شرح القواعد الأربع
تتمة شرح قول المؤلف :
((وأن يجعلك مباركاً أينما كنت وأن يجعلك ممن إذا أعطى شكر وإذا ابتلى صبر وإذا أذنب استغفر فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة . ))
شروط التوبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــ
ثم قال رحمه الله : ( فإن هذه الثلاث عنوان السعادة )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من إذا أعطي شكر .
ومن إذا ابتلي صبر .
ومن إذا أذنب استغفر .
من لازم هذه الأشياء الثلاثة فهي دلائل وبراهين وعلامات وعنوان على سعادته
السعادة :
كلمة عندما تسمعها الآذان ينبسط لها القلب ، أليس كذلك ؟ بلى.
كل يحب أن يكون سعيدا ، ما ترون من التكالب على هذه الدنيا من جمع الأحوال من السعي للوصول للمناصب من إعطاء النفس ملذاتها وشهواتها
كل ذلك بحثا عن السعادة .
يريدون السعادة في جمع المال
يريدون السعادة في المناصب
يريدون السعادة في إعطاء النفس ما تشتهيه .
ولكن الشيخ رحمة الله عليه له نظر آخر :
لم يعرج هنا على ذكر شيء من حطام الدنيا
إذا أردت السعادة التي هي مطلب الجميع هي مبتغى الناس كلهم فعليك بهذه الخصال الثلاثة هذه هي عنوان السعادة ليست السعادة فقط في الآخرة كما يظن البعض ، سعادة والله في الدارين في الدنيا وفي الآخرة
ولا أدل من الآثار التي ذكرت عن إبراهيم بن أدهم قال : [ لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجادلونا عليها بالسيوف .]
[ مساكين أهل الغفلة خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها قيل ما أطيب فيها قال : ذكر الله والأنس به . ]
[ إنه ليمر بالقلب ساعات يطير فيها فرحا أقول إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم .]
[ شيخ الإسلام رحمه الله يسجن .
وماذا كان يقول ؟
يقول : [ أنا جنتي في صدري وسعادتي في صدري أينما رحلت فهي معي لا تفارقني إن حبسوني فخلوه وإن قتلوني فشهادة وإن أخرجوني من بلادي فسياحة ]
وكان يحلف بالله ويقول :
[ لو نَفَوني إلى قبرص وكان فيها ما فيها من الكفار لدعوت هؤلاء فاستجابوا لي . ]
انظروا إلى الثقة بالله عز وجل وهذا يعيدنا إلى قضية أن يكون الإنسان مباركا أينما كان
يقول تلميذه ابن القيم رحمه الله :
ــ وهذا من العجب شخص مثل هذا معروف في العلم معروف في التحقيق لكن تعالى لهذا الرجل في الإيمانيات تجد العجب ــ
يقول تلميذه ابن القيم رحمه الله :
[ كنا إذا اشتدت بنا المخاوف وساءت بنا الظنون أتيناه في السجن ]
يفترض أن يكون العكس أن يكون الزائر مخففا عن السجين همومه وأحزانه إما أن يكون العكس فهذا ماذا ؟
قمة السعادة يأتون إليه ويفرجوا وينفسوا بكلامه عنهم فيقول : [ فما هو إلا أن نجلس معه ويحدثنا فيزول ذلك عنا كله
بعدها يقول ابن القيم رحمه الله : [ وعلم الله ما رأيت أطيب عيشا منه ولا أسر منه ولا أسعد منه ]
مع ما كان فيه من الحبس والتضييق وكيف لا يكون وهو القائل لما ذُكر له سجنُه وأسره قال : [ المأسور من أسره هواه والمحبوس من حبس قلبه عن طاعة ربه ]
وهذه نعمة أن يوفق الإنسان إلى مثل هذه المقامات العليا
مقامات عظيمة
[ أُبتلي فصبر ، أُعطي هذا الرجل ونحسبه والله حسيبه فشكر ويكفي أن أقواله لا تزال قوية ومقبولة عند الصغير والكبير فهذا هو عنوان السعادة وكان ختام حياته مُنعت منه الكتب انظروا إلى هذا التضييق تضييق ما بعده تضييق منعت منه الكتب والدفاتر والأقلام ومُنع منه طلابه حتى طلابه لا يدخلون عليه وحبس معه أخوه كان أخوه يقول : (( إني لأعلم منه أشياء لولا أني أعلم أنه لا يرغب في ذكرها لذكرتها
يقول : (( أرى منه أشياء في خلواتي معه تدل على عظم هذا الرجل لما منع منه كل شيء ظل يقرأ كتاب الله عز وجل وكان يقول انظروا وهو مسجون وحبيس ومضيق عليه إلا الطعام والشراب ومع ذلك يقول : والله لو أعطيتهم ملئ هذه القلعة ذهبا على أن أوفي حقهم مما حظيت به من هذه النعمة ما كافأتهم هم أدخلوني يظنون أن هذه نقمة فإذا هي نعمة .
ولذلك لما أغلق عليه الباب قال :
{ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ } فجعل كل وقته في كتاب الله عز وجل
حتى انتهت أنفاسه الأخيرة عند قوله تعالى :
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ{54} فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ{55} }
دلائل على حسن الخاتمة نحسبه والله حسيبه فانظروا إلى هذه السعادة
هذه السعادة :
متى يصل إليها الإنسان متى يصل إلى مثل ما وصل إليه هذا الرجل وأمثاله وأشباهه ؟
لا يمكن أن تصل إلا بمحنة لابد من محنة ، المحنة تعقبها منحة
لابد من المصابرة والصبر على طاعة الله عز وجل حتى نصل إلى مثل ما وصل إليه هؤلاء
لكننا نحن في ضعف لكننا في ضعف واضح وبين ، لكن نسأل الله أن يلطف بنا أن يعيننا وأن يوفقنا وأن يجعلنا مباركين أينما كنا وأن يجعلنا من السعداء في الدنيا وفي الآخرة .
لأن الإنسان إذا ابتلي بأقل البلايا نسأل الله العافية يمكن أن ينقص إيمانه ويمكن أن يخرج من إيمانه
فليتعاهد كل منا إيمانه نفسه وهواه :
هل حركاته لله عز وجل ؟
هل أقواله لله عز وجل ؟
هل تفكره لله عز وجل ؟
هل جلوسه مع زوجته مع أهله يريد بذلك وجه الله ؟
هل إذا خرج من منزله إلى عمله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل ؟
هل إذا وقف مع شخص ليحادثه هل هذا لله عز وجل؟
هل إذا دخل الخلاء وهو حبيس الأذى يتذكر نعمة الله عز وجل عليه ؟
هل …..
وهل …..
وهل …..
وأشياء غير ذلك كثيرة
فواجب على كل منا :
الحرص على ذلك حتى يكون من السعداء ، واعلم بأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا
الرب شكور ، عمل قليل تثاب عليه شيء عظيم .