلام يجري على ألسنتكم ، لا حقيقة له ولا قرار له ، وإنما هو ادعاء

ولذا قال تعالى  :{ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ }

 

وكما قلنا في الدروس الماضية لو كان هناك شريك مع الله عز وجل لاتخذ هذا الشريك وهذا الشفيع الذي تدعونه لاتخذ هذا الشفيع وهذا الشريك التقرب إلى الله سبحانه وتعالى على إحدى القولين

فهذا هو دليل الشفاعة .

 

لما ذكر هذا الدليل وقال هؤلاء الكفار : ((هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ))

أمره سبحانه وتعالى أن يرد عليهم فيقول : (( أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ ))

ثم ختام الآية يوضح حكم هذا الفعل الذي هم عليه فقال سبحانه :{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }

 

سبحانه :

 التسبيح هو التنزيه ، وهو تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به  ، وقد أتى التسبيح في كتاب الله عز وجل بألفاظ متنوعة

قال :{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } فعل ماضي ، إخبار بأن من في السماوات من في الأرض ، سبح في الماضي

وأتى بصيغة الفعل المضارع  :

{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ }

 والفعل المضارع يفيد الحال والاستقبال

وأتى بالمصدر :

{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا }