شرح القواعد الأربع ـ الدرس الرابع

شرح القواعد الأربع ـ الدرس الرابع

مشاهدات: 505

شرح القواعد الأربع

شرح قول المؤلف :

((  وأن يجعلك مباركاً أينما كنت وأن يجعلك ممن إذا أعطى شكر وإذا ابتلى صبر وإذا أذنب استغفر فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة . ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الشيخ رحمه الله :

( وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر فإن هؤلاء الثلاث عنون السعادة )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

انظروا إلى اختيار هذه الدعوات ، أن يجعلك :

ممن إذا اعطي شكر

وممن إذا ابتلي صبر

وممن إذا أذنب استغفر

فهذه عنوان السعادة

 الإنسان بين حالتين  :

إما أن يكون في حالة رخاء أو في حالة ضيق ،حالة يسر أو في حالة عسر منحة أو محنة عطية أو بلية

ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم :

 ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له  ))

 انظر إلى الإنسان لا يخرج من هاتين الحالتين إما سراء وإما ضراء إما شيء يلائمه وهذا هو الخير والنعمة والسرور وإما شيء لا يلائمه وهذه هي المصيبة والمحنة والبلية

 

الجملة الأولى :

قال : (( أن يجعلك ممن إذا أعطي شكر ))

 

هذه حاله ماذا  ؟  

حالة الرخاء السعة اليسر ،

ويا ترى ما هي هذه العطية  ؟

نوعان

إما عطية في الدين ، وهي أجل النعم

وإما عطية في الدنيا

 

إذا أنعم على الإنسان بالشق الأول وهي العطية الكبرى

والإنسان ليعلم الكل  :

أنه يتقلب في نعم الله جل وعلا قال عز وجل {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } حتى لو أعطاك أحد شيئا علم أنه من الله لأن الله جل وعلا جعل هذا الشخص سببا قال تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا } انظر إلى هذا التعبير :{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا }

يعني لو ظللت تعد نعم الله جل وعلا ما أحصيتها ما حصرتها فكيف بشكرها ؟

إذا كنت لا تستطيع أن تحصي نعم الله جل وعلا فما ظنك بشركها ؟

 

فأعظم العطايا عطية الدين :

ولذا قال عليه الصلاة والسلام :

( ما أعطي أحد بعد اليقين خيرا من العافية )

اليقين هو الدين ، ومرتبة اليقين مرتبة عليا بل لا تنال الإمامة في الدين أي لا يمكن للإنسان أن يكون إماما في الدين إلا بهذه الخصلة اليقين والصبر ، باليقين والصبر تنال الإمامة

فقوله عليه الصلاة والسلام : (( ما أعطي أحد بعد اليقين خيرا من العافية )

 

 فاليقين الذي هو الدين أعظم عطية ولذا عليك أن تشكر الله على هذه النعمة لأنها أجل النعم قد حرم منها أناس كثيرون

 

ولذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله :

مما يدل على أنها نعمة وأنها سعادة  🙁 إذا عملت العمل الصالح ولم تجد له لذة فاتهمه )

فاتهم هذا العمل لأن فيه خلل

لم  ؟

 قال رحمه الله  : (( لأن الرب شكور ولا يضيع أجر من أحسن عملا ))

يعطيه خيرا في الدنيا قبل الآخرة

نعم ما الذي دعا شيخ الإسلام أن يقول تلك المقولة رحمه الله :

(( إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ))

 جنة ماذا  ؟ جنة الإيمان  . إذاً هي من أعظم النعم

يقول بعض السلف :

(( إنه ليمر بالقلب ساعات يطير القلب منها فرحا وتمر ساعات أطرب فيها فرحا أقول : إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه من النعيم الآن إنهم لفي نعيم ))

 

سبحان الله !

لذة بعض السلف يقول : [ مساكين أهل الغفلة ]

 لم   ؟

قال : [ خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قالوا وما أطيب ما فيها ؟ قال ذكر الله والأنس به ]

 

إبراهيم بن أدهم :

هو إمام في الزهد يقول : ” لو يعلم الملوك ــ ماذا عند الملوك من متع الدنيا مما قد تشرئب النفوس وتتطلع الأبصار إلى ما في أيديهم بل قد يقال ما أسعد هؤلاء كل شيء لديهم كل ما يريدون متحقق هذا من ينظر نظرا قاصرا

لكن إبراهيم بن أدهم رحمه الله قال :

”  لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليها بالسيوف “

 

ما هي حالة إبراهيم بن أدهم  ؟

ثياب رثة ، صيام بالنهار ، طعام قليل ، قيام بالليل ،ذكر لله عز وجل ، هذه حياته صلاة ، عبادة ، ذكر مع ذلك هو نعمة وأنت في نعمة ويجب أن تشكر الله عز وجل على هذه النعمة نعمة الاستقامة وإذا كانت نعمة جلية كبرى فيجب أن تحافظ عليها

 

الشق الثاني من العطايا :

العطايا في الدنيا مال  –  منصب – جاه – أولاد :

 

فهذه محط اختبار:

 إن شكرتَ أفلحتَ

وإن بطرت أفلست 

وهذه النعم يجب أن يشكر الله عز وجل عليها التي هي النعم المنفصلة عنك المال ، الجاه ، الأولاد يجب

ولا يتم للعبد شكر أبداً إلا بثلاثة أشياء

أولا :

أن يعتقد في قلبه أن هذه النعمة من الله عز وجل سواء كانت هي مالا ، جاها ، أولاداً

 يعتقد بأن الله جل وعلا هو المنعم المتفضل لا يقل أنني حصلت على هذا المال بقوتي أو بذكائي أو بفطنتي كما قال قارون لما أمر بالشكر قال :{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي }

يقول : أنا أهل أستحق ذاتي وجوهري وحقيقتي وطبيعتي هي التي أهلتني إلى أن أخص بهذه النعمة ثم أيضا بفطنتي وذكائي أعرف من أين تكتسب الأرباح أعرف من أين تتوقى الخسائر

ما النتيجة ، ما النهاية ؟

{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ}

 

الركن الثاني من أركان الشكر :

أن يستعين بهذه النعمة على طاعة الله جل وعلا

أعطي مالا هذا المال فيما أنفقته ؟

هل أنفقته على نفسك وعلى ذويك ؟

 أو أنفقته في شراء المحرمات ؟

ولذا قال عز وجل :{ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً}

 ليس الشكر أن تقول : الحمد والشكر لله فقط   هذا مطلوب

لكن أين العمل  ؟

 

الركن الثالث من أركان الشكر :

أن تتحدث بهذه النعمة

أن تتحدث بهذه النعمة بلسان حالك ولسان مقالك ثناء على الله لا تكبرا ولا افتخارا ولا بطرا لا من باب إظهار هذه النعمة

 

كيف تتحدث بهذه النعمة بلسان المقال ؟

أن تذيع في المجالس والأماكن من باب الثناء على الله عز وجل لا الكبر لا البطر لأنها من عند الله عز وجل

                                {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }

إلا إذا خشي من الحساد

وقد جاء الحديث الذي صححه الألباني رحمة الله عليه قال عليه الصلاة والسلام 🙁 استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان )

لم ؟

(( فإن كل ذي نعمة محسود ))

 

وأما التحدث بهذه النعمة بلسان الحال :

 

 أن تظهر هذه النعمة عليك لا فخرا ولا تكبرا وإنما ثناء على الله عز وجل أن تظهر ذلك على هيئتك ، لباسك ، مظهرك ،

ولذا قال عليه الصلاة والسلام :

(( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ))

 لم ؟

لأن هذا من باب التحدث بهذه النعمة ليس باللسان وإنما بلسان الحال إلا إذا كانت هناك مصلحة كأن يمر بمجمع من الفقراء فيخشى أن يكسر قلوبهم أو ما شابه ذلك من المصالح

هذا مسنون ويحمل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم :

(( من ترك رفيع اللباس تواضعا كساه الله من حلل الإيمان يوم القيامة ))

 أو كما قال عليه الصلاة والسلام

إذاً  : هذه حالتك

 

الحالة الأولى :

الرخاء السعة ،

ما الذي يلزمك فيها  ؟

أن تشكر الله جل وعلا ،

ما أعظم هذه النعم  ؟

نعمة الدين وهذه النعمة يجب أن يحافظ عليها المسلم وأيضا لا يكتفي بذلك بل يدعو الناس إليها ويصبر على ذلك ويتحمل الأذى

 

نعمة الدنيا  :

يجب أن يشكر الله عز وجل عليها ولا يتحقق الشكر إلا بثلاثة أشياء

 

بعض الناس يقول :

(( أنا لم أذهب ولم أمنح مالا ، منصبا ، أولادا وأنا من أقل الناس))

 ليس بصحيح ليست النعم ــ كما قال ابن القيم رحمه الله ــ محصورة في مال أو منصب أو جاه  ، لا ،

عندك نعم كثيرة عينك نعمة  :

يقول بعض السلف : (( إذا أردت أن تعرف قدر نعمة الله عليك فأغمض عينيك  ))

أغمض عينيك دقيقة واحدة ستشعر بنعمة الله عليك

اليد نعمة :

 تصور لو أنك أشل

الرِجْل نعمة  :

تصور لو انك قعيد

أحد السلف دخل على بعض الفقراء وهو يشكو الفقر ويئن منه فماذا قال له ؟

وهو فقير مضجع ليس عنده شيء يشكو الفقر فأراد أن يربيه وأن يرده إلى صوابه وأن يوقفه على ان لديه نعما مفقودة عند الأغنياء

قال له : [ أيسرك بعينك مائة ألف  ؟

قال : لا 

قال له : أيسرك بيدك مائة ألف  ؟

قال :لا

وجعل يعدد عليه هذه الأعضاء

فقال  : [ سبحان الله !  أرى عندك مئين من الآلاف وأنت تشكو الفقر ]

 

 بعض الأغنياء  :

يتمنى أن تعود إليه صحته ومن أثرى الناس وتذهب هذه الأموال

فبين يديك نعم

 إذاً  :

من ينظر بهذه العين إلى الكتب النافعة يطلع بهذه العين للمصحف يتأمل بهذا العين في ملكوت السماوات والأرض هذا شكرها شكر هذه النعمة

 

الذي ينظر إلى الفاجرات عبر الشاشات أو من ينظر إلى نساء المسلمين في الأسواق هذا شكر هذه النعمة أم كفر   ؟  كفر بهذه النعمة

 

اليد :

 تسجد بها لله عز وجل تفتح بها المصحف تسبح بها ، شكرا لهذه النعمة

بينما لو ضربت بها أحدا استعملتها في محرم تكون بذلك كافرا بهذه النعمة وعلى هذا فقس فإذاً إذا أعطي شكر .