شرح بلوغ المرام الدرس 132 حديث 151 ـ 153(وقت الظهر إذا زالت الشمس )الجزء الأول

شرح بلوغ المرام الدرس 132 حديث 151 ـ 153(وقت الظهر إذا زالت الشمس )الجزء الأول

مشاهدات: 398

بلوغ المرام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كِتَابُ اَلصَّلَاةِ ــــ بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

151- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ نَبِيَّ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (( وَقْتُ اَلظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ, وَكَانَ ظِلُّ اَلرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ اَلْعَصْرُ, وَوَقْتُ اَلْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ اَلشَّمْسُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ اَلشَّفَقُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اَللَّيْلِ اَلْأَوْسَطِ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ اَلشَّمْسُ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ  .

152- وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي اَلْعَصْرِ: (( وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ ))

153- وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: (( وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  (1)

الشرح :

ــــــــــــــ

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

فإن المصنف لما ذكر من الأحاديث  المتعلقة بكتاب الطهارة ذكر الأحاديث  المتعلقة بكتاب الصلاة

فقال رحمه الله كتاب  : ( الصلاة  )

الكتاب :  على وزن فعال بمعنى مفعول كتاب أي مكتوب والمكتوب وهو المجموع فدل هذا على أن هذا الكتاب جمع فيه رحمه الله الأحاديث المتعلقة بهذا الأمر وهو الصلاة

كما يقال عن القطعة من الجيش كتيبة يعني مجموعة من الجيش فالكتابة تدل على الجمع

 

أما قوله رحمه الله : الصلاة :

 

الصلاة في اللغة ترد على معاني تلك المعاني لها ارتباط بالمعنى الشرعي :

 

ترد الصلاة بمعنى الدعاء في اللغة  : قال تعالى : (( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ))

” صل عليهم ” يعني ادع لهم والصلاة الشرعية متضمنة الدعاء بل في غالبها دعاء إما دعاء مسألة أو دعاء ثناء

المعنى الثاني من معاني الصلاة في اللغة : اللزوم والاستمرار

ويدل له قوله تعالى : (( تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) ))

فتلك النار لازمة لهم وهذا له ارتباط بالمعنى الشرعي فأفهم هذا المعنى اللغوي وهو الاستمرار واللزوم أن الصلاة يجب على المسلم أن يستمر عليها وأن يلزمها كما أن المسلم إذا دخل فيها ألزمته بأشياء يمنع منها تلزمه بعدم الكلام تلزمه بعدم الأكل والشرب وهكذا مما يتنافى مع الصلاة

 

ومن معاني الصلاة في اللغة : الليونة

تقول العرب : صليت العود في النار يعني لينت العود بالنار ، ولا شك أن هذا المعنى موجود في الصلاة الشرعية فإن من قام بهذه الصلاة حق القيام لينته ولينت قلبه وإذا لان قلبه فأقبل على ربه ترك ما يغضب ربه ولذلك قال تعالى : (( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ))

 

 

والصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام :

كما جاء في حديث  ابن عمر في الصحيحين : (( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء  الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله لمن استطاع إليه سبيلا  ))

 

فهذا يدل على عظم الصلاة فمن عظم الصلاة ما أسلفنا ذكره

ما الذي ذكرناه  ؟

أنها الركن الثاني من أركان الإسلام

 

من عظمة الصلاة  :

أنها هي العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء فما فرضت في الأرض إنما فرضت في السماء

 

من عظم الصلاة :

 

أنها هي العبادة التي تلقاها النبي عليه الصلاة والسلام من ربه بدون واسطة بدون جبريل بينما العبادات الأخرى تلقاها عن طريق واسطة جبريل عليه السلام

 

من عظم الصلاة  :

 

أنها أول ما فرضت فرضت خمسين صلاة من حيث العدد فخفف الله عن الأمة فبلغت خمس صلوات في العدد لكنها في الميزان بقيت على العدد الأول تفضلا من الله عز وجل

ولذلك في الحديث ” هن خمس ولكنهن خمسونوالحسنة بعشر أمثالها فلنضرب خمسين صلاة في عشرة ولا نضرب خمس صلوات في عشرة

 

من عظم هذه الصلاة  :

 

أن الملائكة تصلي ، ولذلك من باب التسلية وتحفيف الأمر على النبي عليه الصلاة والسلام فرضت هذه الصلاة في السماء لكي يرى النبي عليه الصلاة والسلام الملائكة في السماوات ما بين راكع وما بين ساجد حتى يهون عليه الأمر وعلى أمته

 

من عظم هذه الصلاة :

 

أنها مع التوحيد فرضت في مكة قبل الهجرة بثلاث سنوات

فالنبي عليه الصلاة والسلام كان حريصا على نشر التوحيد في العهد والزمن المكي قبل الهجرة لكن قبل الهجرة بثلاث سنوات على المشهور فرضت الصلاة ولم يفرض غيرها فدل هذا على أن أعظم ما يقيم العبد على توحيد الله الصلاة وأن أعظم ما ينمي التوحيد في قلب الإنسان الصلاة

 

ومن عظم الصلاة :

 

أن من تركها  تهاونا وكسلا ليس جحدا لوجوبها  :

من جحد وجوبها وقال إنها ليست واجبة وإنما هي جائزة يقول أنا أصلي لكن أصلي لا لأنها فريضة وإنما أصلي لأنها سنة ليست فرضا فإنه يكفر لأنه جحد وجوبها وكذب الله جل وعلا وكذب النبي عليه الصلاة والسلام وكذب إجماع الأمة ولو صلى فلا عبرة بما يكون في القلب من تعظيم شرع الله من حيث ما فرض ومن حيث ما نهى

 

لكن من تركها تهاونا وكسلا مع إقراره بوجوبها :

يقول هي واجبة وهذا ما عليه كثير ممن يتهاون بهذه الصلاة في هذا العصر هو لا يجحد وجوبها وهي واجبة لكن عند ي كسل أو أنه متهاون فمن دلالة عظم هذه الصلاة أن من تركها تهاونا وكسلا مع إقراره بوجوبها فقد اختلف العلماء في كفره

 

وكونهم يختلفون في كفره يدل على أن لها مزية

ولذلك اختلفوا في ذلك على قولين وقد مر معنا الحديث المستفيض في ذلك في السنن على قولين :

قال بعض العلماء :  لا يكفر وإنما هو على جرم كبير

وقال بعضهم : يكفر وهو الصواب

من ترك الصلاة كلها ولم يصل فإنه في مثل هذه الحال يكون كافرا

والدليل :

أن الله عز وجل قال : (( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) )) في ختام الآية قال : (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) وذكر قبلها  التوحيد وإقامة الصلاة

 

الدليل الثاني :

قول النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم : (( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ))

 

الدليل الثالث :

قول النبي عليه الصلاة والسلام عند الترمذي: ((  العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))

 

الدليل الرابع :

ما جاء عند الترمذي قول عبد الله بن شقيق التابعي قل  “ما كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام يرون من الأعمال شيئا تركه كفر غير الصلاة “

فالصلاة عندهم من تركها فقد كفر بينما العبادات الأخرى الأمر عندهم أقل

 

ولو قال قائل : السمة الظاهرة والبارزة لدى كثير ممن يتهاونون في الصلاة أنه يصلي أحيانا ويدع أحيانا

أيكفر أم لا ؟

بعض الناس تجد أنه يصلي المغرب والعشاء لكن إذا اتى الفجر لا صلاة لو صلاها صلاها بعد خروج وقتها

إذا أتى الظهر صلى لو أتى العصر ما صلى لأنه خرج من الدوام أو العكس في الإجازات الشباب يصلون الفجر لأنهم مستيقظون وإذا أتى الظهر وربما العصر لا يصلون لأنهم نائمون وإن صلوها صلوها بعد خروج الوقت

 

هنا اختلف العلماء هل يكفر أم لا ؟

قولان :

قال شيخ الإسلام قال  : ” من يصلي أحيانا ويدع أحيانا هذا فيه نفاق وإيمان ، ولو مات يعامل معاملة المسلمين لأن المنافق المحض يعامل معاملة المسلم لأنه أظهر الإسلام مع أنه منافق محض فيقول من ترك بعض  الصلوات وفعل بعضها فإن فيه إيمانا ونفاقا فيعامل معاملة المسلمين بعد وفاته فيورث ويغسل ويكفن إلى آخر “

وهناك قول آخر يقول يكفر

إذاً الأمر جد خطير

 

ومما يدل على أنه لا يكفر على هذا القول أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند الترمذي : (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ))

ترك ماذا ؟ ترك الصلاة يعني كلها ولم يقل بعضها

 

بينما من يرى كفره يقول : إن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند البخاري : (  من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ) وحبوط العمل إنما يكون للكافر

معنى ” من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ”  قالوا هذا حبوط نقصان وليس حبوط كلي وإنما حبوط نقصان

 

وعلى كل حال فالأمر جد خطير في حق من يتركها دائما أو في حق من يتركها أحيانا

ومن يتركها أحيانا أهون وأيسر ممن يتركها جملة واحدة

 

فنسأل الله التوفيق والهداية

ولكن كون العلماء يختلفون في هذا الأمر حتى على صلاة واحدة يدل على عظم الصلاة

 

ومن عظم هذه الصلاة :

أنها هي العبادة التي يحصل بها التنفيس وإراحة القلب عند ادلهام الخطوب

عند أبي  داود كان عليه الصلاة والسلام  : ” إذا حزبه أمر قال أرحنا بها يا بلال  “

فهي راحة

 

ومن عظم الصلاة :

أن الله سماها إيمانا : (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ )) يعني صلاتكم فدل على أن الصلاة بها يزداد الإيمان ، وهذا شيء مشاهد والله لو خشع أحدنا في صلاته حق الخشوع واستحضر عظمة الله في صلاته لتغيرت أحواله لخرج بإيمان من هذه الصلاة غير الإيمان الذي دخل به

 

ولذلك يقول ابن القيم ” قد يكون هناك رجلان أحدهما يصلي ركعتين والآخر يصلي ألف ركعة يقول صاحب الركعتين ما بينه وما بين يصلي ألف ركعة كما بين السماء والأرض “

يعني من  يصلي هاتين الركعتين أفضل لما يكون في قلبه من تعظيم الله في هذه الصلاة

 

فإذاً :

الأعمال تتفاضل بما يكون في القلوب

وعظم الصلاة الحديث عنها يطول ويطول ونكتفي بهذا القدر

 

على كل حال هذه الصلاة يعني ما قال عمر رضي الله عنه : ” لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع  ” ما قال هذا الكلام عبثا إلا لأن لها فضلا

حتى إنها لا تسقط ولا تؤخر عن وقتها حتى في الحرب و المبارزة : ((فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا))

صلوا على أقدامكم رجالا على الأرجل أو ركبانا وأنتم راكبون فلا تترك الصلاة حتى في الحرب

وهذا يدل على عظم الصلاة ولو روضت النفوس والقلوب على هذه الصلاة لظفر الإنسان بمغانم الدنيا والآخرة لأنها بوابة إلى الخيرات

 

من طيب حياته بطاعة الله طيب الله حياته في دنياه وأخراه : ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  ))

فنسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته

 

((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) )) قال ابن مسعود ما تركوها وإنما أخروها عن وقتها

 

 

ونأتي إلى هذا الحديث :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

151- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ نَبِيَّ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (( وَقْتُ اَلظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ, وَكَانَ ظِلُّ اَلرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ اَلْعَصْرُ, وَوَقْتُ اَلْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ اَلشَّمْسُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ اَلشَّفَقُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اَللَّيْلِ اَلْأَوْسَطِ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ اَلشَّمْسُ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ  .

152- وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي اَلْعَصْرِ: (( وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ ))

153- وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: (( وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

من فوائد هذا الحديث :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن النبي عليه الصلاة والسلام علم أمته أوقات الصلاة ، وما علمهم أوقاتها إلا لأن هذه الصلاة لا يجوز أن يخرج بها عن هذه الأوقات.لقول الله عز وجل : ((إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)))

ولذلك من أخر الصلاة عن وقتها هو صلى لكنه صلاها في غير وقتها فقد اختلف العلماء هل تقبل هذه الصلاة منه أم أنها لا تقبل :

جمهور العلماء يقولون أنه يلزم بقضائها وتقبل وعليه التوبة إلى الله بعدم فعل هذا الشيء وهو تأخير الصلاة عن وقتها

 

ودليلهم : أن هذه الصلاة دين لله والدين يجب أن يقضى لقوله عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري : (( فدين الله أحق بالقضاء ))

 

القول الثاني : أنه  لا يصلي ولا يقضيها ولا تقبل منه وعليه التوبة وهو قول شيخ الإسلام وهو الصواب ، لِمَ ؟

لأن هذه العبادة لم يعد لها نفع لما أخرجت عن وقتها ولأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند البخاري : ( من ترك صلاة العصر قد حبط عمله )

وترك الصلاة هو إخراجها عن وقتها

ولأن النبي عليه الصلاة والسلام فرق بين المعذور وغيره كما في الصحيحين : (  من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) هذا في شأن المعذور فدل على أن غير المعذور يخرج

 

إذاً ما الحل ؟

الحل أنه يكثر من النوافل حتى ترقع هذه النوافل ما حصل من خلل في هذه الفريضة كما جاء في حديث أبي هريرة وأبي تميم الداري في المسند والسنن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :

((  أول ما يسأل عليه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها قال الله لملائكته وهو أعلم انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع كمل به الفرائض  ))

وهكذا سائر العبادات أو العمل

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن تعليم النبي عليه الصلاة والسلام للأمة لأوقات الصلاة سبقه في مكة  ، هذا التعليم وهذا البيان القولي منه عليه الصلاة والسلام لمن كان في المدينة وسبقه تعليم مكي ليس من النبي عليه الصلاة والسلام وإنما من جبريل

فإن الله لما فرض الصلاة قبل الهجرة نزل جبريل في اليوم التالي وأم بالنبي عليه الصلاة والسلام وكان يقول بعدما أمّ به في اليوم الأول واليوم الثاني قال ” الوقت ما بين هذين “

 

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه أول ما ذكر هنا وقت أي صلاة ؟

الظهر لأن هي الصلاة الأولى ولذلك جاءت الأحاديث بتسميتها بالصلاة الأولى  لِمَ ؟

لأنها أول صلاة أمَّ جبريل فيها بالنبي عليه الصلاة والسلام

 

وهذا له دليل يؤيده من القرآن : من أن البداية تكون من صلاة الظهر من زوال الشمس وهو قول الله تعالى : ((أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)) ثم قال : ((وَقُرْآنَ الْفَجْرِ)) لأن القراءة في صلاة الفجر تشهدها الملائكة ((وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)))

انظروا البداية من دلوك الشمس يعني من الزوال من أول وقت صلاة الظهر إلى غسق الليل ، غسق الليل يعظم ويكثر عند منتصف الليل لأن الغسق هو شدة الظلمة

 

ولذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يستعيذ بالله من شر الغاسق إذا وقب : ((وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)))

الغاسق هنا هو الليل

وبه القمر لأن القمر محله الليل ولأن الليل محل الشياطين كما قال ابن القيم

ولذلك تكثر الشياطين بالليل ما لا تكثر بالنهار وتكثر أعوانهم من الإنس ما  لا تكثر بالنهار

 

الذنوب الآن تقترف أكثر ما تقترف والشياطين أكثر ما تعظم بالليل وليس بالنهار

مع أنه يفترض أن الليل سكن ، الليل محل التهجد محل قرءاة القرآن لكن المحروم من حرم فقال جل وعلا : (( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)) مما يدل على أنه من الزوال يعني من أول وقت الظهر إلى نصف الليل  ، هذا كله محله الصلاة بينما صلاة الفجر منفصلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ولذلك أفردها : ((وَقُرْآنَ الْفَجْرِ)) يعني القراءة في صلاة الفجر ((إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) ))

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه وضح عليه الصلاة والسلام بداية وقت صلاة الظهر ونهايته

ما بدايته هنا ؟

إذا زالت الشمس

يبدأ وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس

 

تصور  لو أنه ليس عندنا تقاويم كيف نعرف زوال الشمس أو لماذا قيل إذا زالت الشمس ؟

زوال الشمس ، الشمس تطلع من المشرق فإذا زالت الشمس يعني انتقلت من جهة الشرق إلى جهة الغرب هذا هو الزوال

 

ولذلك يوضح هذا بالمثال الدقيق :

الشمس حينما تطلع من جهة المشرق لأن الإنسان قد يكون في البر وليس معه ساعة ربما أن هذه المدنية تزول ، نعم ، وزوالها لا محالة ستزول ولذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الملاحم ذكر فيها الخيول ما ذكر دبابات ولا طائرات فهي زائلة ولا محالة الملاحم فيها السيوف والخيول

إذاً كيف نعرف زوال الشمس ؟

 

تعرف زوال الشمس أول ما تطلع الشمس من جهة المشرق ضع لك شاخصا شيء مرتفعا سواء كان صغيرا أو كبيرا ، أهم شيء أن يكون منتصبا

مثلا القلم لو نصبته أو هذه القارورة من الماء نصبته

 

حينما طلعت الشمس إذا وقعت في الأرض تجد أن لهذه القارورة التي نصبتها أن لها  ظلا  من أي جهة ؟

من جهة الغرب

الشمس تجري لما تجري يتقلص الظل

الظل في الساعة الثامنة ليس كالساعة العاشرة الظل يقل

 

الشمس حينما تجري لأنها تجري تريد أن تذهب من الشرق إلى الغرب فيتقلص الظل

 

هنا الآن تريد الزوال تريد الذهاب من الشرق إلى الغرب

هنا لو ثبرت حال الظل وجدت أن الظل يتقلص ثم بهذا الظل يقف ما يتقلص يبقى

لِمََ ؟

لأن الشمس توسطت كبد السماء في الوسط لا في جهة الشرق ولا الغرب وإذا توسطت الشمس كبد السماء هذا يسمى بقائم الظهيرة لا يصلى تطوعا

ولذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها قال  :” وحين يقوم قائم الظهيرة “

 

متى يقوم قائم الظهيرة ؟

حينما تكون الشمس في كبد السماء تقف

هنا لما يقف الظل يقف لأن الشمس ما تتحرك يعني :  يقدر بعشر دقائق قبل صلاة الظهر سواء كنت في فصل الشتاء أو الصيف

يعني :  يقدر قبل صلاة الظهر بعشر قائق هذا الوقت منهي عن الصلاة فيه

سيبقى ظل قليل لهذه القارورة أو هذا الشيء المنصوب يسمى بفيء الزوال

إذا توقف الظل عن النقصان سيبقى لهذا الشيء المنصوب ظل يسير

ضع على هذا الظل في آخره علامة فإذا زاد شيئا يسيرا عن طوله هنا زالت الشمس عرفنا حينها أنها انتقلت

 

هنا دخل وقت صلاة الظهر

 

هنا الآن الظل سيزيد لأن الشمس تذهب إلى جهة الغرب هنا لما يزيد الظل كما أسلفنا على فيء الزوال لأنه لما وقفت الشمس بقي ظل يسير قلنا ضع في نهايته علامة لما يزيد زيادة ولو يسيرة هنا زالت الشمس هنا صل الاظهر إلى ما تشاء حتى يصير ظل هذه القاروة أو هذا الشيء المنصوب مثله ليس من بداية الظل وإنما من بداية العلامة التي وضعتها لا تحسب فيء الزوال تحسب من هذه العلامة

 

فإذا كان من هذه العلامة إلى آخر الظل بلغ طول هذه القارورة وهذا الشيء المنصوب هنا زالت الشمس

لكن لو أن الظل كلها بلغ مبلغ القارورة بقي شيء وهو فيء الزوال

 

فإذا صار هذا الظل طوله من بداية العلامة من نهاية فيء الزوال طول القارورة أو الشيء المنصوب هنا خرج وقت صلاة الظهر ودخل وقت صلاة العصر

 

قلنا :

إذا طلعت الشمس من المشرق ضع لك علامة منصوبة هذه العلامة يكون لها ظل من جهة الغرب هذا الظل يتناقص لأن الشمس تريد أن تنتقل من جهة الشرق إلى جهة الغرب

هذا الظل الذي يتقلص سيقف هنا إذا وقف الظل ضع علامة على آخرالظل اليسير يسمى بفيء الزوال

فوقوفه يدل على دخول الوقت المنهي عن الزوال فيه فاثبر حاله بمقدار عشر دقائق إذا بالظل يزيد

إذا زاد  الظل من هذه العلامة هنا دخل وقت صلاة الظهر قس الظل من هذه العلامة إلى آخره إذا بلغ من آخر العلامة إلى آخره مقدارهذا الشيء المنصوب

هنا انتهى وقت صلاة الظهر ودخل وقت صلاة العصر

 

حتى لا تذهب الأذهان عن هذه المعلومات بما أنها متتابعة

جاء في بعض الأحاديث أن وقت صلاة العصر ينتهي إلى أن يصير الظل مثليه

إذا صار الظل مثليه هنا يخرج وقت صلاة العصر الوقت الاختياري

 

انتبه لنفسك، كما أسلفنا من العلامة التي في الزوال بعد فيء الزوال إلى نهايته إذا بلغ مقدار هذه القارورة المنصوبة هنا خرج وقت صلاة الظهر ودخل وقت صلاة العصر

إذا دخل وقت صلاة العصر الظل سيزيد

إذا بلغ هذا الظل ضعف القارورة من بدايتها أو من فيء  الزوال  ؟ من فيء الزوال

 

إذا بلغ هذا الظل من فيء الزوال إلى نهاية الظل مثل هذا الشاخص ضعفين هنا خرج وقت صلاة العصر الاختياري

وهل ينتهي وقت صلاة العصر إلى كون الشيء يكون مثليه أم لا ؟

ستأتي

 

لكن  أحببت أن أورد هذه المعلومة لأن هذه المعلومة حول هذا الظل والشاخص مازالت باقية في الذهن

 

** الزمن يختلف باختلاف الفصول  ، الشتاء تجد أن الوقت فيه في النهار قصير بينما في الصيف يطول

لكن خذ على هذه القاعدة

 

***  إذاً فهمنا الآن بداية وقت صلاة الظهر ونهاية وقت صلاة الظهر

 

**** الجمعة ليس هناك وقت ينهى عن الصلاة فيه قبل زوال الشمس لورود الحديث الصحيح عند أبي داود

وهذا من خصائص يوم الجمعة ليس فيه وقت للنهي ولذلك لو شاء الإنسان أن يصلي قبل دخول الإمام قبل الزوال ويتنفل فله ذلك